بعد أن «سقط سهواً» من موازنة وزارة الدفاع الأميركية لعام 2022، تعود قضية المتاجرة بـ«الكبتاغون» في سوريا، مرة أخرى، إلى القبة الكونغرس الأميركي، وذلك في جهود لدفع الإدارة الأميركية إلى محاربة هذه الآفة والتصدي لها، عبر مشروع قانون جديد تقدّم به مشرّعان من مجلس النواب، نهاية الأسبوع الماضي.
النائبان فرينش هيل جمهوري من ولاية أركانسس، وبرندان بويل الديمقراطي من ولاية بنسلفانيا، قدّما مشروعاً جديداً في مجلس النواب بالكونغرس، يطلب من الإدارة الأميركية تطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات الفيدرالية، لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات في سوريا والاتجار بها، والشبكات التابعة المرتبطة بنظام بشار الأسد.
يأتي ذلك بعد أن وصلت قضية «الكابتاغون» إلى ذروتها في واشنطن هذا الشهر، فقد تم التصويت على القانون بأغلبية كبيرة بين الحزبين الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس النواب، إلا أنه عندما أصدر مجلس النواب صيغة «تسوية جديدة» لمشروع قانون الدفاع، تبيّن أن التعديل قد تمت إزالته بشكل غامض، وأعرب الكونغرس بعد تمرير قانون موازنة وزارة الدفاع الأميركية، عن دعمه لـ«تضييق الخناق على صادرات (الكبتاغون)»، في بيان «غير ملزم»، وإرسال القانون إلى مجلس الشيوخ.
وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس بايدن لا تقف في طريق صياغة مثل هذه الاستراتيجية، إلا أن كثيراً من المراقبين لاحظوا أنها أيضاً لم تعطِ الأولوية للمسألة، حتى الآن، من خلال صياغة نهج على مستوى الحكومة للرد على تجارة نظام الأسد للمخدرات، والغريب في الموقف أيضاً، هو أن بند «الكابتاغون» تلقى دعماً من قادة جمهوريين وديمقراطيين من لجان متعددة في كلا المجلسين، واحتاجوا فقط إلى الموافقة على إدراجه في نص التسوية النهائية.
في تبرير لعدم إدراج قانون محاربة «الكبتاغون» في موازنة وزارة الدفاع، قال السيناتور بوب مينينديز وهو ديمقراطي من ولاية نيوجيرسي ويرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، متحدثاً إلى مجموعة من الأميركيين السوريين في حفل بالكونغرس، الأسبوع الماضي، إن التعديل «أُلغي بسبب خطأ إداري»، وتعهَّد بإعادته إلى النسخة النهائية من قانون الدفاع الوطني، إلا أن مساعي إعادته إلى القانون باءت بالفشل مرة أخرى.
ويعد «الكبتاغون» عقاراً طبياً يسبب الإدمان لمتعاطيه، وقد أنتجت القوات التابعة لنظام الأسد في سوريا، ما قيمته مليارات الدولارات من هذه المادة في عام 2020. وهو مشروع يدعم الحكومة السورية وكذلك «حزب الله» اللبناني. والأسوأ من ذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أردني، ملاحظة زيادة، بمقدار ثلاثة أضعاف في كمية المخدرات المصنعة في سوريا منذ بداية العام.
وفي بيان أصدره المشرّعان هيل وبويل، أكدا أنه «يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تفعل كل ما في وسعها، لتعطيل المستوى الصناعي لإنتاج المخدرات في سوريا»، مشيرين إلى أنه منذ عام 2018، حوّل إنتاج المخدرات والاتجار بها في سوريا، إلى «دولة مخدرات لتمويل جرائمها ضد الإنسانية».
وأضافا: «من المهم أن نوقف هذا الاتجار، ومصدر التمويل غير المشروع. وإذا فشلنا في القيام بذلك، فسيستمر نظام الأسد في دفع الصراع المستمر، وتوفير شريان الحياة للجماعات المتطرفة، والسماح للأعداء الأميركيين، مثل الصين وروسيا وإيران، بتعزيز مشاركتهم هناك، ما يشكل تهديداً أكبر من أي وقت مضى، على إسرائيل والشركاء الآخرين في المنطقة، ومن الضروري أن تلعب الولايات المتحدة دوراً رائداً في إحباط إنتاج المخدرات في سوريا، حتى نتمكن من الاستمرار في السعي لتحقيق تسوية سياسية وحل دائم للنزاع».
بدورها، تعتقد كارولين روز الباحثة السياسية في معهد «نيولاينز» بواشنطن، أن مشروع القانون المقترح بشأن استراتيجية مواجهة تجارة «الكبتاغون»، هي خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، فبعد أن حذفت هذه المادة من قانون موزانة الدفاع لعام 2022، بعد أن اعتبرها البعض حجر عثرة. وقالت خلال حديثها إلى «الشرق الأوسط» إنها ترى أنه مع زيادة الاهتمام والإلمام بتجارة المخدرات السورية غير المشروعة، فإن «مشروع القانون المقترح الجديد لديه فرصة للنجاح، وأعتقد أيضاً أنه من مصلحة هذه الإدارة دعم هذا القانون المقترح»، معتبرةً أنه سيوفر فرصة خارج حملة العقوبات الأميركية الحالية على نظام الأسد، لممارسة الضغط وممارسة النفوذ في سوريا، فضلاً عن السعي لمواجهة تهديد تجارة «الكابتاغون»، التي أضرت بـ«الأمن البشري» في المنطقة.
المصدر: الشرق الأوسط