” إيران مطوَّقة.. إسرائيل متفوقة”

غازي العريضي

عندما كانت إيران تتحكّم بمسار الأمور في سوريا، وكانت روسيا صاحبة نفوذ كبير، وكان الطريق مفتوحاً من طهران إلى بغداد ودمشق والحدود السورية- الإسرائيلية ولبنان وصولاً إلى الحدود اللبنانية الاسرائيلية، تمركزت قوات إيرانية تابعة “للحرس الثوري” ومجموعات عسكرية من دول أخرى، أقواها “حزب الله”، في مناطق محاذية لحدود سوريا مع إسرائيل.

حصل اتفاق بين إيران وإسرائيل بوساطة روسية يقوم على التالي: “تسحب إيران صواريخها البعيدة إلى عمق الداخل السوري بحدود 100 كلم انطلاقاً من الحدود الاسرائيلية”، مقابل “لا تقصف إسرائيل مقرات النظام السوري وقواته العسكرية والأمنية”. ولم تكن روسيا حينها متورطة في الحرب في أوكرانيا آنذاك. “بلع” الإسرائيليون الاتفاق، لكنهم لم يكونوا مقتنعين به، وقالوا لأصدقاء لهم “هل تعتقد روسيا أنها باعتنا بيعة ثمينة؟ ماذا ينفع سحب الصواريخ الإيرانية إلى مسافة 100 كلم من الحدود ومداها يصل إلى 200 كلم؟ إضافة إلى أن قوات حزب الله لا تزال على الحدود وتلعب دوراً مقلقاً. أما القلق الأكبر والأخطر فهو على الحدود اللبنانية”.

بلعت إسرائيل الاتفاق وذهبت إلى خطة توفّر لها الضمانات الكاملة من دون “منّة” من أحد أو “ثمن” لأحد. ذهبت أولاً إلى أذربيجان. سلّحت القوات العسكرية، ثبتت مواقع خبرائها وجواسيسها هناك في رسالة إلى إيران: “جئتِ إلى حدودنا فها نحن على حدودك”! وشكلت نوعاً من الحصار عليها. تزامن ذلك مع تدخل تركي مباشر في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان. وأسباب تركيا هنا كثيرة، لكن النتيجة واحدة فيما يخص إيران: إطباق عليها بطريقة أو بأخرى. إضافة إلى تصميم إسرائيل على قطع شريان طهران دمشق بيروت. وهذا ما أتيح لها بعد الحرب على غزة ولبنان، وفصولها مستمرة بعد اكتمال المشهد بسقوط نظام الأسد في سوريا وتدمير إسرائيل قدرات الجيش السوري، واحتلال أجزاء كبيرة من الأراضي السورية، وإحكام السيطرة على جبل الشيخ، وتنفيذ عمليات قصف متواصلة على مناطق ومواقع مختلفة في الداخل السوري.

في موازاة ذلك، تقوم أميركا بقصف مرعب على اليمن بهدف استكمال مشروع تقطيع أوصال “الحالة الأخطبوطية الإيرانية” الممتدة في المنطقة، واليمن آخر محطاتها. حسابات إيران بانتصار حلفائها في غزة ولبنان وسوريا لم تنجح. فهل ستنجح في إيران في ظل التهديدات الأميركية لها، من دون إقفال الأبواب للوصول إلى اتفاق، كما يكرر الرئيس ترامب، علماً أن إسرائيل لم تكن تؤيد يوماً التفاوض أو الاتفاق، واليوم تعتبر أنها أمام فرصة “ماسية” يجب الاستفادة منها لضرب إيران ومنشآتها النووية. إذ لا دولة نووية في المنطقة في العقيدة الإسرائيلية إلا إسرائيل.

في أيام إدارة أوباما، كانت المعادلة الأميركية في التعاطي مع إيران: “إيران منضبطة وإسرائيل آمنة ومستقرة”.

مع إدارة ترامب المعادلة هي: “إيران مطوَّقة محدّد دورها. لا أذرع. لا تمدّد. وإسرائيل متفوقة”.

ثمة سباق مع الزمن. هل تذهب إيران إلى التفاوض والاتفاق، أم تذهب أميركا إلى ضربها؟ العرب سيدفعون الثمن! للبحث صلة.

المصدر: المدن

2
0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى