بدءً أنا اؤمن بحرية الرأي وبحاجة العراق إلى نظام سياسي رشيد يكفل أمرين: اولا، أن يستطيع كل عراقي أن يقول رأيه بصراحة من غير أن يخاف من أجهزة السلطة أو يخاف من حزب أو ميليشيا أو عصابة أو عشيرة. وثانيا، ان يدلو العراقي بصوته الانتخابي مقابل ان يصل للسلطة من يخدم المواطن العراقي ويحافظ على وحدة العراق ويحمي موارده وينمي اقتصاده ويتمسك بسيادته.
وقد رأينا ولمسنا واقعا عدم جدوى العملية السياسية الحالية واجرام وعمالة وفساد كل الخط الاول وربما الكثير من الخط الثاني والثالث من الطبقة السياسية التي تتصدى للمشهد السياسي في العراق منذ عقدين من الزمان. اولئك الذين جاءت بهم الاستخبارات الغربية أو الذين جاء بهم الحرس الثوري الإيراني أو اولئك المتطوعين من العملاء والفاسدين الذين دقوا ابواب الغرب والشرق والجيران من أجل المال والشهرة والسلطة. مما أنتج هذه الحالة العشوائية التي نعيشها اليوم في ظل نظام سياسي متهرئ غير ديمقراطي. ويمكن أن يجادل البعض في وجود وسائل الديمقراطية الشكلية مثل صناديق الاقتراع ووسائل الاقتراع الالكتروني وأوراق الناخب والدعاية الانتخابية والتصعيد والتأجيج الطائفي والمناطقي والعشائري وغيرها من مظاهر وشكليات الديمقراطية، أما الجوهر فهي حكم دكتاتورية الأقلية الفاسدة. مجموعة فاسدة تتحكم بمقاليد الدولة ولا تتغير مهما كانت نتائج الانتخابات وانظروا إلى مكونات ما يسمى بالإطار التنسيقي لتعلموا أنهم مجموعة الحرس القديم بغير اعتبار لنتائج انتخابات 2021. وتسيطر هذه المجموعة على الشارع بنوعين من الواجهات: الواجهات الاقتصادية وهي مكاتب أسستها الأحزاب الفاسدة على مرآى المحتل الأجنبية وموافقته لتتحكم ببقايا المال المسروق من الدولة ومواردها بعد تهريب أغلبها إلى الدول الراعية لهذه العملية السياسية، فضلا عن ميليشيات تروع الناس وكل الذين يختلفون مع منهج هذه الأحزاب الفاسدة وهم أغلبية الشعب العراقي الرافض لهم ولعمليتهم السياسية. تستند هذه الدكتاتورية في تحكمها بالعراق وسيطرتها على موارده على أسس عديدة: اولها الدستور الذي كتبه القانوني اليهودي الأميركي نوح فريدمان، وثانيها، تخادم المصالح الأمريكية-الصهيونية-الايرانية في العراق، وثالثها رضى وقبول عام من قبل الدول المجاورة والدول العربية على وجود هذا النوع من الدكتاتورية في العراق. وذلك لأسباب كثيرة نجمل اهمها هنا بين قوسين (ضمان عدم عودة المركزية والقرار السياسي المستقل ويقابله ضمان التفكيك واستمرار نزيف الموارد إلى الدول المجاورة. هروب الكفاءات العراقية إلى الخارج للمساهمة في تنمية الدول المجاورة والدول الغربية. خروج العراق بوصفه رقما صعبا من المعادلة الاقتصادية الدولية. ضمان أمن الكيان الصهيوني وبعض الكيانات الصغيرة في المنطقة، وغيرها).
ومقابل هذه التضحيات العظيمة يبقى السؤال المهم هو ماذا حققت العملية السياسية خلال عشرين عاما؟
- لقد حققت العملية السياسية نسب مخيفة من الأمية.
- حققت أن اصبح أكثر من ثلث العراقيين تحت خط الفقر. 3. حققت أن اصبح العراق دولة قطط تاكل أطفالها إذا جاعت ولكنها تنحني للكلاب إذا نبحت.
- حققت أن يكون العراق مدينا مزمنا بعد ربطه باتفاقيات ومشروطيات صندوق النقد والبنك الدوليين.
- حققت أن خرج النظام الصحي في العراق من الخدمة.
- حققت اصطفاف طائفي سياسي فرّق العراقيين وفكك السلطة.
