نحن وسايكس-بيكو الجديدة

زياد المنجد

كان اتفاق سايكس – بيكو حدثًا مميزًا في تاريخ العرب أفضى إلى تقسيم الأمة العربية إلى كيانات قطرية ومهد لقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ليكون هذا الكيان حاجزاً بين شرق الأمة ومغربها. بعد مائة عام من سايكس بيكو تبين لداعمي الكيان الصهيوني أنها لم تحقق أمنه بالشكل المطلوب ولابد من التفكير بسايكس بيكو جديدة تؤمن الأمان الكامل لهذا الكيان وتضمن هيمنته على المنطقة بشكل كامل، ولأن الظروف الدولية الحالية لا تسمح بتكرار سايكس بيكو بالطريقة السابقة فكان لابد من التفكير بطريقة جديدة لإنجازها وبشكل يبدو وكأنها نابعة من إرادة شعبية لمكونات أقطارنا.

الأقطار العربية وبُعيد الاستقلال حُكمت معظمها بأنظمة ديكتاتورية مدعومة من الغرب ،ودعم هذه الدكتاتوريات والسكوت عن جرائمها بحق الشعب العربي في أقطارنا بداية لإنجاز الخطة الجديدة للتقسيم ،حيث استغلت القوى المعادية لأمتنا ثورات الشعب العربي  الحتمية ضد الديكتاتوريات الحاكمة في أقطاره لرسم خطط التقسيم من خلالها، وهكذا كان، حيث استغل الكيان الصهيوني  وأذرعه في منطقتنا (أمريكا وروسيا) ثورة الشعب ضد سلطاته الغاشمة، ودعمت هذه الأنظمة ليس حباً بها ولكن لزيادة القتل والتدمير ،لتدخل بلادنا فيما سموه الفوضى الخلاقة التي تعيد تشكيل المنطقة من جديد، معتمدين على سياسة استمرار القتل والتدمير والتشرد والتهجير  لتسلب المواطن إرادته وتجعل  من أولوياته أمنه وأمن أطفاله ولو كان على حساب أمن ووحدة وطنه، ومع استمرار هذه المأساة قد تلجأ الدول الفاعلة في الملف السوري لتسخير الأمم المتحدة  لإجراء استفتاء تعبر نتائجه عن رضا المواطن بأي شكل من أشكال التقسيم ليس حباً بالتقسيم بل للحفاظ على سلامته وسلامة أطفاله وبذلك تبدو النسخة الجديدة لسايكس بيكو وكأنها مطلب جماهيري معبر عن إرادة شعبية.

وهنا تنجز عملية التقسيم وننتهي إلى دويلات متناحرة مسيطر عليها اقتصاديًا وعسكرياً من قبل الكيان الصهيوني، الذي سيكون أكبر دولة في المنطقة جغرافياً وديمغرافياً بعد إنجاز هذه المؤامرة.

هكذا يخططون، وعليه فإن مسلسل القتل والتدمير والتهجير في بلادنا لن ينتهي حتى تنضج الأمور الممهدة لعملية التقسيم وتنجز كما خططوا لها.

 

المصدر : كل العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى