أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لبحث كل الأمور مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين إذا وافق على التفاوض مباشرة معه، بما يشمل حول القرم ودونباس، لكن مع “ضمانات أمنية” بشكل مسبق، محذراً من أن أوكرانيا “ستدمر” قبل أن تستسلم.
أضاف أن “مسألة القرم ودونباس صعبة جداً للجميع”، قائلاً، “نحن بحاجة إلى “ضمانات أمنية وإنهاء الأعمال العدائية، وحين يرفع الحصار، نتحاور”. وتابع أن الشعب يجب أن يبدي رأيه عبر استفتاء “حول بعض أشكال التسوية” مع روسيا، محذراً في الوقت نفسه من أنه “علينا القيام بكل شيء حتى تعود دونباس وشبه جزيرة القرم إلينا (…) إنها مسألة وقت؟ نعم، لكن وقف الحرب الآن، هذه هي القضية”.
تواصل المعارك
وفي وقت تستمر فيه المعارك في أنحاء أوكرانيا، قال فولوديمير زيلينسكي إنه لن يتسنّى التفاوض على إنهاء الحرب في بلاده من دون اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ونقلت وكالة “إنترفاكس” الأوكرانية عن زيلينسكي قوله في مقابلة، “أعتقد أنه إلى أن يحين الوقت الذي نعقد فيه اجتماعاً مع رئيس الاتحاد الروسي… فلا يمكنكم حقاً فهم ما هم مستعدون لفعله لوقف الحرب، وما هم مستعدون لفعله إذا لم نكن مستعدين لهذه التسوية، أو تلك”.
وتسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا في مقتل الآلاف ونزوح ربع سكانها البالغ عددهم 44 مليوناً. وتتوقع ألمانيا أن يصل عدد اللاجئين إلى عشرة ملايين في الأسابيع المقبلة.
كما قال زيلينسكي في مقابلة مع قنوات تلفزيون عامة من دول أوروبية، إنه لن يكون ممكناً اتخاذ قرار في اجتماع من هذا القبيل بشأن ما ينبغي عمله إزاء “الأراضي المحتلة” في أوكرانيا.
وأضاف، “أنا على استعداد في اجتماع مع رئيس روسيا أن أثير قضية الأراضي المحتلة، لكنني على يقين بأن هذا الاجتماع لن يتمخض عن حل (لها)”.
زيلينسكي يرفض الإنذار الروسي ويتحدث عن استفتاء
وفي اليوم السادس والعشرين من الهجوم الروسي على أوكرانيا، تواصلت عمليات القصف على عدد كبير من المدن منها كييف وخاركيف وماريوبول وأوديسا وميكولايف.
وقال الرئيس الأوكراني، مساء الاثنين، خلال مقابلة مع وسيلة إعلامية أوكرانية عامة إن أي “تسوية” في إطار المفاوضات مع روسيا لوضع حد للنزاع ستعرض على استفتاء شعبي في أوكرانيا.
وأعلن، في مقابلة مع وسيلة إعلام رسمية محلية، أن بلاده “لا تقبل بأي إنذار روسي”، مضيفاً أن مدناً مثل كييف وماريوبول وخاركيف لن تقبل الغزو الروسي. وأضاف أن “أوكرانيا لا تقبل بأي إنذار روسي. يجب أن يدمرونا أولاً، عندئذ ستنفذ إنذاراتهم”.
بايدن: بوتين يدرس استخدام أسلحة كيمائية وبيولوجية
من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن الإثنين إن الاتهامات الروسية بأن كييف تملك أسلحة بيولوجية وكيمائية زائفة وتوضح أن الرئيس الروسي يفكر في استخدامها في حربه ضد أوكرانيا. ولم يستشهد بايدن بأدلة على ما قاله.
وأضاف بايدن في حدث نظمته رابطة (المائدة المستديرة للأعمال) “ظهر بوتين بات إلى الحائط والآن يتحدث عن حجج واهية جديدة منها، التأكيد على أننا في أميركا لدينا أسلحة بيولوجية وكيمائية في أوروبا، وهذا ليس صحيحاً”.
ومضى يقول “إنهم يشيرون أيضاً إلى أن أوكرانيا تملك أسلحة بيولوجية وكيمائية. وهذه علامة واضحة على أنه يفكر في استخدام كلتيهما”. وقال بايدن إن روسيا ربما تخطط لشن هجوم إلكتروني على الولايات المتحدة.
وجاءت هذه التصريحات تكراراً لتعليقات سابقة أدلى بها مسؤولون في واشنطن ودول حليفة، قالوا فيها إن نشر روسيا مزاعم من دون أدلة عن امتلاك أوكرانيا برنامج أسلحة بيولوجية، يعتبر توطئة لاحتمال شنها هجمات بيولوجية أو كيميائية.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية، من دون أن تسوق أدلة، كييف بالتخطيط لشن هجوم كيميائي على شعبها كي تتهم موسكو باستخدام أسلحة كيميائية.
العلاقات الروسية الأميركية على وشك الانهيار
وكانت وزارة الخارجية الروسية استدعت، الإثنين 21 مارس (آذار)، السفير الأميركي جون سوليفان لإخباره بأن تصريحات الرئيس الأميركي بشأن نظيره الروسي دفعت العلاقات بين البلدين إلى حافة الانهيار.
وقال بايدن الأسبوع الماضي إن بوتين “مجرم حرب” بسبب إرساله عشرات الآلاف من القوات إلى أوكرانيا.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، “مثل هذه التصريحات من جانب الرئيس الأميركي، التي لا تليق برجل دولة بهذه المكانة العالية، تضع العلاقات بين روسيا وأميركا على حافة الانهيار”.
ووصف الكرملين، في وقت سابق، التصريحات بأنها “إهانات شخصية” لبوتين. وقالت الوزارة لسوليفان إن التصرفات العدائية ضد روسيا ستلقى “رداً حاسماً وحازماً”.وأرسلت روسيا عشرات الآلاف من القوات إلى أوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، في ما وصفته بعملية خاصة لتدمير القدرات العسكرية لجارتها الجنوبية، والقضاء على من تصفهم بالقوميين الخطيرين.
جولة أوروبية
وبدأ الرئيس الأميركي أسبوعاً مكثفاً من النشاط الدبلوماسي يقوده الأربعاء في جولة أوروبية تهدف إلى الحفاظ على وحدة الغربيين في مواجهة روسيا منذ غزوها أوكرانيا وجس مواقفهم بشأن الصين.
وسيعقد بايدن ونظراؤه من أوروبا وقادة دول حليفة قمة استثنائية لحلف شمال الأطلسي واجتماعاً لمجموعة السبع، إضافة إلى قمة للاتحاد الأوروبي دعي إليها الرئيس الأميركي.
ومن المقرر أن يسافر بايدن يومي الجمعة والسبت إلى بولندا التي تشهد تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين. وقد هجر عشرة ملايين أوكراني، أي أكثر من ربع سكان البلاد، ديارهم حتى الآن.
ولا ينص حالياً جدول أعماله سوى على اجتماع مع نظيره البولندي أندريه دودا، ما يثير تكهنات في شأن إمكان وجود التزامات أخرى للرئيس الأميركي، علماً أن البيت الأبيض سبق أن استبعد فرضية أن يزور بايدن الأراضي الأوكرانية.
الاتحاد الأوروبي سيؤسس قوة رد سريع
وسط ذلك، اتفق وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على استراتيجية أمنية تهدف إلى تعزيز الحضور العسكري للتكتل مع عودة الحرب إلى أوروبا، تتضمن إنشاء قوة للرد السريع يصل قوامها إلى خمسة آلاف جندي يمكن نشرهم بسرعة في حالة الأزمات.
وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “التهديدات تتزايد وتكلفة الجمود واضحة”، واصفاً الوثيقة التي ترسم معالم الطموحات الأوروبية في الدفاع والأمن بحلول عام 2030 بأنها “مبادئ إرشادية للعمل”.
