انها الأسواق المفتوحة على مصراعيها ، و أساسها يبنى على استغلال شتى الظروف ، أن سنحت الفرصة ، و أهم و أبرز مواصفاتها ، هي ما ينطبق عليها ، مصطلح أو عنوان _ ركوب الموجة _، و هذا العنوان يستخدم لوصف الطرف الذي يتلخص دوره في هذا الوسط ، بالشكل التالي و هو ، أن هذا الطرف المذكور ، دون ما يكلف نفسه للقيام بأي جهد و عمل و دفع ثمن و مشاركة مباشرة أو غير مباشرة ، في أي حدث أو عمل كبير ، حتى يلصق نفسه به و يروج لدوره الغائب و بالأخير يحاول أن يستفيد من تداعياته لصالح مصالحه و غاياته ، مهما كانت هذه الغايات ، هذه الأسواق يدخلها و يلعب فيها ، من كل هب و دب ، و لا يدخلها ، الا من كان منسلخ حتى من اقرب الناس له ، ولو كانوا هؤلاء يمثلون شعبه ، و يفضل مصلحته بعد أن يسحق على جميع الأخلاقيات و الانسانيات ، أنه و من معه ، يعملون في دائرة مغلقة ، تسمى حكومة أو نظام مصغر ، عملها كما تعمل العصابات الإجرامية ، الدهاء و المكر و الكذب و المزايدة و الحيل ، يتسيدان الموقف دائما ، القوة هنا ، تقاس حسب ميزان الغدر و الخسة لدى من يمارسها ، هذا يتحالف مع من شاكلته ، و في يوما آخر يغدر به و يخونه و يتخلى عنه بأبخس الأثمان ، لا مکان للرحم و العاطفة و الضمير ، المكاسب كيفما كانت نسبها ، هي الكلام الأول و الآخر ، اللاعبين فيها يقتتلون فيما بينهم ، ولو كانت المعركة على كسرة خبز ، لغة التظلم تكون حربة ناجحة في حالات الضعف ، احيانا ، للوصول إلى بعض المكاسب ، مقولة استهدف الجهلاء دائما ، تدوي في كل فروع الأسواق ، و الأسواق هذه لا تتعرض إلى هزات و لا تأثر عليها تقلبات البورصات العالمية ، بل ، بالعكس هي من تأثر عليها ، و الخسارة دوما تنزل على رؤوس الشعوب ، اينما كانوا .
_ لا مجال و ممنوع ركوب الموجة عدد المرات السابقة .
من يستغل وقع الأحداث المتتالية و المدوية خلال الأسابيع الأخيرة و ما يحدث في فلسطين ، و كذلك ما حدث خلال العقود المنصرمة ، و بما فيها تلك التي حدثت في المخيمات الفلسطينية في سوريا في سنوات 2011.15 ( من حصار و تجويع و مجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني في مخيم اليرموك في مدينة دمشق ، بحجة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي ! لم ير العالم أي جثة أو اسير منهم لهؤلاء المجرمين ! و باقي المخيمات و البلدات كذلك) ، و لبنان في الثمانينات ، و من يظن أن ذاكرة الشعوب ضعيفة و بإمكانه أن يتلاعب على أصحابها و أن يثير مشاعرهم الإنسانية و الوطنية و الأخلاقية ، لديهم ، بعض الأحيان ، كما في السابق ، فهو واهم ، طالما تاريخه الإجرامي و الخياني مليئ و متعدد بعدد ما ارتكبه بحق شعوب المنطقة كافة و بدون استثناء ، عرب كانوا أم غير عرب ، و من اراد ان يتطلع و يريد الاثبات ، فالحصول على أرشفة الأحداث يتم بكل سهولة ، أن يراجع الانترنيت ، ففيه كل شيء محفوظ و متوفر للجميع .
ما جاء في المقدمة فوقا ، يأتي على ضوء محاولات النظام الإيراني و كعادته ، في الأسابيع الأخيرة ، في استغلال ما حدث و يحدث على أرض فلسطين ، لصالحه ، محاولا تلميع صورته و دوره “المشؤوم و المكشوف” ، إعلاميا أمام الرأي العام ، إقليميا و دوليا ، و من المؤسف جدا ، تعود الشارع العربي و الإقليمي ، أن يرى بروز و تكرار هذه السلوك الانتهازي المفضوح ، بعدما يجد أصحابه ، الساحة فارغة و تفتقد لأي نوع من المواقف السياسية الحازمة ، من قبل أغلبية الدول المعنية في منطقتنا ، التي تراقب و تتابع و تواكب ما جرى و خاصة ما يحدث في فلسطين ، و أما ما تبقى من ساحات مثل العراق ، قبل الاحتلال و بالخصوص بعده و سوريا و البحرين و لبنان و اليمن ، فإنها هي كانت و ما تزال صنيعة النظام الإيراني و بامتياز .
_من لا يعرف تعامل النظام الإيراني مع القضايا العربية جمة .
