تسلّم مقاتلو الجيش الوطني السوري والجبهة الوطنية للتحرير في الـ 9 من شباط الفائت آخر منحة مالية، وفي ظل عدم وجود أي مصدر دعم آخر للفصائل، أصبح حال المقاتلين بعد شهرين من انقطاع المنح المالية سيئاً للغاية، دون وجود أي مؤشر عن قرب تسلّم مبلغ يسد احتياجاتهم.
ويعتمد مقاتلو الجيش الوطني على مخصصات مالية تقدمها الحكومة التركية شهرياً للفيالق الثلاثة المقاتلة في مناطق عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، إضافة للجبهة الوطنية للتحرير في إدلب.
تأخر استثنائي
أوضح مسؤول مالي في الجبهة الوطنية للتحرير، طلب عدم الكشف عن هويته، أن التأخير الحاصل حالياً في وصول الكتل المالية للفيالق والجبهة الوطنية هو الأول من نوعه طوال السنوات الـ 3 الماضية، مشيرا إلى أنه في معظم الأحيان تتأخر الكتل المالية شهرياً بمعدل 10 أيام إلى 15 يوماً، وهي نادراً ما تصل في بداية الشهر.
ولفت المسؤول في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن المخصصات ليست رواتب شهرية، وإنما يتسلّم المقاتل 400 ليرة تركية فقط عن كل 40 يوما، ما يعني 10 ليرات في اليوم الواحد فقط.
وأضاف بأن التأخير الحاصل حاليا هو الأطول، مع توارد أنباء على أن الكتل المالية ستسلم للفصائل بداية شهر رمضان وسيكون هناك كتلة ثانية نهاية رمضان بمنزلة تعويض عن التأخير الحاصل، دون وجود أي دلالات واضحة على تسلّمها
“المجلس العسكري” أحد أسباب التأخير
يعزو قسم من قادة ومقاتلي فصائل المعارضة التأخر الحاصل في الكتل المالية التركية، إلى احتمالية وجود استياء من قبل الجانب التركي بسبب عدم وجود خطوات عملية للإسراع في تشكيل المجلس العسكري الثلاثي في إدلب.
وأكد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا أن هذا السبب غير منطقي، لأن التأخير في الكتل المالية حصل مع كل مكونات الجيش الوطني وليس فقط الجبهة الوطنية للتحرير.
وطالب قادة الفصائل من الجانب التركي توضيحات عن أسباب تأخر الكتل المالية، وأعربوا عن جاهزيتهم لاتخاذ خطوات لحل أي إشكال في حال كان موجوداً، إلا أن المسؤولين الأتراك ردوا بالتأكيد على عدم وجود مثل ذلك، وعزوا الأمر لـ “ترتيبات تخصهم”.
حلول إسعافية
تمكنت بعض الفصائل سواء في الجبهة الوطنية للتحرير في إدلب أو في الفيالق الثلاث شمالي حلب من تأمين دفعة مالية إسعافية لمقاتليها لحين حل مشكلة التأخر الحاصلة، ولكن ما تم تقديمه للمقاتلين يعتبر بمنزلة شيء لا يذكر، وذلك بحسب المسؤول المالي لأحد فصائل الجبهة الوطنية للتحرير.
وقفة احتجاجية للمقاتلين
نظم مقاتلون في الجيش الوطني في مدينة مارع، وقفة احتجاجية في الخامس من نسيان الجاري، للمطالبة بإيجاد حل لانقطاع المخصصات المالية، واتهموا قيادة الفصائل بأنهم السبب وراء ذلك.
وأشارت لافتات حملها المقاتلون إلى أن المجالس المحلية والشرطة المدنية لم يتم تأخير رواتبهم، وأن التأخير اقتصر على الفصائل العسكرية.
“لم يكن انتسابنا للجيش الوطني له غاية مادية”
وقال عامر حج حسين، وهو مقاتل في صفوف الفيلق الثالث في الجيش الوطني، لموقع تلفزيون سوري: “الأمر الذي يخفف وطأة الحال بأنه عام على الجميع. لم يكن انتسابنا للجيش الوطني له غاية مادية، ولكن النزوح وصعوبات الحياة تجبرنا على أن نتقاضى مالا لنعيش، وهذا أمر طبيعي، وفعليا هناك كثير من المقاتلين يفكرون جدياً بترك الفصائل والتوجه نحو سوق العمل، ولهذا أبعاد سيئة على الثورة والفصائل العسكرية”.
وقال الباحث عبد الوهاب عاصي في منشور على قناته في تلغرام: “منذ شهرين ولم تقبض فصائل الجيش الوطني رواتب عناصرها المستحقة، وبالمقابل تسارع هيئة تحرير الشام على توزيع الرواتب بموعدها دون تأخير كبير وبمبالغ أعلى تصل إلى الضعف تقريباً، لتظهر نفسها أنّها قادرة على الاستمرار وكنموذج قابل للتطبيق”.
وأضاف: “مع الأسف، رغم أنّ الفصائل لديها القدرة على إدارة مثل هذه الأزمات عبر اقتصاد الحرب القائم على أموال المعابر والترسيم والإتاوات وغيرها، لكنّ كل فصيل ما زال مصرّاً على العمل بمفرده ولصالح قيادته لا لأجل مصالح العناصر والثورة عبر العمل والتخطيط بشكل مشترك”.
تقدم تركيا كل 40 يوماً مبلغ 550 ليرة تركية لكل مقاتل في الجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير، إلا أن هذا المبلغ لا يصل كاملاً للمقاتل، حيث تقتطع قيادة الفصيل نسبة منه كمصاريف ومستلزمات عامة، وبالتالي يتسلّم المقاتل ما بين 300 – 500 ليرة تركية بحسب كل فصيل، وهو مبلغ لا يكفي للأسرة أكثر من 10 أيام في أسوأ الظروف.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا