الكل خرج “منتصراً” من الحرب الإسرائيلية- الإيرانية

بسام مقداد

بعد وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، الذي “فاجأ” الجميع ترامب بإعلانه، أعلن جميع الأطراف أنفسهم منتصرين في حرب الإثني عشر يوماً هذه. ويذكّر هذا الانتصار بنكتة شائعة في منطقة بعلبك- الهرمل عن أن جميع ألعاب الورق بين أبناء المنطقة تنتهي بفوز طرفي اللعبة. وإذا ما تجرأت وأشرت إلى الفريق الخاسر، فستكون أنت الخاسر بالتاكيد.

وعلى الرغم من أن الإيرانيين يتساءلون بسخرية مؤلمة بعد إعلان وقف إطلاق النار: “هل هي حرب الإثني عشر يوماً أم الإثني عشر عاماً”، كما كتب الخبير الروسي بالشؤون الإيرانية Nikita Smagin على موقعه في الفايسبوك.. يعلن الرئيس الإيراني في كلمته للإيرانيين أن انتصار إيران أجبر إسرائيل على القبول بوقف إطلاف النار.

إسرائيل بدورها، التي لم تلتزم بوقف إطلاق النار، مما اضطر ترامب أن يتصل بنتنياهو ليعيد طائراته من سماء إيران قبل أن تفرغ حمولتها من المقذوفات، تعلن أيضاً أنها خرجت منتصرة وحققت جميع أهدافها التي رسمتها لعمليتها ضد إيران.

قد يكون ترامب هو الرابح الفعلي من وقف إطلاق النار “الشامل والكامل”. فقد حرص على إعلان انتصاره في تحقيق وقف طلاق النار “الأبدي” قبل توجهه إلى حضور قمة حلف الناتو في هولندا، ليسجل إنجازه “العظيم” في سجلات الحلف. لكن الانتصار الكبير الذي حققه ترامب بفضل فرضه الهدنة على الدولتين “اللتين تتقاتلان منذ فترة طويلة، وتوقفتا على معرفة ما تفعلاه”، كان ترشيحه لجائزة نوبل للسلام من قبل أحد نواب حزبه الجمهوري، ونشره هو على منصته الخاصة Truth Social، حسب موقع Detaly الإسرائيلي الناطق بالروسية في اليوم عينه.

الموقع الإسرائيلي Vesty الناطق بالروسية والتابع لمجموعة يديعوت أحرونوت، نشر في 24 الجاري نصاً بعنوان “إيران ليست حزب الله: الاختبار الحقيقي للهدنة بدأ للتو”. نقل الموقع للروسية نص الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت يوسي يهوشوع، والذي يعتقد بأن النصر العسكري الإسرائيليي قد خلق واقعاً جديداً في الشرق الأوسط، “ولكن كل شيء الآن يعتمد على الظروف والموقف الأميركي”. ويرى أن اتفاق وقف إطلاق لنار الذي عُقد مع حزب الله، هو الشبه الأقرب زمنياً للاتفاق الراهن. وفي الحالتين المترابطتين بشكل وثيق، كانت إسرائيل تستعد بشكل جدي للحرب مع عدو نجح في بناء ترسانة من الصواريخ الباليستية القادرة على إلحاق أضرار جسيمة بجبهتها الداخلية. وقد نجحت إسرائيل في مواجهة حزب الله في استخدام مكاسبها العسكرية لترسيخ ظروف جديدة على الأرض. فهي تضرب لبنان بشكل شبه يومي، لكن حزب الله لم يفكر حتى في تقديم الدعم الرمزي لطهران. ويشير إلى أن سلطات المناطق الإسرائيلية الشمالية، وفي فترة توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، كانوا يتساءلون ما إن كان مبكراً جداً وقف الحرب.

يرى الكاتب أن الوضع مع طهران أعقد مما هو مع حزب الله، فهي دولة ذات سيادة، وقدراتها النووية لم تزُل، بل على العكس، قد تكون تعززت. ويقول، حتى لو أثبتت إيران أنها عدو أقل خطورة مما كان يُعتقد في السابق، وعلى الرغم من الخسائر والأضرار، فإن الوقت الآن ليس مناسباً للشعور بالنشوة أو الغطرسة. فإذا كانت الولايات المتحدة تريد التفاوض مع نظام الملالي للتوصل إلى اتفاق نووي جديد بشروط أكثر ملاءمة، فيتعين على إسرائيل أن تصر على فرض قيود أكثر صرامة على برامج إيران النووية والصاروخية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي لإسرائيل أن تطالب بصياغات واضحة: ما الذي سيعتبر انتهاكاً للشروط، وما هي الإجراءات التي سيُسمح للجيش الإسرائيلي باتخاذها رداً على ذلك. ويرى أنه حتى النجاح غير المسبوق في فرض السيطرة الجوية الكاملة على إيران، لن يساعد بعد إبرام اتفاق رسمي مع الولايات المتحدة. ويرى أن التصريحات الإسرائيلية التي أعقبت الضربة الصاروخية الإيرانية بعد سريان مفعول وقف إطلاق النار، جديرة بالانتقاد. فقد سخر ترامب في الواقع من تصريحات كبار القادة الصاخبة على غرار تلك التي يدلون بها بشأن لبنان.

