الدعوة إلى علمنة الدستور الوطني في مجتمعاتنا تستند دائماً إلى التجارب الغربية في هذا الشأن، إلى الدساتير الغربية التي نص الكثير منها صراحة على العلمانية كقاعدة أساسية يقام عليها الدستور كله، أو أنها تضمنت معاني ومباني العلمانية دون النص الصريح على هذا المصطلح.
ويعتقد أصحاب هذه الدعوة أن العلمانية والدستور وجهان لعملة واحدة، وأن تقدم المجتمعات متحقق أساسا في اعتماد العلمانية.
وإذا كان من شبه المؤكد أن مثل هذه الدعوة تقوم على اعتقاد أن العلمانية حيث وردت في هذه الدساتير أو في الفلسفات الاجتماعية شيء محدد لا خلاف عليه، فإنهم يحملون رؤيتهم للعلمانية ما يريدون أو يتصورون أو يحتاجون من أفكار.
وفي مسار الحراك الثوري السوري تصاعد الحديث عن ضرورة اعتماد العلمانية في أي دستور سوري جديد، وعن ضرورة حياد الدولة تجاه الأديان، وعن اعتبار الأديان عنصر مفرق للوحدة الوطنية، ولوحدة الأمة، لأنه يتضمن بالتأكيد تمييز أبناء الوطن الواحد على أساس الدين، وبالتالي يصبح لزاما لمن يريد أن يبني مواطنة صحيحة قائمة على المساواة أن يحذف ويلغي كل ما يميز أبناء الوطن بعضهم عن بعض.
وإنك لتجد أصحاب هذه الدعوة في سوريا موزعون على جانبي الصراع أي أن مثل هذه الدعوة تجمع بين جنباتها أطيافا من “المعارضة والسلطة”.
إن تصوير قيمة ومكانة العلمانية في الدساتير على هذا النحو تصوير لا يستقيم مع حقيقة العلاقة بين الدستور والعلمانية، وقد يكون من المناسب في هذا الفصل أن نقف أمام عدد من الدساتير “الغربية العلمانية”، لنرى كيف عالجت مسألة الدين في مجتمعاتها استئناسا ليس بما قاموا به إزاء “المسألة الدينية”، وإنما استئناسا لما قاموا به تجاه المسألة الدينية في مجتمعاتهم العلمانية، قبل أن ننتقل لمعرفة ذلك في دساتير لدول عربية وإسلامية، إذ إن التعامل مع هذه المسألة وغيرها من المسائل الدستورية يختلف من مجتمع لآخر باعتبار أن الدستور “نص تعاقدي” يرتب ويعالج أسس العقد الاجتماعي بين المواطنين في مجتمع معين، ويلبي الاحتياجات الجامعة لمواطنيه، ويقيم على ضوء ذلك مؤسسات المجتمع التي ستحقق ذلك، فإذا اختلف المجتمع، واختلفت المرحلة التاريخية، واختلفت التحديات التي يواجهها هذا المجتمع، اختلفت معه النصوص الدستورية الناظمة لحياة هذا المجتمع ولطبيعة مؤسساته ووظيفتها.
لكن قبل الانتقال إلى دساتير هذه الدول وكيفية تناولها للمسألة الدينية لابد من الإشارة إلى مسائل عدة:
المسألة الأولى: أننا هنا نتحدث عن سوريا “الدولة والمجتمع”، ونتحدث عن سوريا في مساق الثورة السورية واستهدافاتها، وحالة الاستعصاء التي وصلت إليها، وحجم ما تخلف عن سنوات الصراع الدامية من مآسي، وجرائم، واحتياجات، وتمزق في البنية الوطنية.
وفي هذا الإطار فإن من الضروري أن نسأل عما إذا كانت قضية “العلمانية والدين” من العوامل التي فجرت هذه الثورة؟
وبالتالي فإن من المهم أن نطرح سؤالا ونجيب عليه:
**هل من أسباب تفجرت الثورة السورية المسلك الديني للنظام القائم، سواء كان هذا المسلك يقوم على تجاهل الدين، أو على الاعتماد عليه أكثر بحيث حوله إلى أداة فرقة بدل أن يكون عنصر بناء وتوافق؟
**هل كان هذا الموضوع من الشعارات التي رفعتها الجماهير التي فجرت هذا الحراك، أو أن هذا الشعار فعلٌ مضافٌ على الحراك الثوري، دخله لاحقا بفعل فاعل؟
**وفي هذا الإطار كذلك علينا أن نسأل هل العلمانية أو الدين من حيث الأساس يسعيان إلى بناء مجتمع من سبيكة واحدة ليس فيها اختلاف أو تمايز أو تباين؟، وسؤالنا يتجاوز الحديث عن إمكانية أو عدم إمكانية ذلك قيام ها البناء، وهو يتصل تحديدا بالرغبة والإرادة أي بالاستهداف ـ الديني أو العلماني ـ لتحقيق هذا المسعى مسعى الوصول إلى” سبيكة اجتماعية واحدة”.
نحن على يقين بأن الإسلام لا يبغي ولا يسعى إلى ذلك، بل إنه يعتبر “التعدد العقدي”، سنة من سنن الله في هذا الكون، وأن أحدا لا يستطيع أن يحمل الناس على عقيدة ودين واحد، مهما كانت طبيعة هذا الدين، ومهما كانت عظمة ومكانة من يقوم بهذا المسعى. كما أنه لم يسعى ولا يسعى لبناء مجتمع الدين الواحد.
ونحن على يقين بأن الإسلام دعا إلى إقامة المجتمع على قاعدة التعدد في المعتقدات، وأعطى لكل أهل عقيدة ودين حريتهم في معتقدهم، وفيما يتصل بحياتهم من هذا المعتقد، واعتبر موجبات الحياة المشتركة أقوى وأعمق من خصوصيات كل عقيدة، أي أن الخلاف لا يمنع إقامة الحياة المشتركة التي صار اسمها في هذا العصر “المواطنة”، واتخذت مظاهر، واعتمدت قواعد وأسس وقوانين تقوم عليها. بل إن هذا الاختلاف في العقائد سمة من سمات المجتمع الإنساني كما يراها الإسلام
ونحن على يقين أن هذه الطبيعة التي توفرت في الإسلام هي ما سمح لكل أصحاب الديانات والعقائد الأخرى أن توجد في المجتمع الإسلامي منذ دولة المدينة المنورة زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى مدى خمسة عشر قرنا، وتستمر هذا العقائد المتعددة، وتنمو وتمارس كل حريتها وشعائرها وطقوسها، وأن يكون لها في قوانين المجتمع وأعرافه القدسية نفسها التي لنظائرها الإسلامية، وهذه حقيقة قاطعة وماثلة للعيان لا يستطيع أحد أن ينكرها.
إن تصور بناء مجتمع موحد متجانس ومتطابق في كل مكوناته العرقية والدينية والثقافية هو تصور فاشي، لا وجود له في الحقيقة، ولا يمكن إقامته إلا بالحديد والنار، ولا يمكن له الدوام لأن الفرض الجبري ليس من شأنه الاستمرار.
هل أضر بوحدة المجتمع “السوري”، أن المسيحيين يذهبون إلى كنائسهم يوم الأحد أما المسلمين فيذهبون لجوامعهم ومساجدهم يوم الجمعة!
هل أضر بوحدة المجتمع “السوري”، أن المسلمين يصومون شهر رمضان المبارك فيما المسيحيون يصومون “الصوم الكبير”، الذي يغطي أربعين يوما ويسبقها ويلحق بها أياما تطهرية أخرى!
هل أضر بوحدة المجتمع “السوري” أن كان الجار المسلم يقوم لجاره اليهودي ببعض ما هو محظور على الأخير يوم السبت إكراما له، وتعزيزا لمفهوم حسن الجوار وتمكينا له من أداء شعائره!
هل أضر بوحدة المجتمع السوري أن المسيحي لا يستطيع أن يتزوج المسلمة، وأن المسلم يتاح له أن يتزوج المسيحية، أم أن الطرفين تفهما أن هذا من خصائص شريعة كل منهما، وأن احترام هذه الخصائص مما يعزز العلاقات بين الطرفين، ويظهر حقيقة الاحترام لهذه الشعائر الدينية!
ثم هل يعتقد عاقل بأنه إذا فرض على “السوريين” دستورا يتجاوز دينهم، ولا يضع له حسابا فإن السوريين سيقبلون ذلك!
بعد هذه المقدمة يمكن لنا الانتقال إلى دساتير دول عدة لنرى كيف عالجت مسألة الدين في مجتمعاتها.
ودساتير الدول الغربية التي نقف عندها هنا هي دساتير كل من الدنمارك، والمانيا، بولندا، أوكرانيا، وإيطاليا، البرتغال ، واسبانيا، وروسيا.
ثم نقف عند الدستور التركي لتميز هذا الدستور الذي حكم دولة مسلمة منذ قيامها قبل أن ننتقل الى الدستور المصري والجزائري. مبعد المرور سريعا على الدستور الباكستاني والاندونيسي.
وفي كل النصوص التي استندنا إليها وأوردناها من هذه الدساتير فإننا اعتمدنا على الترجمة الرسمية المعتمدة لنص الدستور المشار إليه، أو التي قامت بها “المؤسسة الدولية للديموقراطية والانتخابات “، وبالنسبة للدول العربية فقد اعتمدنا على نص الدستور المنشور في الجريدة الرسمية، وجميع هذه النصوص متوفر في المواقع الرسمية على الشبكة العنكبوتية.
ونحن في كل هذه الدساتير نبحث عن كيفية تعامل هذه الدساتير مع المسألة الدينية:
توصيفها لهذه المسألة، تعامل الدولة معها كعقيدة، ومؤسسات دينية، مكانة الدين في مؤسسات الدولة وفي التعليم، سلطة الوالدين فيما يخص مسؤوليتهما في تعليم القاصرين دينهم. ثم صلة ذلك كله بمفهوم حرية العقيدة والمساواة أمام القانون الوطني.
هل اعتبرت هذه الدساتير وجود التعدد الديني مما يخل بالانتماء الوطني وبمفهوم المواطنة؟
بل هل اعتبرت هذه الدساتير تحديد دين الدولة، أو دين ملكها، أو رئيسها، أو جهة التزامها الديني، أو النص على الإيمان بالله نصا منفردا أو داخل ” القسم الذي يؤديه الرئيس أو الملك حين تولي مهامه مما يعارض “علمانيتها”، أو يطعن بشعار وحدة الوطن ووحدة مفهوم المواطنة والمساواة أمام القانون؟
أولا: الدنمارك “مملكة الدنمارك”
نبدأ النظر في الدساتير الغربية من الدنمارك، فالدنمارك وهي واحدة من الدول الاسكندنافية، حددت في دستورها أن “الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة الرسمية للدنمارك”. أي ان الدين الرسمي للدنمارك هو الدين المسيحي، والكنيسة “المذهب” اللوثرية، وحددت أن يكون الملك عضوا في الكنيسة الانجيلية اللوثرية. وقد يكون مفيدا أن نذكر هنا أن المسيحيين يشكلون نحو 79 % من عدد سكانها، وأن حوالي 76% من هؤلاء يتبعون الكنيسة اللوثرية..
وطالب الدستور الدولة بدعم الكنيسة الانجيلية اللوثرية، وطالب بوضع الدستور بالنسبة الى الكنيسة الرسمية بموجب قانون.
ولأن الدستور أعطى هذه الكنيسة هذه المكانة، فإنه جعل ما يحكم الهيئات الدينية المخالفة للكنيسة اللوثرية محددة بقانون، وليس بنص دستوري، أي بمرتبة أقل من مرتبة النص الدستوري. وحدد أنه يتعين وضع قواعد للهيئات الدينية المخالفة للكنيسة بموجب قانون. وأعطى الدستور الحق للمواطنين بتشكيل تجمعات لعبدة الله تتفق مع معتقداتهم الخاصة بهم.
وكما اكد الدستور عدم جواز حرمان أي شخص من حقوقه السياسية بسبب عقيدته او اصله، فإنه اكد عدم جواز تهرب الشخص من التزاماته وواجباته المدنية متذرعا بتلك الأسباب.
دستور مملكة الدنمارك “القانون الدستوري” الصادر عام 1953
الجزء الأول
4ـ تكون الكنيسة الانجيلية اللوثرية الكنيسة الرسمية للدنمارك، وعلى هذا النحو فإنه يتعين دعمها من قبل الدولة.
الجزء الثاني
6ـ يكون الملك عضوا في الكنيسة الانجيلية اللوثرية.
الجزء السابع
66ـ يجب وضع الدستور للكنيسة الرسمية بموجب قانون.
67ـ يحق للمواطنين تشكيل تجمعات لعبادة الله بطريقة تتفق مع معتقداتهم الخاصة بهم شريطة ان لا يتم تعليم او فعل أي شيء يتعارض مع الاخلاق الحميدة والنظام العام.
69ـ يتعين وضع قواعد للهيئات الدينية المخالفة للكنيسة بموجب قانون.
70ـ لا يجوز حرمان أي شخص بسبب عقيدته او أصله الذي ينحدر منه من حق الوصول للتمتع بجميع حقوقه السياسية كما لا يجوز للشخص بحكم مثل هذه الأسباب ان يتهرب من الالتزام والامتثال بأية واجبات مدنية قد تترتب عليه.
71ـ ….. ولا يجوز حرمان أي مواطن دنماركي باي شكل كان من حريته بسبب معتقداته الدينية او السياسية…
ثانيا: جمهورية المانيا الاتحادية
خص الدستور الألماني التمهيد لمواده بتأكيد مسؤولية الشعب الألماني أمام الله وأمام البشر.” إن الشعب الألماني خلال ممارسته لسلطته التأسيسية إذ يدرك مسؤوليته أمام الله والبشر…”، وحين يؤدي الرئيس الاتحادي اليمين لتولي منصبه فإنه يطلب من الله المساعدة، وتأكيدا من الدستور على حرية الاعتقاد، للرئيس أن يؤدي اليمين بدون توكيد ديني. وشدد الدستور على عدم جواز تفضيل او استهجان أي شخص على أساسا الجنس او النسب او العرق … او المعتقد او الدين او الأفكار الدينية والسياسية …، كما شدد على عدم جواز انتهاك حرية العقيدة والضمير، وعلى وظيفة الدولة في تمكين المواطنين من أداء شعائرهم وعباداتهم الدينية، ولعله من هذه الزاوية أعطى المواطنين الذين يتناقض واجب التحاقهم بالخدمة العسكرية مع عقيدتهم أو ضميرهم أن يؤدوا هذا الواجب في غير القطاع العسكري، وجعل الدستور التعليم الديني مادة عادية من مواد التعليم في المدارس الحكومية، وأعطى الحق للوالدين ومن يقوم مقامهما في تحديد المنهج الديني الذي يحتاجه أولادهم في المدارس. وخص وأعطى الدستور الدولة بالتعليم الابتدائي، لكنه اعطى الحق بإنشاء مدارس ابتدائية طائفية خاصة اذا لم تكن مدارس الدولة متوفرة وتقدم هذه الخدمة. واكد الدستور على ان التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وشغل الوظائف في المؤسسات التابعة للحق العام لا يتوقف العقيدة الدينية، ولا يضار أي شخص بسبب انتمائه الديني او الفلسفي او غير ذلك.
الدستور الألماني الصادر عام 1949 وتعديلاته حتى العام 2012
تمهيد
إن الشعب الألماني خلال ممارسته لسلطته التأسيسية، اذ يدرك مسؤوليته امام الله والبشر، وإذ يستلهم العزم على تعزيز السلام كشريك متساو في أوروبا، قد اقر هذا القانون الاساسي ……
المادة 3 (المساواة أمام القانون)
3ـ لا يجوز تفضيل او استهجان أي شخص على أساس الجنس، او النسب، او العرق، او اللغة، او الموطن، أو الأصل، أو المعتقد، أو الدين، أو الأفكار الدينية، أو السياسية، كما لا يجوز استهجان أي شخص بسبب عجزه.
المادة 4 (حرية العقيدة والضمير)
1ـ لا تنتهك حرية العقيدة وحرية الضمير ولا حرية اعتناق أي دين او عقيدة.
2ـ تكفل الممارسة الآمنة للشعائر الدينية.
3ـ لا يجبر أي شخص بما يخالف ضميره على تقديم الخدمة العسكرية التي تنطوي على استخدام الأسلحة وينظم التفاصيل الخاصة بذلك قانون اتحادي.
المادة 7 (الشؤون المدرسية)
2ـ يحق لأولياء الأمور والأوصياء اتخاذ القرار فيما يخص بتلقي أطفالهم التعليم الديني.
3ـ التعليم الديني مادة عادية في المدارس العامة باستثناء المدارس غير المذهبية. دون المساس بقانون الرقابة الحكومية، يتم تقديم التعليم الديني وفقًا لمبادئ الطوائف الدينية. لا يجوز إجبار أي معلم على إعطاء تعليمات دينية ضد إرادته.
5ـ لا يسمح بإنشاء أي مدرسة ابتدائية خاصة الا إذا اقرت الإدارة التعليمية بان لهذه المدرسة فائدة تربوية مميزة، او إذا تم انشاؤها بطلب من أولياء الأمور او الاوصياء مدرسة تتبع طائفة معينة او طوائف متعددة، او كمدرسة تقوم على فلسفة حياتية ولا توجد مدرسة ابتدائية حكومية مماثلة لها في محيط المنطقة المعنية.
المادة 12(واجب الخدمة العسكرية والمدنية)
2ـ يجوز ان يطلب من أي شخص يرفض لأسباب تتعلق بالضمير تأدية الخدمة العسكرية التي تنطوي على استخدام أسلحة أداء خدمة بديلة…..
المادة 33 (المساواة في المواطنة ـ العمل في المؤسسات العامة)
3ـ لا يتوقف التمتع بالحقوق المدنية والحقوق السياسية وكذلك بفرص القبول لشغل الوظائف العامة والحقوق المكتسبة اثناء الخدمة في المؤسسات التابعة للحق العام على العقيدة الدينية للشخص المعني، ولا يجوز ان يضار شخص بسبب انتمائه او عدم انتمائه لفئة دينية معينة او اعتناقه لفلسفة حياتية معينة.
المادة 56 (أداء اليمين للمنصب)
لدى توليه المنصب يؤدي الرئيس الاتحادي امام اجتماع مشترك لأعضاء البوندستاغ والبوبد سترات اليمين الدستورية التالية:” اقسم بأنني سأكرس جهودي لرفاه الشعب الألماني وتعزيز رفاهيته ودرء الضرر عنه وأن أحافظ على القانون الأساسي وقوانين الاتحاد وادافع عنها وان أقوم بواجباتي بإخلاص وان اتوحى العدالة امام كل مواطن، وليساعدني الله على ذلك” يمكن أيضا ان يؤخذ اليمين بدون توكيد ديني.
ثالثا: جمهورية بولندا
وعلى غرار الدستور الألماني، ولكن على نحو أوكد حدد الدستور البولندي في التمهيد لمواده التزام جميع البولنديين بالقيم نفسها سواء كان الفرد مؤمنا بالله كمصدر لهذه القيم او لا يشاطر البولنديين هذا الايمان. “وهذا النص يعني فيما يعني أن الشعب البولندي في أساسه شعب مؤمن بالله”، وحددت نصوص الدستور وجوب أن تحظى الكنائس والمنظمات الدينية الأخرى بحقوق متساوية … وأن تكون السلطات العامة محايدة في المسائل التي تتعلق بالقناعات والمعتقدات الشخصية، واوجب على السلطات ضمان حرية المعتقد والدين للجميع. وضمن الدستور للهيئات الدينية حيازة المقدسات وغيرها من دور العبادة للوفاء باحتياجات المؤمنين فضلا عن حق الافراد أينما كانوا في الاستفادة من الخدمات الدينية.
وجاء في مواد الدستور أن العلاقات بين جمهورية بولندا والكنيسة الكاثوليكية الرومانية تتحدد بموجب المعاهدة الدولية المبرمة مع الكرسي الرسولي وبموجب القانون، كما حدد أن تقوم العلاقة بين الدولة والكنائس والمنظمات الدينية الأخرى على مبدأ احترام استقلاليتها. موكدا أن العلاقة بين جمهورية بولندا وغيرها من الكنائس والمنظمات الدينية تنظم بموجب القوانين المعتمدة والاتفاقات المبرمة بين ممثليهم ومجلس الوزراء. وأعطى الدستور الحق للأقليات العرقية الوطنية في حماية هويتها الدينية وان تنشئ المؤسسات الكفيلة بتحقيق هذه الغاية.
الدستور البولندي الصادر عام 1997 والمعدل عام 2009
تمهيد
…. نحن الامة البولندية متمثلة في جميع مواطني الجمهورية، سواء من يؤمن منا بالله كمصدر الحقيقة والعدل والخير والجمال وكل من لا يشاطرنا مثل هذا الايمان، ولكنه يحترم هذه القيم العامة بوصفها نابعة من مصادر أخرى، متساوون في الحقوق والواجبات نحو الصالح العام المتمثل في بولندا …
الفصل الأول: الجمهورية
المادة 13
تحظر الأحزاب السياسية والمنظمات الأخرى التي تقوم برامجها على أساليب استبدادية ووسائل لنشاط النازية والفاشية والشيوعية، وتلك التي تجيز برامجها الكراهية العرقية او الوطنية ….
المادة 25
1ـ يجب ان تحظى الكنائس والمنظمات الدينية الأخرى بحقوق متساوية.
2ـ على السلطات العامة في جمهورية بولندا ان تكون محايدة في المسائل التي تتعلق بالقناعات والمعتقدات الشخصية، سواء كانت دينية أو فلسفية …..
3ـ يجب ان تقوم العلاقة بين الدولة والكنائس والمنظمات الدينية الأخرى على مبدا احترام استقلاليتها والاستقلال التبادل لكل منهما في مجاله الخاص، وعلى مبدأ التعاون من اجل الفرد والصالح العام.
4ـ تحدد العلاقات بين جمهورية بولندا وغيرها من الكنائس والمنظمات الدينية بموجب القوانين المعتمدة عملا بالاتفاقات المبرمة بين ممثليهم المعتمدين ومجلس الوزراء.
مادة 35
2ـ يحق للأقليات العرقية الوطنية انشاء المؤسسات التعليمية والثقافية والمؤسسات المنشأة لحماية الهوية الدينية، والمشاركة في حل المسائل المرتبطة بالهوية الثقافية
مادة 53
1ـ يجب ضمان حرية المعتقد والدين للجميع.
2ـ يجب ان تشمل حرية الدين حرية الاعتقاد أو قبول الدين عن طريق الاختيار الشخصي والاعراب مظاهر هذه الديانة اما بصورة فردية، أو جماعية علنية، أو سرية من خلال العبادة والصلاة والمشاركة في الاحتفالات وأداء الشعائر والطقوس أو التدريس ويجب أن تشمل حرية الدين كذلك حيازة المقدسات وغيرها من دور العبادة للوفاء باحتياجات المؤمنين فضلا عن حق الافراد أينما كانوا في الاستفادة من الخدمات الدينية
3ـ يحق للآباء ضمان تقديم التربية الأخلاقية والدينية والتعليمية لأطفالهم وفقت لقناعاتهم …..
4ـ يجوز تدريس دين الكنيسة او غيرها من المنظمات الدينية المعترف بها قانونا في المدارس، ولكن حرية الدين والضمير لدى الشعوب الأخرى لا يجوز انتهاكها.
5ـ يجوز تقييد حرية التعبير عن الدين بصورة علنية فقط من خلال القانون وحيثما يكون ذلك ضروريا للدفاع عن امن الدولة والنظام العام والصحة والآداب العامة أو حريات وحقوق الاخرين
6ـ لا يجوز إرغام أحد على المشاركة او عدم المشاركة في الممارسات الدينية.
7ـ لا يجوز ارغام أحد من قبل السلطة العامة على الكشف عن فلسفته في الحياة او قناعاته الدينية ومعتقداته.
المادة 85
3ـ أي مواطن لا تسمح له قناعاته او معتقداته الدينية أو مبادؤه الأخلاقية بأداء الخدمة العسكرية قد يصبح ملزما بأداء خدمة بديلة وفقا للمبادئ والاسس التي يحددها القانون.
المادة 104
2ـ على النائب قبل تسلمه ممارسة الولاية المستجدة أداء القسم التالي بحضور مجلس النواب” اقسم جازما باني سوف أقوم بأداء واجباتي نحو الامة بكل جد وامانة والحفاظ على سيادة ومصالح الدولة وان افعل كل ما في وسعي من اجل ازدهار الوطن ورفاه مواطنيه والالتزام بالدستور وسائر القوانين الأخرى لجمهورية بولندا” ويمكن أيضا في أداء القسم إضافة عبارة ” وليساعدني الله في ذلك”. ……….وتطبق هذه المادة على أعضاء مجلس الشيوخ
المادة 130
يتسلم رئيس الجمهورية مهام منصبه فور أدائه القسم التالي بحضور الجمعية الوطنية” بعد تقلدي منصب رئيس جمهورية بولندا نزولا عند إرادة الامة، فإنني اقسم بكل جلال ووقار ان أكون مخلصا لأحكام الدستور كما اتعهد ان احافظ بثبات وإصرار على كرامة الامة واستقلال وامن الدولة وان يظل خير الوطن وازدها مواطنيه دوما هو التزامي الأسمى” كما يمكن أيضا في أداء القسم إضافة عبارة ” وليساعدني الله على ذلك”.
المادة 151
على رئيس الوزراء ونواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء أداء القسم التالي بحضور رئيس الجمهورية ……… كما يمكن أيضا في أداء القسم إضافة عبارة ” وليساعدني الله على ذلك”
المادة 191
1ـ يجوز لأي ممن يلي تقديم طلب الى المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالمسائل المحددة في المادة 188(وتحدد المادة 188 المسائل التي تفصل فيها المحكمة الدستورية)،
5ـ الكنائس والمنظمات الدينية
رابعا: جمهورية أوكرانيا
في مقدمته يجعل الدستور الأوكراني الوعي بالمسؤولية قائم أمام الله، وأمام الضمير، وامام الأجيال الحالية والمستقبلية. ويشدد الدستور على حرية المعتقد، وحق التعبير عن هذا المعتقد، وتؤكد مواده على انفصال الكنيسة والمنظمات الدينية في أوكرانيا عن الدولة، وأن الدولة لا تعترف بدين الزامي للبلاد.
ورفض الدستور أي امتيازات تقوم على أساس العرق، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو مرجعية للامتيازات، فجميع المواطنين متساوون أمام القانون، لكنه أكد دعم الدولة تطوير الهوية الدينية واللغوية والثقافية والعرقية لكل السكان الأصليين، والأقليات الوطنية في أوكرانيا، ومنع الدستور قيام جمعيات أو أحزاب تثير النعرات من أي نوع ومنها النعرات الدينية. ويبدو أنه بسبب كارثة تشيرنوبيل نص الدستور على الحفاظ على الأصل العرقي للشعب الأوكراني.
الدستور الأوكراني الصادر عام 1996 وتعديلاته لغاية 2014
مقدمة
………… ووعيا بمسؤوليتنا أمام الله وأمام ضمائرنا وأمام الأجيال الحالية والمستقبلية، واسترشادا بقانون اعلان استقلال أوكرانيا الصادر في 24 اب / أغسطس 1991 ….
الفصل الأول: مبادئ عامة
المادة 11
تدعم الدولة تعزيز وتطوير الأمة الأوكرانية ووعيها التاريخي وتقاليدها وثقافتها، كما تدعم تطوير الهوية الدينية واللغوية والثقافية والعرقية لكل السكان الأصليين والأقليات الوطنية في أوكرانيا.
المادة 16
من واجب الدولة ضمان الامن البئي والحفاظ على التوازن البيئي على ارض أوكرانيا، والتغلب على نتائجك ارثة تشرنوبل ذات الأثر العالمي، والحفاظ على الأصل العرقي للشعب الأوكراني.
الفصل الثاني: حقوق الإنسان والمواطنين، وحرياتهم ووجباتهم
المادة 24
يتمتع المواطنون بحقوق وحريات متساوية، وهم متساوون أمام القانون.
