الإعلام الكارثي يُعظِّم الكوارث

حازم نهار

يستطيع الإعلام أن يكون منقذاً، ويستطيع أن يكون مدمراً، وهذا يتوقف على وعي أصحابه وإرادتهم. يستطيع الإعلام أن يجعل من شخصيات تمتلك مؤهلاتٍ متوسطة خبراءَ سياسيين واستراتيجيين وعسكريين، ويستطيع أن يجعل حدثاً عابراً مركزياً أو يغمض عينيه عن حدث مركزي وكأنه غير موجود. كان الإعلام السوري بارعاً في مثل هذه المسائل؛ ترغب في معرفة الموقف السوري مثلاً إزاء الحوادث الجارية في فلسطين فتفتح التلفاز وتُفاجأ بأن الفضائية السورية مشغولة ومهمومة بانقراض طائر اللقلق!.

كانت مقولة “رؤية الواقع كما هو” من المقولات الرئيسة في أدبيات كثير من المثقفين والحركات السياسية، إلى درجة أصبحت لازمة بديهية، ضد الرؤى المتخمة بالأوهام أو الرغبات. لكن الواقع مفهوم أعقد مما نتخيل، فلا أحد يستطيع القبض عليه أو الإحاطة به تماماً، وكلٌّ منا تقع عيناه على جزء منه، وهذا الجزء تتدخل فيه عوامل عديدة؛ الخلفية الدينية أو الأيديولوجية، الانتماء العرقي، المصلحة الشخصية، مستوى الوعي… إلخ. مع ذلك، ليس عسيراً الاتفاق على طبيعة المسار العام في لحظة معينة إن اعتمدنا التحليل العقلاني أساساً، والحقائق الواقعية الفاقعة مرجعيةً، من دون تدخّل الرغبات والأمنيات والأيديولوجيات والأديان والقوميات والمواقف السياسية.
كيف يبدو مسار الواقع العام اليوم في المنطقة العربية؟ هل هو مسار انتصارات ونهضة وتقدم وازدهار؟ أم هو مسار هزيمة وانكسار وتعفن وتفسخ؟! لا أظن أن جواب هذا السؤال المحوري يحتاج إلى التردّد، على الرغم من تباين وجهات نظرنا، إذا كانت مقاربتنا تنطلق من أوليات التفكير من جهة، ومن الوقائع الواضحة التي تفقأ العين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من جهة أخرى. إذاً لماذا تمتلئ كثيرٌ من الفضائيات العربية بأناشيد الانتصار والتجييش والتحشيد والزحف ورباط الخيل؟! هذا السؤال محوري والإجابة عنه محورية أيضاً، لأنه بناء عليها تتحدَّد خياراتنا في الواقع من حيث البرامج والأهداف وآليات العمل والخطاب السياسي الإعلامي الملائم.

القنوات الفضائية والصحف العربية متخمة بتحليلات “سياسية” و”عسكرية” و”استراتيجية” تنطلق من مقولات لا قيمة لها، إما لأنها تخالف المنطق في أبسط درجاته أو لأنها مجرد أوهام في رؤوس “المحللين الاستراتيجيين” أو لأنها تفتقد إلى القيمة من حيث تأثيرها في الواقع حتى لو كانت مقبولة نوعاً ما، ومنها: أميركا لم تعد مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط؛ انتهت أهمية إسرائيل بالنسبة إلى الغرب وأميركا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي؛ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت؛ إسرائيل لا تحتمل حرباً طويلة؛ أميركا تحرِّك إسرائيل كيفما شاءت؛ إسرائيل تتحكم في السياسة الأميركية بصورة مطلقة؛ العلاقة بين إيران وأميركا/إسرائيل عدائية في الظاهر وتحالفية في الباطن؛ الغرب يتعامل بمعايير مزدوجة (نحن لا نتعامل)؛ المقاومات السائدة قرارها مستقل ولا علاقة لها بإيران؛ المجتمع الدولي يستمر في خذلان الفلسطينيين والعرب والمسلمين (نحن لم نخذل أنفسنا).

على الرغم من أن جميع الوسائل الإعلامية تدعي الموضوعية والحيادية والإخلاص للحقيقة واحترام الرأي الآخر، فإنه لا توجد قناة فضائية أو وسيلة إعلامية لا تمارس شيئاً من التضليل، أكان على مستوى نشر المعلومات الخاطئة أو التركيز على حدث معين وتناسي أو إغفال غيره، أو على مستوى الموقف السياسي الذي يتجلى في المصطلحات والتوصيفات المستخدمة. بعض هذا “التضليل” يمكن تفسيره أو تفهمه، فيما كثير منه زائد عن الحدِّ ويصعب هضمه.

