شارفت قوات النظام السوري على الانتهاء من إجراء التسويات في بلدات ريف درعا الشرقي، جنوبي سورية، وفق “خريطة الحل” الروسية، بعد إجرائها تسويات مماثلة في الريفين الغربي والشمالي، مشرّعة الأبواب أمام النظام لفرض سيطرة كاملة على المحافظة. وتنصّ بنود التسويات، التي تتمّ تحت إشراف روسي، على تسوية وضع المنشقين والمتخلفين عن قوات النظام خلال سنوات الثورة، وتسليم عدد من السلاح وتفتيش شكلي لبعض المنازل بحضور الشرطة العسكرية الروسية.
وذكر الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، في حديثٍ مع “العربي الجديد” أن قوات النظام استكملت، أمس الثلاثاء، التسويات في بلدات الغارية الشرقية والغارية الغربية وخربة غزالة وناحتة والحراك وعلما والصورة في ريف درعا الشرقي، انضمت إلى نصيب وأم المياذن والنعيمة والمسيفرة وصيدا والطيبة والكرك الشرقي والسهوة ومليحة الغربية ومليحة الشرقية. وأشار إلى أن هناك بلدات في طريقها إلى إجراء التسوية، وهي: بصرى الشام ومعربة وطيسيا وغصم وبصر الحرير ومليحة العطش ومنطقة اللجاة، التي تضم تقريبا 10 بلدات وقرى صغيرة. وأفاد بأن عمليات التسوية “تجري من دون معوقات ومشاكل”، كاشفاً أنه في بلدة ناحتة، رفض شابان هذه التسويات وهما إسماعيل الشكري (الدرعان) وشقيقه محمد، وغادرا البلدة. وذكر أن قوات النظام سرقت محتويات منزلي الشابين ثم حرقتهما، وتمركزت على أطراف البلدة، بسلاحها الثقيل. وحول حركة السير، قال الحوراني إن كل الطرق التي تربط بين بلدات ومدن المحافظة مفتوحة أمام حركة المدنيين، مشيراً إلى أنه “لا توجد حالات اعتقال من قبل قوات النظام والأجهزة الأمنية”.
وكانت عمليات التسوية في محافظة درعا قد بدأت مطلع الشهر الماضي، انطلاقاً من منطقة درعا البلد التي استعصت على قوات النظام، على الرغم من حصارها لنحو ثلاثة أشهر. وتدخّل الجانب الروسي وفرض ما سُمي بـ “خريطة حل” تتضمن إجراء تسويات للمطلوبين، وتسليم السلاح الفردي والمتوسط والقيام بعمليات تفتيش منازل بوجود روسي وشخصيات محلية، لضمان عدم قيام قوات النظام بعمليات نهب وتعفيش وانتقامات. وفي السياق، ذكر “تجمع أحرار حوران”، الذي يضمّ العديد من الصحافيين والناشطين الإعلاميين المهتمين بأخبار الجنوب السوري، أن جهاز المخابرات الجوية التابع للنظام أزال أول من أمس الإثنين، حاجزاً عسكرياً له وهو حاجز القوس الواقع عند قوس بلدة الغارية الشرقية بريف درعا، منوّهاً إلى أن قوات النظام أزالت العديد من الحواجز العسكرية في مدينة درعا، وعلى طول الطريق الدولي “دمشق – عمان” منذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
في المقابل، لم يصل قطار التسويات بعد إلى بلدة بصرى الشام، معقل “اللواء الثامن” بقيادة أحمد العودة، رجل روسيا في جنوب سورية. وكان الجانب الروسي طلب الأسبوع الماضي، سحب مجموعات هذا اللواء من بلدات ريف درعا الشرقي.
على صعيد آخر، لا يزال الشمال الغربي من سورية عرضة لقصف جوي ومدفعي من الجانب الروسي والنظام، مع إعلان مصادر محلية أن قوات النظام قصفت أمس الثلاثاء، بصواريخ شديدة الانفجار منازل المدنيين والأراضي الزراعية في قرية قوقفين، بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين. وطاول القصف بالمدفعية الثقيلة محيط قرية سرجة بريف إدلب الجنوبي، بينما نفذ الطيران الحربي الروسي ثلاث ضربات بصواريخ على مناطق متفرقة، جنوب غربي بلدة البارة في جبل الزاوية بنفس الريف.
في الغضون، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه أحصى منذ بداية العام الحالي وحتى منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، أكثر من 24 استهدافاً تعرضت له القوات التركية في سورية، عبر عبوات وألغام واستهداف بصواريخ موجهة وصواريخ قصيرة المدى وإطلاق رصاص. وأكد المرصد مقتل 21 ضابطاً تركياً، وجرح 73 عنصراً، في العمليات التي حدثت في محافظة إدلب وفي ريف حلب الشمالي.
وفي سياق آخر في الشمال السوري، أعلن مجلس قيادة الغرفة الموحدة (عزم) عن اندماج كامل لستة فصائل، هي: جيش الإسلام والجبهة الشامية وفيلق المجد ولواء السلام وفرقة الملك شاه والفرقة 51، تحت مسمى الفيلق الثالث. وشُكلت غرفة “عزم” في يوليو/تموز الماضي، بانضمام عدد من فصائل “الجيش الوطني السوري” التابع للمعارضة، وهي: فيلق الشام ـ قطاع الشمال، لواء السلام، الفرقة الثانية المشكّلة من جيش النخبة، اللواء 113، فيلق المجد، الفرقة 13 المشكّلة من فرقة السلطان محمد الفاتح، لواء سمرقند، ولواء الوقاص.
ووضع الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات عباس شريفة، في حديث مع “العربي الجديد” هذه الخطوة في سياق “إعادة رسم المشهد الفصائلي في الشمال السوري، بعد فشل المؤسسة العسكرية التابعة للحكومة المؤقتة في دمج هذه الفصائل في جسم عسكري واحد”. وأشار إلى أن “هناك محاولات لإعادة هيكلة فصائل المعارضة من القواعد إلى الرأس، للوصول إلى كيان عسكري واحد ينهي الحالة الفصائلية”. وشكّلت فصائل عدة أخيراً “الجبهة السورية للتحرير”، بعد خروجها من غرفة القيادة الموحدة “عزم”. وضمّت الجبهة الجديدة كلاً من: فرقة المعتصم وفرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه والفرقة 20 وصقور الشمال. وفي محافظة إدلب، تتمركز “الجبهة الوطنية للتحرير” التي تضم العديد من الفصائل المعارضة، وبذلك اختزل المشهد الفصائلي المعارض بثلاث تشكيلات في خطوة للوصول إلى تشكيل واحد يجمع الفصائل التي ترتبط بالجيش التركي.
المصدر: العربي الجديد