- حققت خروج الجيش العراقي من معادلة القوة الإقليمية والدولية.
- حققت أن يكون القضاء خاضع لسلطة الميليشيات.
- حققت التهجير الجماعي الداخلي والى الخارج.
- حققت انهيار المنظومة القيمية الحاكمة للمجتمع العراق لقرن من الزمان وهو عمر الدولة العراقية الحديثة.
- حققت وجود العشرات من الآلاف من المواطنين الأبرياء في سجون الميليشيات وسجون الدولة غير المنضبطة وموتهم في هذه السجون من غير تقديمهم للمحاكمات.
- حققت اجتثاث البعث والذي يهدف إلى اجتثاث الوطنية والوطنيين ومنع أي وطني من مسارات خدمة وطنه وأبناء وطنه.
- حققت سرقة وضياع ترليون وثلاثمائة مليار دولار وتعادل ما باعه العراق من نفط منذ اكتشافه وإلى اليوم.
- حققت انتشار المخدرات بشكل خطير ورواج كل اعمال الدعارة وبيوت القمار.
- حققت تغييب جيل كامل من الوطنيين الذين خدموا العراق بين مهجر مقطوع عنه حقه في التقاعد وبين سجين بأحكام جائرة أو بدون محاكمات وذنوبهم الثلاثة هي انهم وقفوا ضد “اسرائيل”، واوقفوا تصدير ثورة الملالي في ايران، واخيرا خدموا المواطن العراقي بنزاهة وحافظوا على السيادة.
لقد تحققت كل هذه الإنجازات من خلال فوضى كونداليزا رايس الخلاقة.
أما اليوم وبعد ثلاثة انتخابات عامة وأخرى مثلها لمجالس المحافظات يمتنع الناخب العراقي عن الإدلاء بصوته وتعمل آليات المكاتب الاقتصادية للأحزاب وميليشياتها من أجل تعظيم المشاركة في الانتخابات الأخيرة والتي لن تكون بأفضل من سابقاتها منذ عام 2010 عام فقدان الأمل بالطبقة السياسية الطائفية الفاسدة في العراق وبعمليتهم السياسية، ولن تحقق هذه الانتخابات أية نتائج ايجابية والتي حرص بعض البسطاء للترويج لها بحجة الرغبة في التغيير. تغيير الشكل الذي سيديم الخراب والفساد والتدهور. جرب الشيوعيون ودخلوا العملية السياسية مع حزب مقتدى الصدر الشريك الرئيس في خراب العراق ولم يحصل التغيير.. جربت القوى المدنية أن تدخل العملية السياسية ولم يحصل التغيير، وجربت بعض القوى المنبثقة عن انتفاضة تشرين ولم تحقق أية نتيجة، بل ان كل هؤلاء أصبحوا شهود زور في عملية سياسية استخباراتية خبيثة. وبعدها لم تحقق انتخابات اليوم برغم التأجيج الطائفي لكل أطراف العملية السياسية أية نتائج غير مزيد من الفشل. قال العراقيون كلمتهم منذ 2010 ولن يكونوا مع هذه العملية السياسية التي لن تأتي لهم إلا بالسوء والشر. لقد ماتت العملية السياسية موتا سريريا بعد أن سحب منها العراقيون أنبوبة الاوكسجين، ومهما تأخر الغرب في اعلان هذا الموت السريري لمخلوق مسخ لا يشبه أهله ولا المكان الذي زُرع فيه، إلا أنه في النهاية سيعترف بانهياره وموته. تحية للشعب العراقي العظيم. تحية للمعارضين لهذه العملية السياسية الذين صمدوا إلى اليوم ليرى العراقيون جميعهم فشل هذه العملية البائن. لا شك سياتي الخلاص بهمة ابناء العراق الغيارى وسيُطرد المجرمون والعملاء والفاسدون، وسيعود العراق عظيما كما كان.
الوقائع تثبت يومياً والانتخابات الأخيرة مقولة فشل العملية السياسية الحالية بالعراق بسبب اجرام وعمالة وفساد كل الخط الأول وربما الكثير من الخط الثاني والثالث من الطبقة السياسية التي تتصدى للمشهد السياسي منذ عقدين من الزمان. أولئك الذين جاءت بهم الاستخبارات الغربية أو الذين جاء بهم الحرس الثوري الإيراني ، متى سيتم الإطاحة بهم وتتخلص العراق من المجرمون والعملاء والفاسدون، ليعود العراق عظيما كما كان ؟.