على الرغم من أن القيود السياسية في واشنطن والقدس والرياض يمكن أن تجعل من الصعب تحقيق تقدم جوهري خلال زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى إسرائيل والسعودية، إلّا أن بعض الصور الجيدة قد تكون كل ما هو مطلوب لاعتبار الزيارة ناجحة.
يبدو أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية الأسبوع المقبل ستكون إحدى أكثر رحلات إدارته أهمية حتى الآن. وبصرف النظر عن إصلاح العلاقة التاريخية المتوترة بين واشنطن والرياض، يمكنها أيضاً أن تُعيد تحديد معالم الروابط بين البلدين بطريقة استثنائية وحتى مثيرة للاهتمام.
ولكن، ونشدّد على كلمة “لكن”، سيتطلب مثل هذا التطوّر تصويب الكثير من الأمور. فقائمة الاختلافات على صعيد السياسة طويلة، وقد تُركت العديد من القضايا لتتفاقم وتزداد سوءاً.
وقد حظي بعضها بتأييد الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، كهجمات 11 أيلول/سبتمبر على سبيل المثال، في حين يحظى بعضها الآخر باهتمام خاص من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن: وخاصةٍ حقوق الإنسان، التي تشمل القلق بشأن الضحايا المدنيين جراء القصف السعودي لأهداف في اليمن، وبطبيعة الحال قتل الصحفي المعارض الذي كان يقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي.
وتمّ إحراز تقدّم في هذه القضايا، ولكن احتمال أن تسوء الأمور تجلى في الآونة الأخيرة عندما قال بايدن إنه قادم إلى المملكة لحضور “اجتماع” لقادة دول الخليج وإنه سوف “يرى” خلاله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وعلى الرغم من أن مسؤولي البيت الأبيض كانوا يُطلعون في إحاطاتهم على أنه قد يُعقد اجتماع فردي بين الرجلين، إلّا أنه من الواضح أن الرئيس الأمريكي، الذي نُقل عنه قبل انتخابه وبعده على حد سواء قوله إنه يعتبر السعودية منبوذة، كان حساساً تجاه الفكرة. باختصار، يبدو أن بايدن لا يزال يعتبر أن نظيره هو الملك سلمان، وليس محمد بن سلمان، على الرغم من أنه نظراً لضعف والده، فإن ولي العهد السعودي البالغ من العمر 37 عاماً هو الحاكم اليومي لأكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم.
ومن المحتمل أن يكون موضوع النفط محورياً خلال زيارة بايدن، على الرغم من أن الجانب السعودي قد يفضل أن يُركز جدول الأعمال بصورة أكبر على القضايا المستقبلية. وفي العناوين العريضة، هيمن النفط على التقارير المتعلقة بخطط الرحلة.
ويرغب الناخبون الأمريكيون، الذين تفصلهم أقل من أربعة أشهر على الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب، في سماع أخبار أفضل عن الأسعار التي يدفعونها في محطات البنزين. وقد لا تؤدي صادرات النفط السعودية المتزايدة إلى انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ، ولكنها من المحتمل أن تغيّر الأجواء، ومن بينها تصوّر السعودية بأنها مقرّبة كثيراً من روسيا دبلوماسياً.
وإلى جانب طلب السعودية تأييد «رؤية 2030»، من الواضح أنها ستطلب خلال الاجتماع المزيد من الدعم، السياسي والعسكري على حد سواء، لمواجهة التهديد الذي تشكله إيران على دول الخليج العربي، لا سيما وأن اقتراب طهران من الوضع النووي المطلق أصبح أكثر وضوحاً. ويتمثل التحدي الفوري أمام واشنطن في دعم حلفائها ومحاولة تفادي أي مواجهة في الوقت نفسه، مما قد يؤدي إلى زيادة أخرى في أسعار النفط.
وقد يتمثل الجواب في هذا السياق في إقامة علاقات عالية المستوى بين السعودية وإسرائيل، التي هي سرية حالياً على الرغم من كونها راسخة. وتتكهن وسائل إعلام إسرائيلية بشأن التعاون العسكري بين البلدين، والذي يشمل قيام إسرائيل بتزويد أجهزة الليزر للدفاع عن دول الخليج ضد الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية. ولكن ربما سقوط الحكومة الإسرائيلية والانتخابات المقبلة يعني أن هذا الموضوع سيبقى خارج جدول الأعمال هذه المرة.
وفي عالم اليوم المليء بالأخبار والتعليقات الفورية، غالباً ما يتمّ إيلاء أهمية أكبر إلى المظاهر بدلاً من الجوهر. ومع ذلك، قد تكون هذه هي أفضل طريقة للحكم على العلاقات الأمريكية السعودية، وتوجهها وإمكاناتها المستقبلية.
من ناحية أخرى، بدا أن ولي العهد السعودي كان يستمتع بصور اجتماعاته خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا والأردن ومصر. وربما يركز البيت الأبيض على أخذ مثل هذه الصور على وجه التحديد.
لكن، أولاً وقبل كل شيء، يجب أن يصل الرئيس بايدن بالفعل إلى الشرق الأوسط. فمع تدهور الوضع في أوكرانيا الذي يتطلب اهتمامه، وتفاقم القضايا المحلية داخل الولايات المتحدة، هناك أولويات محتملة تُنافس القيام بمثل هذه الرحلة.
سايمون هندرسون هو “زميل بيكر” ومدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن. وقد نُشر هذا المقال في الأصل على موقع “أرابيان جلف بيزنس إنسايت”.
المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى