البحث يحمل جهدا مشكورا لمصطلح أو مفهوم من أكثر المفاهيم أو المصطلحات غموضا، رغم أنه من أكثرها استخداماً وشيوعاً وخصوصاً في العقود الأخيرة، وإذا كان الانطباع العام للمصطلح “الشعبوية”، يوحي بالسلبية، إلا أنه ليس كذلك دائما إذ ان جذره يتصل بالموقف الشعبي، وبتلبية التطلعات الشعبية .
القارئ للبحث / المقال لابد أن يخلص إلى دقة توصيفنا للشعبوية، بحيث لا يستطيع أن يتبين الفارق بين الموقف الشعبوي، والموقف الشعبي.
بين الممارسة الحزبية الطبيعية التي تتضمن التحالف والتصراع، الاختلاف والتوافق، المرحلية والاستراتيجية،
وبين الممارسة التي تستجدي هوى الناس، وتعمل على استجداء هذا الهوى لتحقيق أغراضها مستفيدة في ذلك من موقف عارض لتحقق تغييرا استراتيجيا.
مثال ذلك موقف اليمين المتطرف الاوربي الذي استغل مسألة الهجرة وما جرته من مشكلات في تلك المجتمعات، وركب تلك الموجة وضخمها وبنى عليها لكسب صوت الناخب والوصول الى السلطة لإقامة نظام يميني عنصري مغلق.
الذي يدقق في توصيف الكاتب للكتل او التيارات الرئيسية الثلاثة:
الاسلامية ممثلة بالنهضة
والقومية اليسارية ممثلة بالجبهة الشعبية
والحزب الدستوري الممثل لاستمرار مرحلة بن علي.
سيكتشف أنها جميعها لم تستطع أن تكون شعبويا كما يجب، لذلك فقدت – كما يؤكد الكاتب – الكثير من جمهورها، ولم تكسب جمهورا إضافيا، وكسب الجمهور هو أحد أغراض الخطاب الشعبوي.
الحق أن تحليل الشعبوية في الحياة السياسية ليس بالأمر السهل، لأنها هي نفسها لا تملك التحديد الضروري الذي يفترض توفره في مفهوم “المصطلح” نفسه، ومع ذلك فإن المقال / البحث قدم لنا عرضا وتحليلا للخارطة السياسية التونسية مهمة وواعية لأنها تبتعد عن الهرج الاعلامي في التعامل مع هذا الساحة. لذا يستحق على جهده هذا الشكر والتقدير.