تطور الدولة بوعي المجتمع

قرار المسعود

           إن تطور دولة مهما كانت مرهون بمدى تفتح ووعي مجتمعها،  فكل ما يُتخذ من إصلاحات و تدابير من أجل تقدمها  يبقى أعرجا في  الواقع و في التنفيذ الميداني لما تصبو إليه السلطة حتى و لو كانت البرامج المعدة بنظريات مدروسة بدرجة عالية، و يبقى فاشلا إن لم يكن مقرون بمقدار نضج مواطنيها و متماشيا مع الدلائل الملموسة المفهومة من العامة.

    تظل سلوكات وتصرفات ومعاملات ذلك المجتمع متمسكة بما ألفته عائقا لمدة طويلة من الزمن. فإن بناء الدولة في أول وهلة يكون بإعداد جسر التواصل بين الحاكم والمحكوم وجعل من برنامج السلطة عمليات تنموية بسيطة تصب في منفعة معيشة المواطن مرفوقة بوسائل إعلامية تشرح ذلك لتسهيل الاستقطاب و الالتفاف و الاهتمام حول المصلحة العامة قبل الخاصة بقدر الإستجابة و ظروف الوضعية من طرف المجتمع.

إن التخلص من تجذر هذه العقلية اللاشرعية  أو تجهيل مجتمعات دول العالم الثالث كما يسمونها لمدة طويلة من الزمان من طرف أجندات أعدت لها بإحكام. للوصول إلى الاستقرار الشرعي بالوعي و الإدراك و التفطن و التطلع إلى معرفة المحيط الداخلي و الخارجي و الاحترام في ما بينه و ما يجاوره.  يشترط تدابير وعمل دؤوب يرتكز أساسا على الشروع من أول وهلة في العمل الميداني المفيد و الملموس فيكون بذلك سرعة في كيفية الاستيعاب  و المنفعة المقبولة بالموازاة مع تحاشي طرح النظريات مؤقتا،  فيكون الاطمئنان و الاستقبال الجيد وتبرز المبادرات الخفية التي كان يطمس عليها الخوف و الارتجال فتُدْفَع الى التفتح و المساهمة و المساعدة في إبداء الرأي الذي يناسب المحيط و البيئة.

     مما سبق ومن هذا المنطلق أو الاتجاه تبرز ملامح الخطوط العريضة التي تكون بمثابة القواعد الأساسية لمستقبل هذا المجتمع و دولته. و هنا في اعتقادي يترتب على المسيرين النظر إلى ما ينبغي العمل به في معالجة كل القضايا الشائكة و المخلفات بحكمة و بصيرة و تفادي التسرع في تصفية الإرث الموروث المدبر الذي يجر إلى ما لا يحمد عقباه. ربما هذه من بين الطرق و الإجراءات النافعة في هذا المنعرج الذي يتألم منه كل المجتمع الدولي و خاصة الدول الضعيفة و الفقيرة أو الغنية  بثرواتها و المستغلة من طرف آخرين بدون حق. فالفرصة و الظرف مواتيين لما سبق و من أولوياتها الاستقلال الذهني للشعوب الذي يسهل بقدر كبير تقدم الأمة. و بهذا التكامل في النضج الكلي للشعوب و المجتمعات في الدول النامية يمكن لها مواجهة المجتمعات الغربية و مخاطبتها بالدلائل و البراهين لتضمن استقرارها و تقدمها بنفسها.

زر الذهاب إلى الأعلى