أعاد الإعلام الإسرائيلي تسليط الضوء على “الوحدة 4400″ التابعة لـ”حزب الله” اللبناني، في أعقاب هجوم إسرائيلي استهدف، أخيراً، معدات عسكرية ولوجستية تستخدم لتجميع طائرات مسيرة مصنعة إيرانياً، في منطقة مطار الديماس العسكري بريف دمشق الغربي، حسبما أفادت وسائل إعلام اسرائيلية.
وذهب الإعلام الإسرائيلي للحديث عن هذه الوحدة العسكرية، حيث زعم المحلل العسكري، نوعام أمير، في مقال نشره في موقع “مكور ريشون” العبري، أن الوحدة 4400 “هي وحدة نخبة في حزب الله وقد أسسها أمينه العام حسن نصر الله خلال الحرب في سوريا”، أي عمرها “سنوات عديدة”، وذلك “بهدف نقل عناصر وتكنولوجيا إنتاج الطائرات المسيّرة التي يتم انتاجها بعيداً من لبنان”.
ونقل المحلل الإسرائيلي عن دوائر أمنية زعمها بأن هذه الوحدة مكلفة، أيضاً، بتهريب أسلحة “خطرة” إلى حزب الله مباشرة من فيلق القدس الإيراني، مشيراً إلى أن الوحدة تعمل على الأراضي السورية، وكانت قد تعرضت في السابق لهجمات إسرائيلية استهدفت مواقع تابعة لها.
وتعتبر إسرائيل أن هجومها الذي وقع ليل الجمعة/السبت في دمشق “لم يستهدف موقعاً عادياً، وإنما موقعاً يبني فيه نصر الله شبكة لتجميع قطع المسيّرات الإيرانية”، إذ أن بعض القطع يتم تصنيعه داخل سوريا، والبعض الآخر في إيران، قبل أن يتم التجميع في سوريا، ومن ثم نقلها إلى لبنان، عبر وحدة حزب الله المذكورة، وفق زعم الاحتلال.
أكثر من تسمية في 5 سنوات
اللافت أن الإعلام الإسرائيلي أطلق، هذه المرة، على هذه الوحدة إسم “وحدة المُسيّرات”، بعدما كان يتحدث، في السنوات الماضية، عن مهامها بشأن نقل الصواريخ والوسائل القتالية الأخرى، كما وصفها المحلل العسكري الإسرائيلي نوعام أمير، قائلاً: “لقد تحولت إلى رصيد لنصر الله، وإلى صداع لإسرائيل”.
بالرغم من أن تل أبيب لا تتحدث علناً عن هذه الوحدة، إلا أن دوائرها الاستخبارية سربت عنها معلومات لصالح وسائل إعلام عربية وإسرائيلية، على شكل جرعات، على مدار سنوات، كلما وقعت أحداث أو هجمات إسرائيلية في سوريا استدعت ذكر الإسم، على غرار الهجوم الأخير.
بيد أن مراجعة “المدن” لمتابعات إعلامية إسرائيلية في العامين 2018 و2019 وما بعدهما، بيّنت أنها أطلقت تسمية أخرى على هذه المجموعة، ألا وهي “الوحدة 108″، إضافة إلى إسم “وحدة التهريب”.
وهنا، يبرز السؤال: لماذا تغيّر الإسم؟
الواقع، أنه لا إجابة واضحة. رُبما تَعلق الأمر بما نشره الإعلام العبري قبل ثلاث سنوات، ثم عادت تغريدات إسرائيلية، في “تويتر”، لتُذكّر به، وهو الزعم بأن تل أبيب كشفت الوحدة في العام 2018.
ويثير اختلاف التسمية تساؤلاً حول ما إذا كان ذلك دليلاً على تغييرات في بنية الوحدة وآلية عملها، كإجراء أمني اضطراري من حزب الله، بعد الزعم الإسرائيلي بكشف الوحدة 108.
لكن صفحة “انتيللي تايمز” (Intelli Times) الاستخبارية الإسرائيلية في “تويتر”، اعتبرت، في تغريدتها، أنه في حال دقة الأخبار عن الهجوم الإسرائيلي الأخير، فإن الوحدة 4400 هي ذاتها المعروفة برقم 108، فعملها وقائدها معلومان، غير أن الجديد، فقط، هو رقم الوحدة.
وادعى الموقع الإستخباري أن حزب الله يميل إلى العودة إلى أرقام الوحدات السابقة مثل 1800، 2800، 3800، اعتمادًا على الساحة الجغرافية.
عدد الأفراد
وتقدّر الاستخبارات الإسرائيلية عدد أفراد الوحدة التي يتولى قيادتها “الحاج فادي”، بالعشرات، إذ تتولى مهمات نقل العتاد العسكري إلى لبنان، وليس القتال. وذكرت وسائل إعلام عبرية أن أحد أشقاء “الحاج فادي”، هو صهر الأمين العام حسن نصر الله، للدلالة على موثوقية العلاقة.
و”الحاج فادي” هو الإسم الحركي للقيادي في حزب الله، محمد جعفر قصير (55 عاماً)، والذي تصنفه الولايات المتحدة في لائحة الإرهاب منذ أعوام؛ لإتهامه بعمليات نقل أسلحة عبر الحدود السورية-اللبنانية، وأيضاً نقل أموال لحزب الله، وفق وزارة الخزانة الأميركية.
وكانت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية قد تحدثت عن “الحاج فادي” العام 2019، في تقرير لها، بموازاة تقارير سابقة للإعلام العبري تحدثت عن علاقة مباشرة وقوية بين الأخير وكبار ضباط النظام السوري والحرس الثوري الإيراني، ما سهل مهامه اللوجستية في النقل، وإخفاء الأسلحة بوسائل تنكرية، لتشتيت انتباه الاستخبارات الإسرائيلية.
وكتبت الصحيفة العبرية مادة عن “الحاج فادي”، في ذلك الوقت، بعد سنة من ادعاء المخابرات الإسرائيلية كشفها الوحدة 108 تحت قيادته، باعتبارها وحدة “التهريب”.
وارتبطت المادة بمناسبة أخرى في أعقاب ما وصفته المخابرات الإسرائيلية بمفاجأة بظهور علني لـ”الحاج فادي” في نهاية شباط/فبراير2019، خلال زيارة الرئيس السوريّ بشّار الأسد إلى طهران، واجتماعه مع الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، ما دفع الإستخبارات الإسرائيليّة إلى تسريب معلوماتٍ عنه إلى المُحلِّل العسكريّ يوآف ليمور لينشرها في صحيفة “اسرائيل اليوم”، ضمن تقرير مُوسّع، عن “رجل الظلّ والمهام الصعبة” في حزب الله، باعتباره “يتولى مهمة التهريب منذ 23 عاماً”.
وقال محللون إسرائيليون إن الوحدة 4400 تمتلك آلية تمرّ عبرها وسائل القتال المتقدّمة إلى حزب الله، وهو ما جعل الجهات الأمنية في إسرائيل تقر بأن النجاح في منع نقل الأسلحة لم يتجاوز 70%، ما يعني أن هناك عمليات كثيرة نجحت فيها الوحدة.
وكان الموقع الاستخباري “انتيللي تايمز” قد نشر ما سمّاه كشفاً عن الوحدة المذكورة، قبل خمسة أعوام، مفاده أن “قائد الوحدة هو المسؤول عن تهريب الصواريخ الإيرانية من سوريا إلى لبنان”.
لكن إسم الوحدة وقائدها يعود هذه المرة من بوابة الطائرات المسيرة، أكثر من الصواريخ وأنواع الأسلحة الأخرى، في حين تتصدر المُسيّرات الإيرانية حديث الغرب بسبب اتهام طهران بتزويد روسيا بها لاستخدامها في الحرب الأوكرانية.
المصدر: المدن