يحوم الكتاب الذي صدر عن دار ميسلون التابعة لمركز حرمون للدراسات المعاصرة حول الواقع العربي شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا، ضمن سياقات تفكير غربية/ فرنسية. وقد جاء الكتاب ضمن عنوان (مصير العرب ومصير نار تاريخ تحرر) للكاتب الفرنسي (جان بيير فيليو) وترجمة (سالم عوني) بعدد صفحات /196/.
حيث يتنكب (فيليو) قلمه، وهو الأكاديمي الفرنسي، والدبلوماسي والمؤرخ المتخصص في الإسلام المعاصر، ليعمل تشريحًا بالواقع العربي مارًا مرورًا سريعًا على مجمل المسائل المفصلية في حياة العرب منذ عام 1798 وحتى يومنا هذا، مفردًا الكثير للثورات العربية/ ثورات الربيع العربي، حيث يقول (لكن الجلادين لا يرحلون من تلقاء أنفسهم يلزم إسقاطهم).
أما الكاتب وبالنظر إلى مواقف سياسية مسبقة من بعض قادة الواقع السياسي العربي واختلافات ايديولوجية بائنة مع خطوط أيديولوجية عربية، يقوم بالكثير من المغالطات التي تنم من إحدى مسألتين:
_إما أنه يريد تشويه بعض منعطفات تاريخية ما في الواقع العربي، حسب رؤيته، ووفق أيديولوجيته.
_ أو أنها حالة من الجهل بالواقع العربي، حيث كان من الصعوبة عليه الإلمام بكل هذا الواقع المتلاطم الأمواج والمتعدد المراحل.
حيث كان يفترض أن يفرد لكل فترة زمنية بعضًا من الدراسات والأبحاث التي تغطي تلك المرحلة بشكل عامي ومسهب، دون الإسراع والتسرع، أو الانتقال القيصري من حالة إلى أخرى وبسرعة تتساوق مع الزمن السريع الذي يعيشه كما يبدو.
الكتاب على أهميته وشموليته إلا أنه كان يتسم بالكثير من المغالطات، بل والعديد من الأخطاء التاريخية بقصد أو دون قصد. وهو يحاول اليوم وفي هذا الزمن، محاكمة بعض المراحل التاريخية العربية، وفق منظار الآن الذي ابتعد عن تلك المراحل أحقابًا وأحقاب.
ويبدو أن الحديث عن مصير العرب كتاريخ تحرر كان ينقصه الكثير من التوثيقات العلمية البحثية، التي تنقذ الكاتب والكتاب من مطبات تاريخية وتأريخية كان من الممكن الابتعاد عنها لو أنه مارس سياسة البحث المتأني والرصين، وليس الاستعجال والسلق، كما دأب خلال جل مفاصل وفصول كتابه المشار إليه. وهو ما جعله في النهاية يخلص إلى نتيجة مفادهما: (أن تراجيديا التحرر العربي تستثير في مجتمعنا رفضًا أكثر من التعاطف، ويأسًا أكثر من البصيرة، وهذا تحديدًا هو الهدف الذي يسعى إليه اليوم المستبدون العرب، على غرار “متخذي القرار” الجزائريين قبل ذلك بعقدين.
علمًا بأنه حاول إنصاف الواقع العربي في عصر الربيع العربي عندما قال (إضفاء الأسلمة على العرب وهذا الهوس “بالأقليات” مستمر في التأثير الكبير على السجال الفرنسي، وهنا تكمن العقبة الكبرى في الإدراك، بكل تعقده التاريخي لحركة التحرير التي تمر في العالم العربي منذ 2011. دخل الديكتاتوريون العرب في أزمة مستمرة من طبيعة ثورية بسبب رفضهم المطلق للاعتراف بالشعب بوصفه مصدرًا للشرعية).