لا يجوز السماح بأية امتيازات أَو قيود بناء على العرق، لون البشرة، المعتقدات الدينية، أو السياسية، أو غيرها، أو الجنس، أو الأصل الاجتماعي، أو العرقي، أو المكانة، أو الملكية، أو المكان، أو السكن، أو الخصائص اللغوية، أو غيرها…. الخ
المادة 34
لكل شخص الحق في حرية الاعتقاد والحديث وحرية التعبير عن وجهات النظر والمعتقد. …… الخ
المادة 35
لكل شخص الحق في حرية الفلسفة والدين. يتضمن هذا الحق الحرية في التصريح أو عدم التصريح باعتناق أي دين، كما يشمل حرية أداء الشعائر الدينية بشكل فردي أو جماعي دون أي قيود، وحرية القيام بأي نشاط ديني.
يمكن تقييد ممارسة هذا الحق وفق المحددات الواردة بالقانون وفقط لصالح حماية النظام عام، الصحة والمبادئ الأخلاقية للسكان، أَو حماية حقوق وحريات الأشخاص الآخرين.
تنفصل الكنيسة والمنظمات الدينية في أوكرانيا عن الدولة، كما تنفصل المدارس عن الكنيسة. لا تعترف الدولة بدين إلزامي للبلاد.
لا يجوز إعفاء أي شخص من واجباته أمام الدولة ولا يجوز لأي شخص أن يرفض الالتزامات القانونية لأسباب تتعلق بالمعتقدات الدينية. في حالة ما إذا تعارض أداء الخدمة العسكري مع المعتقدات الدينية للمواطن، تستبدل تلك الخدمة بأخرى غير عسكرية.
المادة 37
يحظر إنشاء ونشاط الأحزاب السياسية والجمعيات العامة إذا ما كانت برامجها أَو أفعالها تهدف إلى زعزعة استقلال أوكرانيا، أو تغيير النظام الدستوري بالطرق العنيفة أو انتهاك سيادة الدولة ووحدة أراضيها أو تقويض أمنها، أو الوصول إلى السلطة بشكل غير قانوني، أو الدعوة للحرب والعنف، أو إثارة العداوات الدينية، أو العرقية، أو انتهاكات على حقوق الإنسان وحرياته وصحة السكان.
لا يجوز أن تقوم الأحزاب السياسية أو الجمعيات العامة بإنشاء تشكيلات شبه عسكرية. ….. الخ.
خامسا: الجمهورية الإيطالية
الدستور الإيطالي اعتبر أن ” الدولة والكنيسة الكاثوليكية كل واحدة ضمن مجالها الخاص بها هما سيدان مستقلان تنظم العلاقة بينهما اتفاقية “لاتران”*….
وأقر الدستور للملل الدينية غير الكاثوليكية حق تنظيم نفسها وفقا لتشريعاتها الخاصة ما دامت لا تتضارب مع النظام القضائي الإيطالي، وتنظم علاقاتها مع الدولة وفقا للقانون وعلى أساس اتفاقات مع ممثلي كل منها.
وأعطى الدستور لمختلف الملل الحرية والمساواة أمام القانون ومنح الملل غير الكاثوليكية حق تنظيم نفسها وفق تشريعاتها الخاصة شريطة عدم التعارض من القانون، وأشار الى ان تنظيم العلاقة بين الدولة وهذه الملل يتم عبر الاتفاقات المعقودة بين ممثلي هذه الملل وممثلي الدولة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقات المرتبطة بها التي وقعت في قصر لاتران عام 1929، نُظمت العلاقة بين المملكة الإيطالية والكرسي الرسولي، وتم الاعتراف بالفاتيكان باعتبارها دولة مستقلة وتم الاتفاق على التعويضات التي ستمنح للكرسي البابوي نتيجة خسارة الولايات البابوية، وتم اعتماد هذه المعاهدة واتفاقياتها في الدستور الإيطالي لاحقا باعتبارها المنظمة للعلاقة بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية.
الدستور الإيطالي المقر في العام 1947 وتعديلاته حتى العام 2012
المادة 3
لكل المواطنين نفس القدر من الكرامة الاجتماعية وهم سواء امام القانون دون تمييز في الجنس، أو العرق، أو اللغة، أو الدين، أو الآراء السياسية، أو الأوضاع الشخصية والاجتماعية.
المادة 7
الدولة والكنيسة الكاثوليكية كل واحدة ضمن المجال الخاص بها هما كيانان سيدان مستقلان تنظم العلاقة بينهما اتفاقية “لاتران”، ولا يتطلب تغيير هذه الاتفاقية المقبولة من قبل الطرفين اجراء تعديل دستوري
المادة 8
جميع الملل الدينية حرة سواء امام القانون.
للملل الدينية غير الكاثوليكية حق تنظيم نفسها وفقا لتشريعاتها الخاصة ما دامت لا تتضارب مع النظام القضائي الإيطالي.
تنظم علاقاتها مع الدولة وفقا للقانون وعلى أساس اتفاقات مع ممثلي كل منها.
سادسا: جمهورية البرتغال
الدستور البرتغالي يؤكد على حرية العقيدة والدين والعبادة وأن لهذه الحرية حرمة لا تمس، وبالتالي فلا يجوز اضطهاد أحد أو حرمانه من حقوقه أو بعضها بسبب معتقده أو انتمائه الديني، كما لا يجوز لأي جهة سؤال أحد عن معتقده أو انتمائه الديني، على أن الكنائس والطوائف الدينية الأخرى منفصلة عن الدولة، ولها الحرية في تنظيم أنفسها وفي أداء طقوسها وعباداتها، ولها حرية تدريس أي دين داخل الطائفة المعنية مكفول، كما أشار الدستور ـ كما دساتير دول أخرى ـ إلى كفالة القانون لحق في الاستنكاف الضميري.
وفيما يتعلق بالتعليم فقد ذهبت مواد الدستور إلى عدم جواز أن تضع الدولة مناهج تعليمية وثقافية تنطوي على توجهات فلسفية، أو جمالية، أو سياسية، أو أيدولوجية، أو دينية، ولا يكون التعليم العام طائفيا.
وفي تشكيل الأحزاب والجمعيات السياسية حدد الدستور عدم جواز أن تحمل الأحزاب السياسية أسماء تحتوي على تعبيرات مرتبطة مباشرة بأي ديانة أو طائفة أو أن تتخذ رموزا يمكن الخلط بينها وبين رموز وطنية أو دينية.
الدستور البرتغالي صادر عام 1976وتعديلات لغاية 2005
المادة 41 حرية العقيدة والدين والعبادة
1ـ لحرية العقيدة والدين والعبادة حرمة لا تمس.
2ـ لا يجوز اضطهاد أحد او حرمانه من حقوقه او استثنائه من واجباته المدنية بسبب معتقداته او انتمائه الديني.
3ـ لا يجوز لاي سلطة ان تسال أحدا عن معتقداته او انتمائه الديني الا بغرض جمع معلومات إحصائية لا لا يمكن الوقوف على هوية الأشخاص المكونين لها، ولا يجوز أيضا ان يضار أي شخص بأية طريقة نتيجة رفضه للإجابة.
4ـ الكنائس والطوائف الدينية الأخرى منفصلة عن الدولة ولها الحرية في تنظيم أنفسها، وفي أداء طقوسها وعباداتها.
5ـ حرية تدريس أي دين داخل الطائفة المعنية مكفولة وكذلك حرية استخدام الوسائل الملائمة لمباشرة أنشطتها
6ـ الحق في الاستنكاف الضميري كما يحدده القانون مكفول.
المادة 43
2ـ لا يجوز للدولة ان تضع مناهج تعليمية وثقافية تنطوي على أية توجيهات فلسفية، أو جمالية، أو سياسية، أو أيديولوجية، أو دينية.
3ـ لا يكون التعليم العام طائفيا.
المادة 51 الأحزاب والجمعيات السياسية
3 ـ لا يجوز للأحزاب السياسية أن تحمل أسماء تحتوي على تعبيرات مرتبطة مباشرة بأية ديانة او طائفة أو أن تتخذ رموزا يمكن الخلط بينها وبين رموز وطنية او دينية دون المساس بالفلسفة أو بالأيديولوجية التي تقوم عليها مواثيقها.
4ـ لا يجوز لحزب أن ينشأ باسم ذي طابع أو نطاق إقليمي، أو أن يتخذ لنفسه ميثاقا ذا طابع او مغزى نطاق.
سابعا: المملكة الإسبانية
يضمن الدستور الإسباني مساواة المواطنين جميعا أمام القانون بغض النظر على أي اختلافات عرقية، أو دينية، أو ثقافية، أو اجتماعية، أو أي خلافات أخرى، فجميع الإسبان على قدم المساواة أمام القانون.
وفي الدستور الإسباني توكيد على أنه لا يكون لأي دين طابع رسمي، لكن السلطات العمومية تضع في الاعتبار المعتقدات الدينية للمجتمع الاسباني، وتحافظ بالتالي على علاقة التعاون المناسبة بين الكنيسة والديانات الأخرى.
الدستور يضمن كذلك حرية ممارسة المعتقد فرديا وجماعيا، وتأخذ السلطات في اعتبارها معتقد مواطنيها، وتحافظ بالتالي على علاقات التعاون المناسبة مع الكنيسة الكاثوليكية والديانات الأخرى، ويؤكد الدستور حق الآباء في أن يتلقى أبناءهم التعليم الديني والأخلاقي الذي يتماشى ومعتقداتهم الخاصة، ويكون على السلطات العمومية تمكينهم من ذلك. كما يقرر الدستور ضرورة مراعاة الاعتراض الوجداني وباقي أسباب الاعفاء من الخدمة العسكرية الاجبارية آخذين بعين الاعتبار الضمانات الملائمة…
دستور المملكة الاسبانية الصادر عام 1978 والمعدل 2011
الفصل الثاني الحقوق والحريات
المادة 14
الاسبان سواسية امام القانون ولا يمكن أن يسود أي نوع من التمييز بسبب الأصل، أو العرق، أو الجنس، أو الدين، أو الرأي، أو بسبب اعتبار آخر، أو وضع شخصي، أو اجتماعي.
المادة 16
1ـ حرية العقيدة وحرية الدين وممارسة الشعائر الدينية مكفولة للأفراد والمجتمعات دون قيود على نشاطهم إلا ما هو ضروري للحفاظ على النظام العام الذي يحميه القانون.
2ـ لا يجبر أحد على الإفصاح عن ايديولوجيته، أو دينه، أو معتقده.
3ـ لا يكون لأي دين طابع رسمي، وتضع السلطات العمومية في الاعتبار المعتقدات الدينية للمجتمع الاسباني، وتحافظ بالتالي على علاقات التعاون المناسبة مع الكنيسة الكاثوليكية والديانات الأخرى.
المادة 27
3ـ تضمن السلطات العمومية الحق المخول للآباء بخصوص تلقي أبنائهم التعليم الديني والأخلاقي الذي يتماشى ومعتقداتهم الخاصة.
المادة 30
2ـ يحدد القانون الواجبات العسكرية للإسبان وينظم الاعتراض الوجداني وباقي أسباب الاعفاء من الخدمة العسكرية الاجبارية آخذين بعين الاعتبار الضمانات الملائمة…
ثامنا: الاتحاد الروسي، روسيا الإتحادية
تعتبر روسيا الاتحادية دستوريا دولة ذات طبيعة خاصة وفريدة، لأنها مكونة عشرات الشعوب ولكثير منها لغته الخاصة، وقانونيا تتكون من 22 جمهورية إضافة إلى عشرات المناطق ذات الاستقلال الذاتي، وتغطي هذه المناطق مساحة هائلة تتجاوز 17 مليون كيلو مترا مربعا، لتكون الدولة الأكبر مساحة في العام، وهي بطبيعتها تضم مسيحيين ومسلمين وكذلك يهودا، بل إن لليهود منطقة خاصة، ويعتبر الإسلام الدين الثاني في روسيا الاتحادية، حيث يبلع تعدادهم نحو 30 مليون مسلم وفق تصريحات لمفتي الشيشان أي ما يعادل 20% من عدد سكان روسيا. وهذا التنوع الذي لا نظير له ورثته روسيا الاتحادية بعد تحلل الاتحاد السوفيتي عن مرحلة عن الحكم القيصري
لذلك فقد حرص دستور روسيا الاتحادية على الضمان القطعي لوحدة ” الاتحاد الروسي”، ووحدة كل المكونات الضامنة لهذه الوحدة، من جغرافيا، وثروات، وقوى عسكرية وأمنية، ولغة رسمية واحدة، وعملة وطنية، وتربية وتعليم، وحرية انتقال وتملك، وحرية حركة للمواطنين وللسلع … الخ.
ودستور الاتحاد الروسي الصادر عام 1993 وتعديلاته حتى العام 2014 يعتبر من الدساتير المعدودة التي تشدد على علمانية الدولة، وعلى عدم جواز اعتماد أي دين كدين للدولة أو اعتباره ملزما، واستنادا لهذا الموقف يؤكد الدستور على أن الجمعيات الدينية منفصلة عن الدولة وأن تكون على قدم المساواة امام القانون.
والدستور الروسي الذي يؤكد على العلمانية وعلى ضرورة الاعتراف بالتنوع الأيديولوجي في الاتحاد الروسي. وبالتالي عدم جواز اعتماد أي أيديولوجية كإيديولوجية للدولة او اعتبارها ملزمة. يؤكد في مادة مستقلة على أن حرية المعتقد والدين مكفولة للجميع، بما في ذلك الحق في اعتناق أو عدم اعتناق أي دين فرديا أو جماعيا، وحرية اختيار المعتقدات الدينية أو المعتقدات الأخرى. وحظر الدستور الدعاية او التحريض اللذان يثيران الكراهية والعداء، أو التفوق الاجتماعي، أو العرقي، أو القومي، أو الديني محظوران.
وبتوافق مع الكثير من دساتير الدول الأخرى أقر الدستور الروسي على احترام قناعات مواطني الاتحاد ومعتقداتهم الدينية التي تتعارض مع أداء الخدمة العسكرية وتعطي أصحاب هذه القناعات الحق في استبدالها بخدمة مدنية بديلة.
دستور الاتحاد الروسي الصادر عام 1993 وتعديلاته لغاية 2014
المادة 13
1ـ يجب الاعتراف بالتنوع الأيديولوجي في الاتحاد الروسي.
2ـ لا يجوز اعتماد أي أيديولوجية كإيديولوجية للدولة او اعتبارها ملزمة.
5ـ يحظر انشاء الجمعيات العامة ذات الأهداف والأنشطة الموجهة نحو التغيير القسري لأساس النظام الدستوري وانتهاك سلامة الاتحاد الروسي، أو تقويض أمنه، أو انشاء وحدات مسلحة، أو التحريض على الفتنة الاجتماعية أو العرقية أو الدينية، وكذلك تحظر أنشطتها.
المادة 14
1ـ يكون الاتحاد الروسي دولة علمانية ولا يجوز اعتماد أي ديانة كدين للدولة او اعتبارها ملزمة
2ـ يجب ان تجون الجمعيات الدينية منفصلة عن الدولة وان تكون على قدم المساواة امام القانون
المادة 19
تكفل الدولة المساواة في الحريات والحقوق الإنسانية والمدنية بغض النظر عن الجنس، أو العرق، أو الجنسية، أو اللغة، أو الأصل، أو الصفة الرسمية، أو المادية، أو مكان الإقامة، أو الموقف من الدين، أو القناعات أو العضوية في الجمعيات العامة أو أي ظروف أخرى. جميع اشكال القيود المفروضة على الحقوق الإنسانية على أساس اجتماعي، أو عرقي، أو قومي، أو لغوي، أو ديني محظورة.
المادة 27
1ـ يحق لكل فرد موجود قانونيا على أراضي الاتحاد الروسي السفر بحرية واختيار مكان اقامته المؤقتة او الدائمة له بحرية.
المادة 28
حرية المعتقد والدين مكفولة للجميع، بما في ذلك الحق في اعتناق أو عدم اعتناق أي دين فرديا أو جماعيا، وحرية اختيار المعتقدات الدينية او المعتقدات الأخرى وامتلاكها ونشرها والتصرف وفقا لها.
المدة 29
2ـ الدعاية أو التحريض اللذان يثيران الكراهية والعداء الاجتماعي، أو العرقي، أو القومي، أو الديني محظوران، والدعاية للتفوق الاجتماعي، أو العرقي، أو الوطني، أو الديني، أو اللغوي محظورة أيضا.
المادة 59
3ـ في حال كانت قناعات مواطني الاتحاد الروسي أو معتقداتهم الدينية تتعارض مع الخدمة العسكرية وفي الحالات الأخرى التي يحددها القانون الاتحادي يحق استبدالها بخدمة مدنية بديلة.
المادة 68
1ـ اللغة الروسية هي لغة الدولة على كامل أراضي الاتحاد الروسي.
2ـ للجمهوريات الحق في تحديد لغاتها الخاصة، وينبغي استخدام هذه اللغات إلى جانب لغة الدولة للاتحاد الروسي في الهيئات الحكومية التابعة للدولة وهيئات الحكومة الذاتية المحلية ومؤسسات الدولة في الجمهوريات.
المادة 74
لا يسمح في أراضي الاتحاد الروسي بإقامة حدود جمركية او فرض الرسوم والجبايات أو أي عوائق أخرى أمام التدفق الحر للسلع والخدمات والموارد المالية.
تاسعا: الجمهورية التركيا
ويمكن إلحاق الدستور التركي ـ الذي بني أصلا كدستور علماني آخذا بالعلمانية الفرنسية ـ بالدساتير الغربية المشار إليها مع بعض التحفظ لجهة التغييرات التي يشهدها المجتمع التركي وعلى الأخص منذ عقدين من الزمن بشأن المسألة الدينية والتعاطي القانوني والاجتماعي معها، وهذا تطور يحتاج إلى دراسة وتحليل خاص، ثم إن هذا التطور الذي وجد له تعبيرات في القانون لم ينعكس بعد على نصوص الدستور نفسه.
ويشير الدستور التركي إلى حق الجميع في ممارسة الشعائر والطقوس والمناسك الدينية بحرية، وأن الدولة تشرف على التعليم والإرشاد الديني والأخلاقي وتراقبه، وتشرف الدولة كذلك على الثقافة الدينية والأخلاقية في المقررات الإلزامية في مناهج المدارس الابتدائية والثانوية، ويوكل الدستور الوظيفة الدينية إلى “رئاسة الشؤون الدينية” التي ينظم القانون عملها وواجباتها وفقا لمبادئ العلمانية.
دستور تركيا الصادر عام 1982 شاملا تعديلاته لغاية عام 2011
سادساً: حرية الدين والضمير
الحرية الدينية المادة 24
حرية الضمير والمعتقدات والقناعات الدينية حقٌ للجميع.
