يسود التوتر في جبهات إدلب ومحيطها بعد تداول معلومات حول استعدادات قوات النظام والمليشيات الموالية لها لاستئناف العمليات العسكرية ضد المعارضة السورية، في ضوء عمليات القصف المكثف التي نفذتها قوات النظام على خطوط التماس.
وقد التهمت النيران عشرات الهيكتارات من محاصيل القمح والشعير في المناطق القريبة من خطوط التماس بين المعارضة السورية وقوات النظام في قرى خربة الناقوس والمنصورة والقاهرة في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي ومناطق جبل الزاوية جنوبي إدلب، بعد أن شهدت المنطقة قصفاً برياً مكثفاً شنّته مرابض المدفعية والصواريخ التابعة لقوات النظام المتمركزة في منطقتي معرة النعمان في الجبهات الشرقية وكفرنبل في الجبهات الجنوبية.
وقال مصدر عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير ل”المدن”، إن “القصف البري لقوات النظام والمليشيات تزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية في سماء المناطق المستهدفة، والذي يتولى عادة عمليات الرصد ومتابعة المواقع المستهدفة بالنيران الأرضية، ويعمل على تزويد المرابض بالإحداثيات من أجل تصويب رماياتها وتحقيق إصابات أكثر دقة”.
وأضاف المصدر أن “قصف قوات النظام الذي تعرضت له مناطق جنوبي إدلب وسهل الغاب هو الأعنف منذ انتهاء انتخابات الأسد، وبدا استهداف الأراضي الزراعية من جانب قوات النظام مقصوداً، لأنه لم يستهدف نقاطاً عسكرية أو مدنية، ويهدف إلى إلحاق الضرر البالغ في محاصيل الفلاحين الذين باتوا يسابقون الزمن ويعرّضون أنفسهم للخطر من أجل حصاد محاصيلهم قبل أوان حصادها لكي لا تطاولها نيران قوات النظام”.
وتبدو مخاوف فصائل المعارضة من استئناف قوات النظام لعملياتها العسكرية على إدلب مبررة، فعمليات حرق المحاصيل الزراعية في المنطقة الملاصقة لخطوط التماس تتبعها عادةً القوات التي تنوي تنفيذ عمليات عسكرية برية ويؤمن لها إتلاف الأحراش وحرق المزارع مدى رؤية أكبر باتجاه منطقة العمليات التابعة لقوات الخصم، كما يؤمن لها انكشاف القسم الأكبر من عمليات التحصين والتمويه في نقاط رباط خصومها، ويسهل عليها عمليات الاستطلاع والرصد الجوي والتقدم البري كخطوة لاحقة لعمليات التمهيد.
وتبدو فرضية عودة المعارك إلى إدلب واردة بعد سلسلة من التلميحات لقادة في قوات النظام ومسؤولين في حزب “البعث” حول نية النظام فرض “هيبة الدولة” على المناطق الخارجة عن سيطرته، وذلك أثناء الحشد لانتخابات بشار الأسد.
وعزّزت المخاوف من عودة المعارك تسريبات تناقلتها التنظيمات السلفية المناهضة لتحرير الشام، وشخصيات سلفية مقربة من تنظيم “حراس الدين” قالت إن “الأتراك أبلغوا هيئة تحرير الشام بأن هناك حملة اجتياح مرتقبة للنظام وروسيا على ما تبقى من إدلب في الفترة التي تلي انتخابات الأسد، والمعركة ستكون معركة بقاء. تكون أو لا تكون”.
واتهم السلفيون تحرير الشام بالتهاون والاستخفاف بحجم التهديدات، وقالوا إن “الاستهتار بالتحصين من قبل تحرير الشام هل هو صدفة أم لأجل تنفيذ الاتفاقات الجديدة ما بين تركيا وروسيا كالعادة؟، وهل التحصين والتدشيم يكون أثناء المعركة فقط أم يكون في مراحل السلم والإعداد؟ في الحملة العسكرية الأخيرة لقوات النظام وروسيا على إدلب قامت تحرير الشام بحفر خندق طويل ومكلف جداً على محور غاية في الأهمية ومنذ مدة قامت جهات من تحرير الشام بطمر أجزاء كبيرة من الخندق ليصبح بلا فائدة بالرغم من دفع آلاف الدولارات لحفره وتجهيزه”.
وشهدت منطقة العمليات التابعة لقوات النظام في ريف إدلب استنفاراً عسكرياً يوم انتخابات الأسد، وتزامن رفع الجاهزية مع زيارة العميد سهيل الحسن زعيم مليشيا الفرقة 25 مهام خاصة (قوات النمر) إلى غرفة العمليات في مدينة معرة النعمان، والإدلاء بصوته في الانتخابات التي جرت في المركز الانتخابي الذي افتتحه النظام للعسكريين في المركز الثقافي القديم في شارع أبي العلاء داخل معرة النعمان.
وتجول زعيم مليشيا النمر في شوارع معرة النعمان برفقة قادة المجموعات وعدد من عناصر القوات الخاصة الروسية. زيارة الحسن اعتبرها فريق في المعارضة بأنها مؤشر يدعم فرضية عودة المعارك إلى إدلب، في حين يرى فريق آخر في المعارضة أن التحركات العسكرية الأخيرة لقوات النظام وزيارة الحسن وكثافة القصف لا تعني بالضرورة اقتراب المعركة، ويرون أن خريطة السيطرة لن تتغير على الأقل خلال النصف الثاني من العام 2021.
المصدر: المدن