واصلت القوات التركية عملية الانسحاب من نقاط محاصرة في إدلب، والعمل على إعادة تموضع قواتها، وهو ما ربطته مصادر في أنقرة تحدثت مع “العربي الجديد” بأنه يأتي في إطار مقايضة بين أنقرة وموسكو تتعدى سورية لتشمل التسوية التي تم التوصل إليها في إقليم ناغورنو كاراباخ، المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.
وعمل الجيش التركي، الثلاثاء، على سحب قواته من مناطق سيطرة النظام السوري، في وقت يواصل فيه التجهيز لسحب قواته من نقطة شير مغار، تزامناً مع بناء نقطة جديدة في جبل الزاوية جنوب إدلب، وذلك في إطار تفاهمات جديدة مع القوات الروسية في سورية.
وقالت مصادر، لـ”العربي الجديد”، إن القوات التركية المتمركزة في النقطة الثالثة في جبل عقيل بالقرب من مدينة دارة عزة بدأت بالانسحاب باتجاه المدينة، ما أثار الخوف في المدينة من نية الجيش التركي الانسحاب من المنطقة بشكل كامل. وقال مصدر عسكري، لـ”العربي الجديد”، إن الجيش التركي لن ينسحب من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وإنما سيقتصر انسحابه على المناطق التي وقعت تحت سيطرة قوات النظام خلال الحملة الأخيرة التي شنها على المنطقة بدعم روسي نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي. وأوضح أن الجيش التركي بدأ في بناء نقطة جديدة له على أطراف بلدة البارة بجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي جنوب الطريق الدولي “أم 4″، وذلك تزامناً مع استمرار عمليات تفكيك النقطة التركية المتمركزة في شير مغار بريف إدلب الجنوبي الغربي المتاخم لريف حماة الشمالي الغربي.
وكانت مصادر قالت، الأحد الماضي، إن القوات التركية بدأت أيضاً بالانسحاب من نقطة معرحطاط الواقعة على طريق حلب دمشق الدولي جنوب إدلب، وذلك بعد أيام من سحب كامل النقطة التركية في مورك بريف حماة. ومن المتوقع، وفق المصادر، أن يقوم الجيش التركي بسحب كافة نقاطه التي وقعت ضمن مناطق سيطرة النظام، وهي 14، تتوزع في أرياف حماة وإدلب وحلب. وبالتزامن مع سحب هذه النقاط، يقوم الجيش التركي ببناء نقاط جديدة في مناطق أخرى خارجة عن سيطرة النظام. وأوضحت المصادر أن رتلين للجيش التركي دخلا، أمس الثلاثاء، من معبر كفرلوسين الحدودي مع تركيا وتوجها نحو ريف إدلب الجنوبي.
في هذه الأثناء قالت مصادر دبلوماسية تركية، لـ”العربي الجديد”، إن إعادة القوات التركية تموضعها داخل إدلب والانسحاب من النقاط المحاصرة، جاءا لترتيب التفاهمات التي جرت في إقليم ناغورنو كاراباخ، بين أرمينيا وأذربيجان برعاية تركية روسية. وبينت أن تركيا لم تكن لتنسحب من دون أي مقابل، لكن هذه المرة كانت المقايضة مرتبطة بملف خارجي مستجد، وهو ناغورنو كاراباح. ولفتت إلى أن الانسحاب التركي من نقاط المراقبة رافقه انسحاب أرمني من الإقليم المتنازع عليه.
وبينت المصادر التركية المطلعة أن روسيا ضغطت بشكل كبير على تركيا للانسحاب من مناطق جنوب الطريق الدولية “أم 4″، وإتمام التوافقات. وهددت بالمشاركة بعمل عسكري بشكل مباشر إلى جانب قوات النظام، بشكل يُعقد الرد التركي على قوات النظام في أي تقدم عسكري، فتم التوصل إلى هذا الترتيب وتحقيق مكاسب مشتركة، وتجنيب المنطقة عملا عسكريا كبيرا. وشددت المصادر نفسها على أن المنطقة أمام تهدئة مؤقتة ومرهونة بأي مستجدات أو تطورات، وستبقى تركيا تواصل مطالبها بسيطرة المعارضة على تل رفعت والقرى التسع المرتبطة بها. كما أن التهدئة ستكون مرتبطة أيضاً باستكمال تطبيق التفاهمات في المنطقة.
من جهة ثانية، واصلت قوات النظام السوري خرق اتفاق وقف إطلاق النار حيث هاجمت مواقع للمعارضة والفصائل المسلحة على محور قرية المشاريع بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، دارت على أثرها اشتباكات عنيفة أوقعت خسائر بشرية من الطرفين، فيما لم تتمكن قوات النظام من تحقيق تقدم في المحور.
المصدر: العربي الجديد