منذ فترة ابتعدت عن الكتابة والتزمت الصمت بسبب حالة الحزن التي مررت بها لفقدان أخ عزيز، لكن ما حصل من تطور للأحداث في العراق والمنطقة جعلني أخرج عن صمتي بسبب الإخفاقات المترادفة لحكومات الخليج في إدارة الملفات، وآخرها موقفها من احداث الإبادة الجماعية في غزة .
لو عدنا قليلا الى الماضي لوجدنا أن هذه الدول الخليجية لم يسجل لها اي نجاح في إدارة الملفات التي واجهتها أو أسندت إليها سواء من المنظمات الأممية أو الإرادة الدولية باستثناء (سلطنة عمان ) التي تنأى بنفسها عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي التي انتهجت سياسة خاصة كانت نتيجتها الفشل مما أدت إلى كوارث عمت المنطقة وهددت استقرارها الامني والاقتصادي .
من أبرز تلك الملفات التي فشلت في معالجتها :
اولا .. فيما يتعلق بالسياسة الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1981 ، لم تأخذ اي خطوة ايجابية لتطوير سياستهم فيما يخدم مصلحة المواطن رغم الرعاية الخارجية والغطاء الغربي المشترك لها ، فهي لم تتمكن من توحيد جواز السفر لمواطنيها ، كما انها تتمكن من إصدار عملة موحدة لدولها على غرار دول الاتحاد الأوروبي بالرغم من قوة اقتصادها وتوفر العوامل الكثيرة المشتركة لهذه الخطوات ، إضافة إلى عدم تمكنها من توحيد موقفها السياسي ورسم خارطة طريق متوازنة وموحدة تجاه الأزمات الخارجية التي أحاطت بها .
ثانياً .. فشلها في بناء علاقات استراتيجية إيجابية موحدة مع الدول الإقليمية ودول الجوار مثل العراق وإيران ومصر واليمن وتركيا وغيرها مما أدى إلى توتر المنطقة وتهديد أمنها واستقرارها .
ثالثاً .. فشلت في التعامل كحزمة موحدة تجاه حرب الخليج الأولى التي استمرت ثمان سنوات ، وكذلك حرب الخليج الثانية إلا في {مرحلة مؤقتة} وهي فترة التحالف الدولي والهجوم على العراق عام 1991 لاستعادة الكويت وإخراج الجيش العراقي منها .
رابعاً .. فشلت في الحفاظ على أمن واستقرار الممرات المائية في الخليج العربي مما سمح لأساطيل بحرية دولية كان من الصعوبة تواجدها بهذه المياه في العقود السابقة .
خامساً .. فشلت في إدارة ملف جامعة الدول العربية الذي هيمنت عليه بعد أحداث الكويت عام 1990 ولم تستطع أن تشغل الفراغ الحاصل وتتزعم المشروع العربي الذي آل إليها حصراً بعد انحسار دور الدول العربية الكبيرة مثل العراق وسوريا ومصر والجزائر والسودان والمغرب وكذلك دورها في رابطة دول العالم الإسلامي .
سادساً .. فشلت في ملفي السودان وليبيا فشلا ذريعاً مما أدى إلى إشعال الحروب الداخلية في البلدين والمستمرة لغاية الآن إضافة إلى تقسيم السودان .
سابعاً .. فشلت في إدارة ملف [الربيع العربي] ولم تترك سوى الخراب والدمار وانهار من الدماء والمليشيات المتحاربة ، بالرغم من الأموال الهائلة التي ضختها في تلك الدول .
ثامناً .. تسببت في انتشار الإرهاب والتطرف الطائفي الذي اجتاح المنطقة نتيجة السياسات الخاطئة التي مارستها وما قامت به أجهزتها ووسائل إعلامها الذي انعكس عليها بشكل سلبي مما أثر على علاقاتها الخارجية حتى أنها صنفت بدول راعية للإرهاب .
تاسعاً .. فشلت في حربها العبثية في اليمن مخلفة خسائر بشرية ومادية .
عاشراً .. فشل في إدارة الملف اللبناني حيث كان يدار من قبل عائلة الحريري المعروفة بولائها المطلق لهم والذي مكن إيران من الاستحواذ على القرار السياسي والأمني وفرض النفوذ الأكبر فيه .
احدى عشر .. فشلت هذه الدول في إدارة ملف القضية الفلسطينية وعملية السلام مع { إسرائيل } مما دفع بالفلسطينيين وفصائلهم المقاومة بالتوجه إلى إيران وبناء علاقة استراتيجية معها رغم التباين الطائفي والذي مكن إيران من أخذ دور الراعي الفعال في هذه القضية التي تمس استقرار منطقة الشرق الأوسط وانعكاسها على السلم والأمن العالمي .
إثنا عشر .. لم تتمكن هذه الدول من رسم سياسة إيجابية موحدة وواضحة تجاه الشعب العراقي بعد احتلال العراق عام 2003 رغم تفردها بالقرار العربي بل إنها تخلت عنه مما أتاح الفرصة لدول إقليمية وفي مقدمتها إيران بالهيمنة على القرار السياسي فيه بشكل كامل ، وعندما ادركت هذه الدول خطأها الجسيم وحاولت أن تخطوا خطوة تجاه الساحة العراقية لم تجد مكاناً لها ، فاتجهت إلى تغذية الفكر الطائفي المتصاعد ودعم التنظيمات والشخصيات المتطرفة لوجستيا ومعنويا { في المناطق الغربية } بالتعاون مع الدول الإقليمية والعالمية التي احتلت العراق ، وبعد فشل مشروعها الذي خلف خراباً ودماراً في تلك المناطق مما دفع أبنائها للجوء إلى الحاضنة الإيرانية .
ثالث عشر .. اخفاقها في الملف الرياضي متمثلا ببطولات كرة القدم الآسيوية ومنها بطولة أمم آسيا التي اقيمت مؤخراً في قطر حيث اديرت بشكل يشوبه التآمر الفاضح ورائحة الفساد طغت على إدارة تلك البطولة مما زعزعت ثقة الجمهور الرياضي بالاتحاد الآسيوي.
إن ما تم ذكره اعلاه من إخفاقات سياسية وإدارية لدول مجلس التعاون الخليجي وفشلها في معالجة هذه الملفات وملفات أخرى لا يسعنا ذكرها في هذه المقالة تؤكد أن المنطقة العربية بحاجة إلى إعادة تصويب وضعها من خلال تصحيح وضع العراق السياسي واعادته إلى مكانته الطبيعية في المنطقة لمعالجة جميع الملفات بشكل متوازن وعقلاني يؤدي إلى استقرار المنطقة والحفاظ على السلم والأمن الدوليين .
دول الخليج العربي وحكامهم لا يمتلكون عروبة الا في اسمائهم وعناوينهم وشعاراتهم وطالما يعملون بضد من التضامن العربي وهم سبب في دمار العراق وسورية واليمن وليبيا وحتى لبنان
لماذا الأنظمة الخليجية لم تنجح بإدارة الملفات التي أسندت إليها سواء من المنظمات الأممية أو الإرادة الدولية وكانت نتيجتها الفشل مما أدت إلى كوارث عمت المنطقة وهددت استقرارها الامني والاقتصادي ؟، قراءة موضوعية للملفات الـ 13، لأنها أنظمة شكلتها الإدارة الإستعمارية الإنكليزية بولاءات عشائرية عائلية غير منضبطة وبعيدة عن الإنتماء القومي العربي .