تُمارس الشعائر والطقوس والمناسك الدينية بحرية، شريطة عدم الإخلال بأحكام المادة 14.
لا يجوز إجبار أحد على عبادة، أو على أن يشترك في أي طقوس أو مناسك دينية، أو على أن يُفصح عن معتقداته وقناعاته الدينية، أو أن يُلام أو توجَّه إليه اتهامات بسببها.
تشرف الدولة على التعليم والإرشاد الديني والأخلاقي وتراقبه. ويكون تعليم الثقافة الدينية والأخلاق ضمن المقررات الإلزامية في مناهج المدارس الابتدائية والثانوية. ويخضع أي تعليم أو إرشاد ديني فيما عدا ذلك لاختيار الفرد نفسه، وفي حالة القصَّر، لطلب ممثليهم القانونيين.
ولا يُسمح لأحد باستغلال الدين، أو المشاعر الدينية، أو المقدَّسات، أو إساءة استخدام أي من ذلك بأي طريقة كانت، بغرض مصلحة، أو نفوذ شخصي، أو سياسي، أو بغرض إقامة النظام الأساسي، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي، أو القانوني للدولة على معتقدات دينية ولو جزئيا.
رئاسة الشؤون الديني
المادة 136
تقوم رئاسة الشؤون الدينية، التابعة للإدارة العامة، بممارسة واجباتها المنصوص عليها في القانون المتعلق بها، وفقاً لمبادئ العلمانية، على أن تنأى بنفسها عن جميع الآراء والأفكار السياسية، وتهدف إلى التضامن الوطني والوحدة الوطنية.
الدستور والعلمانية 2/2
كما سطرنا في مقدمة هذا الفصل فإن في كل الدساتير السابقة التي أشرنا إليها وتوقفنا عندها، وكلها ـ باستثناء تركياـ لدول غربية “مسيحية علمانية” توكيد على حرية العقيدة، وحرية الإيمان، ومعظمها يتبنى استقلالية المؤسسات الدينية عن الدولة، ورأس هذه المؤسسات هي الكنيسة على اختلاف طوائفها، فيما ذهب بعضها إلى تحديد مذهب الدولة الديني ومذهب رأس الدولة، وهي في معظمها تؤكد على الحق في التعليم الديني، وحق الوالدين في تعليم أولادهم دينهم، والتزام مؤسسات الدولة في توفير هذه الحقوق، ومنع التعدي عليها.
ولم تعتبر الدساتير التي أعطت لكنيسة ولمذهب ما وضعا خاصا، أن في ذلك تمييزا يخل بمبدأ المساواة أمام القانون أو بالمواطنة، أو بالحرية العقيدية، فالدستور في جوهره تعبير عن تركيب المجتمع وخصائصه وتأريخيته.
ونص العديد من هذه الدساتير على حظر وجود أحزاب سياسية على أساس ديني، أو لغوي، أو مناطقي، أو عرقي، باعتبار أن المواطنة تعني المساواة أمام القانون كما تعني سلامة ووحدة أرض الوطن. وشددت هذه الدساتير على كل ما يوفر وحدة الوطن: الجغرافيا والمواطنة.
في الانتقال إلى الدساتير في المجتمع العربي الإسلامي، ـ ومثلها في المجتمعات الإسلامية ـ فإن هذه الدساتير توفر قاعدة حرية العقيدة، وكل ما يتصل بهذه الحرية، ومع ذكر دساتير هذه الدول لدين الدولة أو دين رئيس الدولة فإنها حرصت على توكيد عدم التمييز بين المواطنين على أساس من الدين أو الطائفة، وعلى المساواة أمام القانون وعلى وحدة حقوق المواطنة لجميع المواطنين بغض النظر على الفوارق والتمايز الديني او العرقي او الا اللغوي أو أي تمايز آخر، كما حظرت إقامة أحزاب على أساس ديني، أو مناطقي، أو عرقي، أو لغوي.
وغم هذا الإطار المشترك في التعاطي مع المسألة الدينية فإن هناك اختلافا واضحا في تعاطي هذه الدساتير مع هذه المسألة، ومرد هذا الاختلاف إلى الاختلاف في الفكر الاجتماعي والقانوني بين الإسلام والمسيحية.
فقد حدد الإسلام بوضوح وبتفصيل الكثير من القضايا الاجتماعية ” قضايا الأسرة، ومسائل الحلال والحرام، والعبادات، والشعائر الجماعية التي تحتاج إلى قاعدة تعامل جماعي، كما حدد معايير وسمات لقضايا اجتماعية وسياسية، وباتت هذه كلها تحتاج إلى آليات تضمن عملها وتحقق الغاية من وجودها، وتوفر التكامل في تجسيدها وأدائها، وفي الوقت نفسه افتقد الإسلام لوجود مؤسسة كهنوتية كمثل “الكنيسة” تقوم بمثل هذه المهام، ما جعل هذه الوظيفة تعود إلى الدولة، أو إلى جهات تحددها الدولة.
أي أن للدولة دورها ووظيفتها في الرعاية المباشرة للدين الإسلامي، وفي تحقيق أغراضه في المجتمع، وإذا ما أدارت الدولة ظهرها لهذه المهمة / الوظيفة، أو تعاملت معها باستخفاف أو قصور فإنها تفتح بذلك المجال لقيام “مؤسسات وهياكل بديلة وموازية” لتقوم بهذا الدور، ومن هذه الثغرة تدخل “أحزاب، أو جمعيات دينية” يكون معيار وجودها ووظيفتها الأساسية أن توفر للمسلم هذا الجانب المفتقد الذي تخلت عنه الدولة.
ولأهمية “الدين” في المجتمع ولدى المؤمنين، فإن هذه الأحزاب والجمعيات تصبح من الناحية الفكرية والعقدية ممثلة لدولة هؤلاء، أو على الأقل تصبح بمثابة “المؤسسة الدينية / الكنيسة” لهؤلاء المؤمنين، إليها يتطلعون في حل اشكالاتهم الدينية، وإليها يتوجهون لإشباع حاجاتهم الدينية، والمشكلة في كل ما سبق أن الإسلام ليس فيه كنيسة.
واستيلاد مثل هذه البنية الكنسية من خلال أحزاب وجماعات دينية يعني أن الدولة التي تتخلى عن دورها الديني تكون في حقيقة الأمر قد قسمت المجتمع الذي تقوم عليه إلى قسمين، فهي تدير مجتمعا غير ديني من جهة، وتتحكم من جهة أخرى بمجتمع آخر ديني، ونقول تدير وتتحكم لأنها مع المجتمع الأول تدير مقدراته وفق نظرة ورغبة مكونات هذا المجتمع، ومع المجتمع الثاني تقهر مكوناته لتتحكم فيه، وهذا ما يولد نظرة عداء وصراع بينها وبين المجتمع الذي تتحكم فيه. وسينجم عن هذا الافتراق “هجرة” أتباع هذه الأحزاب والجماعات من مجتمعهم العام إلى داخل أحزابهم وجمعياتهم، وسيتحكم الظرف العام والبيئة المحيطة في جعل هذا الافتراق توجها نحو العزلة والانعزال فقط، أو توجها نحو الصراع والصدام العنيف الدموي، أي محاربة الدولة، بل والمجتمع باعتباره وعاء لوجود مظاهر الدولة وممارساتها.
دساتير الدول العربية ودساتير دول إسلامية تناولت القضية الدينية من زاوية حرية العقيدة والاعتقاد، وتنوع العقائد واختلاف الشرائع الدينية، وكذلك من زاوية أن مجتمعها مجتمعا مسلما على الغالب، وبالتالي فإن على السلطات والمؤسسات والقوانين أن تجسد هذه الحقيقة الاجتماعية وتلبي احتياجاتها وهي في الوقت نفسه متسقة مع مفهوم حرية الاعتقاد وتنوعه. وقد أسندت للمؤسسات الدينية غير الإسلامية رعاية الاحتياجات الدينية للمواطنين المعنيين.
وتتباين الدول الإسلامية والعربية في التشديد على جوانب العقيدة وتفريعاتها بقدر تباين ظروف ولادة وتركيب هذه المجتمعات. وسنرى هذه التباين بالنصوص الدستورية التي حرصت تلك المجتمعات على صياغتها، وفي هذا الإطار سنقف سريعا على دستور دولة باكستان الاسلامية، وجمهورية اندونيسيا، قبل الانتقال الى الجزائر ومن ثم جمهورية مصر العربية.
أولا: جمهورية باكستان الإسلامية
على الرغم من أن ولادة دولة “باكستان الإسلامية” جاءت في إطار ديني ابتداء فإن دستورها الذي أقر في العام 1973 وأعيد تفعيله في العام 2002، وعدل في العام 2012 يؤكد في ديباجته وفي نصوصه المعاني السابقة الخاصة بحرية الاعتقاد وصون هذه الحرية، ويؤكد في الوقت نفسه على إسلامية الدولة والمجتمع، وعلى أن السيادة في الأصل لله، وأن ممثلي الشعب يمارسون مهامهم في إطار هذه السيادة، وقد حدد الدستور في مادته الثانية من جزئه الأول أن “الإسلام دين الدولة” وشددت المادة 20 على “الحرية الدينية وحرية المؤسسات الدينية “، وعلى حق كل أصحاب دين بالمجاهرة بدينهم، وتلتزم الدولة بتوفير ما يمكنهم من ذلك، وحددت المادة 22 الضمانات التي توفرها الدولة والخاصة بالمؤسسات التعليمية فيما يخص الدين. كما يؤكد الدستور على الالتزام بتدريس القرآن والدراسات الإسلامية للمواطنين المسلمين، وتشجيع تعلم اللغة العربية وتيسيره، ولعل الدستور الباكستاني يتميز بهذا الموقف من اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن والدين، ومنع الدستور أي تمييز من أي نوع بين الناس وبين المؤسسات الدينية على أساس العقيدة، فالجميع أفرادا ومؤسسات متساوون أمام القانون لهم ولمؤسساتهم المزايا نفسها، ولا يجوز منع أي مواطن من الالتحاق باي مؤسسة تعليمية تتلقى الدعم العام بسبب العرق، أو الدين.. الخ…..
