نشر موقع مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية مقالا لمحققها للشؤون الأمنية مارك إيبيسكوبوس، أكد فيه أنه لا يتوقع نهاية قريبة لحرب روسيا على أوكرانيا، ويتوقع أن يتحول الصراع بسرعة إلى حرب استنزاف مدمرة للغاية مع عواقب وخيمة على القارة الأوروبية والنظام الدولي بعد الحرب الباردة.
ويؤكد هنا بشكل خاص على أن استمرار شحنات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا سيؤدي إلى إطالة أمد الصراع بتكلفة عالية على الأوكرانيين من دون تغيير النتيجة التي ستكون لصالح روسيا في نهاية الأمر، ولا يوجد شيء يمكن للغرب فعله لتغيير هذه النتيجة باستثناء التدخل العسكري المباشر على الأرض في أوكرانيا، وهو مسار عمل تم استبعاده بالفعل من قبل قيادة الناتو وجميع الأعضاء الرئيسيين في الحلف.
ويرى الكاتب أن القوات المسلحة الأوكرانية صمدت لفترة أطول بكثير مما توقعه المراقبون الروس والغربيون، لكن الواقع الإستراتيجي الأساسي لم يتغير؛ فموسكو مقتنعة بأن مصالحها الوجودية معرضة للخطر، ولديها الموارد والإرادة السياسية لإكمال هذه الحرب حتى نهايتها المريرة.
واعتبر الكاتب أن العديد من وسائل الإعلام استغلت إعلان مديرية العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، أمس الجمعة، لتحديث حالة المجهود الحربي للجيش الروسي بعد شهر واحد من دخوله أوكرانيا لتقول إنه علامة محتملة على تقلص حملته وتراجعه لاقتصارها على السيطرة على منطقة دونباس الشرقية فقط.
غير أن إيبيسكوبوس أكد أنه مع ذلك لا يوجد دليل على أن موسكو تخلت عن الأهداف “المتطرفة” التي حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 فبراير/شباط الماضي، بل اعتبر أن العكس صحيح، وأن الإعلان لا يشير إلى أن الجيش الروسي يحد من أهدافه، ولكنه يشير إلى أنه يتراجع تحسبا لصراع طويل الأمد؛ أي أن موسكو ربما قررت أنها بحاجة إلى تعزيز سيطرتها على نهر دونباس قبل استئناف الهجمات البرية في منطقة كييف والتقدم نحو الغرب.
القوات المسلحة الأوكرانية صمدت لفترة أطول بكثير مما توقعه المراقبون الروس والغربيون، لكن الواقع الإستراتيجي الأساسي لم يتغير؛ فموسكو مقتنعة بأن مصالحها الوجودية معرضة للخطر، ولديها الموارد والإرادة السياسية لإكمال هذه الحرب حتى نهايتها المريرة
وأضاف الكاتب أن الأنباء أفادت أن القوات الروسية حققت نجاحات كبيرة خلال الأيام العديدة الماضية أثناء تقدمها إلى مركز ميناء ماريوبول الجنوبي الشرقي. وعلق بأن من شأن الاستيلاء على ماريوبول أن يمكن القوات الروسية من السيطرة على حوالي 80% من ساحل أوكرانيا على البحر الأسود، مما يمهد الطريق لتقدم روسي في اتجاه إحدى أكبر مكاسب الحملة؛ مدينة أوديسا الإستراتيجية. كما أنه سيقضي على إحدى المحاولات الأخيرة للمقاومة الأوكرانية في الجنوب الشرقي، مما يوفر للروس ممرا بريا من دونباس إلى شبه جزيرة القرم ويشكل معلما رئيسيا في جهود موسكو لتوطيد سيطرتها على الأراضي الواقعة شرق نهر دنيبر.
ومع ذلك يرى الكاتب بأنه وبعد مرور شهر على الحرب، كان أداء الجيش الروسي ضعيفا في ميدان المعركة، لكنه قال إن الاستنتاج من هذا أن أوكرانيا تربح، أو أن روسيا قد خسرت بالفعل، سابق لأوانه للغاية، إذ إن خرائط الصراع توضح أن خط السيطرة في أوكرانيا قد تحول بشكل مضطرد لصالح روسيا منذ 24 فبراير/شباط، مع تحقيق القوات الروسية مكاسب بطيئة، ولكن ثابتة في المسارح الجنوبية والشرقية للحرب. وأشار الكاتب إلى أن روسيا تسيطر الآن على ضعف مساحة الأراضي الأوكرانية التي كانت تسيطر عليها عندما بدأت الحرب.
واعتبر إيبيسكوبوس أن الخسائر الأعلى من المتوقع أن تعيق العمليات البرية الروسية على المدى القصير، لكنها لن تدفع الكرملين إلى عكس مساره في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الثقافة الإستراتيجية الروسية والخطاب السياسي تاريخيا قد أظهرا درجة عالية من التسامح مع الخسائر، لا سيما في النزاعات التي تتمتع بدعم جماهيري كبير. وأشار أيضا إلى أن بوتين نجح في حشد الشعب الروسي لدعم حربه في أوكرانيا، قائلا إن استطلاعا حديثا أظهر أن ما بين 70% و74% من الروس يدعمون بوتين، وأن الأمر لا يتعلق بإنهاء الحرب، بل بإدارتها بقوة أكبر.
المصدر: “القدس العربي”