بغض النظر عن الحديث المتكرر حول الاختراقات في قيادة داعش من قبل أجهزة استخبارات دولية وتوظيف نشاط ذلك التنظيم في خدمة مخططات تلك الدول، لكن إذا كانت الأمور بخواتيمها فلا شك أن معارك داعش في العراق وسورية ساهمت في تدمير الموصل وتهجير ملايين العراقيين وكذلك تدمير الرقة وتسليم شمال وشرق سورية لقسد ولا داعي للتفكير طويلا في الأطراف الدولية التي كانت وراء ذلك، فهي ذاتها التي بررت تدخلاتها العسكرية ووجودها الأجنبي في سورية بمحاربة داعش.
لكن ما نشهده اليوم ملفت للنظر تماما، ففجأة تغيب محاربة داعش عن آخر تقرير معلن للاستخبارات الأمريكية، بينما كان يتصدر أي استراتيجية ترتبط بالمشرق العربي وسورية خاصة.
وبدلا من محاربة داعش , صعد عنوان جديد هو مواجهة الصين , ويوحي ذلك العنوان بضرورة إغلاق الملفات القديمة أو إطفاء الأنوار عليها ودفعها للخلف ومنها ملف خطر التنظيمات المتطرفة الاسلامية الذي استخدم على ناطق واسع كبعبع يهدد الغرب والأنظمة الحليفة , لكن ما حدث في موسكو يوم الجمعة من هجوم رهيب راح ضحيته العشرات ومن إعلان داعش مسؤوليتها عن ذلك الهجوم , يجعل المرء يتساءل فيما إذا انتقل سيف داعش باتجاه الشرق ويدعم مثل ذلك الهاجس أن المجموعة التي نفذت الهجوم كانت تحاول الفرار باتجاه أوكرانيا وليس باتجاه أي دولة أخرى .
لا شك أن العالم كله سيتعاطف مع روسيا في الظاهر على الأقل، لكن ثمة شك في أن أوكرانيا ستبادل الروس أحزانهم وإحساسهم بالفاجعة فيما تستعد لاستقبال هجوم روسي وشيك قد لا تستطيع ايقافه كما فعلت منذ سنتين بنجاح غير متوقع.
في الحروب بين الدول كل شيء متاح رغم أن الجميع يتحدث دائما عن القوانين الدولية وقوانين الحرب والقيم الإنسانية.. الخ.
حتى إن دولة مثل الولايات المتحدة لم تعدم تسويق استخدام القنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي – باعتبار ذلك العمل الرهيب في تحويل حرب الجيوش إلى حرب إبادة بالمعنى الحرفي للكلمة – ضرورة لاختصار آلام الحرب الكلاسيكية وإجبار دولة عنيدة مثل اليابان على الاستسلام.
وبعد انتهاء تبادل التعازي ومشاعر التعاطف مع روسيا وإدانة ذلك العمل الفظيع في استهداف مدنيين أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا في حفل موسيقي، سيبقى التفكير في لصالح من قامت داعش بتلك العملية؟ وكيف تذكرت فجأة روسيا بعد أن ظل نشاطها محصورا بدول محددة مثل سورية والعراق؟
مثل تلك الأسئلة المحيرة لن تبقى طويلا بدون إجابات، فعلى الأقل لن تقف الدولة الروسية عند تحميل المسؤولية لداعش، وسنسمع قريبا الرواية الروسية للأبعاد السياسية لتلك العملية الارهابية التي هزت مشاعر موسكو كما لم تهتز بفعل حرب السنتين مع أوكرانيا.
وهذا الجرح الدامي في صدر الدب الروسي لن يكون بدون ردة فعل.
المصدر: صفحة معقل زهور عدي
رؤية ووجهة نظر حول أسباب توجه “داعش” شرقاً بعد أن كانت ساحتها سورية والعراق وقبلها السعودية أيضاً ووالدول الأفريقية، إن وراء الأكمة ما ورائها، ستظهر الأيام خلفية العملية ونتائجها الجيوسياسية، لأن الإختراق لقيادات داعش أصبحت معروفة والإستخدام لأجندات أيضاً ، فماذا الآن ؟.