وكان العمل قد بدأ لوضع الاستراتيجية في عام 2020 قبل تفشي الجائحة والانسحاب الفوضوي من أفغانستان واندلاع حرب أوكرانيا. وبعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، شدد الاتحاد الأوروبي لهجته تجاه موسكو.
وقال بوريل، في بيان، “الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى أن يكون قادراً على حماية مواطنيه والمساهمة في السلم والأمن الدوليين”. وأضاف “هذا أمر مهم للغاية في وقت تعود فيه الحرب إلى أوروبا بعد العدوان الروسي غير المبرر على أوكرانيا، بالإضافة إلى التحولات السياسية الكبرى”.
في الوقت نفسه، أوضح الاتحاد الأوروبي أنه يرى جهوده مكملة لعمليات حلف شمال الأطلسي ولا تهدف إلى التنافس مع التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة باعتباره ركيزة الدفاع الغربي.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت في بروكسل إن بلادها مستعدة لتوفير النواة الأساسية لقوة الرد السريع بحلول عام 2025، وهو العام الذي من المفترض أن تصبح فيه القوة جاهزة للعمل.
وستحل القوة محل المجموعات القتالية القائمة التي أسسها التكتل عام 2007 لكنها لم توضع موضع الاستخدام قط. واكتسبت خطط الإصلاح الدفاعي زخماً ملحوظاً بعد أن واجهت الدول الأوروبية متاعب جمة في إدارة الانسحاب الفوضوي من كابول في أغسطس (آب).
ومن المتوقع أن يقر زعماء الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية الأمنية، التي يشار إليها بالبوصلة الاستراتيجية، في قمة تعقد يومي الخميس والجمعة في بروكسل.
كييف تدعو بكين إلى لعب “دور مهم”
في الأثناء، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الصين إلى “لعب دور مهم” لإيجاد حل للنزاع بين بلاده وروسيا.
وكتب الوزير على “تويتر”، الاثنين، “منذ عقود، ترتكز العلاقات الأوكرانية الصينية على الاحترام المتبادل والتفاهم. نتشارك موقف بكين بشأن ضرورة إيجاد حل سياسي للحرب على أوكرانيا، وندعو الصين كقوة دولية إلى لعب دور مهم في هذه الجهود”.
وسبق أن دعا المسؤول الأوكراني الذي يقود المفاوضات مع روسيا ميخايلو بودولياك الصين الأسبوع الماضي إلى اتخاذ موقف و”إدانة الهمجية الروسية”.
يكافحون من أجل البقاء
في هذا الوقت، أشاد الأمير البريطاني ويليام بالأوكرانيين الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في بلادهم، بعد أن زار هو وزوجته كيت معسكر تدريب للجيش البريطاني في غابات “بليز” خلال جولة تستمر أسبوعاً في منطقة البحر الكاريبي.
وتحدث الأمير ويليام، الطيار السابق في سلاح الجو الملكي البريطاني، عن حماية الديمقراطية، وأشار إلى انضمام “بليز” لدول كثيرة في التنديد بالهجوم الروسي على أوكرانيا. وقال الأمير ويليام خلال عشاء رسمي على أرض محمية “كاهال بيتش” الأثرية مع رئيس وزراء “بليز” جون أنطونيو بريسينيو، “اليوم نفكر في أولئك الذين يكافحون في أوكرانيا، ونتضامن معهم”.
وتتزامن زيارة دوق ودوقة كامبردج للدولة الواقعة في أميركا الوسطى مع احتفال الملكة إليزابيث بمرور 70 عاماً على توليها العرش.
والتقى ويليام وكيت في معسكر التدريب بعسكريين من بريطانيا و”بليز”، وعرض القائمون على المعسكر على الأمير البريطاني أساليب التكيف والبقاء التي يستخدمها الجنود.
ويغادر ويليام وكيت “بليز”، اليوم الثلاثاء، لتقودهما الرحلة إلى جامايكا وجزر الباهاما.
حول كييف
ووصل النزاع في أوكرانيا إلى العاصمة كييف حيث استهدف قصف روسي مركزاً تجارياً، ما أسفر عن ثمانية قتلى في الأقل، في حين وصف الاتحاد الأوروبي، الاثنين، عمليات تدمير مدينة ماريوبول المحاصرة بأنها “جريمة حرب كبرى”.
في اليوم السادس والعشرين من الهجوم الروسي على أوكرانيا، تواصلت عمليات القصف على عدد كبير من المدن منها كييف وخاركيف وماريوبول وأوديسا وميكولايف.
وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو حظر تجول في العاصمة من الساعة 20.00 (18.00 ت غ) وحتى الساعة 07.00 (05.00 ت غ) من يوم الأربعاء. ودعا السكان إلى وضع كمامات وعدم فتح النوافذ بسبب تلوث الهواء الناجم عن الحرائق التي تندلع إثر عمليات القصف.
وأشار معهد الدراسات الأميركي Institute for the study of war إلى أن الروس “لم يحققوا تقدماً كبيراً” الأحد، لكنهم “يحضرون لنشر مزيد” من المدفعية حول العاصمة.
وبحسب وزارة الدفاع البريطانية، فإن الجيش الروسي الذي يحاول تطويق كييف، “توقف” في شمال شرقي المدينة وجرى “صده من جانب مقاومة أوكرانية شرسة” في الشمال الغربي.
واستنكر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، الاثنين، عمليات التدمير التي ارتكبها الجيش الروسي بشكل عشوائي في مدينة ماريوبول ووصفها بأنها “جريمة حرب كبرى”.
وزير الدفاع الأوكراني: تصرفات روسيا إرهاب دولة
وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، الاثنين، إن روسيا تمارس إرهاب الدولة في أوكرانيا وستهاجم دولاً أخرى.
وقال ريزنيكوف، الذي كان يتحدث إلى جانب وزير الدفاع البريطاني بن والاس خلال زيارة إلى لندن، إن 150 طفلاً أوكرانياً لقوا مصرعهم منذ بداية الهجوم الروسي، وتم تدمير 400 مدرسة وروضة أطفال وأكثر من 110 مستشفيات.
وأضاف ريزنيكوف “هذا إرهاب دولة. لذلك لا بد من إيقاف الكرملين، لأنه سيذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. سيهاجم دولاً أخرى”. ولم يذكر ريزنيكوف أي دليل لدعم تأكيداته. وتنفي روسيا استهداف المدنيين.
“اختطاف” ثلاثة إسرائيليين
واتّهمت الحكومة الأوكرانية الإثنين القوات الروسية باختطاف ثلاثة إسرائيليين في مدينة ميليتوبول في جنوب شرق أوكرانيا.
وقالت إيرينا فيريشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني في منشور على فيسبوك “اختطف المحتلّون الروس اليوم في ميليتوبول ثلاثة مواطنين إسرائيليين هم تاتيانا كوموك ووالداها فيرا وميخائيل كوموك”، بحسب تعبيرها.
ووُصف ميخائيل كوموك بأنه “ناشر” وصاحب شركة، لكن السلطات الأوكرانية لم تعط أي تفاصيل أخرى.
تحذير من مجاعة
وفيما أعلنت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 6.5 مليون شخص شردوا داخل أوكرانيا في نتيجة مباشرة للحرب، مستشهدة بتقصٍّ للأمر أجرته في الفترة من التاسع إلى 16 مارس (آذار)، تهدد الحرب في أوكرانيا بالتسبب في مجاعة في أجزاء من العالم بسبب مكانة البلدين كمصدرين رئيسين للمنتجات الزراعية، على ما حذر وزراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين.
ويعمل الاتحاد الأوروبي على وضع خطة لزيادة مساحة أراضي الكتلة التي يمكن تخصيصها للإنتاج الزراعي وتخفيف قيود استيراد الأعلاف الحيوانية والبحث في تقديم المزيد من المساعدات المباشرة لمزارعي الاتحاد الأوروبي، على ما أفاد وزراء الزراعة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أثناء توجهه إلى اجتماع منفصل مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن الصراع “سيجلب قريباً خطر المجاعة”، ما يؤثر في الأمن الغذائي ليس في أوروبا فحسب بل في أنحاء العالم.
المصدر: وكالات/اندبندنت عربية