أجمع خبراء ومراقبيين دوليين أن تطورات الأوضاع الميدانية في روسيا أوكرانيا لا تنذر بأي حال من الأحوال بالانخراط بحرب شاملة أو مواجهة عسكرية عميقة.
وأكد رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ والعالم السياسي الروسي دينيس كوركودينوف أن أعمال الجيش الروسي في أوكرانيا توصف فقط بأنها “عملية عسكرية تهدف إلى تشويه سمعة نظام كييف ومنع التحريض على نزاع نووي”.
وقال كوركودينوف في حواره مع “دنيا الوطن”: “هذه ليست حربا بالمعنى التقليدي، لكنها مهمة محلية لفرض السلام، فالكرملين لم يحدد أبدًا هدفه المتمثل في خلق سبب للحرب”.
وأضاف: “علاوة على ذلك، فإن روسيا، تبني دائمًا أنشطة سياستها الخارجية بطريقة تتجنب أي مواجهة عسكرية عقيمة، لذلك فإن رأي المجتمع الدولي بأن موسكو تخطط لبدء حرب مع أحد هو رأي خاطئ”.
وتابع: “إن خطط روسية لبدء حرب وإعلانها رسميًا في 9 مايو 2022 على لسان وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا، التقطت من قبل وسائل الإعلام الأوروبية، التي تحاول استخدام تصريح رئيس وزارة الخارجية الأوكرانية كذريعة لتقديم حزمة إضافية من العقوبات الصارمة ضد موسكو”.
وأوضح أن كشف الأكاذيب المنتشرة حول روسيا بسرعة كافية، سيضع المجتمع الدولي في موقف ضعيف للغاية عندما يتعين عليهم تقديم الاعتذار للقيادة الروسية.
وبين أن موسكو تفهم جيداً أن أي حرب في أوكرانيا ستؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، حيث ستكون الأسلحة النووية أداة الضغط الرئيسية، ونتيجة لذلك لا تنوي أن تكون البادئ بكارثة عالمية.
وأشار إلى أن سيناريو أي نزاع عسكري واسع النطاق في الظروف الحديثة ينطوي على استخدام جميع أدوات التحالفات والكتل الدفاعية الدولية، وهذا يعني أن عدد الجبهات سيعتمد على عدد البلدان المشاركة في الصراع، مشددا على أنه من غير المرجح أن ينجح أي شخص في توطين مراكز توتر الصراع.
وأكد أن أوكرانيا لا تؤثر على أي شيء الآن يتم استخدامه من قبل مجموعات الضغط الأوروبية والأمريكية لمصالحها الخاصة، بالإضافة إلى ذلك ليس لدى كييف أي وسيلة للسعي للإطاحة بأي أنظمة سياسية، وخاصة في روسيا.
من جانبه أوضح الكاتب والمختص السياسي أحمد مظهر سعدو أنه لا الروس ولا الغرب معنيين بحرب عالمية ثالثة بل توجههم إلى الاكتفاء بهذه الحرب التي كان وقودها الشعب الأوكراني.
و قال سعدو لـ”دنيا الوطن”: “ظنت روسيا أنها ومن خلال ما تمتلكه من أسلحة روسية حديثة يمكنها أن تحتل أوكرانيا أو تركعها على الأقل وخلال أيام، لكنها فوجئت بمقاومة أوكرانية شرسة، وبدعم عسكري تقدمه أو سارعت إلى تقديمه الدول الأوروبية والأميركية نصرة للأوكرانيين”.
وأشار إلى أن ذلك الدعم لأوكرانيا ليس إلا لأن الغرب كان قد أدرك أنه إن لم يوقف التحرك الروسي ويلقن بوتين الدرس المطلوب، فإنه من الممكن أن تتكرر هذه المسألة وصولًا إلى إعادة الحالة إلى ما قبل عام 1991 يوم سقط الاتحاد السوفياتي.
وأضاف : “إن أعلنت روسيا أم لم تعلن فلا حرب عالمية ثالثة، وحتى لوكان الرئيس الروسي بوتين قد اعتمد على شريك و(ليس حليف) هو الصين فإن الصين ليست بصدد حرب عسكرية بل تكتفي بالحرب الباردة (الاقتصادية)”.
وأكد أن الصين لن تسمح للروس بتوريطها بحرب عالمية لأنه لا رابح فيها، بل العالم كله سيكون خاسرًا فيما لو حصلت، موضحاً أن نفي روسيا قيامها بحرب شاملة هو أداة تهديد، كون روسيا والعالم يدركون أنه لا في عيد النصر ولا في سواه يمكن أن تقوم هذه الحرب المفترضة.
وبين أن الأمريكان لا يريدون لهذه الحرب أن تتوقف لأن الخاسر الأكبر فيها سيكون الاتحاد الروسي والأوربيين كذلك، وتبقى أميركا هي الرابح الأكبر بكل الحالات.
وشدد سعدو أن هذه الحرب ستكون بداية صراعات جديدة وعلى أسس متجددة ومتغيرات كبرى قد تُفضي إلى إنهاء القطبية الواحدة وتحولها إلى ثنائية القطبية، أو متعددة القطبية، في وقت يصعد فيه التنين الصيني بقوة اقتصادية وعلاقات خارجية تكتسح العالم، وتبين أنها قادرة على الانتصار اقتصاديًا دون أي حرب عسكرية.
بدوره أكد الكاتب والمختص السياسي علي البغدادي أن المعركة تعتبر معركة دفاعية عن الأمن القومي سببها محاولات الغرب التمدد شرقا وضرب أوكرانيا إلى حلف الناتو وبالتالي روسيا في موقف دفاعي لحماية الأمن القومي من التمدد.
وأوضح البغدادي في حديثه لـ”دنيا الوطن” أن روسيا آثرت أن تطلق على هذه المعركة لفظ عملية عسكرية خاصة وليس حرب، مشيراً إلى أن احتمالية التوسع تخضع إلى العملية الميدانية الذي لم يصل إلى الأن لتلك المرحلة.
وقال البغدادي: “إنه لا يوجد أي تصريح رسمي من أي جهة حكومية أو مسؤول بجعل يوم 9 أيار/ مايو بداية حرب وذلك لأنه عيد نصر لأوكرانيا كما روسيا وذلك بعد انتصارهم على النازيين خلال الحرب العالمية الثانية”.
وأضاف: “إن تطورات الوضع الميداني لا تسير بأي حال من الأحوال بالانخراط بحرب إلا في حال تم تبادل الأسلحة ما بين دول التحالف بعضها ببعض، مشيرا إلى أن الروس يتعمدوا بإطالة أمد الحرب الحالية”.
وبين أن الإعلانات ممكن أن تتغير وفقا للظروف والمشاهد التي تحدث إلا أن التوقيت لا يخدم إعلان الحرب الشامل وبالتالي الإبقاء على المعركة العسكرية الحالية”.
وأحيت روسيا، الإثنين، الذكرى الـ77 للنصر على النازية، من خلال عروض عسكرية وفعاليات في المدن الروسية من أقصى شرق البلاد إلى غربها.
وتضمن الاحتفال، الذي أُقيم في الساحة الحمراء بالعاصمة الروسية موسكو، عروضًا عسكرية بمشاركة جنود ومعدات للجيش الروسي وبحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ألقى كلمة ترقبها الكثير على وقع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال بوتين، خلال كلمته، إن “المواجهة مع النازيين الجدد كان أمرًا لا بد منه، وكان هناك تحضير واسع لحرب غاشمة على دونباس والقرم”.
وتابع “روسيا حذرت الأعداء وقرارنا كان صحيحا، مضيفًا أن “أعداء روسيا يستخدمون عصابات إرهابية وسندافع عن أنفسنا”.
وواصل الحديث إلى الجيش الروسي “تحاربون اليوم من أجل شعبنا في دونباس ومن أجل أمن روسيا”.
وشدّد بوتين خلال حديثه على أن “استقلال روسيا من أهم أهدافنا وسنمضي قدما على هذا الدرب”
وأشار إلى أن “القوات الروسية في دونباس تحارب من أجل روسيا ومستقبلها، وروسيا صدت العدوان بضربة استباقية وكان ذلك هو القرار الصائب الوحيد”.
وأردف القول “قوات النيتو كانت تقترب من حدودنا والغرب لم يرد الإنصات إلى روسيا”.
المصدر: موقع دنيا الوطن