دعت الباحثة كيت كايز في مقال بموقع معهد “كوينسي ريسبونسبل ستيتكرافت” الإدارة الأمريكية إلى معاقبة الإمارات، التي تحولت إلى “ملاذ آمن للأثرياء الروس لتبييض مالهم الوسخ”.
وأشارت الكاتبة إلى أن قرار الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بغزو أوكرانيا أدى إلى تحفيز الدول الغربية على إطلاق حملة شاملة لعزله ومطاردة الأصول المالية غير المشروعة لحاشيته.
وقالت إن ذلك دفع “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” للإعلان عن برنامج عالمي جديد لمكافحة الفساد يهدف إلى توسيع قدرة صحفيي التحقيقات والمجتمع المدني على التنقيب في البيانات الكبيرة، التي أصبحت بشكل متزايد مصدرا حيويا للأدلة التي يحتاجها كل من المسؤولين عن العقوبات وإدارات البنوك.
وأكدت أنه في حين تتطلع جميع الأعين لعمليات مصادرة يخوت الأثرياء الروس وملاحقتهم، فهناك تطور كبير آخر له تداعيات على فساد “بوتين”، فقبل أيام، أضافت “مجموعة العمل المالي” (وهي منظمة حكومية دولية لمكافحة غسيل الأموال والتمويل غير المشروع) دولة الإمارات لـ “القائمة الرمادية” لغسيل الأموال، في ضربة كبيرة لسمعة الإمارات كشريك مسؤول.
وقالت الكاتبة إنه بالرغم أن المسؤولين الإماراتيين يتباهون بالتزام بلادهم المستمر بالعمل مع “مجموعة العمل المالي”، فإن وضع الإمارات على “القائمة الرمادية” يجرح الصورة التي تصدّرها دبي باعتبارها بيئة “صديقة للشركات” ومنخفضة المخاطر، كما أن تكثيف العقوبات الدولية ضد النخبة الأوليغارشية الروسية والإرهابيين وأقطاب الجريمة الآخرين الذين يركزون أصولهم في دبي يرفع الخطورة.
واعتبرت الكاتبة أن الإضافة إلى القائمة تعني أيضًا زيادة التدقيق ومراقبة التزام الإمارات بالسياسات التصحيحية التي أعلنت عنها ردا على انكشاف حقائق حول دور دبي كمركز لغسيل “أموال الدم” وتمويل الإرهاب والمكاسب غير المشروعة القادمة من الخارج.
وترى الكاتبة أن هذه المراقبة ستكون ضرورية لتحديد ما إذا كانت هذه الالتزامات تؤدي إلى خطوات ذات مغزى نحو إنهاء دور دبي كملاذ ضريبي عالمي، أم أنها مجرد إصلاحات ظاهرية.
ونوهت إلى كل من “جودي فيتوري” و”ماثيو ت. بيج” (وهما اثنان من باحثي مكافحة الفساد في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي) قاما بتوثيق مدى جوهرية الفساد في الاقتصاد السياسي لدولة الإمارات، وأنه “خاصية تميز الاقتصاد السياسي في دبي وليس خللًا”.
وأشارت إلى أن دبي تعتبر مركزا للفساد وغسيل الأموال والاتجار بالبشر وملاذا ضريبيا وموطنا لكثير من الشركات على الورق.
وتجلى ذلك في انكشاف تورط الإمارات مع دول خليجية أخرى (جنبا إلى جنب مع البنوك الغربية) في صفقة غسيل أموال مع صندوق الثروة السيادي في ماليزيا.
وبعد هذا التمهيد، تتساءل الكاتبة عن علاقة هذا بروسيا وغزوها لأوكرانيا؟ لتجيب بالتأكيد على أن الإمارات هي واحدة من الملاذات الآمنة القليلة للأوليغارش الروس وثرواتهم.
وأشارت الكاتبة إلى أن “الإمارات تسعى لتجنب انتقاد غزو فلاديمير بوتين غير الشرعي لأوكرانيا، بعد أن اتفقت قبل عامين على استثمار المليارات في الشركات التي تواصل الولايات المتحدة وشركاؤها عبر الأطلسي فرض العقوبات عليها”.
وأكدت أنه لهذا السبب فإن تصنيف “مجموعة العمل المالي” للإمارات مهم جدًا: فهذه مرة من المرات القليلة في الذاكرة الحديثة التي تضع فيها هيئة دولية ضغوطًا حقيقية – وما يشبه مساءلة مالية محتملة – على دولة الإمارات لتنفيذ إصلاحات ذات مغزى.
وتضيف أنه في الحقيقة فإن دبي كان يُنظر إليها على أنها “مخاطرة منخفضة” طالما تواصل إيهام الولايات المتحدة بأن التحالف معها يقدم فوائد أكثر من المساءلة.
وأكدت أنه كما يتطلب التعامل مع “بوتين” وحاشيته معالجة فساد النخب في الولايات المتحدة؛ فإن تقويض نفوذ مجرمي الحرب وأقطاب الجريمة والأوليغارش الروس على مستوى العالم يستلزم محاسبة الولايات المتحدة لأي دولة تدعي أنها “حليف” بينما تساعد هؤلاء المجرمين.
لكنها تقول إنه نتيجة هوس واشنطن وبقية أوروبا بمكافحة الإرهاب منذ عقدين، أصبحت المساءلة مفهومًا نادرًا في العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والإمارات بغض النظر عن الحزب الذي يجلس في البيت الأبيض.
وغالبًا ما يتم التقليل من أهمية انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب، بزعم الاستفادة من تشارك المعلومات الاستخبارية والحفاظ على نفوذ مبهم لن يتم استخدامه أبدًا في الواقع.
وتشير الباحثة إلى أنه بدلًا من ذلك، أصبحت الإمارات بمثابة “إسبرطة صغيرة” داخل واشنطن عبر تبرعات هائلة للمؤسسات الفكرية والحملات السياسية وتوظيف العسكريين الأمريكيين السابقين، بما في ذلك وزير الدفاع السابق “جيمس ماتيس”، كمستشارين للتدريب.
لكن بغض النظر عن الصورة التي تحاول الإمارات عكسها، فإن الحقيقة واضحة في توظيفها للعسكريين الأمريكيين السابقين وأعضاء ميليشيا الجنجويد السودانية.
كما شنت الإمارات العديد من العمليات في واشنطن للتأثير على السياسة الفيدرالية والانتخابات الأمريكية.
وأشارت الكاتبة إلى أن الإمارات كانت الفاعل الرئيسي وراء إجهاض الحركات الشعبية المطالبة بالكرامة والعدالة في جميع أنحاء المنطقة.
وشددت على أنه إذا كانت واشنطن جادة فعلًا في رغبتها في تقويض قدرة النخبة الأوليغارشية على السيطرة على العالم، سواء من خلال الأسلحة النووية أو أسعار النفط، فيجب أن تصبح جادة ليس فقط في تنظيف جبهتها، ولكن أي بلد يزعم أنه شريك أو حليف حاسم.
وأضافت أنه إذا لم تفعل ذلك، فستواصل الأقلية الأوليغارشية والحكام المستبدون إثارة الاضطرابات، وستصبح السمة العامة في العالم هي الإفلات من العقاب بفضل السياسة الخارجية الأمريكية التي تغذي هذا الخلل بدلًا من أن تواجهه.
المصدر: “القدس العربي”