عام 1979 نشر مصطفى محمود حلقات روايته “المسيخ الدجال” على صفحات مجلة “صباح الخير”، ثم قام بجمع تلك الحلقات فى كتاب صدر فى نفس العام، وفى روايته قرر مصطفى محمود أن يتولى مهمة توزيع البشر على الجنة والنار!!
فى صفحتي 20 و21 من الرواية، وضع مصطفى محمود الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى الدرك السابع من جهنم مع إبليس وجنوده فى أسفل السافلين!!!
كان بناء السد العالي هو السبب الرئيسي الذى جعل مصطفى محمود يضع الرئيس جمال عبد الناصر فى قعر جهنم مع إبليس شخصياً، فمن وجهة نظر مصطفى محمود تسبب السد العالي فى نكبة للزراعة المصرية!! وفى ضياع الطمي!! وفى إضعاف نهر النيل!! وفى نشع الأرض الزراعية المصرية!! وفى تآكل الجسور!! بل وبلغ خيال مصطفى محمود حد التفكير فى أن السد العالي سوف يتم تدميره، وأن مياه بحيرة ناصر سوف تكون السبب فى غرق مصر وأهلها!!
فى نفس العام الذى كتب فيه مصطفى محمود هذا الهراء، ضربت منابع نهرالنيل موجة جفاف استمرت من عام 1979 حتى عام 1987، وتسببت فى هلاك الملايين من سكان دول حوض نهر النيل، ولم يشعر بها المصريون بسبب السد العالى ومخزون المياه فى بحيرة ناصر بنك مصر المائي.
تسبب السد العالي فى زيادة مساحة الأرض الزراعية بأكثر من 15%، ولأول مرة تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة فى عدد السكان.
كان جمال عبد الناصر هو أول حاكم مصرى منذ عهد قدماء المصريين يوسع رقعة وادى النيل، بفضل السد العالي زادت مساحة الرقعة الزراعية المصرية من 5.5 إلى 7.9 مليون فدان، وبسبب توفر المياه أتاح السد العالي أن تتم 3 زراعات كل عام، كما تسبب السد العالي فى تحويل الأراضي الزراعية من ري الحياض إلى الري الدائم.
أمد السد العالي ربوع مصر بالكهرباء من خلال المحطات الكهرومائية بالسد، والتى تتكون من 12 توربين بقدرة 175 ميجا وات للوحدة، ويتم توليد الكهرباء منها بإجمالى قدرة 2100 ميجاوات، وهى طاقة نظيفة تساهم فى ضبط الشبكة القومية للكهرباء.
ساهم السد العالي فى تحقيق طفرة صناعية هائلة لمصر بعد توليد الكهرباء.
بفضل السد العالى أصبحت مصر من الدول المصدرة للأسمدة،فقد كانت مصر قبل بناء السد العالي، تستورد الأسمدة بمبالغ طائلة سنوياً، ولكن بعد بناء السد العالي تم توفير الكهرباء، وإنشاء مصنع كيما، في عام 1958، وأصبحت مصر تقوم بتصدير الأسمدة، كما أنشأت مصر مجمع الألومنيوم الذى يمثل أحد الصروح الكبرى للصناعة المصرية، وكان يتم تصدير إنتاجه بالكامل.
تسبب السد العالي فى تنمية جنوب الوادى فى توشكى وأبوسمبل.
فى سنة 2000 بعد 30 سنة من بناء السد العالى،ومن وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، اختارت الأمم المتحدة السد العالى كأعظم مشروع تنموي وهندسي فى القرن العشرين، جاء في حيثيات الاختيار أن مشروع السد العالي تجاوز ما عداه من المشروعات الهندسية المعمارية العملاقة،مثل مطار “شك لاب كوك” في هونج كونج، ونفق المانش الذي يربط بين بريطانيا وفرنسا،وأكد التقرير الدولي أن السد العالي تفوق على 122 مشروعا عملاقا في العالم، لما حققه من فوائد عادت على الجنس البشري، كما وفر لمصر رصيدها الاستراتيجي في المياه بعد أن كانت مياه نهرالنيل تذهب سدى في البحر المتوسط، عدا 5 مليارات متر مكعب يتم احتجازها.
السد العالى أنقذ مصر منذ إنشاءه من 5 فيضانات مدمرة.
السد العالى ومياه بحيرة ناصر بنص كلام وزير الرى الدكتور محمد عبد العاطي،هما ضمان أمن مصر المائي فى مواجهة أزمة بناء سد النهضة الإثيوبي حتى يتم التوصل لاتفاق مع حكام الحبشة.
– عاش مصطفى محمود 40 سنة بعد إصداره لهذا الكتاب، كانت فوائد مشروع السد العالي خلالهم قد أصبحت واضحة للجميع، وكان دوره فى حماية مصر قد أصبح معروفاً، ولكن مصطفى محمود لم يتراجع عن خزعبلاته بخصوص السد العالي، وأعاد طبع كتابه أكثر من مرة فى مجافاة واضحة للمنطق وللموضوعية.
بعيداً عن أراء مصطفى محمود التى تفتقر للعلم عن السد العالي، يبدو أمراً غريباً أن يقرر إنسان تنصيب نفسه فى مقام الخالق لتحديد من سيدخل الجنة، ومن سيدخل النار؟
يوجد حديث نبوي عن مصير أمثال مصطفى محمود ممن يضعون أنفسهم مكان الخالق، ويقررون توزيع البشر على الجنة والنار وفقاً لأهواءهم.
عَنْ جَعْفَرٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “وَيْلٌ لِلْمُتَأَلِّينَ مِنْ أُمَّتِي الَّذِينَ يَقُولُونَ: فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَفُلَانٌ فِي النَّارِ”.
الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره.
الطريف أن مصطفى محمود أصدر فى عام 2008 كتاباً بعنوان “زيارة للجنة والنار”، كرر فيه نفس خزعبلاته عن توزيع خلق الله فى الجنة وفى النار وفقاً لأهواءه.
بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، كتب مصطفى محمود يرثيه:
” إن عبد الناصر لم يعد مجرد شخص وإنما هو رمز لإرادة العرب جميعا فى الحياة، رمزا للصحة فى جسدنا والإصرار و العنفوان و العزم و التصميم فى نفوسنا. إنه العقل المدبر و الخطة و النجاة. نحن نريدك يا عبد الناصر أنت ونحن جسد واحد وشخص واحد لا انفصال فيه أنت ونحن وحدة لا تقبل التجزئة، لن نفترق عن جمال عبد الناصر، ولن يفترق جمال عبد الناصر عنا وإنما سنزداد اتحادا كل منا بالأخر وتحت لوائك يا عبد الناصر سوف نحارب حتى الموت بل حتى الحياة يا قمة الحياة.”
وبعد انقلاب مايو 1971 تغير موقف مصطفى محمود 180 درجة تجاه الرئيس جمال عبد الناصر، فواظب على مهاجمته وتشويه سيرته حتى أخر أيام حياته.
كتابات مصطفى محمود والسد العالى وبحيرة ناصر، تنطبق عليهم الأية القرأنية:
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)
الزبد هو كتابات مصطفى محمود، والسد العالي وبحيرة ناصر هما ما ينفع الناس.