بينما إدلب في شمال سورية حالياً تحت ضغط قصف الروس والنظام السوري من جهة، ووطأة المليشيات التابعة لهيئة تحرير الشام، تؤدي المخاوف من تفشي فيروس كورونا الجديد في البلاد إلى اتساع دائرة الخوف يوماً بعد يوم. النظام الصحي في محافظة إدلب السورية في حافّة الانهيار، بسبب المعاناة التي يعيشها أهل المنطقة من الحرب والدمار والفقر. وعلى الرغم من تعقيم المباني الحكومية والمدارس والمستشفيات في مركز المحافظة، فإن هذه التدابير والفعاليات لا تمكّن من الحدّ من انتشار العدوى في المدينة. هناك نقص في معلوماتٍ عن كيفية الوقاية من كورونا، ونقص في الأجهزة الواقية، وفي معدّات لتشخيص الفيروس، ونقص تقريباً في كل شيء.
ومع نشاط المتطوعين في المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية، لكن الكوادر الطبية لا تمتلك قدرة على الحد من انتقال الفيروس في إدلب، على الرغم من مطالبة سكان المنطقة منظمة الصحة العالمية بتوفير المعدّات اللازمة للكوادر الطبية العاملة في إدلب. أما في مناطق سيطرة النظام السوري، فعلى الرغم من أن الإمكانات أفضل بكثير، إلا أن هناك حالات إصابة بفيروس كورونا.
ومع كل هذه المخاطر للفيروس، تواصل الدول المتنافسة في شمال غرب وشمال شرق البلاد تعزيزاتها العسكرية، من دون اكتراث بالمخاطر التي يشكلها الفيروس التاجي في المناطق التي يمثل فيها قنبلة موقوتة، بسبب قلة الإمكانات والدمار الذي سببته الحرب بين الأطراف المختلفة، وقد واصلت تركيا التي وقعت اتفاقية مع موسكو في 5 الشهر الماضي (مارس/ آذار) لوقف أنشطتها العسكرية حول الطريق السريع M4 تعزيز قواتها في شمال غرب سورية في إدلب. ووفقاً للمعلومات، تهدف تركيا إلى إنشاء نقاط مراقبة جديدة في المنطقة. وحسب مصادر لجماعات المعارضة السورية المسلحة، دخلت قافلة مركبات مدرعة للقوات التركية منطقة إدلب يوم الجمعة، مستخدمة بوابة كفر لوسين الحدودية. وذكرت مصادر محلية أن الوحدات العسكرية التركية تنشئ نقاط مراقبة جديدة في شمال البلاد. والأكثر تضرراً من قصف الجيش التركي في الأيام القليلة الماضية، مدينة تل رفعت التي لا تزال تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” في جنوب عزيز التي تقع مقابل مدينة كيليس (تل رفعت خارج منطقة التفاهم بين أنقرة وموسكو).
في غضون ذلك، تخطط القوات الروسية التي ستركز على شمال شرق سورية بعد إدلب لإنشاء أربع قواعد عسكرية جديدة في منطقة الحسكة لهذا الغرض. وبحسب الادعاءات، زار مسؤولون روس مواقعهم بالقرب من المنطقة أخيراً، ورفعوا العلم الروسي فيها. وزعم بعضهم أن روسيا التي خططت لمنع إطلاق كل من القوات التركية والقوات المعارضة النار في بعض المناطق السكنية للأكراد، بالقرب من تل تمر في الأسابيع الماضية، ستنشر وحدات عسكرية إضافية في النقاط المذكورة.
ولم تؤد طلقات نارية لمدافع الجيش التركي فقط إلى خسائر في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، ولكن أيضاً في صفوف جيش النظام. ولا يحاول الروس فقط الحد من فعالية الجيش التركي في المنطقة بهذه الخطوات، بل هدفهم الرئيسي منع الولايات المتحدة من الظهور قوة مهيمنة وحيدة في الحسكة والموارد النفطية في المنطقة. ويبدو أن واحداً من أخطر الأنشطة العسكرية في شمال سورية في هذه الأيام هو للولايات المتحدة. وقبل أيام، أرسل الأميركيون الذين بدأوا بتعزيز وجودهم في سورية في مناطق النفط شمال شرق البلاد، وتحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي بعد عملية نبع السلام لتركيا، أرسلوا قافلة من 35 شاحنة في شمال شرق البلاد. وتبدو الولايات المتحدة التي تحاول منع الجيش السوري المدعوم من روسيا من الاقتراب من أجزاء من الطريق السريع M4 على جانب الحسكة، عازمة على تعزيز قواتها في المنطقة بمركبات عسكرية ومواد لوجستية منذ فترة، وتواصل عملياتها لإنشاء قواعد جديدة ومحطات عسكرية.
تهدف الولايات المتحدة، بهذه التعزيزات والقوافل العسكرية، إلى إنشاء قاعدة عسكرية متكاملة في قرية شدادي، حيث اتجهت القافلة الأميركية نحو الجنوب من الحسكة، مستخدمة بوابة الوليد على الحدود العراقية السورية، وكان اتجاهها نحو الشدادي. على الرغم من تصريحات الرئيس دونالد ترامب بأنه سيسحب القوة الأميركية من سورية، فإن هذه القوة كانت تقوم ببناء قاعدة جديدة منذ فترة طويلة عند نقطتين في منطقة الحسكة (شمال شرق). ونفذ الأميركان الأسبوع الماضي تعزيزاً في القاعدة الجوية في منطقة المالكية، وهي الأقرب إلى الحدود مع تركيا.
المصدر: العربي الجديد