ثلاثة أخطاء وقعت بها موسكو وأدت للفشل غير المتوقع في الحرب الإلكترونية في أوكرانيا، وفقاً لخبراء ومحللين أشاروا إلى أن الروس بالغوا في تقدير قوتهم وتقليل قوة خصمهم.
وقدر مسؤولون في حلف شمالي الأطلسي “الناتو” في وقت سابق أن ما يصل إلى 15 ألف جندي روسي قتلوا في أقل من شهر، فيما زعمت موسكو أن خسائرها بلغت أقل من ذلك بكثير.
وكذلك خسرت موسكو عدداً لا بأس به من كبار جنرالاتها خلال المعارك ضد القوات الأوكرانية، وكذلك فشلت في الاستيلاء على كييف لتحول تركيزها صوب مناطق في شرقي البلاد بعد نحو شهرين على انطلاق الغزو.
يقول الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس إن “من بين أكثر الأخطاء تكلفة التي ارتكبتها روسيا عندما غزت أوكرانيا توقعها أنها ستهيمن على الجزء المتعلق بالحرب الإلكترونية في الحرب”.
ويضيف إغناطيوس في مقال رأي أنه “وبدلاً من ذلك، تعثرت روسيا وضلت طريقها في مجال اعتراض الاتصالات وتشويشها، وهو عنصر أساسي بشكل متزايد للنجاح العسكري”.
ويرى إغناطيوس أن “الفشل غير المتوقع لروسيا في ساحة الحرب الإلكترونية يقدم شرحاً حول الخطأ الذي حدث لموسكو منذ بدء الغزو في 24 فبراير”.
ويتابع أن “الروس بالغوا في تقدير قدراتهم الخاصة، واستخفوا بقدرات أوكرانيا، ولم يحسبوا جيدا قوة الدعم العسكري لحلف الناتو لكييف”.
كذلك يشير إلى أن “هذه الإخفاقات تركت القوات الروسية وحتى بعض كبار جنرالاتها عرضة للاستهداف”.
بالمقابل يقول الخبير العسكري واثق الزيني إن “النقص الواضح في أنظمة الحرب الإلكترونية في الخطوط الأمامية الروسية كان أمراً محيراً للمراقبين المطلعين على تكتيكات ومفاهيم موسكو للحرب الإلكترونية”.
ويضيف الزيني لموقع “الحرة” :”قبل الغزو، تحدث الخبراء والتقارير الاستخبارية أن روسيا وضعت معدات الحرب الإلكترونية على الحدود مع أوكرانيا”.
ويشير الزيني إلى أن “الغريب في الأمر أنهم لم يستغلوا ذلك خلال الحرب، ربما نتيجة معاناتهم من ضعف التخطيط والتنسيق والمشاكل اللوجستية التي واجهتها القوات الروسية خلال المعارك”.
بالإضافة لذلك يعتقد الزيني أن “الدعم الغربي اللامحدود للقوات الأوكرانية، سواء على صعيد التسليح أو المعلومات الاستخبارية، ساهم بشكل كبير في تغيير مسار المعارك لصالح كييف”.
يقول الجنرال المتقاعد في الجيش الأميركي بن هوجز إن ما نراه اليوم في أوكرانيا هو “مزيج من الغطرسة الروسية والبراعة الأوكرانية”.
ويضيف هوجز، الذي قاد قوات من الجيش الأميركي في أوروبا خلال الفترة بين عامي 2014 إلى 2018، لصحيفة “واشنطن بوست” أن “الحرب الإلكترونية هي أحد الفنون العسكرية التي يمكن أن تكون حاسمة في ساحة المعركة الحديثة”.
ووفقا لإغناطيوس فإن ضعف روسيا في هذا المجال ظهر واضحا نهاية الأسبوع الماضي عندما ذكرت تقارير أن الميجور جنرال أندريه سيمونوف، وهو من بين كبار المتخصصين في الحرب الإلكترونية في روسيا، قُتل في قصف مدفعي أوكراني على موقع قيادة بالقرب من بلدة إيزيوم شرقي أوكرانيا.
يوضح هذا الاستهداف “حقيقة اتقان أوكرانيا المثير للدهشة في الدقة في الاستهداف والهجوم”، بحسب إغناطيوس.
يقول الخبراء إن أوكرانيا اخترقت الاتصالات الروسية واستولت على بعض أنظمة الحرب الإلكترونية الأكثر تقدما. كذلك قدمت الولايات المتحدة وشركاؤها في حلف شمال الأطلسي معدات وتدريبا بالغ الأهمية للحرب الإلكترونية.
لكن الخبراء الأميركيين يقولون إن الأوكرانيين أنفسهم هم من استخدموا هذه الأسلحة عالية التقنية لحماية وطنهم.
ويرى الكاتب أن “روسيا بنت أنظمة يمكنها، من الناحية النظرية، أن تخلق جدارا إلكترونيا حول قواتها، مما يؤدي إلى عرقلة الخصوم بشكل فعال”.
ويضيف أن القادة العسكريين الأميركيين خشوا في البداية أن تكون الوحدات العسكرية الأوكرانية معزولة وغير قادرة على التواصل نتيجة لذلك.
لكن على العكس من ذلك، فقد أشار الكاتب إلى أن كييف أعادت بناء قدراتها بعد تعرضها لانتكاسات مريرة خلال الهجمات الروسية على شرق أوكرانيا في 2014 و 2015.
كان نجاح الحرب الإلكترونية الروسية في ذلك الوقت مذهلا، وفقا لإغناطيوس، الذي لفت إلى أن بعض كبار المسؤولين في البنتاغون كانوا يخشون أن يتكرر هذا النجاح خلال الغزو الروسي.
لكن بينما كان القادة الروس يستعدون لغزو عام 2022، ارتكبوا خطأين فادحين، وفقا لإغناطيوس، يتمثلان في أنهم افترضوا أن الجيش الأوكراني لم يتقدم بشكل كبير منذ عام 2015، وتجاهلوا تأثير المعدات والتدريب الذي قدمه الناتو.
ويتابع الكاتب أن الولايات المتحدة بدأت بعد عام 2015 بتزويد أوكرانيا بأجهزة اتصالات آمنة متطورة من طراز “L3Harris” لا يمكن التشويش عليها بسهولة على عكس المعدات القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وكانت أوكرانيا تستخدمها.
تعلم الأوكرانيون استخدام هذه الأدوات الحديثة للحرب في قاعدة تدريب تُعرف باسم مجموعة التدريب المشتركة متعددة الجنسيات في أوكرانيا تأسست في عام 2015 من قبل الولايات المتحدة وبعض شركاء الناتو بالقرب من لفيف.
بالإضافة لذلك يقول الكاتب إن عرقلة الأوكرانيين لأنظمة الاتصالات الروسية جعل الروس يضطرون لاستخدام الهواتف المحمولة على الشبكات الأوكرانية، والتي كشفت ليس فقط عن خططهم، ولكن مواقعهم أيضا، ما سمح للأوكرانيين بتنفيذ هجمات دقيقة.
كانت الانتكاسة الأخرى هي استيلاء أوكرانيا على بعض معدات الحرب الإلكترونية الأكثر حساسية في روسيا، بما في ذلك جزء من مجموعة “Krasukha-4” المتقدمة، والتي سرعان ما حاول الأوكرانيون إعادة هندستها واستخدامها ضد الروس.
المصدر: الحرة. نت