في وقت يجاهد فيه الجيش اللبناني لبسط الأمن وضبط المخلين به، من خلال المهمات التي ينفذها والتدابير التي تتخذها وحداته على كافة الاراضي اللبنانية، وفي وقت يدق قائد الجيش العماد جوزاف عون ناقوس الخطر ويسعى لتأمين الدعم له، بعدما استفحلت الازمة الاقتصادية والمعيشية والسياسية في البلاد والعباد وبقيت المؤسسة متماسكة، الا ان ثمة محاولات مكشوفه ل “حرقه” وزجه بأتون السياسة من قبل “حزب الله”. في الوقت الذي حذر فيه قائد الجيش من انهيار المؤسسة العسكرية، معتبرا أن المس بها سيؤدي الى انهيار الكيان اللبناني وانتشار الفوضى، بات من المؤكد ان المؤسسة العسكرية في مأزق كبير، ما لم يتدارك السياسيون الوضع سريعا والقيام بخطوات انقاذية. ووفي الوقت الذي يتعاطف فيه العالم مع الجيش اللبناني، ويعقد المؤتمرات لمساعدته، يصعّد اعلام حزب الله هجومه على العماد جوزاف عون من خلال مسلسل المقالات والاخبار الممنهجة، التي لامست في مضمونها وعباراتها حد الخيانة والتهديد والتحريض، ونشرت صحيفة منذ يومين مقالا تهديديا تحت عنوان :”جوزف عون لا تلعب بالنار” تناول كاتب المقال قائد الجيش على كل الصعد الشخصية والعامة، معتبرا انه أصبح في الحضن الأميركي، ورأت الصحيفة الممولة من “حزب الله” في قلق عون وحرصه على المؤسسة وطلب المساعدة استجداء للدول الداعمة. الجميع يدرك ان انهيار هذه المؤسسة هو ضرب للاستقرار وانتشار للفوضى، وبالتالي سيصبح لبنان في مهب الريح، فلمصلحة من الحملة المركزة على قائد الجيش في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان وما سرها؟ درجت العادة والعرف الامني اللبناني أن يكون قائد الجيش، بأمرة مسؤول لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا، ليبقى هذا الجيش بمثابة شرطي يتم استخدامه في عمليات قمع او واجهة لمواجهة مذهبية، تحت غطاء الثلاثية “الخشبية” جيش شعب مقاومة، القاعدة التي كسرها الرئيس السابق ميشال سليمان، ولم يتبناها في خطاباته العماد جوزاف عون، هذه الشخصيات والتحولات أربكت “حزب الله” الذي يسعى دائما لأن تكون المؤسسة العسكرية فاقدة للشخصية والهيبة والقوة، من اجل ان يبقى منطق وجود سلاحه قويا، الا أنه تفاجأ بشخصية صلبة تأخذ قرارات دون مراجعات. اشتدت الحملة على الجيش في أعقاب ثورة السابع عشر من تشرين ٢٠١٩، عندما رفض العماد جوزاف عون الانصياع لضغوطات، رئيس الجمهورية ميشال عون وامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، باستخدام القوة ضد المتظاهرين، لتبدأ بعدها نغمة أن قائد الجيش يسعى للوصول الى بعبدا بدعم أميركي، في محاولة لتوريط عون وادخال الجيش في تجاذبات سياسية لطالما بقيت المؤسسة بمنأى عنها. ومن اسباب تصاعد النقمة على القائد، هو أنه استطاع كف يد السياسيين التي كانت تتغلغل في الجيش، للتدخّل في التشكيلات والتعيينات، منطلقاً من قاعدة انّ الولاء هو للمؤسسة والقيادة وليس للطائفة او الزعيم، وأن لا غطاء للمخالفين في مناطق نفوذ الاحزاب، خاصة في الضاحية والبقاع حيث يحظى المخالفون بغطاء من حزب الله، اضافة الى ابعاده العامل السياسي عن نتائج امتحانات الكلية الحربية، ما دفع بالبعض للجوء الى سلاحه التقليدي، المتمثل بالطائفية والمذهبية ليرفع الصوت، مطالبا بادخال المحسوبين عليه، ولكن قرار القيادة كان حاسما، لجهة رفض من لا يثبت جدارته وكفاءته، رغم يقينها بأن الامر سيرتب الكثير من العداوات. أما السبب الحقيقي وراء الحملة المسعورة، التي وصلت حد تهديد وتخوين قائد الجيش، فهو الحدود الشرقية شريان حياة “حزب الله”، ومحاولة ضبطها من قبل الجيش اللبناني بمساعدة أميركية وبريطانية، فبعد انتصار الجيش في عملية “فجر الجرود”، بدأ العمل لضبط الحدود ومنع اي تسلل أمني وضبط عمليات التهريب، ولاقت خطوة الجيش اهتماما ودعما غربيا، حيث بدأت بريطانيا استكمال مشروعها الحدودي الذي بدأ عام 2009، بانشاء شبكة أبراج مراقبة متطورة هدفها ضبط الحدود والاشراف على المعابر، وهي مزوّدة بكاميرات نهارية وليليّة ومراصد إلكترونية للأفراد والآليات، وتقوم بنقل المعلومات إلى غرفة العمليات في قيادة الجيش، وتتصل الأبراج بعضها بالبعض الآخر، للحصول على رؤية كاملة للحدود، وتستطيع أجهزة الأبراج رصد مساحة تصل إلى حدود الـ 20 كلم.. جن جنون حزب الله وأعطى الضوء الأخضر لاعلامه لشن حملة بلا حدود على شخص العماد جوزاف عون والمؤسسة العسكرية خلفه. وفي هذا السياق، تشير مصادر خاصة في “حزب الله” أن هناك أجندة باتت مشتركة بين البريطانيين والأميركيين والجيش اللبناني ممثلا بجوزاف عون، هدفها تثبيت الفصل الجغرافي والسياسي بين لبنان وسوريا، وفصل المسارات السياسية والعسكرية بين البلدين، عبر رصد طرق إمداد “حزب الله” وحصاره، وتحويل الجيش اللبناني إلى جيش من القوات الخاصة وحرفه عن قتال إسرائيل. انهيار الجيش اللبناني يصب في مصلحة “أبدية سلاح حزب الله”، كما ان في ضعفه مصلحة للعدو الاسرائيلي. وتستغرب مصادر عسكرية، “كيف لفئة تعتبر نفسها وطنية ومقاومة، أن تسعى في هذه الظروف القاسية التي يمر بها لبنان، الى أن تكون رأس حربة في ضرب اخر مؤسسات الدولة اللبنانية، مؤسسة الجيش التي قدمت الشهداء في مواجهة العدو الاسرائيلي والتكفيري وهي تحظى باجماع اللبنانيين؟
المصدر: جنوبية