خلّف انفجار مرفأ بيروت أكثر من 70 قتيلاً وآلاف الجرحى حال 60 منهم حرجة بحسب الصليب الأحمر اللبناني، وتوزّعوا على مختلف مستشفيات العاصمة، التي لحقتها الأضرار بدورها. أكثر من 2700 طن من نيترات الأمونويم، أدى اشتعالها إلى انفجار كارثي دمّر المرفأ ومحيطه ومعظم أحياء العاصمة اللبنانية بشكل متفاوت.
مشهد بيروت، مساء يوم 4 آب، ساحة حرب. انفجار لم تشهده العاصمة اللبنانية حتى في عزّ حروبها الداخلية واجتياحاتها الخارجية. حتى جريمة 14 شباط 2005 واغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأكثر من طنّ المتفجرات المستخدمة فيه لم تخلّف مشهد الدمار التي وثّقته عدسات المصوّرين في الإعلام وكاميرات المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي.
انفجار 4 آب وصل دوّيه إلى أقصى الأطراف، وإلى قبرص. بعد النفايات اللبنانية التي انتشرت في المتوسط ووصلت الشواطئ القبرصية، وصلت اليوم تردّدات صرخات اللبنانيين إلى أوروبا. والخلاصة الأولية أنّ مشهد الدمار هذا ناجم عن تقاعس الدولة اللبنانية، بكل مسؤوليها ومؤسساتها، عن تلف مواد شديدة الانفجار في مرفأ بيروت. وعرف من بين ضحايا الانفجار، أمين عام حزب الكتائب، نزار نجاريان.
تقاعس رسمي
بعد الانفجار، تبيّن أنّ قنبلة موقوتة معدّة للتفجير بأي لحظة، تقبع في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت منذ أشهر. وجاء التصريح الذي أدلى به المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، ليضع حداً لكل السيناريوهات التي تم التداول بها بعد وقوع الانفجار، لجهة انفجار مستودع لصواريخ حزب الله نتيجة استهداف إسرائيلي، أو لجهة انفجار مستودع للمفرقات مخزّنة داخل المرفأ. أعلن مدير عام الجمارك اللبنانية، بدري ضاهر، أنّ “مادة النترات كانت السبب الرئيسي في الانفجار الضخم الذي ضرب مرفأ بيروت”.
المجلس الأعلى للدفاع
وفي وقت لاحق، أعلن المجلس الاعلى للدفاع بعد اجتماعه في قصر بعبدا “بيروت مدينة منكوبة”، ورفع توصية لاعلان حال طوارئ في العاصمة لمدة أسبوعين قابلة للتجديد. وقد شكل لجنة لتحديد المسؤوليات، مع التأكيد على “تخصيص إعتمادات للمستشفيات ودفع التعويضات لعائلات الشهداء وتحضير كميات جديدة من القمح بدل التي تلفت وتشكيل خلية أزمة وحصر بيع الطحين إلا للأفران، وفتح المدارس أمام العائلات ووضع آلية لإستيراد الزجاج وإعلان الحداد الوطني والإقفال لمدة 3 أيام”. ومن المقرّر أن يجتمع مجلس الوزراء استثنائياً غداً في القصر الجمهوري لاتخاذ القرارات المناسبة. وقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مستهل الجلسة: “كارثة كبرى حلت بلبنان والهدف من هذا الاجتماع اتخاذ الاجراءات القضائية والأمنية الضرورية، ومساعدة المواطنين ومعالجة الجرحى والمحافظة على الممتلكات”. كما شدّد عون على “ضرورة التحقيق في ما حدث وتحديد المسؤوليات، ولاسيما أن تقارير أمنية كانت أشارت إلى وجود مواد قابلة للاشتعال والانفجار في العنبر المذكور”.
يوم حداد
وبعد ساعات على وقوع الانفجار، تفقد رئيس مجلس الوزراء حسان دياب يرافقه وزيرا الداخلية والبلديات محمد فهمي والأشغال ميشال نجار، موقع الانفجار في مرفأ بيروت. كما أصدر رئيس الحكومة قراراً بإعلان يوم الأربعاء يوم حداد وطني على الضحايا الذين سقطوا. وعلى صعيد آخر، أصدر المكتب الإعلامي في قصر بعبدا بياناً أشار فيه إلى أنّ “الرئيس ميشال عون تابع تفاصيل الانفجار الكبير الذي وقع في مرفأ بيروت، وأعطى توجيهات إلى كل القوى المسلحة بالعمل على معالجة تداعيات الانفجار الكبير وتسيير دوريات في الأحياء المنكوبة من العاصمة والضواحي لضبط الأمن”. كما طلب عون في البيان نفسه “تقديم الإسعافات الى الجرحى والمصابين على نفقة وزارة الصحة، وتأمين الإيواء للعائلات التي تشردت نتيجة الأضرار الهائلة التي لحقت بالممتلكات”.
جرحى وأضرار
وبينما أعلن الصليب الأحمر اللبناني أنّ “أكثر من 30 فرقة تستجيب لإسعاف المصابين بعد الانفجار”، غصّت مداخل مختلف مستشفيات بيروت بالجرحى الذين حضر بعضهم بسيارات ودراجات نارية مدنية، مع تأكيد عدد من الأطباء في عدة مشافي على عدم قدرة الجهاز الطبي على تلبية الحالات الطارئة التي لا تزال تصل إليها. إذ قال طبيب يعمل في مستشفى اوتيل ديو لوسائل الإعلام: لدينا أكثر من 500 جريح. ولم نعد نستطيع استقبال جرحى. ونحتاج إلى تبرع بالدم. وهناك العشرات يحتاجون إلى عمليات جراحية، مؤكداً وقوع الكثير من الضحايا.
وتم تأكيد وقوع أضرار في السراي الحكومي وقصر بعبدا، حيث أكّدت “الوكالة الوطنية للاعلام ” أنّ “الانفجار أحدث أضراراً كبيرة في قصر بعبدا وتحطّم زجاج الأروقة والمداخل والصالونات وتخلعت الأبواب والشبابيك”. كما التهم ضغط الانفجار آلاف المباني في مختلف أنحاء العاصمة، بدءاً من منطقة سوليدير (وسط البلد) إلى بعبدا، مروراً برأس بيروت وبدارو والأشرفية والدكوانة وغيرها. كما سجّل إصابة 15 من الزملاء العاملين في جريدة النهار بجروح، تمّ نقلهم إلى المستشفيات.
وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات، محمد فهمي، في بيان أنه “نظراً للحادث الخطير الذي شهدته العاصمة بيروت مساء اليوم، ومواكبة لتداعياته والأضرار الكبيرة التي خلّفها، يلغى العمل بمضمون القرار رقم 946 الصادر عن وزير الداخلية والبلديات والمتعلق بالإقفال العام ضمن إجراءات التعبئة العامة لمواجهة انتشار فيروس كورونا خلال الفترة الممتدة من نهار الخميس 6 آب ولغاية الثلاثاء 11 آب”.
المصدر: المدن