بعد ما يقارب الشهرين من تسريب معلومات عن اتفاق يقضي بإطلاق يد ميليشيات إيران في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) برعاية روسية، قامت قوات تابعة لـ”حزب الله” اللبناني بالتغلغل في ريفي الرقة والحسكة، ضمن ما بات يُعرف إعلامياً باسم منطقة شرق الفرات.
وجاء التغلغل الأخير بالتزامن مع معلومات متضاربة عن تحركات مريبة يقوم بها “حزب الله” في محافظة دير الزور، حيث اعتبر البعض أن قوات الحزب تخلي مواقعها في المحافظة بهدف الانتقال كلياً إلى محافظات أخرى، بينما رأى البعض الآخر أن هذه التحركات لا تعدو كونها مجرد محاولة جديدة لإعادة الانتشار، تفادياً للضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الإسرائيلية بين الحين والآخر.
“حزب الله” يدخل مناطق “قسد”!
وذكر تقرير إعلامي سوري أن “حزب الله” أرسل قرابة 75 عنصراً برفقة عتادهم الميداني نحو مناطق نفوذ “قسد” شرق الفرات، للانتشار في ريفي الرقة والحسكة.
وأضاف التقرير أنه تم تجهيز العناصر خلال اليومين الماضيين، إذ جرى استبدال، بشارة التعريف الخاصة بالميليشيات، شارات تعريف قوات الجيش السوري وزيها، بالإضافة إلى البطاقات العسكرية بهدف عدم الكشف عن هوية العناصر.
ونشرت “شبكة نداء الفرات” صوراً لتلك العناصر في محيط بلدة مسكنة الواقعة على طريق حلب – الرقة على الحدود الإدارية بين الرقة وحلب، بهدف التوجه نحو مناطق سيطرة “قسد” شرق الفرات.
وكانت الشبكة نفسها قد نشرت خبراً يوم السبت عن انتشار الميليشيات الإيرانية المتمثلة بـ”حزب الله” و”حركة النجباء”، مع أسلحة متوسطة وثقيلة تحت راية الجيش السوري في منطقة عين عيسى وتل تمر وأبو راسين شمال محافظتي الحسكة والرقة.
واعتبر مراقبون أن عملية الانتشار الإيراني شرق الفرات تأتي تحت مظلة النظام السوري وبالتنسيق مع قيادة الحرس الثوري الإيراني وضباط الجيش السوري، للانتشار ضمن مناطق سيطرة “قسد” والبقاء على مقربة قدر المستطاع من القواعد الأميركية.
تنفيذاً لاتفاق إيراني – روسي
وسربت مصادر إعلامية سورية معارضة، مطلع العام الجاري، معلومات عن اتفاق جرى بين روسيا وإيران على توغل عناصر الأخيرة في مناطق “قسد” تحت راية “الفيلق الخامس”، مقابل توغل القوات الروسية في مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية.
وقال موقع “عين الفرات”، في حينه، إن “ميليشيا الفيلق الخامس، بدأت التوغل داخل مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية في منطقة جبل البشري وباديتي المسرب والتبني غرب دير الزور، بعد تنسيق مسبق بين الروس والإيرانيين”.
وأوضح أن آليات الفيلق الخامس توغلت ضمن أرتال نحو بادية المسرب وبادية التبني غرب دير الزور ومنطقة جبل البشري عند الحدود الإدارية بين محافظتي دير الزور والرقة، للقيام بعمليات تمشيط.
وأشار إلى أن القوات الروسية بدأت التنسيق مع “النجباء” العراقية و”فاطميون” الأفغانية، المدعومتين إيرانياً، بعد ضوء أخضر من الحرس الثوري الإيراني.
وتضمن الاتفاق رفع التنسيق بين الروس والإيرانيين حول الغارات التي تنفذها الطائرات الروسية في البادية السورية عامة، وبادية دير الزور خاصة، لتجنب وقوع أخطاء بشرية في ظل الانتشار الإيراني في البادية.
“حزب الله” يخلي مواقعه في دير الزور!
في موازاة تحرك “حزب الله” على خط التغلغل في مناطق “قسد”، تواترت معلومات صحافية عن مواصلة الحزب إخلاء مواقعه ومقاره في محافظة دير الزور، وذلك منذ منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وبدأت عمليات الإخلاء مع خروج قوات “حزب الله” من مقرها في حي الجمعيات في مدينة البوكمال، إذ نقلت محتويات المقر وعناصره إلى جهة مجهولة. وأعقب ذلك، في الأسبوع الأول من العام الجاري، إخلاء كل مقار الحزب في حي هرابش ضمن مدينة دير الزور، وكذلك إخلاء مبنى التنمية الريفية الذي كان يعتبر بمثابة المقر المركزي للحزب، مع الإشارة إلى أن العناصر الذين كانوا فيه من حملة الجنسية اللبنانية.
وأخلت قوات الحزب يوم الجمعة أكبر مقارها في مدينة الميادين، الواقع في حي الصناعة، وسلمته إلى ميليشيا “الحرس الثوري”، بينما نُقلت المعدات والعناصر إلى مدينة دير الزور تمهيداً لنقلهم إلى جهة غير معلومة.
وقد أكدت شبكة “نهر ميديا” المحلية معلومات الإخلاء، فذكرت في تقرير مقتضب أن “ميليشيا حزب الله اللبناني نقلت سواتر الحديد من مقرها القديم في التنمية الريفية في حي هرابش في مدينة دير الزور، إلى مقر جديد على أطراف بلدة المريعية شرق المدينة”.
وأضافت الشبكة أن الميليشيا بدأت تحصين الموقع الجديد ووضع الستائر الحديدية حوله لاتخاذه مقراً مركزياً لها في دير الزور وريفها الشرقي. ولفتت إلى أن الميليشيات الإيرانية أجرت أخيراً تغييرات عدة لمقارها في دير الزور لأسباب عديدة، أهمها الخوف من الاستهدافات المتكررة من طيران التحالف والطيران الإسرائيلي.
وكانت الشبكة نفسها قد ذكرت منتصف العام الماضي، في تقرير موسع حول انتشار الميليشيات الإيرانية في دير الزور، أن “ميليشيا حزب الله تنتشر في منطقة الحزام الأخضر جنوب مدينة البوكمال شرق دير الزور، وتتخذ من حي الجمعيات في المدينة مربعاً أمنياً لها”. وأضافت: “تنتشر الميليشيات كذلك في منطقة الشبلي ومزار الشيخ أنس شرق مدينة الميادين، كما تملك مقراً خاصاً يحمل اسم “فرع المعلومات والتجسس” لمراقبة الاتصالات والرسائل التي عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك في حي الصناعة داخل مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي”.
المصدر:النهار العربي