كشف مصدر مطلع مقيم في أراضي 48 ل”المدن”، أن العمليات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة. وأوضح أن هذا جاء نتيجة اتفاق وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد، مؤخرا، مع المسؤولين الأميركيين خلال زيارته إلى واشنطن، ومفاده أن “تل أبيب لن تفاجئ واشنطن مطلقاً بأي عملية عسكرية ضد إيران ومجموعاتها سواء داخل الجمهورية الإسلامية أو في مناطق تمددها وخاصة في سوريا”.
كما برز توافق مشترك على ضرورة منع التموضع الإيراني في سوريا وتشويش مشروع الصواريخ الايرانية “الدقيقة” خلال زيارة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس إلى واشنطن مرتين في الأشهر الأخيرة.
ووفق المصدر، فإن القنابل المستخدمة في هذا النوع من القصف الإسرائيلي أميركية الصنع (جي بي يو GBU-39) بينما لن تمنح أميركا هذه القنابل لو استخدمتها اسرائيل بصورة غير مقبولة بالنسبة لها.
تفهم أميركي مشروط
وبين المصدر أن تفهّم الإدارة الأميركية للعمليات الإسرائيلية في سوريا حينما تكون هناك ضرورة ملحة مثل إنشاء مصانع لتطوير صواريخ “دقيقة” أو نقل اسلحة متطورة إلى حزب الله في لبنان، ينطلق من اتفاق أميركي-إسرائيلي مشترك يقضي برفض التمدد الإيراني في الشرق الأوسط وإحباط المخاطر الأمنية.
وتابع المصدر: “صحيح، لا يوجد حلف دفاعي عسكري أميركي-إسرائيلي مشترك رغم محاولة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو تحقيقه. ونعم، هناك امتعاض أميركي من بعض العمليات الاسرائيلية وخلافات بين الطرفين حول أمور عديدة، إلا أن واشنطن بدت راضية عن العمليات الاخيرة في سوريا، فيما تحرص إسرائيل على استقلاليتها في هذه الهجمات حفاظاً على سرية نهجها”.
وبحسب المصدر، فإن الجيش الاسرائيلي لم يخبر استباقياً نظيره الأميركي في كثير من الأحيان بعملياته السابقة في سوريا، لأن “واشنطن سرّبت في إحدى الهجمات السابقة أنباء للأطراف الفاعلة في سوريا بأنها ليست هي التي تقف وراءها وإنما اسرائيل”. بيدَ أنه تم إخبارها مؤخراً عن هجمات وشيكة ستشنها في سوريا لردع أنشطة إيرانية عسكرية.
وبحسب المصدر، فإنه رغم رغبة أميركا بالعودة إلى الاتفاق النووي ووقوع عمليات أمنية تُجهض المفاوضات الرامية إلى ذلك، إلا أنها رافضة للتمدد الإيراني في المنطقة، علاوة على إدراك واشنطن لأهمية الضغط العسكري على إيران في سوريا، كعامل مساعد على طاولة التفاوض النووية وبما يخفّض سقف طهران.
وأكد وجود مصالح مشتركة لأكثر من جهة فاعلة في سوريا برفض التمدد العسكري الإيراني الذي يُعتبر غير مرغوب فيه سواء من أميركا أو روسيا وحتى من رأس النظام السوري بشار الاسد، مهما ظهر في الإعلام والسياسة من مواقف مُغايرة.
وتقول المستويات الأمنية في تل أبيب- كما ترصدها مراكز بحثية عن قرب- إن ما حصل في الأيام الاخيرة دليل على استمرارية الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية (الحرب بين الحروب) في سوريا، وهي استراتيجية خضعت عموماً للتنسيق بين واشنطن وتل ابيب، وليس بالضرورة “الإخبار” قبل تنفيذ كل ضربة وهجمة. لكنّ ما جرى في ظل حكومة نفتالي بينيت الجديدة كبادرة حسن نية تجاه إدارة بايدن أنه حصل نوع من التنسيق العامّ بخصوص الضربات الاخيرة في سوريا ما دامت تحقق مصلحة مشتركة للطرفين.
لكنّ هذا، لا يعني التفاهم الأميركي-الإسرائيلي على مجمل الملف الايراني، بحسب المصادر؛ ذلك أن ثمة خلافات بين الطرفين بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، وهو ما يستوجب زيارة مرتقبة لبينيت الى واشنطن للتباحث بشكل أعمق في مجمل الملف الشائك ومزيد من الحوارات على مستويات مختلفة. ناهيك عن رفض أميركي لأي هجمات إسرائيلية في العراق.
التنسيق مع روسيا
وبالنسبة للتنسيق مع روسيا، بينت مصادر “المدن”، أن التنسيق الاستباقي بين إسرائيل وموسكو يجري قبل تنفيذ أي هجوم بدقائق؛ منعاً لأي خطر يمس بالجنود الروس. لكن المصادر أوضحت أيضاً أن ما يهم روسيا من الناحية الاستراتيجية هي منطقة الساحل السوري، إذ يكون التنسيق بحذافيره حينما يكون هناك أي نشاط إسرائيلي، فيما تبدو روسيا أقل اكتراثاً حينما يكون القصف الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في مناطق أخرى سواء في الشرق أو الوسط أو غيرها.
غير أن صدور مواقف روسية ناقدة للهجمات الإسرائيلية أحياناً يندرج في سياق محاولات موسكو المحافظة على توازنات القوى في سوريا؛ وذلك كلما شعرت أنها بحاجة للقول للولايات المتحدة على طريقتها “إنها موجودة في سوريا ومؤثرة”.
المصدر: المدن