هكذا تجاوزت إيران العدوان.. ونجا خامنئي من الاغتيال

مجيد مرادي

مرت تسعة أيام على بدء العدوان الإسرائيلي الصارخ على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقد تملصت الأنظمة الغربية من إدانة هذا العدوان الواضح. ومع ذلك، فإن تردد الحكومات الأوروبية في إدانة هذا العدوان، كان مفهوماً تماماً في ضوء حقيقة أن إيران، بدلاً من تقديم الدعم الدبلوماسي لأوكرانيا التي تعرضت قبل ثلاث سنوات لعدوان صريح من روسيا، تملصت من إدانة روسيا، بل وقدمت دعماً عسكرياً لها.

ويلاحظ أن حجة إسرائيل لتبرير عدوانها على إيران، هي “الضربة الاستباقية”. ويبدو أن هذه الذريعة مقبولة لدى الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة. بينما تُعرّف “الضربة الاستباقية” في القانون الدولي المعاصر بأنه استخدام القوة العسكرية قبل وقوع هجوم من العدو، ولا يُسمح به إلا إذا كان الهجوم العدو وشيكاً وحتمياً وعاجلاً للغاية. وبالنظر إلى تصريحات الأجهزة الاستخباراتية الغربية التي أفادت بأن الجمهورية الإسلامية لم تكن تسعى لصنع سلاح نووي، يبدو أن هذه المزاعم غير صادقة. لقد كانت ذريعة بوتين لغزو أوكرانيا أيضاً هي “الضربة الاستباقية”، حيث اعتبر أن انضمام أوكرانيا إلى حلف “الناتو” يشكل خطراً حتمياً وعاجلاً على روسيا.

يبدو أن حجة إسرائيل غير صحيحة، وكذلك حجة بوتين، رغم أن حجج بوتين لتبرير العدوان على أوكرانيا كانت أقوى بكثير من حجج نتنياهو.

روسيا لم تساعد إيران عسكرياً

بالرغم من الدعم السياسي والدبلوماسي الذي قدمته روسيا لإيران من خلال إدانة العدوان الاسرائيلي، خصوصاً خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن قبل يومين، ألا أنها لم تساعد إيران عسكرياً في حين أن إيران زودتها بمسيرات شاهد والصواريخ متوسطة المدى، ما أثار سخط الدول الاوربية.

إسرائيل لم تحقق أهدافها

رغم اغتيال عشرات القادة العسكريين والعلماء النوويين وتدمير عدد من قواعد الصواريخ الإيرانية، فإن إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها الأساسي وهو إسقاط النظام.

وكشف مصدر مطلع لـ”المدن”، أن قائد إيران كان على قائمة الاغتيال الأولية لإسرائيل، لكن قبل عشر دقائق من تنفيذ العملية، قام فريق الحماية الخاص بالمرشد علي خامنئي، بتغيير مكانه وإنقاذ حياته. وبالتالي، كان الهدف الأساسي لنتنياهو هو إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وليس فقط استهداف البرنامج النووي الإيراني.

كان نتنياهو يتوقع أن يخرج الشعب الإيراني إلى الشوارع دعما لإسرائيل، لكن المفاجأة كانت أن هذا العدوان زاد من شعبية النظام. وكما قالت معصومة علي نجاد، إحدى ابرز قادة المعارضة الإيرانية المقيمة في الولايات المتحدة والقريبة جداً من الجمهوريين، فإن هجوم نتنياهو على إيران أطال عمر نظام الجمهورية الإسلامية بعقدين أو ثلاثة.

نشرت علي نجاد تغريدة قالت فيها: “إسرائيل أحبطت جميع خططنا. كان على نتنياهو أن ينتظر حتى تبدأ الاحتجاجات والإضرابات الواسعة المقبلة، ثم يهاجم بالتنسيق مع المعارضة”. وأضافت أن “العمل العسكري الإسرائيلي أبعَد المعارضة ومشروع التغيير لمدة 15 إلى 20 عاماً على الأقل. الناس أصبحوا الآن، مؤيدين للجمهورية الإسلامية وهم مخطئون”.

سكان طهران يعودون

بعد بدء الهجوم الإسرائيلي ونداء ترامب وأحد أعضاء حكومة نتنياهو لسكان العاصمة الايرانية البالغ عددهم 15 مليوناً، بالمغادرة، غادر الملايين المدينة. لكن بعد مرور أسبوع واستقرار الأوضاع في طهران، بدأ السكان يعودون إليها منذ يوم الجمعة الماضي.

وفي اليومين الأولين من العدوان على إيران، شهدت محطات الوقود ازدحاماً وطوابير امتدت لعدة كيلومترات، لكن بحلول اليوم الثالث، عاد الوضع إلى طبيعته. وخلال الأسبوع الماضي، أثناء تجوالي في خمس محافظات، لاحظت أن محطات الوقود تعمل بشكل طبيعي.

منصات إطلاق لا تنتهي 

كان الرد الصاروخي الإيراني على إسرائيل مدروساً منذ اليوم الأول، حيث بدأ بإطلاق 200 صاروخ وطائرة مسيرة، مستخدماً صواريخ من الأجيال القديمة لاستنزاف قوات الدفاع الإسرائيلية وإرهاقها، دون التسرع في استخدام الصواريخ المتطورة مثل “فتاح” و”سجيل” و”خرمشهر”.

بهذه الحيلة، تم استهلاك صواريخ إسرائيلية باهظة الثمن لاعتراض صواريخ قديمة وعفا عليها الزمن. أما الآن، فقد وصلنا إلى مرحلة تُستخدم فيها الصواريخ المتطورة مثل “سجيل” و”فتاح”، الأكثر قوة ودقة، والتي استطاعت إصابة أهدافها بسهولة، متسببة في أضرار بجزء من تل أبيب وحيفا، محولة بعض مناطقها إلى مناطق تشبه غزة، التي دمرتها حرب الإبادة الإسرائيلية.

وأكد خبير عسكري رفيع المستوى ومتقاعد لـ”المدن”، أنه على عكس ادعاءات الجيش الإسرائيلي بتدمير عدد كبير من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، فإن المنصات الموجودة في المدن الصاروخية والمخابئ السرية الإيرانية لا تُعد، وستكفي لسنوات طويلة مقبلة.

الإيرانيون، من مؤيدي النظام إلى معارضيه في الداخل، يستعدون اليوم لمواجهة الكيان المعتدي والدفاع عن بلدهم بأي ثمن.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى