في الخامس والعشرين من يوليو/تموز 2021 الذي شهد مظاهرات شعبية ضد الحكومة تعرضت خلالها عدة مقرات لحزب النهضة إلى الهجوم، قرّر رئيس الجمهورية قيس سعيّد تجميد عمل مجلس الشعب وإعفاء رئيس الحكومة وترأس السلطة التنفيذية. وقد اغتنم سعيّد وصول الأزمة التي تعيشها البلاد إلى ذروتها كي يقدم نفسه كقائد منقذ. وهي خطوة تطرح أكثر من سؤال، كما حلّلنا ذلك مؤخرا في هذا المقال الذي ننشر ترجمته.
شبح ينتاب تونس، وهو شبح “القيصرية”، وفرضية بروز قائد قوي يكون محبوبا أو مُهابا ليعيد ترتيب دولة أنهكتها الفوضى، تتخلل باستمرار الحوارات السياسية في تونس. منذ سقوط زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011، وجد الكثيرون في تونس أنفسهم يتامى، مفتقدين صورة الأب الوصي والحازم والمتبصّر، أو بعبارة أخرى، يفتقدون “الزعيم” على طريقة الحبيب بورقيبة، الذي كان بن علي صورة مشوّهة بعض الشيء منه. لكن منذ بضعة شهور، تتضاعف عناصر أزمة متعددة الأبعاد وتتجمع مكوناتها الدرامية لتستدعي بأكثر إلحاح سيناريو قيصر جديد في الحكم.
عقبة الديون
غمرت الموجة الرابعة لجائحة كورونا قطاعا صحيا مستنزفا، مما يشي بأن الصائفة ستكون أكثر فتكا. وقد كشفت الجائحة جليا قصر نظر الدولة وعجزها على إنفاذ قرارات استعجالية في مجتمع ممزق وبخدمات عامة متداعية.
تتلقى تونس ارتدادات هذه الصدمة في ذات الوقت الذي تواجه فيه عقبة مديونية حادّة بعد عشر سنوات من التدهور المالي. فقد تطوّر حجم الدين من 45 بالمائة من الناتج القومي العام سنة 2010 إلى حوالي 100 بالمائة الآن. هذا وتفاوض البلاد بشأن قرض رابع من صندوق النقد الدولي، ويبدو اقتصادها عالقا في دوامة أزمة قاتلة في غياب إصلاحات ليبرالية أو نموذج اقتصادي بديل، إذ لا يُرى سوى احتضار بطيء لمرحلة لم بعد تُحتمل. إذ لم يعد بإمكان الدولة شراء السلم الاجتماعية، كما بدأ “الريع الديمقراطي” يُستنفد لدى الشركاء الأجانب، إضافة إلى أن الترقيم السيادي لتونس قد انخفض ثماني مرات بعد عشر سنوات لتصنفّه وكالة “موديز” في فبراير/شباط الماضي تحت علامة “بي3” مع نظرة مستقبلية سلبية، وكذا بالنسبة إلى وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني التي وضعت تونس في المرحلة الأخيرة قبل التخلف عن سداد الدين في 8 يوليو/تموز الجاري.
هذا إضافة إلى أن تونس ملزمة خلال هذه الصائفة بسداد قسطين من دين يُقدّر كلّ منهما بـ500 مليون دولار، وهي تحاول إذن الحصول على مبلغ 12 مليار دينار (4.26 مليار دولار) لسداد الدين الملزم وخلاص الأجور خلال الأشهر الثلاثة القادمة. قد تستطيع هذه المرّة الإفلات من العجز عن سداد الدين ومن فرضية المرور أمام نادي باريس لإعادة جدولة ديونها، ولكن ذلك سيكون على حساب مزيد التداين وتجفيف الموارد، والسؤال هو: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟
حرب المواقع وازمة الهيمنة
لقد غذّت هذه الصدمة الصحية والمالية الصراع المفتوح بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد من جهة والأغلبية البرلمانية وأساسا حركة النهضة -اللّذان يرأسهما راشد الغنوشي- ومعه رئيس الحكومة من جهة أخرى، حيث حاول قيس سعيد جاهدا منذ يناير/كانون الثاني الماضي بسط يده على رئاسة السلطة التنفيذية. لكن هشام المشيشي الذي عيّنه سعيّد نفسه خلفا لإلياس الفخفاخ في يوليو/تموز 2020، كان قد وجد الدعم والسند الكافيين من الأغلبية البرلمانية.
وقد انطلق الطرفان في حرب مواقع، فالهجوم الذي شنّه المشيشي في أواخر شهر يناير/كانون الثاني بتحوير وزاري من أجل توسيع صلاحياته (خاصة في وزارة الداخلية) أحبطه قيس سعيد، قائلا إنه بم يقع احترام الإجراءات الدستورية وإن الوزراء الجدد تحوم حولهم شبهات فساد، لذلك رفض قبولهم لأداء القسم، وهو أمر ضروري لتنصيبهم. وكانت النتيجة أن الحكومة الأخيرة كانت تعدّ خمسة وزراء بالنيابة، منها وزارتي سيادة وهما الداخلية والعدل.
في المدة الأخيرة، رفض قيس سعيد إصدار تعديلات على القانون الأساسي المتعلّق بتشكيل المحكمة الدستورية والذي يسمح بخفض عدد الأغلبية الضرورية لتعيين أعضائها من قبل البرلمان، ذلك لأن رئيس الدولة يرتاب من استغلال الأحزاب السياسية لهذه الهيئة القضائية العليا، فضلا عن تجاوز التاريخ المقرر لتشكيل هذه الهيئة الدستورية بخمس سنوات.
وفي 7 يونيو/حزيران الماضي، أقال رئيس الحكومة رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد عماد بوخريص، فاستقبله رئيس الدولة في اليوم الموالي، شاجبا إعفاء “أولئك الذين يحاربون الفساد” من مناصبهم.
هذا وتحصّن كلا الطرفين دون أن ينجز أي منهما اختراقا حاسما. ولم يتوصل أي منهما إلى اتفاق حول متطلبات الحوار (من سيكون حول الطاولة وجدول الأعمال). وفي الأثناء، تنهار مؤسسات الدولة أمام مرأى الجميع.
وفي الواقع، فإن الأزمة الحالية هي نتاج لانتخابات 2019، التي أسفرت عن أغلبية برلمانية مبتورة ورئيس دولة في قطيعة تامة مع الأحزاب. كما أنها أيضا تعبير عن رفض للطبقة السياسية ولمأزق “التوافق” الذي لم يأت بحلول. يجمع هكذا وضع كل مكونات ما يسميه المفكر الإيطالي انطونيو غرامشي “أزمة الهيمنة” أو “أزمة عضوية”: انهيار الاقتصاد، انقسام النخبة السياسية وتآكل شرعيتها حتى أنها باتت عاجزة عن المحافظة على الظروف السياسية التي تسمح باستمرار أجهزتها، انهيار المؤسسات، تكلّس الأحزاب السياسية “المفرغة من كل محتوى اجتماعي” و “المحلّقة بعيدا عن الواقع” وطبقات اجتماعية “تابعة” دون تمثيلية تنظيمية تخوّل وصولها إلى الحكم.
هيّأ هذا “التوازن الكارثي للسلطة” الظروف “للحظة القيصرية”. ويستدعي الوضع إعادة التأسيس عبر شخصية كاريزمية.
قيس سعيد يدفع باتجاه نظام حكم جديد
يعتبر رئيس الجمهورية نفسه مهيئا لهذا الدور، ويرى نفسه منذ انتخابه حصنا منيعا للدولة وللسيادة الشعبية لصدّ “أعداء” لم يحددهم حتى وقت قصير، ومفسدين يعملون سرّا ضد مصلحة الوطن، وقد كانت حركة النهضة من بين المعنيين ضمنيا بهذه الهجومات.
ويستغل سعيّد بعض الغموض الموجود في الدستور لدعم صلاحياته. فقد طالب أخيرا عبر قراءة مبالغ فيها للفصل 77 من الدستور الذي يحدد مهامه1 بجعل قوات الأمن الداخلي تحت سلطته، على حساب رئيس الحكومة طبعا.
بالإضافة إلى أن مواقفه المتصلبة والانعزالية تثير الغموض والحيرة، وتدفع بالدوائر السياسية والدبلوماسية التي تعودت على مسؤولين يبحثون عن التحالفات والتوافقات، إلى سؤال دائم: “ما هو هدفه؟” ذلك أن تصريحاته المبهمة كانت تثير الغموض حول نواياه.
ثم قد يكون عبّر خلال لقائه بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) عن رغبته في العودة إلى صيغة معدلة من دستور 1959، دون تفصيل لطبيعة هذا التعديل، رُغم اعتباره في وقت سابق أن “تلك النسخة كانت صُممت على مقاس شخص وحزب”، ثم اعتبر أن “نواب المجلس الوطني التأسيسي (2014) اعتمدوا ذات النهج، لكنهم صمموا أكثر من بدلة لتظلّ على مقاس التوازنات التي أفرزتها انتخابات 2011”. وفي هذا الإطار، تكهن سعيّد منذ يناير/كانون الثاني 2014 بوقوع “تجاذبات خلال الانتخابات القادمة وذلك في ضوء تغيير التوازنات السياسية التي تحدث في غضون ذلك”. مضيفا أن “غياب الإرادة السياسية لمراجعة حقيقية للنظام من أجل مشروع بديل يقطع مع الماضي قد ظهر جليا”.
ولا يبدو أن قيس سعيد قد تخلّى عن المشروع الذي بنى حوله حملته الانتخابية، أي “قلب هرم السلطة” والتأسيس لتمثيل شعبي جديد يستوجب بناؤه تجاوز الأحزاب السياسية وإلغاء التمثيل النيابي الحالي، وهو مشروع ينطلق من التمثيل المحلي إلى الوطني من أجل تجسيد السيادة الشعبية. وقد كان أعلن عن ذلك عند اجتماعه برؤساء حكومات سابقين يوم 15 يونيو/حزيران حين قال: “إن مهمتي تتمثل أساسا في مواصلة الانفجار الثوري مع التقيّد الصارم بالمؤسسات”. وقد كان أكثر وضوحا خلال هذا اللقاء، حيث أشار إلى المآلات التي يريد إعطاءها إلى الأزمة: “أنا مستعدّ للحوار، لكن الحوار الحقيقي لا يجب أن يكون محاولة يائسة وبائسة لإضفاء مشروعية كاذبة للخونة واللصوص. (…) كما يجب أن يكون الفصل الأكثر أهمية للحوار حول مسألة النظام السياسي ونظام انتخابي جديد يصبح بمقتضاه كل نائب مسؤولا أمام ناخبيه. كما يجب أن يفضي الحوار إلى الانتقال من الوضع الحالي إلى وضع جديد، بعيدا عن كل صفقة مع الداخل أو الخارج”.
وبذلك يكون قيس سعيّد قد تباين بوضوح مع الحوار الوطني لسنة 2013 “التوافقي” الفوقي، للتوليف بين النخب القديمة الساعية لإعادة “الرسكلة” ونخب النهضة الصاعدة الباحثة عن الاندماج. ولئن ساهم ذلك الحوار في تهدئة الساحة السياسية، فإنه ضبط أيضا إيقاع الانتخابات التشريعية الأولى (2014-2019) التي عوقبت بانتخابات 2019 بسبب عدم قدرتها على الإصلاح وفشلها في استيعاب الانتظارات الشعبية. وبعبارة أخرى، يسعى قيس سعيد إلى وضع حدّ لهذه الصيغة التوافقية للانتقال الديمقراطي. وبصفة أعم، يبرز إصراره على الحديث عن الفساد رغبته في قطع علاقة الدولة بدوائر الأعمال والتدخلات الأجنبية.
رئيس في عزلة
يراهن قيس سعيد لبلوغ أهدافه على ديناميكيتين: شرعيته الشعبية المباشرة واهتراء شرعية البرلمان، وهو يسعى بذلك لفرض نفسه في اللحظة الحاسمة كبديل أوحد لسلطة فاشلة، لكن “مسار التاريخ” قد لا يكون كافيا لتعبيد الطريق أمامه.
فالشركاء الأجانب الذين لهم نفور طبيعي من المغامرة السياسية يرتابون منه. أما النخب التونسية، فتعتبره متهورا، ذا نزعات معادية للحرية، وما من وسيلة إعلام أو حزب سياسي أو مثقف يدعم مشروعه، كما ليس هناك من شخص في موضع مهم من مفاصل الدولة يمكن أن يدفع في لحظة تسريع عجلة التاريخ باتجاه مشروعه.
في أواسط مايو/أيار، نشرت “ميدل ايست آي” وثيقة وصفتها بالمسربة من رئاسة الجمهورية تعرض تفاصيل خطة، لا بغاية “انقلاب عسكري” بالمعنى الدقيق للكلمة بما أنه لا يفترض عزل أية سلطة، ولكن بغاية تفعيل الفصل 80 من الدستور الذي يمنح لرئيس الدولة كل السلطات عند مواجهة “خطر داهم”، “يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة” وهو ما يُعتبر قفزة إلى المجهول بالنظر إلى أن المحكمة الدستورية التي يمكن اللجوء إليها خلال ثلاثين يوما للتأكد من مدى صحة “الظروف الاستثنائية” غير موجودة الآن.
ولا يوجد في الوثيقة غير الممضاة ما يسمح بتقييم وضعها: هل جاءت بمثابة نصيحة طلبها رئيس الدولة؟ وعلى أي مستوى وقعت مناقشتها؟ أما الرئيس، فقد أكد علمه بها ولكنه أشار أنها لا تلزمه.
وتبقى عملية التسريب هي الأهم، حيث لم تنتهز حركة النهضة الفرصة لإطلاق حملة دعائية علنية ضد قيس سعيّد والتذكير بحرصها على حل تفاوضي. لكن الحزب أعرب عن قلقه لدى السفارات الأجنبية حيث يُعتبر نشر مشروع انقلاب دستوري بذلك الوضوح تأكيدا للمخاوف التي تطفو على السطح منذ أشهر عديدة. وقد سحبت عملية النشر خاصة البساط من تحت أقدام قيس سعيد الذي أُجبر على التباين مع هذه الفرضية.
الجيش، استثمار آمن
دعما لرغبته في تجسيد الدولة ووحدتها، يسعى قيس سعيد للظهور باستمرار مع الجيش، باحثا دون شك عن السند للوقوف صدّا منيعا في مواجهة “سلطة الأحزاب” ولكن يظل الجيش على حياده وتبقى فرضية تدخل عسكري مباشر في الساحة السياسية غير محتملة، إذ خلافا للجزائر أو مصر، حيث إن بقاء النظام حيوي بالنسبة للجيش، يحبذ الجيش التونسي في زمن الأزمات الحادّة تحفيز السياسيين على العمل من أجل تثبيت استقرار المؤسسات. وعلى سبيل المثال، وجّه جنرالات متقاعدون، أواخر مايو الماضي، رسالة مفتوحة الى قيس سعيد يدعونه فيها الى تقديم تنازلات.
ولكن ما الذي سيحدث لو ظل الوضع بهذا الانسداد الخطير؟ أي المواقف ستسندها الكوادر العليا للجيش إذا ما قررت التدخل؟ هذا غير معلوم الآن.
في الأثناء، يظل الجيش رأس مال رمزي واستثمارا آمنا فعلا. وقد حاول مترشحون آخرون لدور القيصر استمالته لصالحهم. فخلال حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، أصرّ عبد الكريم الزبيدي، آخر وزير دفاع للباجي قائد السبسي، على عقد اجتماعه الانتخابي الأهم أمام الصور الضخمة لأبرز قيادات أركان الجيش العليا. ولكن هذه الرمزية لم تحقق له نجاحا ملموسا، حيث كان ترتيبه الرابع بنسبة 10.7 بالمائة من الأصوات.
حاليا لا يخفي الأميرال المتقاعد كمال العكروت، المستشار العسكري للباجي قائد السبسي، طموحاته السياسية. ويطرح نفسه بديلا احتياطيا ممكنا في الانتخابات الرئاسية القادمة، لكنه اكتفى إلى حد الآن هو الآخر بمطالبة قيس سعيد باستعمال صلاحياته خاصة ضمن مجلس الأمن القومي من أجل إيجاد حلاّ للأزمة.
وعبر طريقة أكثر فلكلورية، لا تتردد عبير موسي، رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، في الاستعراض بثياب تشبه تلك التي تستعمل في التمويه العسكري خلال تظاهرها في الشارع. وتستفيد موسي التي كانت الأمينة العامة المساعدة للتجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم قبل 2011، من تردّي الاوضاع الاجتماعية والحنين إلى الشعور بالأمن تحت رعاية نظام بوليسي، وهي تستند إلى ركيزتين: كراهية عميقة لجزء من الرأي العام تجاه حركة النهضة، ومساندة بعض النقابات الأمنية. ومنذ بداية الدورة التشريعية، تخصص موسي مع بقية نواب حزبها -وهم 16- نشاطهم لإعاقة عمل البرلمان. وقد ظهرت طوال أسابيع بمقر المجلس معتمرة خوذة ومرتدية سترة واقية من الرصاص، وكانت تقطع باستمرار سير الجلسات عبر مكبر صوت. هذه التصرفات الفوضوية تمنحها بعض الشهرة (سبر الآراء الأخير يضعها في المرتبة الاولى خلال الانتخابات التشريعية القادمة)، لكن لا يمنحها بالضرورة مصداقية كبيرة، حتى ضمن الكثير من الدستوريين القدامى الذين يعتبرونها وصولية.
إذا كانت اللحظة تستدعي قيصرا، فلا يبدو أن أيا من المرشحين قادرا على فرض نفسه كبديل للجمود الحالي. على المدى المتوسط، ترتفع أصوات منذ 2015 منادية بنظام رئاسي ليس على الطريقة الأمريكية، حيث يواجه الرئيس الكونغرس الذي يتمتع بوسائل مراقبة قويّة، ولكن لإعادة قصر قرطاج كمكان للإدارة الرسمية للدولة وغير الرسمية للتحكيم السياسي والاقتصادي، حتى تستعيد البلاد السلطة والنجاعة، مع أن الجائحة أثبتت أن النظام الرئاسي يضاعف من أخطاء القائد أكثر من ضمانه لفاعلية السياسات العامة.
تيري بريزيون صحفي مراسل في تونس
المصدر: موقع أوريان21