
يسود التوتر الأمني ريف درعا الشرقي، ولا سيما مدينة بصرى الشام، منذ مساء الخميس، إثر حملة اعتقالات نفذها “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” بقيادة أحمد العودة، ترافقت مع إطلاق نار، وانتشار أمني مكثف، وفرض حظر تجوال في عدد من الأحياء.
وفي حين روجت صفحات مقربة من العودة أن الحملة تستهدف متورطين في تجارة المخدرات، نفت مصادر مطلعة هذه الادعاءات، مؤكدة أن الاعتقالات طالت عناصر سابقين في فصائل المعارضة و”اللواء الثامن”، ممن قدموا طلبات انتساب حديثة إلى وزارة الدفاع السورية.
إطلاق نار ومحاولة اغتيال قيادي سابق
بدأت التوترات بإصابة القيادي السابق في “الجيش الحر”، بلال الدروبي، بجروح من جراء إطلاق نار في أثناء اعتقاله من قبل عناصر “اللواء الثامن”، عقب أيام من تقديمه طلب انتساب إلى وزارة الدفاع.
وأفادت مصادر خاصة لموقع “تلفزيون سوريا” أن الدروبي كان يعمل سابقاً ضمن فصائل المعارضة، وانضم إلى “اللواء الثامن” بعد اتفاق التسوية منتصف تموز 2018، لكنه انسحب مؤخراً وبدأ باستقطاب عناصر من الفيلق للانضمام إلى وزارة الدفاع، ما أثار غضب قيادة اللواء التي اعتبرت ذلك محاولة لـ”شق الصف” و”تقويض الاستقرار” في بصرى الشام.
وعلى خلفية ذلك، أقدمت مجموعة من اللواء على اعتقاله ومن ثم وجهت له تهمة الاتجار بالمخدرات، وهي تهمة وصفها مطلعون على الأحداث بأنها “ملفقة”.
وفي البداية حاولت صفحات إخبارية مقربة من “اللواء الثامن” تحميل مسؤولية اعتقال الدروبي للأمن العام، إلا أن ناشطين من درعا نشروا تسجيلاً مصوراً يوثّق لحظة توقيفه من قبل عناصر اللواء نفسه، داخل سيارته وأمام أفراد أسرته، الذين تعرّضوا بدورهم لاعتداءات لفظية وتهديدات مباشرة.
الأمن العام يتوعد “الخارجين عن القانون” ويدعو المطلوبين لتسليم أنفسهم
في سياق متصل، قال المكتب الإعلامي في محافظة درعا، نقلاً عن إدارة الأمن العام، عصر الجمعة، إن “ريف درعا الشرقي شهد، يوم أمس، اعتداءً استهدف المدعو بلال دروبي وعائلته، نفذته مجموعة من الخارجين عن القانون ممن لم يخضعوا لعمليات التسوية. وبناء عليه، بدأت قوات الأمن العام عمليات ملاحقة للمعتدين في منطقة بصرى الشام، في إطار جهودها لبسط سلطة الدولة وتعزيز الأمن”.
وأكد البيان أن “إدارة الأمن العام أنها لن تتهاون مع أي محاولة لزعزعة استقرار المنطقة، وتدعو جميع المطلوبين إلى تسليم أنفسهم، ففرص تسوية الأوضاع ما زالت متاحة أمام الجميع”.
تحركات أمنية وتحذيرات من التصعيد
مع تصاعد التوتر في المنطقة، أرسلت وزارتا الدفاع والداخلية، صباح الجمعة، تعزيزات عسكرية وأمنية، في حين أفادت مصادر خاصة لموقع “تلفزيون سوريا” بأن أحمد العودة حذر من دخول قوات الجيش بأسلحة ثقيلة إلى بصرى الشام، مطالباً بأن يقتصر ذلك على عناصر الأمن وبأسلحة خفيفة فقط.
في غضون ذلك، نشرت محافظة درعا عبر معرفاتها الرسمية صوراً لوصول أرتال جديدة تابعة لإدارة الأمن العام إلى الريف الشرقي، مؤكدة أن الهدف من الانتشار هو فرض الاستقرار وضبط الأمن.
دعوات لتسليم السلاح وتفكيك الفصيل
وومنذ صباح اليوم، شهدت بلدات ريف درعا الشرقي نداءات عبر مكبرات الصوت في المساجد، دعت عناصر “الفيلق الخامس” إلى الالتزام بقرار وزارة الدفاع القاضي بحل التشكيل وتسليم الأسلحة بشكل فوري.
وعقب هذه الدعوات، دخلت قوات الأمن العام بلدات الجيزة والسهوة وصيدا والمسيفرة، بعد انسحاب عناصر الفيلق منها، ونفذت عمليات تفتيش بحثاً عن أسلحة ومطلوبين، وصادرت كميات من العتاد، بحسب مصادر محلية.
في حين لا تزال مدينة بصرى الشام، المعقل الرئيسي لأحمد العودة في محافظة درعا، محاصرة من جميع الجهات حتى لحظة إعداد هذا التقرير، في ظل مفاوضات مستمرة تهدف إلى تسليم السلاح وحل الفصيل بشكل نهائي، وفقاً للمصادر.
وتأتي هذه الأحداث في سياق تصاعد عمليات الاغتيال بمحافظة درعا، وسط حالة من الانفلات الأمني المستمر، على الرغم من سقوط نظام الأسد. ويُعزى هذا التدهور الأمني إلى انتشار السلاح بيد مجموعات مسلّحة دعمتها أجهزة النظام المخلوع على مدى سنوات، ما أدى إلى زعزعة الاستقرار وخلق بيئة خصبة للفوضى والعنف المستمر.
المصدر: تلفزيون سوريا