
يتبدى ويتصاعد حجم الصلف والعنجهية والتنمر الأميركي والاسرائيلي على العرب عمومًا، وعلى قضيتهم المركزية قضية فلسطين، إذ نلمسه اليوم أكثر من أي وقت مضى، مع وجود إدارة أميركية جديدة برئاسة (دونالد ترامب) حيث بات يصدر كل يوم قرارات جديدة تنفيذية واختبارية، تطال العرب والأوكران وسواهم، ومنها وأهمها إعلانه الغريب العجيب بتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، ضمن تصورات هيميونية ترامبية مفادها أنه سيقيم (ريفييراه) هناك، ضمن حالة من الفوات والانتظار والترقب العربي لم يعرفها واقعنا الإقليمي أوالعربي من قبل. ولعل ذلك بات يجد له هذا الواقع والمكان الحيوي والممكن لإطلاقه، في ظل غياب أي مشروع عربي رسمي، وضمن مفاعيل عربية دراماتيكية غاية في الانقسام والتفتت، حتى أصبح المشروع الصهيوني وتطبيقاته وتمدده على الأرض أمرًا عاديًا لدى الكثير من اطراف النظام الرسمي العربي .
في شهرشباط/فبراير الفائت مرت الذكرى العربية العروبية والتجربة الوحدوية الأهم في تاريخ العرب الحديث يوم قامت الجمهورية العربية المتحدة بتاريخ 22 شباط/ فبراير 1958التي جمعت سورية ومصر في دولة واحدة، دامت أكثر من ثلاث سنوات ونصف، وفي هذه الأيام وفي سياقات هذه الذكرى، مازلنا تطلع جميعًا إلى حالنا اليوم الذي يفسر واقع انكشاف العرب، وقلة حيلتهم، وغياب مشروعهم الواحد الموحد، وهو وحده كما يبدو فيما لوكان أن يوقف تخرصات ترامب ونتنياهو وسياساته، فلوأن العرب يمتلكون مشروعًا عربيًا مشتركًا لما استطاع الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) ولاتمكن رئيس حكومة إسرائيل (بنيامين نتنياهو) الانفلات الفاقع ضد الفلسطينيين والعرب في سورية وسواها، وكل هذا العبث والاستهتار بالعرب، التي يلفها واقع البؤس، إذ لو امتلك العرب مشروعهم العربي المتمكن والقادر، لما تمكن (ترامب) من إطلاق أوامره لبعض نظم االعرب من أجل استقبال الفلسطينيين وتهجيرهم قسريًا من أرضهم، ولما تمكن (بنيامين نتنياهو) من العبث منفردًا، دون وجود من يوقفه عند حده، تارة في أرض الجولان السوري، والتعدي على الجغرافيا السورية، واختراق وتحطيم اتفاق (فض الاشتباك) الذي تم توقيعه بين النظام السوري في حينها وإسرائيل عام ١٩٧٤ وبالتالي دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المنطقة العازلة في الجولان والسيطرة كل يوم إثر يوم على المزيد من الأراضي السورية، أو التهديدات بدعوى حماية الدروز، أو التعدي على قطاع غزة والضفة الغربية، أو حتى على الدولة اللبنانية، ولا صوتًا عربيًا يُسمع، لمنع ذلك، ولاصوتاً عالميًا يقال من أجل احترام اتفاقات دولية موقعة، رغم بؤس تلك الاتفاقية المشار إليها وعورها، التي وافق عليها ووقعها حافظ الأسد.
أعود للقول إن كل هذا الاستهتار الأميركي والإسرائيلي بالعرب قاطبة، ومعهم دول مجلس التعاون الإسلامي، ثم أوكرانيا، مرده إلى حالة الفراغ الكبرى، وعدم وجود أنظمة أو دولًا تحمل أي مشروع جدي عربي لمناهضة هذا الانفلات النازي الإسرائيلي من عقاله، وبدعم أميركي واضح، على شعوبنا العربية، في فلسطين وسورية ولبنان، بل ويتخطى ذلك إلى تهديد وعبث إعلامي وسياسي، في العديد من الدول العربية، التي طالتها هي الأخرى، تهديات إسرائيل وأميركا، وهي الأبعد عن الجوار الفلسطيني.
