بعد الضربة الإسرائيلية.. هل ترد إيران؟

غادة غالب

ردت إسرائيل، صباح السبت، على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي شُن ضدها في الأول من أكتوبر. وعلى النقيض التام من رد إسرائيل السابق في أعقاب الهجوم الإيراني في أبريل الماضي، فإن الرد هذه المرة كان هجوماً واسع النطاق وقوياً وكبيراً في مختلف أنحاء إيران، نفذته عشرات الطائرات وجاء في موجات متعددة.

والضربة الإسرائيلية على إيران أثارت تساؤلات بشأن رد الفعل المتوقع من طهران، وعما إذا كانت يمكن أن تنجر إلى حرب أوسع.

مرحلة جديدة من الصراع

المحلل الإيراني وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة ويستمينستر البريطانية، علي أبشيناز، قال لموقع “الحرة” إن “الضربة الإسرائيلية تشكل مرحلة جديدة من الصراع، لكنها لا تصل إلى حد الحرب الشاملة”، وحذر من المزيد من “التصعيد حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة”.

وأضاف “لقد أشار رد الفعل الأولي لإيران إلى أن الجانبين (إسرائيل وإيران)، نجحا مرة أخرى في تجنب حرب واسعة، حتى وإن كانت المناوشات بين الطرفين أصبحت أكبر من أي وقت مضى”.

ويرى أن “الهجمات الحالية بين الطرفين تعتبر مدارة بحذر ومدروسة جيدا”، لكنه حذر أن “الهجوم الانتقامي الذي شنته إسرائيل على إيران يمثل بداية مرحلة جديدة وأكثر خطورة في الصراع المستمر بين البلدين منذ سنوات”.

وقال إنه “بعد سنوات طويلة من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بتنفيذ مخططات معادية واغتيالات، هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية داخل إيران. وهذا بالطبع ورغم كل شيء يجعل طهران تشعر الآن بحرج داخلي وخارجي، لاسيما أنها لم تشهد عدوانا على أراضيها من قبل دولة أجنبية منذ عقود”.

وأشار إلى أنه “رغم أهمية ورمزية الهجوم الإسرائيلي، إلا أن طهران تحاول السيطرة على رد فعلها الانتقامي، وهذا ما تدركه إسرائيل والولايات المتحدة بالطبع، حيث لا يريد أي منهما اندلاع حربًا كبرى في الشرق الأوسط حاليا لا يمكن السيطرة عليها”.

وتطرق الخبير الإيراني إلى الدور الذي لعبته الإدارة الأميركية لاحتواء الأزمة، قائلا إنه “بعد أسابيع من الضغوط من الولايات المتحدة لتقليص نطاق هجومها، تجنبت إسرائيل ضرب مواقع تخصيب نووي حساسة ومرافق إنتاج النفط ردًا على وابل الصواريخ الباليستية الكبير الذي أطلقته إيران على إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر”.

وقال الصحفي الإيراني، إليا جزائري، لموقع “الحرة” إن “هناك استخفافا إيرانيا كبيرا بالضربة الإسرائيلية، ويقولون إنها ليست مؤثرة، ما يبين أن إيران لا تريد التصعيد، حتى أن الحكومة عادت إلى شعاراتها السابقة وهي الالتزام بالدفاع عن غزة والشعبين الفلسطيني واللبناني”.

وأضاف أنه “في نفس الوقت يتحدث المسؤولون الإيرانيون عن أن حق الرد مكفول، وأننا سوف نرد وتنتقم”، لكنه يرى “بشكل عام أن إيران ستحتوي الأمر”.

وأشار إلى أن “المسؤولين الإيرانيين والإسرائيليين وبالطبع الأميركيين لا يريدون حربا واسعة في الشرق الأوسط.”

ويرى أن “إسرائيل لا تحاول استفزاز إيران أو جرها إلى حرب أوسع، وهذا ظهر عندما كان الجميع على علم بموعد الضربة”.