موقع Lenta الروسي نشر في 24 الجاري نصاً رأى فيه أن إيران وإسرائيل والولايات المتحدة اتفقوا فجأة على وقف إطلاق النار. وتساءل عن شروط إنهاء حرب الإثني عشر يوماً في الشرق الأوسط. استعرض الموقع تفاصيل إعلان ترامب وقف إطلاق النار، وأشار إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي، وعلى الرغم من موافقة إسرائيل على ما أعلنه ترامب، أعطى تعليماته للجيش بالرد الحاسم على خروقات إيران للاتفاق.

تساءل الموقع: لماذا كان ترامب أول من أعلن عن وقف إطلاق النار. ونقل عن ما نشره ترامب نفسه من أن إيران هي الطرف الأول الذي يوقف إطلاق النار ومنحها 8 ساعات لإنجاز عملياتها قبل الالتزام به. بينما منح إسرائيل 12 ساعة لإنجاز عملياتها قبل الالتزام بالاتفاق. وأشار الموقع إلى أن ترامب شكر الجانبين على “الصمود والشجاعة والفطنة” التي سمحت لهما بإنهاء حرب، قال إنها كان من الممكن أن تستمر لسنوات وتدمر الشرق الأوسط بأكمله.

وعن الموقف الإيراني من الاتفاق، قال الموقع إن إيران أعلنت رسمياً التزامها بوقف إطلاق النار “بعد توجيه أربع دفعات من الصواريخ على إسرائيل. ورأى أن وزير الخارجية عباس عراقجي أدلى بتصريح متناقض، حين قال إنه في لحظة إعلان ترامب وقف إطلاق النار، لم يكن قد تم التوصل بعد إلى أي اتفاق رسمي. لكن الوزير أضاف على الفور: “إذا أوقفت إسرائيل “عدوانها” في موعد أقصاه الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي، فإن إيران لن تشن ضربات جديدة”. ونقل عن مسؤول إيراني قوله في مقابلة مع شبكة CNN إن الحرب كان يمكن أن تمتد لمدة سنتين، وإيران مستعدة لهكذا تطور للأحداث. وفي الوقت نفسه، تحدثت وكالة رويترز، نقلاً عن مصادر، عن لهجة أكثر تصالحية للسلطات الإيرانية.

في السياق طرحت “المدن” على خبيرة روسية في الشؤون الإيرانية وأخرى من أصول إيرانية سؤالاً وحيداً: ما هي الأسباب التي جعلت إيران تقبل بوقف إطلاق النار، على الرغم من التصريحات النارية للقادة الإيرانيين قبل الحرب وأثناءها.

الصحافية الروسية المستقلة Yulia Yuzik قالت إنها المرة الأولى التي يصطدم بها النظام الإيراني بتهديد وجودي لبقائه. ومن المعروف أن إسرائيل ونتنياهو شخصياً كانا ينتظران منذ فترة طويلة تزامن عدة عوامل ملائمة، بما فيها عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وعلى الرغم من أهمية التهديد النووي الكبيرة، إلا أنه لم يكن السبب الحقيقي الوحيد للحرب، بل كانت الإطاحة بالنظام تشكل الهدف الأقصى لإسرائيل. فقد كانت إسرائيل والموساد يعملان منذ فترة طويلة على مشروع عودة الأمير رضا بهلوي إلى إيران. لذلك، كانت الخسائر الفادحة والضربات الأقسى من نصيب القدرات العسكرية الإيرانية والحرس الثوري. والأخير يخضع مباشرة للمرشد الأعلى، ولذلك تسعى إسرائيل لتحييد خامنئي.

المستشرقة الروسية من أصول إيرانية لانا فداي راوندي، المنسجمة في توجهاتها مع نهج الكرملين حيال “الشريك الاستراتيجي” إيران، قالت لـ”المدن” إن إيران وافقت على وقف إطلاق النار نظرًا للدمار الهائل الذي لحق ببنيتها التحتية ومنشآتها العسكرية والمدنية. وكان خطر التصفية محدقاً بكبار قادة البلاد. لذلك، رأى الإيرانيون ضرورة الموافقة على وقف إطلاق النار الآن، قبل أن تتفاقم الأمور، وأعلنوا انتصارهم، إذ نجا النظام، وتكبدت إسرائيل أيضًا أضرارًا جسيمة.

 

المصدر: المدن

تعليق واحد

  1. الحرب الأثني عشر يوماً بين عدوين لدودين الإSرائيلي- الإيراني، استخدمت فيها الصواريخ والمسيرات والطائرات ولحق تدمير بالطرفين ، كان وقف إطلاق النار من قبل المايسترو الأمريكي “ترامب” والإعلان على أن الطرفين منتصرين؟ “فاجأ” الجميع ترامب بإعلانه، ما هذه المسرحية؟؟.

اترك رداً على khatib yehya إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى