تنظر المعارضة السورية إلى المؤشرات التي تنبئ باحتمال حدوث تقارب سياسي بين تركيا والسعودية بإيجابية، وتبدي أوساط فيها ارتياحاً واسعاً لتوالي ظهور هذه المؤشرات، التي من شأنها إزالة الخلافات بين أنقرة والرياض.
ويُعدّ الاتصال الذي أجراه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إطار أعمال قمة مجموعة العشرين، وجرى خلاله الاتفاق على تحسين العلاقات بين البلدين، وحل الخلافات المعلقة من خلال الحوار، واحداً من أهم هذه المؤشرات.
وسبق ذلك، تقديم السعودية العزاء للضحايا الأتراك، الذين قتلوا إثر الزلزال الذي ضرب ولاية إزمير مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، وإرسال الرياض مساعدات عاجلة لتركيا.
وقال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري عبد المجيد بركات، إن “للتجاذبات الإقليمية والعربية أثراً سلبياً كبيراً على الثورة السورية، وربما كان للجغرافيا السياسية السورية دور كبير في ظهور هذا الأثر بشكل واضح في كل مراحل الثورة السورية”.
وأضاف ل”المدن” أن لتركيا والسعودية دوراً كبيراً في دعم الثورة السورية، و”من هنا نعتقد أن أي تقارب بينهما سينعكس إيجاباً على كل المستويات، وخصوصا على المستوى السياسي”.
وعلى المنوال ذاته، أشار رئيس الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة مضر حماد الأسعد في حديث ل”المدن”، إلى النتائج السلبية التي لحقت بالثورة السورية وبالشعب السوري، جراء الخلافات والتوترات بين أنقرة والرياض.
وقال إن السعودية اتجهت لدعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وقطعت الدعم عن الجيش السوري الحر، رغم ارتكاب قسد انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء الجزيرة السورية، معتبراُ أن أي التقاء في المصالح التركية السعودية سيعود بالنفع على القضية السورية، لأن المملكة تشكل ثقلاً عربياً، وتركيا تعد من أبرز داعمي الثورة السورية.
كذلك، رحب المحلل السياسي المعارض أسامة بشير بما يبدو تقارباً تركياً-سعودياً قائلاً: “الجميع كان يتوقع أن لا يستمر الخلاف بين أنقرة والرياض، وبالفعل تبدو المياه بينهما في طريقها للعودة إلى مجاريها، وهذا أمر في غاية الإيجابية للثورة السورية”.
وأضاف ل”المدن” أن “التقارب بين أنقرة والرياض، سيؤدي بدون أدنى شك إلى حل أكثر من ملف إشكالي في القضية السورية، وفي مقدمتها ملف قسد، إذ من الواضح أن السعودية ستدفع كما تفعل الولايات المتحدة، بقسد إلى الجلوس مع تركيا، والإصغاء لمطالب أنقرة”.
وقال بشير إن “حل الخلاف بين تركيا وقسد، سيؤدي في النهاية إلى تحالف المعارضة السورية مع الأخيرة، ما من شأنه تشكيل تكتل قوى بمقابل النظام السوري”. وأوضح أن الموقف السعودي لا يزال موقفاً متوازناً تجاه الثورة السورية، وقال: “السعودية رفضت عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، ومن الواضح أن هناك توافقاً تركياً-سعودياً على ضرورة رحيل الأسد، والبدء بمرحلة انتقالية”.
وبعد توتر علاقتها مع تركيا، اتجهت السعودية لزيادة الدعم لقسد بهدف إشغال تركيا، وأرسلت أكثر من مسؤول إلى شمال شرق سوريا.
إنسانياً، رجح مضر حماد الأسعد، أن تعاود السعودية دعم المشاريع الإغاثية والتنموية في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، وقال: “لقد كانت السعودية من الدول السباقة في دعم المجالات الإنسانية والإغاثية في مناطق سيطرة المعارضة، وهناك شبه اعتقاد أنها ستعاود دعمها”.
ترى المعارضة السورية أنها الخاسر الأبرز من الخلافات التركية-السعودية، وتعوُل على حدوث تقارب من شأنه طي حقبة من الخلافات البينية التي أدت إلى نتائج سلبية عدة في الملف السوري، منها تدخل السعودية في تركيبة هيئة المفاوضات العليا، ومحاولتها فرض شخصيات عليها، للهيمنة عليها، بدل تركيا.
المصدر: المدن