بعد أن فشلت الخطة أ في الحملة العسكرية الروسية والتي كانت تهدف إلى احتلال العاصمة كييف وسوق حكومة فلاديمير زيلينسكي مكبلين بالأصفاد إلى موسكو , وتنصيب حكومة صديقة لروسيا تماما كما حدث في تشيكوسلوفاكيا عام 1968 مع حكومة الكسندر دوبتشيك التي حاولت تطبيق إصلاحات تتسم بشيء من الانفتاح والمسحة الليبرالية مما وجد ترجمته في الكرملين باعتبارها انحرافا عن النهج السوفييتي بالتالي تم إرسال أرتال الدبابات الروسية إلى براغ وحاصرت المقرات الحكومية ولم يستغرق الأمر سوى أيام معدودة لتعود تشيكوسلوفاكيا للحضن السوفييتي ويدفن ربيع براغ دون مراسم .
أقول بعد أن فشل تطبيق الخطة المماثلة في أوكرانيا , وواجه الجيش الروسي مقاومة لم يتوقعها , وتعاظمت خسائره العسكرية , اضطرت القيادة الروسية لسحب الخطة أ وإحلال الخطة ب بدلها والتي كانت تهدف كما يبدو إلى تركيز الجهد العسكري في الجبهة الشرقية والجنوبية القريبة من روسيا بالاستناد إلى اقليمي دونيتسك ولوهانسك حيث نسبة هامة من السكان تتكلم الروسية , كما أن القوميين الروس يعتبرون الاقليمين جزءا من روسيا منح لأوكرانيا خلال فترة الحكم السوفييتي .
استكمال السيطرة على كامل الاقليمين والتمدد إلى الجنوب نحو أوديسا لقطع أهم منفذ بحري لأوكرانيا ثم ممارسة الضغط على الحكومة الأوكرانية بقصف المدن والمنشآت الاستراتيجية , والضغط على الغرب باستخدام سلاح الغاز والنفط حتى تتمكن روسيا من جلب الحكومة الأوكرانية نحو مائدة المفاوضات من مركز القوة والتوقيع معها على اتفاق يؤمن خروج روسيا بانتصار جزئي يحفظ ماء الوجه على الأقل .
من المفترض وجود إطار زمني للخطة ب , فمن غير المقبول من وجهة نظر استراتيجية تحول الحملة العسكرية إلى حرب استنزاف طويلة الأمد .
يبدو واضحا اليوم فشل الخطة ب بعد حوالي 200 يوم من الغزو الروسي , كما أصبح معترفا به على نطاق واسع أن الحرب قد تحولت لحرب استنزاف طويلة الأمد .
وفي مواجهة ذلك التحول لايمكن لروسيا أن تستمر طويلا , فالمسألة تتحول بسرعة إلى مسألة تأمين الموارد المالية والعسكرية لتعويض خسارتها الكبيرة حتى اليوم , بل إن الاقتراب من إعلان التعبئة العامة في روسيا يعني أن الموارد البشرية أيضا بدأت تشكل مصدر قلق للقيادة الروسية .
والسؤال الآن : إذن ماهي الخطة ج لدى القيادة الروسية ؟
الخيارات محدودة جدا , أما الحديث عن استخدام أسلحة نووية فهو ليس سوى تهويل استخدمته روسيا لردع الناتو من ارسال الأسلحة الفتاكة لأوكرانيا , لكنه فشل أيضا في المهمة .
ماذا يبقى إذا استثنينا تغييراً من الصعب معرفة حظه داخل القيادة الروسية ؟
ربما لايبقى سوى الانسحاب من أوكرانيا بين عشية وضحاها مثلما انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان .
لم لا ؟ وهل روسيا أكثر كبرياء و” عظمة ” من الولايات المتحدة ؟
حينذاك قد تخرج علينا المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قائلة : أصدر الرئيس أوامره لكافة قطعات الجيش الروسي للعودة للوطن بعد أن أتم المهام التي كلف بها في اوكرانيا , وتم تدمير معظم المنشآت العسكرية والاهداف الاستراتيجية وإبعاد أي خطر كان يهدد روسيا …..الخ .. أما إن كان سيعقب ذلك احتفالات بالنصر في الساحة الحمراء فذلك غير مؤكد .