انطلقت صباح اليوم السبت، أعمال “ندوة سورية إلى أين؟”، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات قُوَى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة.
وبدأت الجلسة، بكلمة لرئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب، رحَّب فيها بالحضور، وتطرق خلالها إلى مختلف جوانب الملف السوري، والأوضاع التي تمر بها البلاد في مختلف مناطق السيطرة والنفوذ.
وقال حجاب: “أُرَحِّبُ بِكُمْ جَمِيعًا فِي نَدْوَةِ “سُوريَةُ إِلَى أَيْنَ؟” وَالَّتِي تَنْعَقِدُ بِالتَّزَامُنِ مَعَ مَا تَمُرُّ بِهِ السّاحَةُ السّوريَّةُ مِنْ تَحَوُّلاتٍ كَبيرَةٍ، بَعْدَ انْقِضاءِ عَقْدٍ مَريرٍ، دَفَعَ الشَّعْبُ السّوريُّ، فِيهِ ثَمَنًا بَاهِظًا لِنَيْلِ حُرّيَّتِهِ وَكَرامَتِهِ، حَيْثُ حَوَّلَ عُنْفُ النِّظامِ وَإِجْرامُهُ السّاحَةَ السّوريَّةَ مِنِ: احْتِجاجاتٍ شَعْبيَّةٍ ذَاتِ طابَعٍ سِلْميٍّ، إِلَى حالَةٍ مُسْتَعْصيَةٍ مِنْ الِاسْتِقْطابِ الدَّوْليِّ”.
وأضاف: “عَلَى الرَّغْمِ مِمَّا آلَتْ إِلَيْهِ أَوْضاعُ السُّورِيِّينَ اليَوْمَ؛ إِلَّا أَنَّنَا أَشَدُّ إِصْرَارًا، مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى، عَلَى تَحْقيقِ المَطالِبِ العادِلَةِ لِشَعْبِنَا، وَتَعْزيزِ هُوِيَّتِنا الوَطَنيَّةِ الجامِعَةِ، والتَّوَصُّلِ إِلَى عَمَليَّةٍ انْتِقاليَّةٍ لَا مَكانَ فِيهَا لِبَشّارِ الأَسَدِ ونظامِهِ، وَعَلَى تَوْحيدِ كَلِمَتِنا فِي سَبيلِ مُحاسَبَةِ الجُناةِ وَتَحْقيقِ العَدالَةِ بِحَقِّهِمْ، وَضَمانِ عَدَمِ إِفْلاتِهِمْ مِنْ العِقابِ”.
وتابع: “لِذَلِكَ فَإِنَّنَا نَجْتَمِعُ فِي هَذِهِ النَّدْوَةِ، لِتَقْيِيمِ عَمَلِنا، وَتَصْحيحِ الأَخْطاءِ اَلَّتِي وَقَعْنَا فِيهَا خِلالَ مَسيرَتِنا الشّاقَّةِ لِتَحْقِيقِ دَوْلَةٍ ديمُقْراطيَّةٍ حُرَّةٍ مُوَحَّدَةٍ، تَقومُ عَلَى أَساسِ سيادَةِ الْقَانُونِ وَحَقِّ الجَميعِ فِي التَّعْبيرِ، والتَّمَتُّعِ بِحُقُوقِ المواطَنَةِ المتساويةِ، وَواجِباتِها دُونَ تَمْييزٍ”.
كما أشار إلى “أَنَّ الِادِّعاءَ بِأَنَّ بَشّارَ الأَسَد، قَدِ انْتَصَرَ عَلَى الشَّعْبِ السّوريِّ، أَبْعَدُ مَا يَكونُ عَنِ الحَقيقَةِ، إِذْ يُعَانِي نِظامُهُ مِنْ خَسائِرَ فادِحَةٍ عَلَى شَتَّى الصُّعُدِ، وتَتَعَثَّرُ مُحاوَلاتُ اَلتَّطْبيعِ أَمَامَ: تَفَشّي الفَسادِ، وَسوءِ الإِدارَةِ، والتَّدَهْوُرِ الأَمْنيِّ والِاقْتِصاديِّ، وَفُقْدانِ القيَمِ الأَخْلاقيَّةِ والْإِنْسانيَّةِ، وَتَرَدّي الأَوْضاعِ المَعيشيَّةِ، وانْهيارِ اللّيرَةِ السّوريَّةِ، وانْحِدارِ سُورية إِلَى أَدْنَى دَرَكاتِ الفَسادِ، والْفَقْرِ، والْبِطالَةِ، عَلَى مُسْتَوَى العالَمِ، فِيمَا يَخوضُ حُلَفاءُ بَشّارٍ المُنْهَكُونَ، مَعْرَكَةً دِبْلوماسيَّةً يائِسَةً، لِإِعَادَةِ تَعْويمِ نِظامٍ فَقَدَ شَرْعيَّتَهُ”.