وإذا لم يكن بمقدور العرب اليوم فعل أي شيء في هذه اللحظة التاريخة، أومابعدها، حيث ندرك جميعًا المستوى الذي وصلت إليه الحالة العربية الرسمية، وعدم إنجاز أو إقامة المشروع العربي المبتغى، فسوف تبقى إسرائيل ومن يدعمها تعبث في واقع العرب جميعًا وليس فلسطين فحسب .
إن استمرار هذا العبث في الواقع العربي من قبل إسرائيل وداعميها الأميركان، وإدراكها حجم العجز العربي وعدم قدرتهم أو حتى امتلاكهم لأي مشروع عربي موحد أومناهض و قوي، فإنها ببساطة ستجد الطريق سهلاً ومعبدًا ولن تكتفي أبدًا بفلسطين لوحدها، أو جوارها العربي، بل هي اليوم تعمل ليس على إقامة إسرائيل الكبرى، لكنها وجدت وسوف تجد الفرصة تلو الفرصة متاحة لإعادة إنتاج إسرائيل العظمى، ضمن واقع عربي وإسلامي أشد بؤسًا، وعبر تواجد الواقع المشوب بالمزيد من حالات التشظي العربي وقلة الحيلة، وانعدام بناءات حقيقية لمشروع عربي نهضوي، وهو الذي لو كان موجودًا لما تمكنت إسىرائيل ومن معها من الهيمنة على الواقع العربي كما الحال اليوم ، حيث ينتظر الجميع مؤتمرًا للقمة العربية الطارئة في القاهرة، لن يؤتي أي أُكل، ولن يستطيع وقف الصلف الترامبي والإسرائيلي، ولكانت استطاعت أن تمنع الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) من ممارسة بلطجته الدولية، وجره النظم العربية إلى محافله طواعية أو قسرًا، على الرصوخ لمطالبه والعبث بقضة فلسطين والشعب الفلسطيني.
قد تكون مسألة إعادة طرح و تفعيل مشروع عربي حقيقي هو ضرب من الخيال والأحلام لعدم وجود ظروف ذاتية ولا موضوعية لإنتاجه من جديد، بينما تستمر النظم العربية في معظمها فواتًا حقيقيًا، ولا فاعلية إقليمية ، لكن الحقيقة والواقع يقول أيضًا أنه لاحل أبدًا لانتشال هذه الأمة من عثارها، وحالات تخبطها غير المسبوقة، ولا فاعليتها، إلا في إحياء مشروع عربي جدي وحقيقي، من هنا كان البحث عن مخرج عربي لا بد أنه ضروريًا ضمن محاولات العمل الحقيقي للخروج من عنق الزجاجة.وإعادة إنتاج عمل عربي جمعي وموحد يحمل على كاهله مشروعًا واحدًا وموحدًا يتمكن بالضرورة من إيقاف العبث الأميركي والإسرائيل في هذا الواقع العربي الأكثر صعوبة على مر التاريخ المعاصر.
المصدر: مجلة الوعي السوري
أين زعماء الأنظمة العربية من تصاعد العنجهية والتنمر الأميركي والصh يوني على العرب عمومًا؟، وعلى قضيتهم المركزية قضية فلسطين؟ يبدوh بأن القط أكل لسانهم، أين المشروع العربي والأمن القومي العربي؟ هل أصبح ضرب من الخيال والأحلام، إن غياب الظروف الذاتية والموضوعية لإنتاجه ليصبح من المستحيلات بهكذا أنظمة وقيادات.