بعد تقسيم الأمة العربية الى أقطار واستعمارها، وبعد تحررها من الاستعمار، برز الفكر القومي وانتشر في كل الأقطار العربية، وأصبح رواد الفكر القومي كعبد الناصر،وحزب البعث ومؤسسيه الشغل الشاغل للجماهير العربية .
الكل يتغنى بالعروبة، وبالأمة العربية من المحيط الى الخليج، ومع وفاة عبد الناصر انقلب المحيطين به على افكاره، وتمسك بها كثيرون في اقطار الأمة العربية،ووصل الى السلطة في سورية أشخاص من دعاة الفكر القومي، وكانت افعالهم توحي الى انهم ابعد مايكون عن هذا الفكر الذي كان ستاراً للوصول الى السلطة والتمسك بها،ثم برز دور صدام حسين ومشروعه النهضوي في العراق ،ووقوفه بوجه الفكر الخميني المعادي لكل ماهو عربي ،فتسابق كثيرون من دعاة الفكر القومي يعلنون وقوفهم معه ضد العدو الايراني، ومن ثم العدوان الأمريكي وكان الرجل يكرم بسخاء على هؤلاء.
انتهى صدام حسين شهيداً على يد أعداء الأمة، وأصبحت القومية العربية يتيمة لا أحد ينادي بها،وبقدرة قادر أصبح كثير من ادعياء الفكر القومي ابواقاً لعدو كانوا يقفون مع صدام حسين ضده، مع علمهم ويقينهم انه عدو يقود مشروعاً لتفتيت الأمة العربية وانهاء الفكر القومي العربي، مدعياً دعمه لشعار (المقاومة والممانعة) الذي تقوده أنظمة تدعي العروبة وتقتل شعبها، وتستعين بنظام الملالي للبقاء في السلطة، مع علمهم ويقينهم ان دعم نظام الملالي لهم ليس حباً بهم،بل ليكونوا اداة لتقسيم بلادهم.
للأسف هؤلاء هم من انبرى للحديث عن القومية والفكر القومي،ونظموا وقادوا مؤتمرات سميت بالمؤتمرات القومية، كان نتاجها يصب في مصلحة اعداء العروبة، وهؤلاء لا يمكن تسميتهم بأصحاب مبدأ، بل هم مرتزقة يعتاشون على الفكر القومي وتوظيفه في المكان المناسب للإرتزاق، ومن يطلع على البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي المنعقد مؤخراً في بيروت يرى نموذجاً عن هؤلاء الذين شوهوا الفكر القومي العربي، ووضعوا انفسهم لخدمة اعداء الأمة وطغاتها، بينما نرى في الجانب الأخر رجال تمسكوا بعروبتهم وبفكرهم القومي، ودفعوا ضريبة ذلك سجناً وتشرداً ،ومازالوا متمسكين بمبادئهم لا تثنيهم الظروف عن ذلك مهما دفعوا من تضحيات .
لقد ابتلى الفكر القومي العربي بكثير من هؤلاء المرتزقة، ولكن زيف انتمائهم للفكر القومي العربي أصبح مكشوفاً للجميع، وهم حالة شاذة في مسيرة الفكر القومي، سينتهون وتنتهي مسيرة ارتزاقهم.
المصدر: كل العرب