وَزاد: “تُحَتِّمُ عَلَيْنَا تِلْكَ التَّطَوُّراتُ وَضْعَ الخُطَطِ النّاجِعَةِ، لِإِفْشَالِ مُحاوَلاتِ تَأْهيلِ النِّظامِ، وَكَشْفِ زيفِ أَوْهامِ تَخَلِّيهِ عَنِ الوِصايَةِ الإيرانيَّةِ، إِذْ إِنَّ تَفْكيكَ العُقْدَةِ السّوريَّةِ، يَبْدَأُ مِنْ مواجَهَةِ مَشْروعِ التَّوَسُّعِ الإيرانيِّ فِي المِنْطَقَةِ، وَكَبْحِ جِماحِ القُوَى الطّائِفيَّةِ العابِرَةِ لِلْحُدُودِ”.
وَأضاف: “حَتَّى لَا تَذْهَبَ تَضْحياتُ شَعْبِنا سُدًى؛ يَتَوَجَّبُ عَلَيْنَا تَجْديدُ العَهْدِ لِشَعْبِنَا، بِأَنْ نَجْعَلَ قَضيَّتَهُ بُوصْلَتَنا، وَأَنْ يَكونَ رَفْعُ مُعاناتِهِ هَدَفَنا الأَسْمَى، وَإِنْفاذُ العَدالَةِ فِي حَقِّ مَنْ أَجْرَمُوا بِحَقِّهِ أَوْلَويَّةً لَنَا، وَأَنْ نَبْذُلَ غايَةَ جَهْدِنا فِي إِيجَادِ الحُلولِ، والْخُروجِ مِنْ حالَةِ الِاسْتِعْصاءِ اَلَّتِي تَمُرُّ بِهَا بِلادُنا، وَأَنْ نَحْشُدَ سائِرَ فِئاتِ مجتمعِنَا وَمُكَوِّنَاتِهِ، فِي مَعْرَكَةِ المَصيرِ الواحِدِ، والْعَيْشِ المُشْتَرَكِ”.
وَرأى حجاب أنه “لَا يُمْكِنُ تَحْقيقُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ خِلالِ: معالجةِ الأخطاءِ التي وقعتْ فيها مؤسساتُ الثورةِ، وتصويبِ مَسارِها، والارتقاءِ بأدائِها، وتعزيزِ فاعليتِها، وَضَمانِ تَمْثيلِ أَهْلِنا كَأَصْحابِ حَقٍّ؛ يُنَافِحُونَ عَنْ قَضيَّتِهِمْ، وَيُدَافِعُونَ عَنْ أَرْضِهِمْ، وَيَصونونَ هُوِيَّتَهُمْ، وَيَسْتَحْوِذونَ عَلَى زِمامِ المُبادَرَةِ”.
وَأوضح أنه “مِن هُنَا جَاءَتِ الدَّعْوَةُ لِهَذِهِ النَّدْوَةِ، والتي تهدِفُ إلى جمعِ النُخَبِ السوريةِ الفاعلةِ، وتمتينِ أواصرِ التنسيقِ والتعاونِ فيما بينَها، وتوفيرِ أجواءِ الحوارِ الوُدِّيِّ بينَ مختلَفِ أطرافِها، والتشاوُرِ بشأنِ آلياتِ التعاملِ معَ المستجِداتِ، ولِنُؤَكِدَ للعالمِ أجمعَ أنَّ قُوَى الثورةِ السوريةِ هي رقمٌ صعبٌ في المشهدِ الإقليميِّ والدوليِّ، وأنها لا تزالُ تمتلكُ رصيداً ضخماً من الحيويةِ والفاعليةِ والقدرةِ على تجديدِ الدماءِ، وبأنها تقفُ في صفٍ واحدٍ ضدَّ النظامِ وإجرامِهِ، والعملِ على إسقاطهِ كحلٍ أَوْحَدَ لتحقيقِ عمليةٍ انتقاليةٍ ذاتِ مصداقيةٍ”.
