يتبع النظام استراتيجية جديدة في تقطيع أوصال قرى ريف درعا الشرقي وإعادة هيمنته الكاملة عليها، عن طريق التقدم الذي يمكن وصفه بالناعم الذي يتجنب إثارة الضجيج، مع تعزيز الحواجز بالعناصر والأسلحة الثقيلة، وتنفيذ عمليات مداهمة برفقة عناصر من الفيلق الخامس المدعوم من روسيا.
خطة النظام الجديدة تقوم على تمدد الفرقة الرابعة في الريف الشرقي بشكل هادئ بالتعاون مع اللواء الثامن في الفيلق الخامس، ما يعني حسب المراقبين فرض الهيمنة الكاملة لحلفاء إيران على الجنوب السوري، علماً أن المناطق الخارجة عن سيطرة النفوذ الايراني في حوران هي مناطق سيطرة الفيلق الخامس في ريف درعا الشرقي.
دور الفيلق الخامس
ويعتمد نجاح النظام في تنفيذ هذه الخطة على تدخل عناصر الفيلق الخامس في كل قرية ينوي اقتحامها لتخفيف وطأة الحدث على السكان، إذ أن الكثيرين منهم يتعاملون مع عناصر الفيلق الخامس كجزء من مكونات المعارضة، بينما تشير كل المعطيات حتى الآن إلى تقاسم أدوار بين الفيلق وقوات النظام في المنطقة.
ويؤكد الصحافي جاد العبد الله ل”المدن”، أن الأسلوب الذي يتبعه النظام في ريف درعا الشرقي يبدأ بالتهديد باقتحام منطقة من المناطق، ثم يتدخل الفيلق لتهدئة الوضع مع السماح بقيام قوات النظام بتعزيز الحواجز وتنفيذ تفتيش روتيني، ثم يتبعه وضع النظام نقاط للفرقة الرابعة ضمن القرى وعلى مداخلها، وبذلك تكون الرابعة قد بسطت سيطرتها على مناطق جديدة مُسيطر عليها شكلياً من قبل النظام، مشيراً إلى وجود أفراد كثر مطلوبين في هذه القرى والبلدات، بينهم ثوار ومنشقون ما يشكل خطراً كبيراً عليهم.
وتابع العبد الله أن “النظام غير قادر على فتح معارك واسعة النطاق في الجنوب السوري من دون موافقة الضامن الروسي الذي وقّع اتفاقيات تسوية مع المعارضة في 2018 ويمنع أي قتال فعلي بين الطرفين”، مضيفاً أن “هذا ما يجعل العمل العسكري ممنوعاً، لذا يلجأ النظام الى العمل الأمني المتمثل بالخطف والاعتقال والاغتيالات التي تطال القياديين البارزين سابقاً في صفوف المعارضة والناشطين”.
وأشار “العبد الله” إلى أن عملية اقتحام حي النخلة في درعا البلد كانت رد فعل غاضب من الفرقة الرابعة على إعلان أول جلسة لتوحيد اللجان المركزية في الجنوب.وغالبا ما تجري عمليات اعتقال مدنيين والإفراج عنهم فورا بوساطة الفيلق الخامس الهدف منها إرهاب وقمع المدنيين لا أكثر، وإظهار الفيلق كصاحب حلول للسكان.
اشتباكات ومقاومة
الحملات الأخيرة التي شنها النظام جاءت في ظل توتر أمني تعيشه المحافظة، وخاصة بعد محاولات قوات النظام اقتحام درعا البلد وقرية الكرك في ريف درعا الشرقي بعد اشتباكات في الأيام القليلة الماضية أدت الى خسائر في صفوف عناصر النظام بينهم ضابط، وتفجير عبوة ناسفة بدورية روسية في المنطقة الشرقية، دون أن يستطيع النظام تحقيق أهدافه بالتقدم أو قطع الطريق بين المدينة والريفين الشرقي والغربي.
ويوضح الناطق باسم تجمع أحرار حوران أبو محمود الحوراني لـ “المدن”، أن تعزيزات عسكرية للفرقة الرابعة قدرت بنحو 20 آلية مزودة برشاشات ثقيلة دخلت من طريق “كحيل-المسيفرة” إلى المنطقة الشرقية من درعا، خلال اليومين الماضيين.
وقال الحوراني إن النظام يسعى من خلال التعزيزات في محيط بلدتي المليحة الشرقية والمليحة الغربية إلى “التضييق على أهالي المنطقة وتطبيق حصار شبه كامل على البلدتين، حيث مُنع المدنيون من الدخول والخروج من القرى والبلدات وتم قطع التواصل بينها من قبل الحواجز المنتشرة على الأطراف”.
كما قامت قوات من الفرقة الرابعة بحملة مداهمة وتفتيش لمزارع وخيام البدو والنازحين من اللجاة ومن العشائر على الطرق الواصلة بين قرى المسيفرة والكرك الشرقي والغارية الشرقية بريف درعا الشرقي، جرى خلالها سرقة ممتلكات النازحين في المنطقة، وهو ما أثار حفيظة الأهالي ودفعهم لمواجهة القوات المقتحمة، إلَّا أن وصول رتل من اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس إلى المنطقة منع استمرار التصعيد، بحسب الحوراني.
وكانت قوات النظام قد عززت عدداً من حواجزها المنتشرة في ريف درعا الشرقي، إضافة لتعزيزات مشابهة بين القرى والبلدات التي تربط محافظتي درعا والقنيطرة بالعتاد الثقيل، خلال الأيام القليلة الماضية.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي الثلاثاء صوراً لجثث شخصين عُثر عليهما على أطراف بلدة المليحة الشرقية، بعد سيطرة قوات النظام عليها مؤخراً، تعرف المواطنون على الشخصين وقالت المصادر أن إحدى الجثث تعود للشاب أدهم الرايد من بلدة عاسم الواقعة وسط منطقة اللجاة، والثانية تعود لعلي يوسف الرفاعي من بلدة الغارية الشرقية شرق محافظة درعا ولا تزال ظروف مقتل الشخصين غامضة حتى الآن.
المصدر: المدن