اولا. دولة أوكرانيا تقع على خاصرة روسيا وفي حديقتها الخلفية.. من بقايا الاتحاد السوفييتي.. ما زالت روسيا تحلم ابتلاعها وفق المنطق الإمبراطوري الذي يحكمها .استمرارا لحلم الاتحاد السوفييتي. كدولة لعمال العالم الخارجين من كابوس الاستغلال الرأسمالي؟! .الواقعين فعلا في براثن الدولة السوفييتية الشمولية الاستبدادية .التي تكلمت بالشيوعية والتي مارست القهر السياسي والفاقة الاجتماعية. والتي تضخمت بالسلاح ودفعت من واقعها ومستقبلها الكثير.. حتى وصلت إلى مرحلة انهيار التجربة الشيوعية و دولتها المركزية الاتحاد السوفييتي.. وفرط عقد الدول الأوروبية التابعة الى التقسيم التاريخي لدول المعسكر الشيوعي في التسعين من القرن الماضي وأصبح أثرا بعد عين. وعادت روسيا لحجمها الطبيعي بين اندادها.. واستمرت أوروبا بمسيرتها التاريخية تقدم اقتصادي وتقارب على كل المستويات أنتج ما يسمى الاتحاد الأوروبي توسع بالدول الأوربية الشرقية. وعنى هذا امتداد للغرب و لحلف الناتو على حساب الروس وبجوارهم. الوريثين للاتحاد السوفييتي و محميين في مجلس الأمن كدولة دائمة العضوية. وبقدرات اقتصادية كبيرة و متنامية جعلتها تعود لتحقق حلمها الامبراطوري . وان تمتد مجددا بالدول التي كانت على تواصل معها ايام الشيوعية
ثانيا.حاولت روسيا أن تمتد في أوكرانيا وغيرها.. عبر الفعل الاستخباري والامني وعبر الجيش . الذي ما زال جزء من بنية الماضي السوفييتي. ونحن نعلم أن روسيا نفسها وقعت ضحية تحالف استراتيجي . بين طبقة قيادات الجيش والأمن والطبقة التجارية الخارجة من بقايا ثراء رجالات الاتحاد السوفييتي المنهار. والذي رسخ قيادات السوفييت السابقين ليكونوا طبقة الواجهة السياسية التي تقتسم الاقتصاد والسياسة الروسية في تبادلية مكشوفة ومهزلة بتبادل الأدوار بين بوتين ورئيس وزرائه مالديف… هذه الطبقة التي تريد العودة بالزمن للخلف. سقطت تحت ارادة الناس في أوكرانيا بوقوف الجيش على الحياد. الجيش الذي يشكل طبقة قائمة بذاتها ومصالحه محققة ضمنا في الدولة الأوكرانية عموما. والتي ترى مستقبلها الافضل . في مزيد من ترسيخ الديمقراطية فيها . ومزيد من التقارب مع أوروبا ودخولها في نسق الاقتصاد العالمي كجزء من اوربا بتقدمها وفرصها المستقبلية.. لذلك لم يستطع الروس واذنابهم في أوكرانيا. الصمود أمام الناس في اوكرانيا اكثر من عشر ايام. وتقدمت أوكرانيا في طريق استقلالها السياسي عن الروس وتجربتها الديمقراطية.. وانهزام روسيا هناك وتراجعها للخلف. وهي لا تريد وغير قادرة ان تخوض حربا لاسترداد اوكرانيا. فهي اخيرا جزء من النظام العالمي ولن تقف في وجه العالم .وستقبل على مضض بالتغيير الحاصل. مع العلم ان اوروبا وامريكا وراءها تدعم هذا التحجيم لروسيا. وهذا التحول الأوكراني أيضا
ثالثا.في منطقتنا العربية الوضع مختلف . هناك قرار دولي “غير معلن” من الدول الفاعلة دوليا امريكا واوربا.. ان المنطقة العربية ممنوعة من الدخول للعصر الديمقراطي. فهناك مازالت مصالح تمنع هذا التحول وتحول دونه وتعمل على اجهاضه ان حصل.. أولها مصلحة الغرب في نفط المنطقة وموقعها وإمكاناتها الاقتصادية الأخرى. وتطلب هذا استمرار دعم الأنظمة الاستبدادية ثانيا. وتقاسم المكاسب معها كدول تابعة وهذا ما تحقق عبر قرن تقريبا .. و مصلحة “إسرائيل” كوجود واستمرارية وتفوّق في المنطقة كقوة ذاتية و كرصيد استراتيجي للغرب في المنطقة ثالثا… من هذه الثوابت الاستراتيجية الثلاثة للغرب في منطقتنا ..نفهم سايكس بيكو .الاحتلال.للدول العربية أوائل القرن الماضي. ووجود “اسرائيل” وحروبها ضد العرب وتثبيت وجودها . وحماية الأنظمة من أي تغيير . ورعاية أي صراع في المنطقة واستنزاف ذاتي. فالحرب العراقية الإيرانية وبعدها الحرب على العراق بعد احتلال الكويت ..والاحتلال الأمريكي للعراق. وفرط عقد العراق. وكسره تاريخيا.. والسكوت عن غطرسة وبطش القوّة “لاسرائيل” وتغطيتها دائما.. واخيرا الموقف الغربي من الربيع العربي والتربص به. بدء من الارتداد عليه في مصر وإعادة مصر لدوامة الدولة الاستبدادية. وأسوأ مما كان. وإدخال مصر في لعبة الحرب الاهلية. وصناعة فزاعة الإرهاب لتشديد البطش على الناس. وعودة الناس لمربع الحفاظ على الوجود . وترك الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية لعصور قادمة
رابعا.في سوريا الوضع أكثر دقة فنحن أمام دولة مجاورة ل”اسرائيل” ولها أراضي محتلة.. سوريا دولة متحالفة استراتيجيا مع إيران. ولها مع إيران حليف في لبنان هو حزب الله الذي استخدم تكتيكيا في صراع القوة مع “إسرائيل” عبر العقود الماضية. وفيها أيضا نظام عصبة استبدادية تقتات على العقائدية القومية حزب بعث إدعاء .وتمارس ازدواجا سياسيا . من خلال الاستغلال المباشر لأغلب الطائفة العلوية في سوريا. كجزء من بنية السلطة و الدولة وعبر سلسلة المصالح المتبادلة تماما كما هو الحال مع أغلب الطائفة الشيعية في لبنان عبر حزب الله وامل..وغيرهم.. كل ذلك استفاد منها الغرب وامريكا و”اسرائيل”. و قرروا أن يخوضوا معركتهم وتحقيق مصالحهم عبر الشعب السوري وصراعه مع النظام لتحقيق مطالبه بالحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية وإسقاط الدولة الاستبدادية الوحشية.. لذلك تُرك النظام يدافع عن وجوده بكل الوسائل..لأن سوريا من ستنهار ومن ستدخل في الحرب الأهلية. ولن تكون دولة منافسة او تمتلك امكانية مواجهة “إسرائيل” ولو بعد حين وتطالب بحقوقها بارضها المحتلة. وسيكون حزب الله وامتداده الايراني في المحرقة .ولا مانع أن تمتد النار إلى لبنان والعراق وتحرق المنطقة كلها . المصالح الغربية محققة
خامسا.هنا يكون وجود روسيا وتمددها في سوريا ومع إيران وحزب الله مطلوب دوليا. لاستمرار الصراع وإعطائه وقوده الدولي كغطاء من الفيتو الروسي في مجلس الامن او امداد السلاح. فالمال السوري المستنفذ وكذلك ايران وعراق المالكي. كلها جوائز لروسيا ووهم مجد امبراطوري يعاد ويخدم جنون العظمة الروسي . ويجد الغرب نفسه مغطى لعدم تقدمه الجدي لمساعدة الشعب السوري في معركة الحرية. وليس فقط بل يمنع توسع الدعم للثورة السورية أو امدادها بأسلحة نوعية تحت حجج واهية مرة منع الضرر “بإسرائيل”. وتارة الخوف من وصولها ليد الارهابيين قاعدة وغيرها .المهم استمرار الصراع وليس حلّه.. والانتهاء من القوة السورية وقد تكون الدولة السورية نفسها. والدخول في معركة طويلة الأجل ذات طابع طائفي قد لا تنتهي عبر عشرات السنين. عابرة للبلدان أيضا وقد تطال العالم العربي برمته… في هذه المعادلة نجد روسيا لاعب كبير يخدم الخط العام للغرب و(اسرائيل ) ومصالحهم. وأن ظهر في الصورة مختلف او متناقض
سادسا.ومن هنا نصل للتأكيد ان الاطراف الدولية تعمل لتخرج الحالة السورية من يد السوريين.عبر منع الحسم لصالح أي طرف . النظام لن يستطيع أن يعيد الشعب عبيدا في مزرعته . والثورة مُنعت من امتلاك قوة مواجهة النظام واسقاطه. وهناك عمل عبر مؤتمر جنيف وغيره وأن نصل لمرحلة انهاك كل الاطراف ثم ادخالهم في نفق قبول حل الأمر الواقع .لا غالب ولا مغلوب . وترك الجروح كلها مفتوحة.. وتتحول الدولة الديمقراطية وإسقاط النظام ومحاسبته لحلم مستحيل التحقيق…نحن هنا الان
.أخيرا.نحن في الثورة السورية وعبر الاغلب الاعم لثوارها من سياسيين وعسكريين. وبعد هذا الثمن الغالي جدا الذي دفعه شعبنا.. لن نتنازل عن أهدافنا بإسقاط النظام المستبد المجرم ومحاسبته وبناء دولتنا الديمقراطية. وإننا مطالبون ان نتقدم للتوحد سياسيا وعسكريا وأن نكون عند حسن ظن شعبنا بنا.. وان الدعوة للمؤتمر الوطني الجامع . وما ينتج عنه من وحدة استراتيجية للثورة وتحديد التكتيك المطلوب والانتقال لدور سياسي وعسكري فاعل. و اقناع الاطراف الاقليمية والدولية ان لا خيار للشعب السوري غير ذلك وسيستمر في معركته حتى النصر
حقنا كشعب سوري ككل البشر على أرض الله بدولة ديمقراطية تحقق لناسها الحرية والعدالة والكرامة . وحقنا ككل البشر أن نسقط الاستبداد ونحاسبه
وليعلم حكام الارض ان دمنا ليس ماء ولن نفرط به وسنأخذ حقوقنا ولو طال الزمن وزادت التضحيات
25 . 2 . 2014