كما شدَّد على أنه حرص “عَلَى أَنْ يَكونَ حُضورُ هذهِ الندوةِ سُورِيّاً بَحْتًا، وَأَنْ نَجْمعَ بَيْنَ مُؤَسَّساتِ الثَّوْرَةِ والْمُعارَضَةِ وَمختلفِ القُوَى السّياسيَّةِ، وَمَراكِزِ الفِكْرِ، وَمُنَظَّماتِ اَلْمُجْتَمَعِ اَلْمَدَنيِّ، وَمُمَثِّلِي الْجَالِيَاتِ السّوريَّةِ، والْإِعْلامِ السّوريِّ، وَعَدَدٍ مِنْ الشَّخْصِيَّاتِ المُسْتَقِلَّةِ، فِي ثَمانِ جَلَساتٍ تَهْدِفُ إِلَى مُراجَعَةِ حِساباتِنا، وَإِعادَةِ تَرْتيبِ أَوْلَوِيَّاتِنَا، وَاَلْتَدارُسِ فِيمَا بَيْنَنَا حَوْلَ مُعالَجَةِ الأَوْضاعِ اَلَّتِي آلَتْ إِلَيْهَا البِلادُ، وصيانةِ المبادئِ التي لا نتنازلُ عنها، وتعزيزِ الثوابتِ التي قامتِ الثورةُ السوريةُ لأجلِها، وتحديدِ سُبُلِ النُّهوضِ بِأَدَائِنا لِتَحْقِيقِ الْآمَالِ المَنْشودَةِ”.
وتابع: “بِمُوَازَاةِ حِرْصِنا عَلَى دَعْوَةِ كافَّةِ الفَاعِلِينَ السُّورِيِّينَ؛ رَاعَينَا شُموليَّةَ الطَّرْحِ، عَلَى أَمَلِ التَّوَصُّلِ إِلَى إِقْرارِ تَوْصياتٍ، تَضَعُ خُطُوطًا عَريضَةً لِعَمَلِ المُعارَضَةِ فِي المَرْحَلَةِ المُقْبِلَةِ، فِي مَا يُبْرِزُ دَوْرَها المُؤَسَّسِيَّ”.
ولفت إلى أنه” لَا بُدَّ أَنْ نضَعَ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ مَسْؤوليَّتَنا، تِجاهَ مَأْساةِ إِخْوَتِنا مِنْ المُعْتَقَلَاتِ وَالمُعْتَقَلِينَ، اَلَّذِينَ يَتَعَرَّضُونَ لِأَسْوَأِ أَنْماطِ الِامْتِهانِ البَشَريِّ، فِي سُجونِ بَشّارِ الأَسَدِ، والْأَوْضاعِ المُزْريَةِ لِأَهْلِنا فِي الدَّاخِلِ السّوريِّ، اَلَّذِي يُقَاسِي أَسْوَأَ أَزْمَةٍ اقْتِصاديَّةٍ تَشْهَدُهَا البِلادُ، وَمُعاناةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةَ عَشَرَ مِلْيونَ سوريٍّ، فِي مَناطِقِ اللُّجوءِ والنُّزوحِ، بَعْدَ أَنْ دَمَّرَ النِّظامُ بُيوتَهُمْ، وَوَطَّنَ فِي مَنَاطِقِهِمْ عَناصِرَ اَلْميلِيشْياتِ الطّائِفيَّةِ الأَجْنَبيَّةِ، فِي أَشْنَعِ عَمَليَّةِ إِحْلالٍ سُكّانيٍّ، وَتَهْجيرٍ قَسْريٍّ، يَشْهَدُهَا العالَمُ مُنْذُ الحَرْبِ العالَميَّةِ الثّانيَةِ”.