فعلى الرغم من أن القنوات الفضائية تنقل الحدث من الميدان نفسه في غزة مثلاً، فإن كل قناة تقدِّم رواية مختلفة للمعركة نفسها، وهذا طبيعي في جزء منه تبعاً لأهداف القناة واصطفافها السياسي. كانت تغطية قناة الجزيرة للحدث بعنوان “الحرب الإسرائيلية على غزة”، بينما تغطية قناة سي إن إن بعنوان “الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي”، وأحياناً تستخدم العنوان “حرب إسرائيل ضد حماس”، مع أن تغطيتها للحرب في أوكرانيا كانت تميِّز بين جيش غازٍ (روسيا) ودولة تدافع عن نفسها (أوكرانيا). تُطلق الجزيرة على عناصر حركة حماس اسم “المقاومين” وتسمح بتعبيرات أخرى مثل “المجاهدين”، بينما تدعوهم قناة سي إن إن، ومثلها بعض القنوات العربية، “المقاتلين، المسلحين”. المصطلحات التحريرية تتبع موقف القناة أو الدولة من الحدث. لكن يمكننا التقاط عدد من المسائل في الإعلام العربي عموماً التي تجعل منه إعلاماً كارثياً يساهم في تعظيم كوارثنا بدلًا من المساهمة في تجاوزها:

المعايير المزدوجة

يركِّز المحلِّلون والسياسيون في الإعلام العربي على فكرة المعايير المزدوجة، ويستخدمونها حجة ضد مواقف الدول الغربية تجاه القضايا العربية، وكأن هذه الحجة ستدفع الدول إلى تغيير مواقفها أو كأن هذه الازدواجية شيء جديد على البشرية أو خاصة بالغرب وحده؛ جميع حكومات العالم، بمن فيها الحكومات والأنظمة العربية، تتعاطى مع الحوادث السياسية وفق معايير مزدوجة، حتى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات الحقوقية تتصرف وفق معايير مزدوجة. المعارضات السياسية في المنطقة العربية كلها لديها معايير مزدوجة؛ هل تستطيع المعارضات السورية المختلفة الاتفاق على توصيف كلِّ الوجود غير السوري على الأرض السورية بأنه احتلال مثلاً؟! الحركات الإسلامية (حزب الله، حماس، الإخوان المسلمون، الحركات الجهادية المختلفة… إلخ) سيدة المعايير المزدوجة. أما الحركات اليسارية فهي في معظمها عوراء أصلاً، وترى القضايا بمرايا مزدوجة؛ تقف ضد إسرائيل لكنها مع النظام السوري مثلاً! جميع القنوات الفضائية لديها معايير مزدوجة في التعاطي مع الحوادث السياسية، حتى الشعوب لديها معايير مزدوجة، وربما يكون كلُّ فرد مصاباً بداء المعايير المزدوجة، والأكثر إثارة هو اتهام الجميع للجميع بأن معاييرهم مزدوجة! من الذي ليست لديه معايير مزدوجة؟! على العموم لا يشكل هذا التعبير حجة في الحقل السياسي ولا فاعلية له في تغيير المواقف والاصطفافات.

المجتمع الدولي والرأي العام العالمي

يتعامل الإعلام العربي مع مقولتي “الرأي العام العالمي” و”المجتمع الدولي” بطريقة تكرِّس وضعنا، نحن أبناء المنطقة العربية، خارج دائرة التاريخ والمستقبل. إن المعنى الحقيقي والواقعي لمفهوم “الرأي العام العالمي” هو رأي الأوروبيين والأميركيين. فالرأي لا وجود له إلا في أميركا وأوروبا، أما بقية سكان العالم عموماً فلا رأي لهم بحكم أنهم تحت سطوة أنظمة مستبدة. كذلك، فإن المعنى الحقيقي والواقعي لمفهوم “المجتمع الدولي” هو أميركا. هناك أدوار متفاوتة لدول العالم الأخرى بالتأكيد، لكن إذا لم تكن أميركا مشاركة أو موجودة فلن يكون هناك قرار أو فاعلية لاجتماع هذه الدول. الدول العربية والإسلامية، وأخرى غيرها، هي خارج المجتمع الدولي.

المفارقة هي أننا، في المنطقتين العربية والإسلامية، نطالب المجتمع الدولي (أي أميركا) دائماً، ونطالب الرأي العام العالمي (أي الرأي العام الأميركي والأوروبي) بإجراءات فاعلة تجاه “قضايانا” وبإحقاق العدالة، وفي الوقت نفسه نرفض هذه الدول والمجتمعات عمومًا، وننظر إليها بوصفها “كافرة” من جهة، وأنها سبب بلايانا من جهة ثانية.

