الكاتبة جزائرية، هي ربيعة جلطي، والرواية تتحدث عن بلد عربي مغاربي ما، من خلال رصد حياة بطلة الرواية أندلس. تبدأ الرواية بلسان بطلة الرواية أندلس التي تتحدث بها عن وقائع حياتها، مبتدئة بطفولتها مترصدة الأقرباء والأهل المحيطين بها، وتحدثنا عن عمتها زهيّة الفتاة الجميلة والمتمكنة من نفسها والتي تعمل في أحد دوائر الدولة المهمة. زهية المرحة العاقلة المتفاعلة مع محيطها، الممتلئة بمعاناتها مما تراه في دوائر المسؤولين، حيث تعيد تفريغ معاناتها النفسية يوميا باختراع اشكال ومجسمات للمسؤولين، وتبدأ محاسبتهم على أخطائهم وفسادهم وقلة أخلاقهم وموت ضميرهم. الكل يحب زهيّه ويحاول التقرب منها وحتى طلبها للزواج، وزهيه لا تقبل بالطالبين رغم غناهم وسلطتهم وسطوتهم. زهيه تتزوج بحبيبها الذي يعمل صيادا في البحر، احبته وأحبها وغادرت كل شيء والتحقت به لتبني اسرة ترضى عنها. اندلس تعيش في بيت جدتها التي تحمل اسمها، الجدة التي هي بمثابة الأم لها، أندلس انفصلت عن أمها بعد ولادتها، امها وابوها انفصلا قبل ولادتها، جدتها ترعاها في كل شيئ وتصنع داخلها نموذجا للإنسان المحترم لنفسه والمنتمي للخير ونموذج المرأة المتميزة المحبوبة المرغوبة، الاب وحيد اهله نموذج للإنسان المنفتح على الحياة والمزواج، كان من الثوار، وجدّها لوالدها استشهد في الثورة أيام عبد القادر الجزائري. اندلس تتعلم وتتميز وتكون قبلة لمن حولها من الشباب والبنات، وتكون مسار حسد لبعض الفتيات اللواتي يغرن من تفوقها ويغطين على تقصيرهم وانحرافهم ايضا. من زميلاتها ياقوت وسعديه اللتان اخذتا مسار الانحراف الأخلاقي والضياع الاجتماعي، رغم كون ياقوت صارت بمثابة مستشارة عند رأس البلاد. (الزعيم أبو الغلالة). اما سعديه التي صارت طبيبة ولكنها لم تنجح، تحولت لتكون من رواد الحانات. سنتعرف على واقع البلاد الغنية بنفطها ومواردها وفقر الناس وعوزهم، اضطرارهم للمخاطرة بحياتهم في البحر للسفر الى اوربا لبناء حياة أفضل لهم، حيث البلاد لا تقدم لهم فرص العيش او العمل او الكرامة. سندخل عبر ياقوت الى عالم الزعيم رأس البلاد، الإله في ملكه، المتعامل مع الناس كعبيد، يمتلئ وحاشيته بالثروات. أما الشعب فيعيش الفقر والظلم والتخلف. سنتعرف على اهتمامات الزعيم؛ وأهمها مجونه الجنسي الذي تتابعه ياقوت، ثم بداية عجزة الجنسي. لقد أصبح الحاكم أقرب للعنّين، كل اهتمامه كيف يعيد لنفسه طاقته الجنسية، يبدل النساء كما يبدل الملابس، ولا فائده… تحاول ياقوت أن تجد له حلولا ولا تحسّن. يقرر الزعيم ان حل مشكلته هو ان يتزوج اندلس، الفنانة الجميلة النظيفة الاخلاقية النموذجية. تحاول ياقوت أن تحوّل صديقتها سعديه الى نموذج مماثل لأندلس عبر عمليات تجميل تطال كل جسدها ولا فائده. يصر الزعيم على اندلس، يذهب اليها ويعرض عليها أن تكون زوجته والسيدة الاولى، لكن اندلس ترفض، لان لأندلس حبيبا احبته منذ سنوات بعيدة، كان نموذجا للإنسان الفنان المحب الخير نصير الفقراء والمظلومين، تركها وسافر على أن يعود ويتزوجا ولكنه يذهب ولا يعود، يعتقد أنه اعتقل عند النظام وما زالت تنتظره… الزعيم يريد بزواجه من اندلس أن يعيد شرعيته الاجتماعية مع نموذج لإنسانة تحترم إنسانيتها. تعيد إليه قدرته الجنسية وقدرته على الاخصاب والانجاب. وكانت اندلس نموذجا، لكن أندلس رفضت. استمهلها لعدة أيام، وقبل نهاية المهلة سقط الزعيم جراء انقلاب أطاح به، انقلاب غير المجموعة الحاكمة كاملة. وحاء زعيم جديد بطاقم جديد يعيد سيرة الزعيم السابق. ويحلم مثله ان يستحصل على اندلس وينام تحت لوحاتها الفنية في غرفة نومه الموسرة. هنا تنتهي الرواية..
في قراءتها نقول: اننا امام رواية تهجي الحكام جميعا، وتتهمهم بالفساد وسرقة اموال البلاد، وترك الناس ضحية التخلف والفقر والبحث عن الخلاص ولو بالمخاطرة بالهجرة عبر رحلة الموت في البحار. الحكام المنشغلين بـ غرائزهم، الممتهنين للبشر عبر تحويلهم لمجرد ادوات متعه او استغلال. الحكام العاجزين الغير قادرين على الإنجاب (إعطاء والتقدم والحياة الأفضل للشعب).. حكام يظهروا هم وأعمالهم وقدراتهم نموذجا للعجز والعدم.
.رواية قاسية ولا تسكت عن أي مبتذل بقصد فضحه، تفضح الحكام المستبدين ومحاولاتهم أن يخدعوا الشعوب ويروضوها، لكن الشعوب لن تسكت عن حقها بالعيش بكرامة وحرية وعدالة وحياة أفضل.
.الرواية نشرت قبل الربيع العربي بسنة، وهي من مؤشرات وإرهاصات الثورات العربية التي حصلت ومستمرة بالمستقبل حتى تحقق أهدافها.
المصدر: الأيام