وَلِمُعالَجَةِ الحالَةِ المُسْتَعْصيَةِ اَلَّتِي آلَ إِلَيْهَا المَشْهَدُ السّوريُّ؛ يَتَعَيَّنُ عَلَيْنَا التَّحَلّي بِالْمَسْؤُولِيَّةِ لِإِعْلَاءِ المَصْلَحَةِ الوَطَنيَّةِ، وَرَصِّ اَلصُّفوفِ، وَجَمْعِ الكَلِمَةِ، وَتَدْشِينِ مَرْحَلَةٍ جَديدَةٍ يَنْتَزِعُ فِيهَا السُّورِيُّونَ كامِلَ حُقوقِهِمُ اَلْمَشْروعَةِ مِنَ النِّظامِ القَمْعيِّ اَلْآيِلِ لِلسُّقُوطِ.
وجدَّد التأكيدَ على أَنَّ أَيْدِيَهُ “ممدودةٌ لِجَمِيعِ مَنْ لَمْ يَتَسَنَّ لَهُمُ الحُضورُ فِي فَعاليّاتٍ مُسْتَقْبَليَّةٍ تُعَزِّزُ التَّواصُلَ الإيجابيَّ خارِجَ إِطارِ الوِصايَةِ الخارِجيَّةِ وَمُحاوَلاتِ الفَرْزِ الإِقْليميِّ وَمَعارِكِ الِاسْتِقْطابِ الدَّوْليِّ”.
وتوجَّه بالشُّكْرِ إِلَى دَوْلَةِ قَطَرَ عَلَى مَواقِفِها المَبْدَئيَّةِ الثّابِتَةِ، وَدَعْمِها الجُهودَ الدَّوْليَّةَ لِإِنْفَاذِ القَراراتِ الأُمَميَّةِ، وَعَلَى دَعْوَتِها لِمُحَاسَبَةِ مَنِ ارْتَكَبُوا انْتِهاكاتٍ بِحَقِّ الشَّعْبِ السّوريِّ، وَعَلَى اسْتِضافَتِها هَذِهِ النَّدْوَةَ.
كَمَا توجَّه بِالشُّكْرِ والْعِرْفانِ، “لِسَائِرِ الدّوَلِ الشَّقيقَةِ والصَّديقَةِ، عَلَى مَواقِفِها الدّاعِمَةِ لِلْمَطَالِبِ المُحِقَّةِ وَالمَشْرُوعَةِ لِلشَّعْبِ السّوريِّ، وَعَلَى اسْتِضافَتِها المَلايينَ مِنْ أَبْناءِ شَعْبِنا، اَلَّذِينَ فَقَدوا الأَمْنَ وَالأَمَانَ فِي بَلَدِهِمْ، وَسَعْيِها لِتَحْقِيقِ عَمَليَّةِ انْتِقالٍ سياسيٍّ حَقيقيٍّ، وَإِنْشاءِ نِظامٍ حُرٍّ ديمُقْراطيٍّ تَعَدُّديٍّ، لَا مَكانَ فِيه لِبَشّارِ الأَسَدِ، وَلِكُلِّ مَنْ تَوَرَّطَ بِارْتِكَابِ الجَرائِمِ بِحَقِّ السُّورِيِّينَ”.
وَختم بالقول: “يَحْدُونِي الأَمَلُ بِأَنْ تَسودَ فِي الجَلَساتِ المُقْبِلَةِ، أَجْواءُ الحِوارِ الهادِئِ والْوُدِّيِّ، اَلَّذِي لَا تَنْقُصُهُ الشَّفافيَّةُ، وَأَنْ نَمْتَلِكَ الصَّراحَةَ اللازمةَ لِتَحْدِيدِ مَكامِنِ الخَلَلِ، وَوَضْعِ آلِيَّاتِ مُعالَجَتِها، دُونَ تَعَدٍّ أَوْ تَجاوُزٍ أَوْ تَجْريحٍ، وَأَتَمَنَّى أَنْ تَكونَ هَذِهِ النَّدْوَةُ باكورَةَ لِقاءاتٍ قادِمَةٍ، تَشْمَلُ كافَّةَ أَلْوانِ الطَّيْفِ السّوريِّ فِي المُسْتَقْبَلِ القَريبِ”.
المصدر: نداء بوست