وبشأن دلالة ومغزى الضربة الإسرائيلية، قال إنها “ليست مفاجئة، بل ضربة انتقامية استهدفت بها إسرائيل منظومة الصواريخ التي استخدمتها إيران ضدها سابقا، وهذا تحذير من إسرائيل لإيران بأنها تريد العودة إلى قاعدة التعامل التي كانت إيران تتبعها معها “.

وأكد أن “إسرائيل مستمرة في حربها ضد حزب الله وحماس، وسوف تواجه أي تصعيد إيراني في الأيام المقبلة إن كان مباشرا أو من خلال ميليشياتها في سوريا والعراق ولبنان”.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن شخص مطلع على خطط إسرائيل، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن إسرائيل خططت لضربتها بهدف تقليل الخسائر والحفاظ على التأثير عند مستوى يسمح لإيران بإنكار الأضرار الجسيمة واحتواء الموقف.

وأضاف المسؤول أن هذه كانت نسخة أوسع نطاقا من الرد الذي أطلقته إسرائيل، في أبريل الماضي، عندما نفذت ضربة في وسط إيران قال مسؤولون إيرانيون إنها لم تسبب أي ضرر، وذلك بعد أن أطلقت طهران وابلا من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

وقصفت إسرائيل مواقع عسكرية في إيران، فجر السبت، عبر ثلاث موجات من الضربات على منشآت لتصنيع الصواريخ ومواقع أخرى في إيران، كرد على هجوم طهران الصاروخي على إسرائيل في مطلع أكتوبر.

وتحدثت مصادر إسرائيلية عن مشاركة طائرات حربية وطائرات تزود بالوقود في الهجوم على إيران الذي شمل مواقع عسكرية.

وفي وقت سابق، أعلنت إيران، أن ضربات إسرائيلية استهدفت قواعد عسكرية في محافظات إيلام وخوزستان وطهران، وتسببت في “أضرار محدودة”.

وقال الجيش الإيراني، إن دفاعاته الجوية “قلصت” من الأضرار التي سببتها الضربات الإسرائيلية لعدة مواقع في محيط العاصمة طهران ومناطق أخرى من البلاد، دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأعلن الجيش الإيراني، السبت، مقتل 4 عسكريين في الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية في إيران.

وشهدت المنطقة مؤخرا حالة من التوتر تحسبا للرد الإسرائيلي على هجوم شنته إيران في الأول من أكتوبر أطلقت خلاله نحو 200 صاروخ باليستي.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان فجر السبت إنه “يهاجم في هذه الأثناء بشكل موجه بدقة أهدافا عسكرية في إيران، وذلك ردا على الهجمات المتواصلة للنظام الإيراني ضد دولة إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة”.

وأضاف أنه استكمل هجماته “الموجهة” في إيران وقصف منشآت تصنيع صواريخ وصواريخ أرض جو، وأن طائراته عادت بأمان.

وتابع “إذا اقترف النظام الإيراني خطأ بدء جولة جديدة من التصعيد، فسوف نكون ملزمين بالرد”.

وذكر مسؤول أميركي أن الأهداف لم تشمل بنية تحتية للطاقة أو منشآت نووية إيرانية.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، السبت، إن الهجمات الإسرائيلية على إيران ضربت أهدافا عسكرية فقط على ما يبدو، وأضاف أنه يأمل أن تكون الهجمات هي “النهاية”.

وحذر بايدن من أن واشنطن لن تدعم أي هجوم على مواقع نووية إيرانية، وقال إنه يتعين على إسرائيل أن تدرس أهدافا بديلة للهجوم على حقول النفط الإيرانية.

وحذرت السلطات الإيرانية إسرائيل مرارا من شن أي هجوم على البلاد.

وذكرت وكالة تسنيم شبه الرسمية نقلا عن مصادر، السبت، “تحتفظ إيران بحق الرد على أي عدوان، ومما لا شك فيه أن إسرائيل ستواجه ردا متناسبا على أي فعل تقترفه”.

تحذيرات من حرب شاملة

وقال الخبير الإسرائيلي والمحاضر بجامعة “جورج تاون”، ديفيد ليفي، لموقع “الحرة”، إنه “يبدو أن إسرائيل ركزت على المواقع العسكرية فقط استجابة لطلبات الحكومة الأميركية، وفي محاولة لاحتواء التصعيد”.

وأضاف أنه “ليس من المستغرب أن تحاول وسائل الإعلام الإيرانية في تصريحاتها الأولية التقليل من حجم ونتائج هذا الهجوم لحماية صورة النظام. لكن حقيقة أن القيادة الإيرانية تقدمت خطوة والتزمت بالرد الفوري تزيد من احتمالات أننا ما زلنا في بداية جولة أخرى من الاشتباكات بين الدولتين”.

وتابع أن “الهجوم الإسرائيلي الأخير يعتبر حدثا غير مسبوق، فمنذ الحرب الإيرانية العراقية، لم تتعرض طهران لمثل هذه الهجمات على أراضيها. والواقع أن القيادة الإيرانية في مأزق حقيقي. فمن الواضح أن قادة إيران غير مهتمين بحرب إقليمية، ومن الواضح أيضاً أنهم يدركون أن أي رد أكبر سيقربهم من حرب إقليمية. وهم يخشون مثل هذا الصراع، خاصة في ضوء الوجود العسكري الأميركي واسع النطاق في الشرق الأوسط”.

لكن يبقى التساؤل بشأن هل يمكن لإيران استيعاب هذا الهجوم دون الرد وبالتالي التعرض لهجمات مستقبلية، ويجيب الخبير الإسرائيلي قائلا إن إسرائيل لم تهاجم البنية الأساسية أو المواقع النووية، وقد تفعل ذلك إذا ردت إيران. لكن من ناحية أخرى، كان هذا هجوماً واسع النطاق وليس رمزياً بالتأكيد من جانب إسرائيل. ومن وجهة نظر إيران، فإن الرد على إسرائيل من شأنه أن يوازن معادلة الردع ضد إسرائيل. لكن من الممكن أن يجر ذلك إيران إلى حرب كانت حذرة من خوضها منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر”.

ويرى “أننا أمام لحظة تاريخية، حيث أصبحنا أقرب من أي وقت مضى إلى حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران يمكن أن تمتد إلى حرب إقليمية. وتعترف إسرائيل لأول مرة بأنها هاجمت إيران من الجو، وحتى إذا تم احتواء هذه الجولة، فقد دخلنا حقبة جديدة في العلاقات بين إسرائيل وإيران سيكون لها تأثير كبير على مستقبلهما”.

وأشار إلى أن “حاجز الخوف الإسرائيلي لتنفيذ هجمات داخل إيران قد انكسر. وستوضح شدة وقوة رد إيران، ما إذا كان حاجز الخوف الذي تملكه طهران ضد حرب شاملة مع إسرائيل سوف ينكسر أيضًا. أو إذا ردت إيران بدلاً من ذلك بطريقة تفي بوعدها بالقيام بذلك، دون إشعال صراع أكبر”.

https://www.alhurra.com/iran/2024/10/26/%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%AF-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F#:~:text=Share%20on%20Facebook,%D8%A5%D8%B4%D8%B9%D8%A7%D9%84%20%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9%20%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1%22.

المصدر: الحرة نت

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بعد ثلاثة أسابيع من هجوم “مسرحية” ملالي طهhران بالصواريخ على الكيان الصh يوني وبحدود 200 صاروخ ولم تقتل إSرا ئيلياً، جاء الرد “المسرحية” من قبل قوات الإحتلال الصh يوني بقصف بحدود 100 طائرة وعلى ثلاث دفعات أدت لمقتل 4 جنود إيراnيين، هل ستستكمل المسرحيات بهجوم إيراnي جديد؟ أم إن المخرج والميسر لهذه المسرحيات “الإدارة الأمريكية” سيكون مشغول بالإنتخابات الرئاسية؟.

زر الذهاب إلى الأعلى