لا ينشغل بال الإعلام العربي بالسؤال الجوهري: كيف يمكن أن تكون دولنا جزءاً فاعلاً من المجتمع الدولي؟ كيف يمكن أن تكون لآراء أبناء المنطقة قيمة ووزن فتدخل في عداد الرأي العام العالمي؟ ربما لأن الإجابة عن هذه الأسئلة تهز العروش وتغيِّر الستاتيك القائم في المنطقة العربية في ما يتعلق بأنظمة الحكم الاستبدادية السائدة وأدوارها الوظيفية في السياسة العالمية وعلاقتها بمواطنيها.

اللعب بالمسميات

تمارس القنوات الإعلامية التضليل بدرجات متفاوتة لتخدم القناة نفسها أو الدولة الراعية أو الممولة. في وقت سابق عملت جهات إعلامية عربية، ومنها سوريا، على إقناع المشاهدين بأن مجموعة من العراقيين الذين كانوا جزءاً من آلة الاستبداد والقمع والفساد في عهد صدام حسين قد تحولوا بين ليلة وضحاها إلى “مقاومة عراقية” ضد المحتل، وكان مثقفون وسياسيون كثيرون آنذاك يريدون منا أن نصدق ذلك. اليوم تريد فضائيات مختلفة أن نصدق أن الميليشيات الطائفية العراقية المتورطة في الدم السوري قد أصبحت “مقاومة إسلامية عراقية” ضد المحتل الأميركي، وأنها تسير على “طريق القدس”، على الرغم من أنه لا مشكلة لديها مطلقاً مع الاحتلال الإيراني للعراق وسوريا ولبنان واليمن! وأن نصدق أيضاً أن هذه الميليشيات نفسها المتورطة في تدمير الدولة العراقية والوقوف ضد إعادة بنائها، فضلاً عن هوايتها المزمنة في التجارة بالدين والمخدرات معاً، سوف تؤدي إلى خير العراقيين والمنطقة.

هزيمة مزمنة تخلق جوعاً مزمناً إلى أي انتصار

تعيش منطقتنا هزيمة طويلة الأمد، سياسياً وعسكرياً وثقافياً وعلمياً، ما جعلها على هامش العالم وتاريخه. وهذه الهزيمة خلقت جوعاً دائماً إلى تحقيق انتصار ما، انتصار من أي نوع، وفي أي مستوى. يصبح تدمير مركبة عسكرية للعدو المحتل مدعاة للافتخار وإقرار النصر، وتصبح تفاصيل تركيب العبوات الناسفة وزرعها أو إطلاقها تفاصيل مهمة للدلالة على قدرات المقاومة وهشاشة الجيش الإسرائيلي. يطير إعلامنا فرحاً بمثل هذه الأعمال، ويرفع من قدرها ويضخِّم أصحابها إلى درجة يصبحون فيها المثل الأعلى للأطفال والشباب، فنسبة كبيرة اليوم أصبحت ترى اليوم في الناطق الرسمي باسم حركة حماس “أبو عبيدة” المنقذ والنبراس والمثل الأعلى، يحملون صوره ويقلِّدون حركاته. ليست القضية هنا شخص “أبو عبيدة” أو نظراءه، بل نوعية الوعي الذي يُبثُّ إعلامياً.

الأسئلة المحرِّضة للتفكير هنا كثيرة: أي وعي يبنيه هذا الإعلام عندما يركز على الجانب العسكري وحسب؟ لماذا يقتصر “المثال الأعلى” على المحاربين؟ بماذا ينفعنا التجييش والتحشيد في ظل العجز على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية؟ هل تقتصر المعارك الحديثة على السيف والبندقية ورباط الخيل؟ وهل بالسلاح وحده تعيش الأمم؟

هل من المعقول أن حماس لم تتعرض لخسائر في الأرواح والعتاد بدءاً من 7 أكتوبر وحتى الآن؟ لماذا نرفع معدلات التفاؤل إلى الحدِّ الأعلى، لنهبط بالبشر بعد انكشاف الحقائق إلى بلاط التشاؤم والإحباط والعجز وقلة الحيلة؟ لنحرِّك بعدها عدتنا الموروثة في الندب والنواح والكفر بالعالم الذي خذلنا؟ ألم تتكرر هذه الحالة مراراً في تاريخنا، على الأقل منذ أيام “صوت العرب”، مرورًا بـ “أم المعارك” في العراق، و”انتصارات” الفصائل المسلحة السورية، وغيرها؟!

يقرأ المحللون السياسيون والعسكريون و”الخبراء الاستراتيجيون”، الذين تستضيفهم القنوات الفضائية، الوقائع والحوادث بوعي خرافي وبأعين سحرية، يغرقون في تفاصيل المعارك ويعجزون عن، أو لا يريدون، أو غير مسموح لهم، التقاط المسار الانحداري العام للواقع والحوادث، والأبعاد السياسية والاستراتيجية والنتائج الكبرى الكارثية. هذه الحالة متكررة؛ لنعد مثلاً إلى المحللين العسكريين والسياسيين في سياق الثورة السورية، هل أصابوا في تحليلاتهم وتوقعاتهم؟

ألا يذكرنا هذا بالأستاذ الجامعي “الكبير” الذي قال منذ سنوات إن “قواته” على بعد خمسة كيلومترات من القصر الجمهوري السوري، وإن النظام السوري سيسقط خلال شهرين كحد أقصى، وبالصحافي “الخبير” الذي روَّج لنهاية أميركا على يد قوات صدام حسين في عام 2003، وها هو يعلن في 7 أكتوبر الماضي أن عملية طوفان الأقصى هي بداية هلاك الكيان الصهيوني؟

لا أدري حقاً كيف يستسهل هؤلاء، وغيرهم، إطلاق مثل هذه التحليلات المباشرة والسطحية. أن تكون مع فلسطين والقضية الفلسطينية شيء، وأن تحلِّل وتقرأ الواقع جيداً شيء آخر. هؤلاء جميعهم تستغرقهم اللحظة، وينفعلون بها فتجرهم إلى متاهات لا يعرفون الخروج منها. إنهم لا يميزون، على ما يبدو، بين السياسة وضرب المندل، ويمارسون الشعوذة على طول الخط، ولا يتعلمون من الهزائم الكثيرة على الإطلاق.

تسفيه الديموقراطية

ما ينظر الإعلام العربي إليه بوصفه انقسامات ونزاعات في إسرائيل هو من طبيعة النظام السياسي الديموقراطي، ويقع في خانة ممارسة الديموقراطية التي لم تتعرف إليها منطقتنا بعد، ولا تزال تنظر إليها بوصفها تنتمي إلى ساحة الفتنة التي تنتهي بتدمير الدولة والمجتمع. ليس أدلَّ على العجز من التعويل على ما يمكن أن يحدث في ساحة العدو بدلًا من التعويل على ما نستطيع فعله أو على الأقل تحقيق ما ينقصنا.

التنافس الإعلامي السلبي

يبدو أن التنافس الإعلامي بين المحاور السياسية العربية فوق الحقيقة، وفوق البحث عن المصالح المشتركة في لحظة ما. قناة عربية تركز على تغطية معارضة حماس بين الفلسطينيين والعرب، وأخرى تركز على تأييد حماس. وفي هذا العراك السطحي تغيب القضية المحورية، ويصبح التحليل السياسي العسكري في خدمة رغبة القناة أو الدولة لا في خدمة البشر والحقيقة.

كنا نعيب على قناة الدنيا السورية خطابها وأساليبها، فإذا بالإعلام كله يسبح في فلك إعلام الدنيا. مع حرب إسرائيل على غزة، أصبحت القنوات معظمها تستضيف مؤيدي وجهات نظرها، وأصبح إعلاميوها ومقدِّمو برامجها يسألون السؤال الذي يتضمن الإجابة سلفًا، فلا يكون أمام الضيف المجيب سوى أن يسير مع ما تريده القناة.

تكريس الوعي المحافظ والعداء للثقافة الغربية

لا يؤدي الإعلام العربي عموماً أدواراً تنويرية أو توعوية. وتزيد وتيرة المحافظة وتكريس الوعي السائد عندما تتعرض المنطقة إلى هجمة خارجية؛ ففي هذه الحالة يستنفر الإعلام طاقته كلها للدفاع عن الإسلام والثقافة السائدة ورفض الثقافة الغربية بكليتها وتقزيمها، مع أن منطقتنا تعيش منذ زمن بعيد على ما ينتجه الآخرون من ثقافة وعلم وفن. هذا الدفاع اللاوعي عن الذات المهزومة يضعنا دائمًا في الحصيلة في صفِّ المهزومين وغير المؤثرين الذين لا يكترث لهم العالم بحكوماته ومجتمعاته.

أخيرًا؛ لا شك في أن الإعلام السائد بمنطلقاته وتوجهاته وآلياته مساهمٌ رئيس في تعزيز الوعي المولِّد للهزائم باستمرار، لأنه يعمل، قصدًا أو جهلًا، على تسطيح قضايانا واختزالها في شعارات تجييشية وتحشيدية تمنع التفكير الجدي فيها وفي الوسائل المجدية والحقيقية التي تخرجنا من تكرار أنفسنا ومن استمرارنا في إنتاج الكوارث والهزائم إلى ما لا نهاية، ليتركنا في المآل في حال بائسة من الفوضى الذهنية، وليغرقنا أكثر في أوهامنا عن الذات والآخر.

المصدر: 963+

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى