محمود السعدني في مقدمه كتابه المضحكون

محمود السعدني

“زمان كان مدرس الحساب يعتقد أنني حمار وكنت اعتقد اننى عبقري . وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت إن المدرس كان على خطأ واكتشفت ايضاً أن العبد لله لم يكن على صواب ، فلا أنا عبقري ولا أنا حمار ، بصراحة ، أنا مزيج من الاثنين ، العبقري، والحمار أنا حمقری” !.

ولاني حمقري فقد كنت أظن أن كل رجل ضاحك رجل هلاس .. ولأنني حمقري كنت أرفع شعارا حمقرياً , أنا اضحك اذن أنا سعيد » وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت أن العكس هو الصحيح ، واكتشفت أن كل رجل ضاحك رجل بائس ، وأنه مقابل كل ضحكة تفرقع على لسانه تفرقع مأساة داخل أحشائه ، وأنه مقابل كل ابتسامة ترتسم على شفتيه تنحدر دمعة داخل قلبه…. والحزن رفيق الإنسان ولكن هناك حزن هلفوت ، وهناك أيضاً حزن مقدس وصاحب الحزن الهلفوت يحمله على رأسه ويدور به على الناس .. التقطيبه على الجبين والرعشه في أرنبة الأنف ، والدمعة على الخدين .. يالاللى !.

وهو يدور بها على خلق الله يبيع لهم احزانه، وهو بعد فترة يكون قد باع رصيده من الأحزان وتخفف ، ويفارقه الحزن وتبقى آثاره على الوجه اكسسوار يرتديه الحزين الهلفوت ويسترزق..

ولكن الحزن المقدس حزن عظيم ، والحزن العظيم نتيجة هموم عظيمة ، والهموم العظيمة لا تسكن الا نفوساً أعظم .. والنفوس الاعظم تغلق نفسها على هممها وتمضي ۰۰ وهي تظل الى آخر لحظة في الحياة تأكل الحزن والحزن يأكل منها ، ويمضي الانسان صاحب الحزن العظيم – ككل شيء في الحياة – يأكل ويؤكل، ولكن مثله لايذاع له سر ، وقد يمضي بسره الى قبره ! ولذلك يقال ما أسهل أن تبكي وما أصعب أن تضحك لأن البكاء يمكن أن يصبح مهنة ، وما أكثر الهلافيت الذين يصعدون الاتوبيسات طالبين من كل راجل جدع أن يضع يده في جيبه كرامة لسيدنا الحسين و سیدنا ابراهيم الدسوقي ..وانا مسافر طنطا يا اخوان ، والفاتحة أمانة لكم عند شیخ العرب ، ثم يبكي !!

المصدر: صفحة أقوال وحكم الفلاسفة والأدباء  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى