يشهد “الائتلاف الوطني السوري” المعارض، انسحاب كتل وحركات سياسية على خلفية إنهاء 14 من أعضائه، وفق قرار صادر عن رئيسه، سالم المسلط، مطلع نيسان/إبريل الجاري، في حين يرى مراقبون أن المعارضة السورية بكل مكوناتها أصبحت ضعيفة، وعلى رأسها الائتلاف الذي يديره عدد قليل من الشخصيات والباقي مجرد أرقام.
قضية الإصلاحات التي اختلقها المسلط مؤخرا، أثارت التساؤلات حول علاقة تركيا بالتغييرات التي طرأت داخله، فضلا عن سر التغيير في هذا الوقت، إذ إن الائتلاف واجه انتقادات شديدة في السنوات الأخيرة لعدم مساعدته للسوريين داخل مناطق المعارضة، وعدم إحراز تقدم في المفاوضات مع دمشق. ما أدى إلى فقدان ثقة السوريين والذين باتوا يرون أن الائتلاف مغيب عن الواقع السوري تماما.
تعديلات لإقناع الأسد بالحوار
سر اللغز في الغزو الروسي على أوكرانيا، حيث كشف الصحفي، عمر الحريري، لـ”الحل نت”، أن تركيا تأمل في أن ترجح كفة الميزان في الحرب الأوكرانية لصالحها في سوريا، وتتخذ خطوات تصعيدية على الأرض من جهة وتختبر المياه الدبلوماسية مع دمشق من جهة أخرى.
ويشير الحريري، إلى أن الحرب الأوكرانية أدت إلى إذابة العلاقات الباردة بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وشركائه الغربيين، وأوقفت تآكل دعمه الشعبي على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية المستمرة في الداخل. ويأمل أردوغان في تحقيق مكاسب أيضا في سوريا، معتمدا على انشغال روسيا بأوكرانيا.
غياب الفكر الديمقراطي عن المؤسسة
من جهة أخرى، وعلى الصعيد الداخلي، يشوب الائتلاف العديد من الاختلالات، والتي ربما هي نتيجة تبعية بعض الأطراف المسيطرين في تكتلات معينة، ما يعني أن ما يجري الآن تصفية حسابات لمصالح شخصية بعيدا عن أي تجاذبات إقليمية أو تأثير سياسات خارجية.
وعليه يؤكد المحلل السياسي، أحمد سعدو، أن المشكلة في الائتلاف، أنهم يتحدثون دائما عن إصلاحات وتغييرات وهم في ذلك يحاولون استعادة الحاضنة الشعبية التي كانوا ومازالوا يفتقدونها بالتدريج.
ولكنهم وطبقا لحديث سعدو، لـ”الحل نت”، حتى الآن لم يدركوا بعد أن المطلوب شعبيا ليس تغييرات شكلية، بل تغير في الجوهر وفي البنية التي لم تعد صالحة مطلقا. ولعل ما فعلوه مؤخرا في سياق الاشتغال على عملية “إصلاح ترقيعية شكلية”، لم ترتق أبدا الى المطلوب شعبيا، ومما يؤكد ذلك أن هذه التغييرات فاقمت الإشكالية لديهم ولم تحسنها.
أما عن علاقة الدولة المضيفة التركية بذلك، فالمحلل السياسي، لا يعتقد أن للأتراك علاقة مباشرة بما يجري، ولا يمكن أن تكون نصائح الأتراك وخاصة حزب العدالة والتنمية تنحو باتجاه لجم وإضعاف التيار الإسلامي داخل الائتلاف.
ويرى سعدو، أن المشكلة الأساس في داخل مؤسسة الائتلاف التي يغيب عنها الفكر الديمقراطي، وتشوبها الكثير من المصلحة النفعية التي لا هم لها إلا مصالحها، وآخر همها هو التعبير عن السوريين الذين ظنوا أن الائتلاف سيعبر عنهم، لكنه ذهب ويذهب الى مآلات أخرى .
ولا يعد سعدو، أن ما جرى انقلابا، بل يراه محاولات لم تأت في مكانها الصحيح، حيث لا يبدو أن هذه المؤسسة سيتم إصلاحها، وإذا، مازالت المصالح النفعية هي من تسير الخطوات التصحيحية الائتلافية، فإن كل الخطوات سوف تكون خاطئة، ولن يتمكن الائتلاف بوجود مراكز قوى داخله أن يعبر إلى الضفة الأخرى الصحيحة، والمعبرة عن رأي الشعب السوري المعارض.
وأخيرا، يؤكد المحلل السياسي، أنه لا يمكن استبعاد التجاذبات الإقليمية في كل مايجري، لكن المسؤولية الأساس وفق تصوره، “تقع على عاتق أهل الحل والعقد داخل الائتلاف وليس خارجه”.
ما حقيقة الوضع داخل الائتلاف؟
بعد صراع طويل بين الكتل المكونة له، أنهى “الائتلاف” السوري المعارض، المدعوم من أنقرة، عضوية أربعة مكونات من هيكليته، كجزء من نظام داخلي جديد معتمد، وذلك بعد أيام من استبعاد مجموعة من أعضائه أيضا.
تغييرات بدأت الخميس الفائت، بفصل عدد من أعضاء الائتلاف بحجة عدم التزامهم وتكرار تغيبهم، لاقت استهجانا من قبل بعض كتل الائتلاف، حيث قالت جماعة “الإخوان المسلمين”، وهي إحدى الكتل المكونة له، في بيان لها عبر “فيسبوك”، قامت بحذفه لاحقا، “فوجئ الرأي العام الوطني في سوريا، كما فوجئت جماعتنا، بقرار صدر عن قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، بفصل بضعة عشر عضوا، بطريقة تمت خارج الأطر التنظيمية المتوافق عليها ضمن هذه المؤسسة الوطنية، المحكومة بنظام داخلي توافقي يعتبر المرجع القانوني لكل المكونات أطرافا وأفرادا”.
وتتحدث المصادر عن صراع طويل الأمد ضمن مكونات الائتلاف بين “بدر جاموس”، و”عبد الرحمن مصطفى”، في ظل حديث عن اتفاق بين مصطفى والجي فور (G4)، لتمرير الإصلاحات كما يريدها مصطفى, على أن يبقى سالم المسلط المقرب من الجي فور في رئاسة الائتلاف لسنتين وليس لسنة واحدة فقط، وسيعمل المتحالفان على تصفية خصومهم من المعطلين ومن حلفاء الإخوان المسلمين، وفق ماورد في مقال لـ “نداء بوست”.
يذكر أن الأنباء التي انتشرت الخميس الماضي، عن فصل أعضاء الائتلاف، جاءت بعد التسريبات التي ادعى من خلالها وزير الداخلية في “الحكومة السورية المؤقتة” المعارضة، محيي الدين هرموش، وجود أعضاء بالائتلاف ينسقون مع حكومة دمشق، وأنه زود بها من مصادر خاصة من داخل المؤسسات الأمنية بدمشق، الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء الائتلاف إلى طلب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
المصدر: الحل نت