أغارت طائرات إسرائيلية مجدداً، في الساعات الأولى من فجر أمس الأربعاء، على أهداف عسكرية يُعتقد أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني في محيط العاصمة السورية دمشق.
وطاول القصف هذه المرة مركزاً علمياً في جمرايا لطالما كان هدفاً للغارات الإسرائيلية.
ونقلت وكالة أنباء النظام الرسمية “سانا” عن مصدر عسكري لم تسمّه أنه “حوالي الساعة 12:56 (من فجر الأربعاء)، نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه جنوب شرقي (العاصمة اللبنانية) بيروت، مستهدفاً بعض النقاط في محيط مدينة دمشق”.
وأضاف المصدر العسكري أن جيش الاحتلال “عاد ونفّذ عند الساعة 1:10 عدواناً بصواريخ أرض – أرض من الجولان السوري المحتل”. وأعلن المصدر في وقت لاحق، عن مقتل جندي وإصابة خمسة آخرين في الهجوم الإسرائيلي.
واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه المرة بأنه استهدف بطاريات صواريخ دفاع جوي وراداراً خلال الهجوم المذكور. وذكر الجيش، في تغريدة على حسابه في “تويتر”، أنه “رداً على إطلاق صاروخ مضاد للطائرات من سورية في وقت سابق الليلة، قمنا بضرب أهداف لصواريخ أرض ـ جو في سورية، تشمل راداراً وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات”.
وفي موازاة الغارات، كشف تقرير للمراسل العسكري لهيئة البث الإسرائيلية العامة “كان 11″، أن روسيا فعّلت، خلال الهجوم، منظومات دفاعية إلكترونية متطورة من قواعدها في اللاذقية، أدت إلى تشويش عمل أجهزة “جي بي أس” (نظام تحديد المواقع العالمي).
تكرار الاستهداف الإسرائيلي لجمرايا
وكانت لافتة معاودة الطيران الإسرائيلي استهداف مركز جمرايا للبحوث العلمية، الواقع شمال غربي دمشق، خلف جبل قاسيون المطلّ على العاصمة.
وتتموضع بالقرب من مركز جمرايا العديد من القطع العسكرية التابعة لقوات النظام، أبرزها قيادة الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، وبعض الألوية التابعة لها، ومنها اللواء 105 المتمركز شرقي منطقة دمّر البلد، خلف جبل قاسيون، الذي يُعتقد أنه يضمّ أكثر المراكز العسكرية سرية لدى وزارة الدفاع في حكومة النظام.
وسبق أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية في إبريل/ نيسان 2017، عقوبات على عاملين في مركز جمرايا، موضحةً في بيان، أن “إدارة مراقبة الأصول الأجنبية أدرجت على قائمة العقوبات 271 موظفاً يعملون في معهد البحوث في جمرايا التابع للحكومة السورية، المسؤول عن تحضير أسلحة دمار شامل ووسائل إيصالها”.
وخلال سنوات الثورة السورية التي انطلقت في عام 2011 استهدف الطيران الإسرائيلي مركز جمرايا مرات عدة، أهمها في 31 يناير/ كانون الثاني عام 2013، وفي 5 مايو/ أيار من العام نفسه.
كما قصف الطيران الإسرائيلي المركز الذي تأسس في ثمانينيات القرن الماضي، في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2017، وفي فبراير/ شباط 2018.
ويحيط النظام السوري هذا المركز ومراكز علمية أخرى بجدار من السرية الكاملة، ويخضع لإجراءات أمنية مشددة، كما يضمّ خبراء وضباطاً ومهندسين هم على درجة عالية من الولاء للنظام السوري.
وعلى الرغم من ذلك، دأب الطيران الإسرائيلي على استهداف جمرايا ومراكز أخرى في حي برزة الدمشقي، وفي منطقة مصياف في ريف حماة الغربي، وفي منطقة السفيرة في ريف حلب الجنوبي الشرقي.
وتنتج هذه المراكز وتطور الأسلحة المحرمة الدولية، التي قصف بها النظام السوري مدناً وبلدات سورية مئات المرات مرتكباً فيها المجازر.
وتصنع هذه المراكز البراميل المتفجرة التي دمّرت مدناً وأحياء وتسببت بمقتل عشرات آلاف السوريين على مدى أكثر من عشر سنوات، إذ استخدمها النظام على نطاق واسع في ريف دمشق وفي حلب وإدلب.
قصف “أهداف مرتبطة بإيران”
وتشنّ إسرائيل هجمات من حين إلى آخر على ما تصفها بأنها “أهداف مرتبطة بإيران في سورية”.
وآخر قصف إسرائيلي حصل في اليوم الأخير من الشهر الماضي، وطاول أهدافاً في محيط العاصمة السورية دمشق، تحديداً في منطقة القطيفة، التي تضم العديد من الألوية العسكرية التابعة للنظام، يُعتقد أنها تحولت إلى مقرات للحرس الثوري الإيراني.
وأغارت طائرات إسرائيلية على ميناء اللاذقية، على ساحل المتوسط، مرتين في شهر ديسمبر الماضي، حيث يُعتقد أن إيران تستخدم الميناء لإيصال أسلحة إلى سورية ولبنان.
ويُظهر القصف الإسرائيلي المتكرر على عدة مناطق سورية، خصوصا في محيط دمشق، أن تل أبيب تراقب عن كثب التحركات الإيرانية في سورية.
وحول الغارة الإسرائيلية الأخيرة، أوضح الباحث في مركز “جسور” للدراسات وائل علوان أن “مركز بحوث جمرايا من أهم المراكز التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني”.
وأضاف في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هناك خبراء إيرانيين وعراقيين موجودون بشكل دائم في هذا المركز”.
وكشف عن حصول “عمليات تطوير للأنظمة الصاروخية داخل هذا المركز”، مشيراً إلى أنه تجري أيضاً عمليات حقن مواد كيميائية في صواريخ إيرانية الصنع، يُحتفظ بها في سراديب محصنة تحت الأرض.
وتابع علون: “تضرب الطائرات الإسرائيلية دائماً مواقع ذات خطر استراتيجي على الأمن الإسرائيلي، مثل الرادارات وأنظمة التوجيه عن بعد للصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، وأنظمة الطيران المسيّر”.
ولفت إلى أن مركز برزة قُصف أكثر من مرة بسبب الاعتقاد بتطوير الأسلحة الكيميائية فيه، لكنه لم يُقصف منذ سنوات لأنه لم يعد من المراكز الرئيسية، كما قُصف مركز مصياف لأنه يتضمن قسماً لأنظمة التوجيه الحراري للصواريخ.
وأشار علوان إلى أن معامل الدفاع في بلدة السفيرة “تضم خبراء إيرانيين، وقُصفت عدة مرات”، موضحاً أن كل هذه المراكز تحولت لخدمة تطوير الصناعات الدفاعية والهجومية للجانب الإيراني، لذلك تقصف بشكل مستمر من قبل الطيران الإسرائيلي.
المصدر: العربي الجديد