دستور جمهورية باكستان الإسلامية
ديباجة
لما كانت السيادة على العالمين لله تبارك وتعالى وحده، ولما كانت السلطة التي منحها لشعب باكستان ليمارسها في حدود ما شرعه أمانة مقدسة، ولما كانت إرادة الشعب الباكستاني هي ان يقيم نظاما، حيث تمارس الدولة صلاحياتها وسلطتها من خلال ممثلين يختارهم الشعب … وينظم فيه المسلمون حياتهم فرادى وجماعات وفقا لتعاليم الإسلام واحكامه المنصوص عليها في القران الكريم والسنة النبوية، وتتخذ فيه التدابير اللازمة لتجاهر الأقليات وتمارسها وتنمي ثقافاتها.
الجزء الأول
2ـ الإسلام دين الدولة.
الإسلام دين الدولة في باكستان.
20ـ الحرية الدينية وحرية المؤسسات الدينية
رهنا بأحكام القانون وبالنظام العام والأخلاق:
أـ لكل مواطن الحق في المجاهرة بديانته وممارستها والدعوة اليها.
ب ـ لكل طائفة دينية ومذاهبها الحق في انشاء مؤسسات دينية والحفاظ عليها وادارتها.
22ـ الضمانات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية فيما يخص الدين، وأمور أخرى
1ـ لا يجوز ان يطلب من أي شخص منتظم في مؤسسة تعليمية ان يتلقى تعليما دينيا او ان يشترك في احتفال ديني او ان يحضر أي طقس ديني إذا كان ذلك التعليم او الاحتفال او الطقس تابعا لديانة غير ديانته.
2ـ لا يجوز التمييز ضد أي جماعة دينية في منح المزايا والاعفاءات الضريبية للمؤسسات الدينية.
3ـ لا يجوز الآتي مع مراعاة القانون:
أـ منع أي جماعة او طائفة دينية من تقديم التعليم الديني للتلاميذ من أبنائها في أي مؤسسة تعليمية تابعة لها بالكامل
ب ـ لا يجوز منع أي مواطن من الالتحاق باي مؤسسة تعليمية تتلقى دعما من المال العام بسبب العرق، أو الديانة، أو الطبقة الاجتماعية، أو محل الميلاد.
26 ـ منع التمييز في دخول الأماكن العامة.
27 ـ منع التمييز في الأجهزة الحكومية.
28ـ الحفاظ على اللغات وابجديات الكتابة والثقافة
رهنا بأحكام المادة 251 لأي قطاع من المواطنين له لغة أو أبجدية كتابة، أو ثقافة مميزة الحق في الحفاظ عليها وتعزيزها وانشاء المؤسسات الهادفة لذلك وفق القانون.
31 ـ منهج الحياة الإسلامي
1ـ تتخذ الخطوات اللازمة لتمكين مسلمي باكستان فرادى وجماعات من تنظيم حياتهم وفقا للمبادئ والمفاهيم الأساسية للإسلام….
2ـ فيما يتعلق بمسلمي باكستان تعمل الدولة على ما يلي:
أـ الالزام بتدريس القرآن والدراسات الإسلامية وتشجيع تعلم اللغة العربية وتيسيره، وضمان طباعة القرآن الكريم ….
ب ـ وتشجيع وحدة الصف واحترام المعايير الأخلاقية الإسلامية.
ج ـ ضمان التنظيم السليم لزكاة العشر والاوقاف والمسجد.
الثاني: جمهورية إندونيسيا
أما اندونيسيا وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان وتضم في جنباتها أكثر من سبعة عشر ألف وخمسمائة جزيرة، ونسبة المسلمين من مجموع سكانها الذي يتجاوز 260 مليون تزيد على 88%، وفيها نحو 10% مسيحيين وديانات أخرى مثل البوذية والكونفوشية، فقد قام دستورها على تأكيد أنها دولة سيادية قائمة على الإيمان بالله الواحد الأحد، والإنسانية العادلة المتحضرة، والوحدة الاندونيسية، والحياة الديموقراطية.
وضمنت اليمين الدستورية التي يؤديها رئيس الجمهورية أو نائبه هذا المعنى:” اقسم بالله العظيم ان أقوم بمهام رئيس (نائب رئيس) جمهورية اندونيسيا بأحسن ما يكون وأعدله…..”.
وشدد الدستور على حرية المعتقد، وتعدد المعتقدات، وعلى صون هذه الحرية، وهذا التعدد، وتوفير ما يستدعيه هذا التعدد والتنوع من إجراءات.
وتضمن الدولة حرية العبادة لكل أصحاب الديانات، كل وفق ديانته، ويدخل تعزيز الإيمان الروحي والورع والأخلاق الكريمة في صلب نظام التعليم القومي الواحد.
الدستور الاندونيسي المعدل 2002
المادة 28 ه
1ـ لكل إنسان ذكر أو أنثى حرية اعتناق وممارسة دينه واختيار تعليمه …الخ
2ـ لكل إنسان ذكر أو أنثى الحق في حرية الإيمان بعقيدته وفي التعبير عن آرائه وأفكاره، وذلك وفق ضميره.
المادة 29
تقوم الدولة على أساس الإيمان بالله الواحد الأحد.
2ـ تضمن الدولة لكافة الأشخاص حرية العبادة كل وفقا للديانة والعقيدة التي يعتنقها…الخ
المادة 31
3ـ تدير الدولة وتنظم نظاما واحدا للتعليم القومي يكون من شانه الارتقاء بمستوى الايمان الروحي والورع والأخلاق الكريمة …
الثالث: الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية
الجزائر الدولة العربية الاولى من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها أكثر من مليونين وثلاثمائة وثمانين كيلو متر مربع، وهي الثانية عربيا من حيث عدد السكان بعد مصر حيث بلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، والدولة العربية الأولى من حيث فترة الاستعمار الغربي الذي خضعت له، والذي امتد منذ العام 1830 حتى استقلالها عام 1962 وامتاز الاستعمار الفرنسي بأنه كان استعمارا استهدف هوية البلد وانتمائها الوطني، والديني، والثقافي، والجغرافي.
ولا يعرف في الجزائر وجود لغير الإسلام، وان كان هناك من يذكر وجود اقلية من اتباع المذهب الأرثوذكسي، وقدر تعداد هؤلاء بنحو04%، وبالتالي فإن الإسلام يمثل دين الشعب الجزائري وهو إلى جانب العربية يمثل هوية المجتمع الجزائري التي يشارك في رسم معالمها اللغة الامازيغية.
من أجل ذلك كان الإسلام وكانت العربية مركز استهداف من المستعمر الفرنسي على مدى مئة واثنين وثلاثين عاما.
ديباجة دستور الدولة الجزائرية التي حققت استقلالها بعد حرب تحرير مجيدة انطلقت في الأول من نوفمبر 1954 احتوى على كل المعاني السابقة، مؤكدا لها ولدورها ومكانتها في تأسيس المجتمع الجزائري المستقل. وحدد الدستور أن الإسلام دين الدولة، وكذلك دين رئيس الدولة، وأن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، وتبقى هي اللغة الرسمية للدولة، وأن التمازيغت كذلك لغة وطنية ورسمية. وشدد الدستور على رفض وجود أحزاب على أساس ديني، أو لغوي أو عرقي.. الخ، وتضمن اليمين الدستورية قسما بالله العلي العظيم على احترم الدين الإسلامي وتمجده،
دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية
ديباجة
الشعب الجزائري شعب حر ومصمم على البقاء حرا….. لقد عرفت الجزائر في اعز اللحظات الحاسمة التي عاشها البحر الأبيض المتوسط كيف تجد في أبنائها منذ العهد النوميدي والفتح الإسلامي حتى الحروب التحريرية من الاستعمار روادا للحرية والوحدة والرقي، وبناة دول ديموقراطية مزدهرة طوال فترات المجد والسلام، وكان أول نوفمبر نقطة تحول فاصلة في تقرير مصيرها وتتويجا عظيما لمقاومة ضروس واجهت بها مختلف الاعتداءات على ثقافتها وقيمها والمكونات الأساسية لهويتها وهي العروبة والإسلام والامازيغية، التي تعمل الدولة دوما لترقية وتطوير كل واحد منها….
المادة 2
الإسلام دين الدولة
المادة 3
اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية
تظل العربية اللغة الرسمية للدولة …..
المادة 4
تمازيغت هي كذلك لغة وطنية ورسمية
المادة 42
لا مساس بحرمة حرية المعتقد وحرمة حرية الراي
المادة 52
…… لا يجوز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني، أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي. ولا يجوز للأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحزبية التي تقوم على العناصر المبينة في الفقرة السابقة.
المادة 87
لا يحق أن يترشح لرئاسة الجمهورية إلا المرشح الذي:
…..
….
ـ يدين بالإسلام.
……
….
….
المادة 90
يؤدي رئيس الجمهورية اليمين حسب النص الاتي:
” بسم الله الرحمن الرحيم
وفاء للتضحيات الكبرى ولأرواح شهدائنا الابرار، وقيم ثورة نوفمبر الخالدة، أقسم بالله العلي العظيم أن احترم الدين الإسلامي وأمجده، وأدافع عن الدستور وأسهر على استمرارية الدولة، وأعمل على توفير الشروط اللازمة للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري، وأسعى من أجل تدعيم المسار الديموقراطي، وأحترم حرية اختيار الشعب ومؤسسات الجمهورية وقوانينها، وأحافظ على سلامة التراب الوطني ووحدة الشعب والأمة واحمي الحريات والحقوق الأساسية للإنسان والمواطن واعمل بلا هوادة من اجل تطوير الشعب وازدهاره واسعى بكل قواي في سبيل تحقيق المثل العليا للعدالة والحرية والسلم في العالم”.
جمهورية مصر العربية
ينظر إلى جمهورية مصر العربية باعتبارها الدولة العربية المركزية راهنا وتاريخيا، وتحملت في التاريخ المعاصر دورا متميزا في تحرر واستقلال البلاد العربية، وفي رعاية ودعم كل حركات النهوض والبناء العربية، وسطع دورها على المستوى القومي والإقليمي والعالمي في ظل ثورة 23 يوليو وقيادة جمال عبد الناصر، وعلى المستويات السابقة كلها نظر اليها كنموذج يحتذى.
وحرص الدستور المصري في مقدمته على التأكيد على أن مصر العربية بعبقرية موقعها وتاريخها قلب العالم كله، ولها علاقة خاصة بالدين وبالرسالات السماوية، وأن المصريين يؤكدون في دستورهم أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
وصدًر الدستور مواده الثلاث الأولى بالتأكيد على أن الشعب المصري جزء من الأمة العربية، وأن مصر جزء من العالم الإسلامي، وأن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، وجعل من وظائف الدولة صيانة هذه اللغة ودعمها، وأكد أن مبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع، وأن شرائع المصريين من المسيحيين واليهود هي المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية. ونص الدستور على الدور الخاص والمميز والمستقل للأزهر الشريف وعلمائه فيما يخص الدين الإسلامي والمجتمع المصري،
ومن خلال هذا التزام الذي أكده وعززه الدستور شدد على حرية الاعتقاد، وعلى المساواة بين المصريين جميعا أمام القانون في الحقوق والواجبات، وعلى رفض قيام أحزاب على أساس ديني أو عرقي… الخ،
واشترط الدستور على رئيس الجمهورية ونوابه أن يؤدي يمينا يتضمن القسم بالله العظيم على الالتزام بالدستور ومقتضياته، وما يتضمنه من التزامات. كما فرض الدستور تعليم اللغة العربية والدين في مختلف مراحل التعليم ما قبل الجامعي، وشدد على حفظ وصيانة تراث مصر الحضاري بجميع تنزعه ومراحله الكبرى المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، باعتبارها ثروة قومية وإنسانية.
الدستور المصري المعدل 2019
في مقدمة الدستور
…. بسم الله الرحمن الرحيم
هذا دستورنا مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية.
مصر العربية ـ بعبقرية موقعها وتاريخهاـ قلب العالم كله، فهي ملتقى حضاراته وثقافاته….. مصر مهد الدين وراية مجد الأديان السماوية.
… ونحن ـ المصريين ـ ….. نكتب دستورا يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في ذلك الشأن…
الباب الأول
الدولة
المادة 1
جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها… الشعب المصري جزء من الامة العربية يعمل على تكاملها ووحدنها، ومصر جزء من العالم الإسلامي …
المادة 2
الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
المادة 3
مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية.
المادة 7
الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.
المادة 10
الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها.
المادة 24
اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطني بكل مراحله مواد أساسية في التعليم قبل الجامعي الحكومي والخاص …
المادة 50
تراث مصر الحضاري والثقافي، المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته…..
المادة 53
المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر…..
المادة 74
للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية …. ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب على أساس ديني أو بناء على تفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي أو جغرافي ….
المادة 144
يشترط أن يؤدي رئيس الجمهورية قبل أن يتولى مهام منصبه أمام مجلس النواب اليمين الاتية: “أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري وأن احترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه”….” ويؤدي نواب الرئيس حين تعيينهم اليمين نفسه.
الختام: خلاصات عامة
بعد هذا الاستطلاع الموسع لعينة من الدساتير للدول الغربية العلمانية ولدول عربية وإسلامية، من المفيد أن نسعى لاستخلاص المشترك والمختلف بين هذه الدساتير، وسنضع هذا في نقاط محددة من شأنها أن تساعد في التعرف على ما يمكن اعتباره فارقا بين الدساتير العلمانية وغير العلمانية.
1ـ تتفق هذه الدساتير دونما استثناء على النص على حرية العقيدة وحرية العبادة ومسؤولية الدولة على تمكين المؤمنين من أداء شعائرهم وإقامة المؤسسات التي تمكنهم من ذلك، وتشير هذه الدساتير الى العمل على منع تعدد الاختلاف العقدي الى حالة صراع اجتماعي.
2ـ عدد من الدساتير الغربية” العلمانية” لم تكتف بتحديد دين الدولة وإنما حددت المذهب المتبع، وافترض بعضها أن يكون رأس الدولة من أصحاب هذا المذهب. كما حددت صلة الدولة بهذا المذهب ” الكنيسة” وناظم العلاقة بينهما، فيما حددت دساتير الدول العربية والإسلامية إما دين الدولة، أودين رأس الدولة، أو حددت الاثنين معا.
3ـ الكثير من الدساتير الغربية بالإضافية الى الدساتير العربية والإسلامية حملت التقدير والاعتزاز بالإيمان بالله والدعوة الى تعزيز قيم هذا الايمان بين أفراد المجتمع. وضمنت هذا التقدير والالتزام في مقدمات دساتيرها وفي القسم الذي يؤديه مسؤولها الأول ونائبه.
4ـ اتفقت الدساتير كلها على مساواة المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن اختلافاتهم الدينية، أو العرقية، أو اللغوية، أو الجهوية، أو … إلخ، وحظرت ومنعت أي عمل أو إجراء يستهدف التمييز بناء على تلك الفروق.
5ـ اتفقت هذه الدساتير على رفض أي شكل من أشكال الإجبار أو الاكراه المادي والمعنوي على اتباع عقيدة محددة، أو القيام بممارسة دينية لا يريد الفرد أن يمارسها، ويعتبر هذا الاتفاق أثر من آثار المبدأ الخاص بحرية العقيدة.
6ـ معظم هذه الدساتير نص على أهمية التعليم الديني، وضمان هذا التعليم في مناهج التعليم العمومية، وكذلك على مسؤولية الوالدين عن تحديد طبيعة التعليم الديني لأبنائهم القصر.
7ـ الاتفاق على رفض إقامة أحزاب على أساس ديني أو أي أساس يؤدي الى التفرقة بين المواطنين. وجاء هذا الرفض في إطار رفض قيام أية أحزاب على أساس لغوي أو عرقي أو مناطقي …الخ.
8ـ وإذا كانت دساتير الدول الغربية قد نظمت المسألة الدينية في مجتمعاتها بإسناد المهمة الى “الكنيسة”، أو إلى المراجع الدينية للأقليات لديها من غير أتباع الديانة المسيحية أو مذاهبها، فإن الدستور التركي الذي ينظم علاقات مجتمع معظم أعضائه مسلمون نص على إيجاد مؤسسة دينية تعنى بالجانب الروحي الخاص بالمسلمين، وبما يتصل بهذا الجانب من مهام وعلاقات، لكنه قيد ذلك كله بأن يكون خاضعا للمفاهيم العلمانية ومتقيدا بها.
9ـ امتازت الدساتير العربية والإسلامية بتحديد أن الشريعة الإسلامية هي المرجعية الأساسية للقوانين الوطنية وأن للمواطنين من أصخاب الشرائع الأخرى العودة إلى شرائعهم في هذا الشأن.
10ـ أولت الدساتير جميعها أهمية خاصة للغة القومية، والتزمت بتعزيزها وتنميتها، واعتبراها اللغة الرسمية للدولة والمجتمع، كما أنها أكدت على أهمية دعم اللغات المحلية الخاصة بالأقليات، وامتازت الدساتير لعربية والإسلامية بإيلاء اللغة العربية أهمية مميزة باعتبارها لغة الكيان القومي، أو لغة دين المجتمع، لغة القرآن، حتى ولو كانت لغته القومية مختلفة، أو للسببين معا.
11ـ اهتمت الكثير من الدساتير بتأكيد الوجه الحضاري التاريخي للمجتمع والدور والطبيعة الدينية له، باعتبار ذلك من مميزات المجتمع، ومما ساعد على صمود المجتمع وانتصاره أمام ما واجهه من تحديات، وكذلك ما أسفر عنه ذلك من تجليات عطائه الحضاري.
12ـ اختصت الدساتير العربية والإسلامية بالنص على الشريعة الإسلامية ودورها في المجتمع، ومسؤولية الدولة تجاهها، واختلف تشديد هذه الدساتير على هذا الجانب باختلاف التحديات التي تواجه هذه الدول والمسؤوليات التي تقع على عاتقها، أي أن هذه الفقرة تكاد تكون بشكليها الموسع والمختصر تكاد تكون اختصاصا لدساتير المجتمعات العربية والإسلامية.