يبدو أن خطط روسيا الهادفة إلى السيطرة على ما تبقى من مقدرات الدولة السورية آخذة في التمدد، وذلك بعد كشف نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف من دمشق، عن تحضيرات تجريها بلاده مع النظام السوري، وصلت لمراحلها الأخيرة بشأن اتفاق تجاري-اقتصادي جديد.
وأضاف بوريسوف الذي التقى الثلاثاء الأسد ومسؤولين سوريين آخرين، أن روسيا تساعد سوريا بإمدادات القمح والمشتقات النفطية، و”نتمنى مع مرور الوقت أن يتحسن الوضع في سوريا لتنفيذ المشاريع ذات الأهمية الكبرى المتعلقة بإعادة الإعمار”. واعتبر أنه يجب ضمان المزيد من التطبيع مع “الحكومة السورية” ليس بالوسائل العسكرية أو السياسية بقدر ما هو بالوسائل الاجتماعية والاقتصادية.
ولم يكن ما يبدو تسارعاً من روسيا نحو توسيع قاعدة مصالحها التجارية والاقتصادية مفاجئاً. ويقول الباحث والمحلل الاقتصادي رضوان الدبس إن تحركات روسيا في الملف السوري تركز حالياً على اتجاهين، “الأول المساعدة في تعويم النظام، وهو ما اتضح من خلال إعادة بعض الدول لعلاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وأيضاً من خلال ما بدا انفتاحاً أممياً على النظام”.
ويضيف ل”المدن”، أن “روسيا التي تعتقد أن مهمتها الأولى (تعويم النظام) قد نجحت إلى حد ما، تريد الانتقال إلى توقيع عقود طويلة الأمد واستثمارات شراكات مع النظام، لجني ثمار نحو 6 سنوات من تدخلها العسكري المباشر في سوريا، بحيث تضمن أن يكون لها الحصة الأكبر في اقتصاد سوريا”.
وتأسيساً على ذلك، لا يستبعد الدبس أن يشهد اقتصاد النظام حالة من الارتياح، قائلاً:”من غير المستبعد أن تنفرج أزمة نقص المحروقات لدى النظام، وكذلك القمح”.
المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف يضع الحديث عن اتفاق تجاري جديد بين النظام السوري وروسيا، في إطار سعي الأخيرة إلى تحديد قواعد التجارة والتعرفة الجمركية وغيرها من الأمور التي يجب ضبطها للتبادل التجاري.
ويضيف أونتيكوف في حديث ل”المدن”، أنه لا يوجد تفصيل استثنائي في مثل هذه الاتفاقية، وروسيا وقعت أكثر من اتفاق مماثل مع العديد من الدول، وقال: “يعكس هذا الاتفاق مدى التعاون بين روسيا وسوريا، وهذا الأمر طبيعي جداً”.
في المقابل، يقلّل المستشار الاقتصادي في مركز “جسور للدراسات” خالد التركاوي من أهمية الحديث الروسي عن اتفاقية تجارية جديدة مع النظام السوري. ويقول ل”المدن”: “العام الفائت أعلنت روسيا عن توقيع عشرات الاتفاقات مع النظام”، متسائلاً: “لكن على أرض الواقع هل يوجد نتائج؟”.
ويضيف التركاوي أن روسيا ترغب دائماً أن “تثبت أنها تحصد أو ستحصد ما أنفقته في سوريا، لكن حتى الآن علاقتها مع سوريا هي علاقة محتل ببلد يحتله، يستخدم ما يريد من موارد، ويطلق ما يريد من أحكام ثم يصرح بأنها اتفاقات تجارية”. ويتابع”: “مع هذا روسيا لليوم خاسرة اقتصادياً ووجودها في سوريا لا يزال مكلفاً وخصوصاً على الصعيد العسكري”.
الواضح أن روسيا تريد ضمان حصول شركاتها على الأفضلية في الاقتصاد السوري، بدلاً من استحواذ إيران عليها، وخصوصاً في مجال النفط والطاقة والفوسفات والآثار والسياحة، وهذا ما أكده تصريح رئيس اللجنة السورية الروسية المشتركة عن جانب النظام، منصور عزام عندما قال إن هذه الجولة من المباحثات والنتائج التي تم التوصل إليها سيكون لها الأثر الكبير في رفع حجم التبادل التجاري وتشجيع الاستثمار المتبادل بين الجانبين.
المصدر: المدن