يبدو أن النظام السوري وحليفه الإيراني لا يزالان يسعيان للتخلص من السكان “غير المرغوب فيهم” في الجنوب، وتحديداً في درعا والقنيطرة، إذ يتطلع النظام الإيراني لبسط نفوذه بشكل كامل على الجنوب، في محاولة لاستخدامه للضغط على إسرائيل، القريبة من خلال تواجدها في الجولان المحتل، خصوصاً بعد تزايد استهدافها أخيراً للمليشيات التابعة إلى إيران.
وعاد شبح التهجير ليؤرق أهالي الجنوب السوري، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها بلدة أم باطنة بريف القنيطرة، إذ يسود التوتر بين قوات النظام والمجتمع المحلي إثر هجوم على حاجز للنظام و”حزب الله” في المنطقة. وأكدت مصادر، لـ”العربي الجديد”، أن “حالة من التوتر تسود المناطق المحاذية للحدود مع الجولان المحتل في محافظة القنيطرة، وذلك بعد استهداف قوات النظام لبلدة أم باطنة بريف القنيطرة الأوسط بالقذائف الليلة الماضية (الجمعة)، بذريعة أن الهجوم المسلح على حاجز جبا التابع لقوات النظام مساء أمس الأول انطلق منها، وسط حركة نزوح لأهالي البلدة، وتخوف من اقتحامها من جانب قوات النظام”. وأكد الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، أن “معظم أهالي بلدة أم باطنة غادروا المنطقة مع ساعات فجر أمس السبت، مع استخدام النظام المدفعية الثقيلة من مواقعه في تل الشعار لقصف البلدة، وإعطائه مهلة 12 ساعة للأهالي لمغادرتها”، مشيراً إلى وقوع إصابات بين المدنيين جراء القصف. وأوضح أنه لم يتبقَّ في البلدة سوى أعداد من المسلحين، لا يعرف عددهم بالضبط، كونهم جاؤوا على شكل مؤازرة من المناطق المجاورة. ومساء أمس، سمحت قوات النظام السوري لأهالي بلدة أم باطنة بريف القنيطرة الأوسط، جنوبي سورية، بالعودة إلى منازلهم، بعد مفاوضات مع وجهاء ممثلين عن المنطقة الجنوبية جرت عصر السبت.
وكان مسلحون مجهولون هاجموا بالأسلحة الرشاشة حاجزاً عسكرياً لقوات النظام، قريباً من تل الكروم الملاصق لبلدة أم باطنة، والذي يتواجد فيه عناصر من “حزب الله” اللبناني منذ منتصف 2018. وبحسب مصادر، فقد استطاع عناصر المجموعة المهاجمة خلال الاشتباكات الدخول إلى مقرات الحزب وقتل 3 عناصر. وأعطى النظام مهلة لأهالي أم باطنة حتى الثانية من ظهر أمس السبت لإخلاء البلدة قبل اقتحامها، فيما استمر بالضغط لدفعهم لتنفيذ هذا الأمر، من خلال قصف متقطع بالمدفعية طاول الأحياء السكنية داخلها. وأشار متحدث باسم “تجمع أحرار حوران” إلى أن مجموعات من مدينتي كناكر بريف دمشق، وجاسم بريف درعا، خرجوا نحو أم باطنة لإغلاق الطريق أمام قوات النظام إليها، ومحاولة منعها في حال قررت اقتحامها، منوهاً إلى أن هذا الوضع يشهد مفاوضات بين النظام ووجهاء من المنطقة، لكن دون معلومات مؤكدة عن نتائج.
وقبل اندلاع الثورة كان يعيش في بلدة أم باطنة نحو 3 آلاف نسمة، أما اليوم فلم يتبقَّ فيها سوى ألف، لا سيما بعد اتفاق “التسوية” في درعا والقنيطرة. وتكمن أهمية البلدة، رغم صغر حجمها، بكونها تقع في مثلث تلاقي ريف دمشق مع القنيطرة ودرعا. وكانت اندلعت سابقاً اشتباكات عنيفة بين المعارضة وقوات النظام، ضمن هذا المثلث، الذي عرف حينها بـ”مثلث الموت”. وانتفضت البلدة على النظام منذ بداية الحراك، لكن لم تستطع المعارضة السيطرة عليها سوى في العام 2014. وخضعت أم باطنة مع غيرها من بلدات وقرى درعا والقنيطرة إلى اتفاق التسوية منتصف 2018، بإشراف روسي، لتخرج منها أولى قوافل التهجير إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة. ويخشى الأهالي في البلدة، والجنوب عموماً، من لجوء النظام والإيرانيين لإحداث قلاقل وافتعال هجمات لاتهام عناصر سابقين في المعارضة بالوقوف وراءها، وبالتالي خلق مبرر جديد لعمليات تهجير من الجنوب، تحقيقاً لرغبة إيرانية في المقام الأول، إذ يسيطر “حزب الله” على التلال المنتشرة في القنيطرة ودرعا بقيادة الحاج هاشم، وهو لبناني الجنسية، بحسب “تجمع أحرار حوران”. كما يشهد الجنوب عموماً، وبين ريفي القنيطرة ودرعا تحديداً، انتشاراً للمليشيات الإيرانية، التي تتخفى بين وحدات قوات النظام.
المصدر: العربي الجديد