“الحرب في غزة كشفت عن العجز الاستراتيجي لحكومة إسرائيل والفراغ القيادي في القمّة. تباطأ الائتلاف الحاكم في اتّخاذ قرارات حاسمة. وفشل في التعاون لإدارة الحرب. وهاجم الرتب العليا في الجيش الإسرائيلي. وبدا غير مبال بإدارة العلاقات مع أهمّ حليف لإسرائيل، الولايات المتحدة”. هذه، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، “ليست طريقة للحكم خلال الفترة الأكثر خطورة في تاريخ البلاد منذ حرب الاستقلال في عام 1948. فما تحتاج إليه إسرائيل هو قدرة ديفيد بن غوريون على اتّخاذ القرار الموزون والحازم وبُعد نظره. وليس النهج النرجسي والمراوغ والقصير النظر الذي يتبعه بنيامين نتنياهو”.
بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، وصلت أزمة القيادة في إسرائيل إلى مرحلة حادّة. ويقول في مقال وقّعه في “فورين أفيرز” إنّ “الاقتراح الذي قدّمته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو يمهّد لنظام إقليمي جديد بعد الحرب. ينهي قدرة حماس على تهديد إسرائيل وحكم غزة. ويعطي السيطرة على الأراضي إلى سلطة فلسطينية “منشّطة” (بمساعدة الحكومات العربية). ويؤدّي إلى تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية. وإقامة تحالف دفاعي رسمي بين الولايات المتحدة والسعودية. وكلّ ذلك مشروط بموافقة إسرائيل على حلّ الدولتين. ومدعوم من الحكومات العربية الصديقة للولايات المتحدة والمعارِضة لإيران وشركائها ووكلائها. وهو سيؤدّي في النهاية إلى قيام إسرائيل قويّة وآمنة تعيش جنباً إلى جنب، خلف حدود متّفق عليها وآمنة، مع دولة فلسطينية منزوعة السلاح وقابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
ويرى أنّ “نتنياهو بات أمام خيار واضح من اثنين:
– الانضمام إلى خطة الولايات المتحدة لـ”اليوم التالي” في غزّة والإعراب عن تحفّظات إسرائيل. وهو ما يعني المخاطرة بخسارة دعم الشخصيات اليمينية المتطرّفة ونهاية حكومته.
– أو الاستسلام لشركائه اليمينيّين المتطرّفين العنصريين في ائتلافه الحاكم، الذين يرفضون أيّ اقتراح يتضمّن إنشاء دولة فلسطينية”.
إذا استمرّ نتنياهو في رفض نهج بايدن، فإنّه يخاطر، بحسب باراك:
– بجرّ إسرائيل إلى عمق أكبر في الوحل في غزة.
– إشعال انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.
– الدخول في حرب جديدة مع الحزب.
– إلحاق أضرار بالغة بالعلاقات مع الولايات المتحدة. التي تعتمد عليها إسرائيل في الحصول على الذخائر والدعم الماليّ والدعم الدبلوماسي الحاسم.
– وتعريض اتفاقات التطبيع مع البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة (وآمال انضمام السعودية) للخطر.
– وحتّى التشكيك في اتفاقيات السلام الإسرائيلية الطويلة الأمد مع مصر والأردن.
في رأي باراك الذي كان نائباً لرئيس الوزراء في إسرائيل، ووزيراً للدفاع في حكومة بنيامين نتنياهو سنة 2009 أنّ “عواقب أيّ من هذه النتائج مروّعة. وأيّ مزيج منها سيكون كارثة تاريخية”. ويعتقد أنّ “هناك طريقة واحدة فقط لمنع نتنياهو من قيادة إسرائيل إلى حرب إقليمية طويلة وخداع الإدارة والشعب الإسرائيلي: هي إجراء انتخابات عامّة في موعد أقصاه حزيران 2024. وأن تعد المعارضة المنسّقة بقبول اقتراح بايدن وفق شروط متعلّقة بالأمن بشكل أساسي”. ويعتبر أنّ نهج بايدن هو الطريقة الوحيدة الممكنة لإعادة إسرائيل إلى مسار عمل واقعي ومستدام. والسماح لها باستعادة المكانة الأخلاقية العالية التي فُقدت خلال سنوات نتنياهو.
الخطأ أسوأ من الجريمة!
يعتبر باراك أنّ فشل نتنياهو في تحديد أهداف إسرائيل في حرب غزة والتخطيط والتنفيذ لها بشكل متّسق كان واضح النتائج في مجالين حاسمين:
– التفاوض من أجل إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023).
– والسيطرة على الحدود بين مصر وغزة. سواء عند معبر رفح أو في طريق فيلادلفيا.
وفي كلتا القضيّتين، كان على مجلس الوزراء الحربي، كما يقول باراك، أن يحدّد المسار خلال الأسبوع الأول من الصراع بالتشاور والتوجيه. لكنّ نتنياهو رفض لحاجته إلى الحفاظ على ائتلافه الهشّ مع اليمين المتطرّف المتعصّب.
وباراك هو الذي رأس قوة الكوماندوس المعروفة بـ”ساريت ماتكال”، التي نفّذت اغتيالات ضدّ رموز وقادة فلسطينيين. من أشهرها اغتيال خليل الوزير (أبي جهاد) سنة 1988، وصلاح خلف (أبي إياد) عام 1991 بتونس. إضافة إلى اغتيال قادة منظمة التحرير الفلسطينية أبي يوسف النجار، وكمال عدوان، وكمال ناصر في بيروت سنة 1973. وكان بنفسه ضمن مجموعة الاغتيال. وهو يرى أنّه “يمكن التوصّل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن. على الرغم من أنّ مطالب حماس غير معقولة. لكن في الوقت نفسه ليس من المنطقي الإعلان باستمرار عن نيّة قتل قادة الحركة. كما يفعل المسؤولون الإسرائيليون يومياً، بينما يحاولون عقد صفقة”. ويضيف: ” نتنياهو يريد أن يرى إطلاق سراح الرهائن. لكنّ حاجته القهرية إلى الظهور كزعيم قويّ محاط بجنرالات ووزراء ضعفاء تشجّعه على الإدلاء بتصريحات عكسية. وهو ما يزيد الخطر الذي يواجه الرهائن وتتضاءل فرص التوصّل إلى اتفاق”.
باراك: حان الوقت
يخشى باراك أن ينتهي اقتراح بايدن لـ”اليوم التالي” خلال شهرين في ضوء التقويم الانتخابي الأميركي. ولا يرى أنّ هناك ما يضمن قبول الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة للاقتراح، وما إذا كان بايدن يستطيع كسب الدعم له في مجلس الشيوخ الأميركي، الذي سيتعيّن عليه الموافقة على معاهدة مع السعودية. ويعتبر أنّه “كما هدَف هجوم حماس في 7 أكتوبر إلى إحباط صفقة بين إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة، فقد تدفع مبادرة بايدن إيران إلى حثّ وكلائها، بما في ذلك الحزب، على تكثيف هجماتهم على إسرائيل أو شنّ حرب واسعة النطاق في محاولة لعرقلة أيّ تقدّم”.
يشير باراك إلى أنّ صفقة بايدن ستكون صعبة المنال الآن بالنسبة للجمهور الإسرائيلي. فهو لا يزال يشعر بالألم الشديد والغضب والانتقام والشعور بأنّ “كلّ الفلسطينيين هم حماس”. فهذه ردود أفعال مفهومة. لكن يجب على الإسرائيليين تجاوزها: “فقد كنّا نفكّر بهذه الطريقة في ما يتعلّق بمصر والأردن. فكم كان وضع إسرائيل ليصبح أسوأ اليوم لو لم تكن اتفاقيات السلام مع هذين البلدين موجودة. ولنفكّر في مدى أهميّة عدم تقويضها في ردّ متهوّر على أحداث 7 أكتوبر”.
3 حقائق ضرورية للسلام
ويعتبر الرئيس الأسبق أنّه يتعيّن على الإسرائيليين تقبّل ثلاث حقائق أساسية:
– لا يمكن السماح لحماس بتهديد إسرائيل أو حكم غزّة. ولدى إسرائيل مطالب أمنيّة مشروعة يجب أن تعترف بها الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب.
– لا ينبغي لإسرائيل أن تبقى في غزّة لفترة طويلة. وأهل غزّة موجودون هناك ليبقوا. ولن يذهبوا إلى أيّ مكان. وبالتالي، يتعيّن على إسرائيل أن تقرّر ما هو الكيان الشرعي الذي يمكنها تسليمه السيطرة على غزّة.
– يجب أن يكون الكيان فلسطينياً. والهيئة الشرعية الوحيدة هي السلطة الفلسطينية. مع قيام الولايات المتحدة وحلفائها العرب بدفعها نحو معايير أعلى للحكم والشفافية والتعليم وأنشطة مكافحة الإرهاب. ومع احتفاظ إسرائيل بحقّها في التصرّف في حالة وجود تهديد لأمنها.
يشير باراك أخيراً إلى فقدان نتنياهو ثقة معظم الناخبين في إسرائيل. فوفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة. يعتبره حوالي أربعة من كلّ خمسة إسرائيليين الشخص الأكثر مسؤولية عن الأخطاء الفادحة التي سمحت بهجمات 7 أكتوبر. وحوالي ثلاثة من كلّ أربعة يريدون منه الاستقالة. كما يلفت إلى تزايد الاستياء العامّ، وغضب عائلات ضحايا هجمات 7 أكتوبر. وإلى الإحباط بين جنود الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي. بينما يركّز نتنياهو على بقائه السياسي، ولن يتنحّى عن طيب خاطر أبداً. ويؤكّد أنّ الوقت حان لكي يقف شعب إسرائيل ويغيّر المسار.
ويدعو باراك ختاماً قادة المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، وغادي آيزنكوت وبيني غانتس، إلى قيادة هذا الجهد والمطالبة بإجراء انتخابات عامة. وذلك حتى يتمكّن الشعب الإسرائيلي من تحديد المكان الذي يتّجه إليه ومن سيقوده إلى هناك.
المصدر: أساس ميديا
أزمة القيادة الصhيونية للحرب بفلسطين.غزة تتصاعد، ولكن الجميع المعارضة والموالاة بالكيان الصhيوني لا يخرج عن مسلمات بإنه يجب إنها المقاومة الوطنية الفلسطينية وأولها “حماS” وإن يجب تطويع الشعب الفلسطيني ضمن سياسة “التفاهة” بأن يفقد الفلسطيني حضارته وتاريخه وإرتباطه بأرضه ووطنه .