في مقابلة مطوّلة مع صحيفة “معاريف” الإسرائيلية مع العميد أمير لازار، قائد القوات الجوية والضابط المسؤول عن تدريب وإعداد القوات للقتال – من التدريب الأساسي الى إعداد الفيلق للحرب ضد إيران، تحدث لازار خلالها عن استعدادات سلاح الجو الإسرائيلي للحرب المقبلة، وقال إنه “يستعد عقلياً لسقوط طائرات، ونفسياً لاستيعاب سقوط عدد كبير من الضحايا خلال الحرب”.
وأوضحت الصحيفة أن هذا النوع من المقابلات بالرغم من حساسيته، خاصة في ما يتعلق بالأنشطة والعمليات السرية والعلاقات مع الدول، فإن الأشياء تقال فيه على طبيعتها، وأن لازار صمت مراراً محاولاً اختيار كلماته بدقة، لكن إجابته لم تخلُ من التلميحات والإشارات والرسائل حول القضايا الرئيسية المتعلقة بقدرة سلاح الجو الإسرائيلي على مهاجمة إيران.
ولفت الى أن “السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تميزت بتنسيق المواقف الأميركية – الإسرائيلية بالكامل تقريباً بشأن الاتفاق النووي مع إيران، وقد أدى الانسحاب الأميركي من الاتفاقية والضغط الشديد على طهران الى زيادة التعاون الأمني وتعزيزه بين البلدين”.
وعلى الرغم من توقع الاختلاف في التعامل مع الملفات الهامة والحساسة بين إدارة ترامب وإدارة الرئيس الجديد جو بايدن، فإنهم، في هيئة الأركان، لا يتوقعون أن يكون هناك تغيير في التزام إسرائيل الأساسي بحماية مصالحها، لذلك ليس من المتوقع أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالتغيير من طبيعة أنشطته إزاء التمركز الإيراني في المنطقة.
يعتقد لازار أن الإنجاز الذي حققته إسرائيل كان على صعيد موقف الولايات المتحدة من الملف النووي الإيراني، برغم أن النظام الإيراني يواجه متاعب جمة ومعزول عن العالم. في الحقيقة لا يمكن تناسي أنه بعد سنوات من تراجع برنامج إيران النووي، وبعد إبرام الاتفاق مع القوى العظمى، اتسم العام الماضي بتوجهات مختلفة تماماً، إذ إن إيران خرقت بنود الاتفاق إجمالاً، وقامت بانتهاكات كبيرة وبدأت تخصيب اليورانيوم مرة أخرى بمستويات وصلت إلى 20 في المئة.
وحتى لو فكرت هيئة الأركان الإسرائيلية أن إيران كانت تهدف من هذه الإجراءات إلى الاستفزاز لتحفيز المواقف تجاه استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى الأخرى، لا يمكن لإسرائيل تجاهل حقيقة أن هذه الإجراءات بإمكانها أن تقصر كثيراً المدة الزمنية لوصول إيران لإنتاج قنبلتها النووية، فهناك الآن من يعتقد أنه اذا اتخذت إيران قرارها يمكنها أن تنتج القنبلة في غضون عام واحد فقط.
أولويات كوخافي
ويضيف لازار أن الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة تمكن من تحويل موارده وتخفيض استثماراته في خطة عسكرية فعالة وموثوق بها لتدمير المنشآت النووية في إيران، ولكن الصورة أصبحت مختلفة تماماً حالياً، فليس من قبيل المصادفة أن هذه القضية هي على رأس أولويات رئيس هيئة الأركان أفيف كوخابي، وأن المساهم الرئيسي والأهم في هذه الاستعدادات هو سلاح الجو.
واستثمرت القوات الجوية في السنوات الأخيرة الكثير من الموارد في التدريب والتعاون على المستوى الدولي، وأنشأت واجهة مشتركة مع حلف الناتو والقوات الأميركية حيث تتيح البنية التحتية التكنولوجية ذلك، كما يتم ربط الطيارين لتنفيذ مهام مشتركة خلال التدريبات. وبإمكان الطائرات الحربية التي تخرج في رحلات طويلة أن تصل لكل نقطة في الشرق الأوسط، فكل نقطة تحتاج لعملية معقدة للغاية لتفعيل الهدف، حيث تستند البنية التحتية الى المعلومات الاستخباراتية، وبناءً عليها يتم وضع الخطة العملياتية للتنفيذ.
ليست كالحروب السابقة
ويشرح لازار أنه إذا “اندلعت حرب فإنها لن تكون كالحروب السابقة، وسيكون الهدف تدمير قوتنا. هم يبذلون الكثير من الجهود في هذا الاتجاه، القوة الجوية مستعدة لخوض أي معركة في الشمال بشكل أفضل. السيناريو المتوقع أن تكون الحرب القادمة في الساحة الشمالية معقدة، في أي حرب سنخسر فيها عتاداً وأشخاصاً، لذلك وضعنا تصوراً عملياً يحاكي الواقع ويستند الى بيانات حقيقية خلال تدريباتنا قبل شهرين، وأنا أقوم بالاستعداد عقلياً لسقوط طائرات كما سيتم استهداف مدرجات الطائرات والقواعد العسكرية، لذلك أقوم بالتخطيط لعملية يقع فيها أقل قدر ممكن من الخسائر”.
يضيف لازار: “مثلاً عندما نهاجم سوريا اليوم فإننا نواجه نظام دفاع جوياً يحاول إسقاط طائراتنا. النظام الصاروخي في سوريا هو واحد من أكثر الأنظمة كثافة في إطلاق الصوايخ، وأستطيع التقدير أننا قد تمكنّا بالفعل من تجاوز آلاف الصواريخ التي أطلقت علينا، لذلك فإننا نواجه تحديات كبيرة فعلاً”.
ويخلص الى أنهم “في سلاح الجو الإسرائيلي يلقون نظرة فاحصة على منظومة الأسلحة الإيرانية المنتشرة في سوريا، كما على القوة التي يتم بناؤها في لبنان، ونقوم بإجراء مقارنات. هم يحاولون تحدي قدراتنا الجوية ويقومون بالاستثمار في كثير من الموارد. وبرغم أنها آخذة بالارتفاع، لكن في النهاية ننظر الى طائرات أف -35 التي لدينا كمثال لقدرتنا على مواجهة القدرات الإيرانية في المنطقة. أعرف أنه ليس ثمة مقارنة بين الأمرين، ولدينا ميزة تفوّق تكنولوجية وبشرية، لذلك نعمل على الحفاظ على هذه الميزة، بالرغم من أن الإيرانيين يبذلون جهوداً لتحدي تفوقنا الجوي، فالإصدارات الإيرانية لنظام الدفاع المتقدم “أس 300 ” تقترب منا أيضاً في المناطق المحيطة”.
المصدر: النهار العربي