هنا ، لا نريد أن نتحدث عن دور الإيرانيين و اجنداتهم قبل مجيء النظام الحالي ، في زمن النظام الملكي و دعمه في تثبيت استيطان مجموعات من الإيرانيين و تمويل هذه المشاريع و المخططات الخبيثة في الوطن العربي و صناعة أذرع و ميلشيات و حركات سياسية ، في الشكل تدافع عن البلد الذي هي تتواجد على ترابه ، و في المضمون العمل على خلق بلبلة فيه ، خدمة لاجندة أسيادهم في طهران ، كما رأينا ما حدث في لبنان من حرب أو حروب أهلية كارثية التي بدأت في سنة 1975، [1] ، و کانت أذرع إيران ، إحدى الأطراف الرئيسة ، آنذاك المتمثلة ” بحركة أمل و جناحها العسكري” [2] ،
في مرحلة ما و بالضبط في سنة 2006 ، و مع الأسف و نظرا لمواقف بعض الجهات الاعلامية العربية آنذاك [3] ، تبنت هذه و عملت بمسؤولية تلميع وجه الأذرعة الإيرانية في لبنان و حاولت أن تعطي صورة غير حقيقية عن ما يقومون به من أعمال طائشة و إحداث بلبلة و فوضى و لغايات مدروسة ، تنفيذا لمخطط النظام الإيراني و حصوله على مكاسب سياسية آنية و كل ذلك على حساب عدة أطراف عربية ، أولا دمار البنية التحتية لدولة لبنان المتهالكة و التي بدأت بدايتها أثر الحرب الأهلية بطرفها الرئيسي و المشارك و المسبب ، حزب أمل و من كان متحالف معه في تلك الفترة ، و تلاها الاجتياح الاسرائيلي في سنة 1982 ، و ثانيا ، التغطية أو التشويه ، على ما كان يجري في العراق المحتل و حرف أذهان الشارع العربي عن ما كانت تقوم به المقاومة العراقية الشريفة ، و ثالثا ، بسط سيطرة المرتزقة الإيرانية على لبنان أكثر و أكثر و رأينا أولى نتائج ذلك ، بعد عدة شهور ، في محاولة و مؤامرة احتلال بيروت في سنة 2007 التي باءت بالفشل .
كثرت أو قلت الجولات المكوكية للمسؤولين الايرانيين إلى هذه الدولة أو تلك ، من جهة ، هي اولا إلى حد ما ، محاولة تبيض وجه ، مستغلة بذلك ، ما تعرف بها هذه الدول بمواقفها المبدئية و الإنسانية في وقوفها مع المضطهدين و خاصة العرب منهم ، و من جهة أخرى ، بزعم انهم أي الايرانيين أحد الأطراف المعنية بملف القضية الفلسطينية و أن لا حل لبعض القضايا الهامة التي ترتبط بالتطورات الجارية ، الا بالتدخل من جانبهم و أن باستطاعتهم أن يقومون أو يلعبون ” الدور الكبير و الإيجابي ” و أن بمقدورهم التأثير المباشر على هذه الجهة أو تلك و أنهم يملكون العصا السحرية ، طالما و هم بقوا من أصحاب الشعارات الرنانة أكثر من دول الأخرى ذات الاهتمام بالقضية الفلسطينية .
هناك قاعدة أبدية و هي أن النظام الذي يظلم و يضطهد الشعوب التي ترزح تحت احتلاله ، لا يمكنه أن ينفخ في بوق الدفاع عن المظلومين و أن يرفع شعار التحرر لشعوب أخرى في مكانا آخر ! ، و هذا ما ينطبق على النظام الإيراني الذي أذاق الشعوب الغير فارسية و خاصة الشعب العربي الأحوازي ، أو تلك الجرائم التي قامت بها الأحزاب الموالية له في العراق ، من تهديدات و اعتقالات و مصادرة الممتلكات و القتل و التهجير ، التي ارتكبت بحق أبناء فلسطين و منطقة البلديات في مدينة بغداد ، خير دليل على ذلك ، ناهيك عن الكوارث و الدمار الذي تسببوا به في العراق كدولة و كشعب ، و نفس الاساليب و ممارسات الوحشية و اللا إنسانية التي مورست بحق أبناء الشعب السوري في لبنان و ما ادراك ما حدث هناك ، الذي قام بها حزب (!) الإيراني المنهج ، و في اليمن و ميلشيات الحوثي ، و توجيه و إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع و المصدر ، باتجاه المملكة العربية السعودية ، و في سوريا و من لا يعرف ما حدث هناك و الدور الإجرامي لمليشيات الولائية التابعة في العراق و بحجج واهية و منها الدفاع عن المراقد! و تلك الجرائم الشنيعة التي حدثت في مخيم اليرموك و دور المليشيات و المرتزقة متعددة الجنسيات .
من المستحيل أن ذاكرة الشعوب المكلومة تنسى من كان وراء ما ألم بها من مآسي و ويلات و مصائب ، مادام تركت آثارها النفسية و الجسدية الهائلة و أنها لا يمكن أن تمحى بسهولة ، مهما تقادمت السنين ، و تبقى أحداثها و أدق تفاصيلها ، تتناقل من جيل إلى جيل آخر ، و أن لأبناء الشعب الفلسطيني في سوريا ، حصتهم في سرد ما أصابهم من ويلات و لهم ذكرياتهم المريرة و الكوارث التي نزلت عليهم .
كامل ناصر
[1]
الحرب الأهلية اللبنانية هي حرب أهلية متعددة الأوجه في لبنان، واستمرت من عام 1975 إلى عام 1990، وأسفرت عن مقتل ما يقدر بـ 120 ألف شخص. في عام 2012، كان ما يقرب من 000 76 شخص لا يزالون مشردين داخل لبنان. كان هناك أيضا نزوح لما يقرب من مليون شخص من لبنان نتيجة للحرب. ويكيبيديا
الموقع: لبنان
التاريخ: 13 أبريل 1975 – 13 أكتوبر 1990
[2]
حركة أمل هي حزب سياسي لبناني يرتبط بالطائفة الشيعية في لبنان، تأسست سنة 1974 على يد موسى الصدر تحت اسم حركة المحرومين. إزدادت شعبية الحركة خاصّةٍ بعد غزو إسرائيل للبنان في 1978، كما أعطت الثورة الإسلامية في إيران زخمًا إضافيًا لها. أُنشئ الجناح العسكري للحركة في 1975 الذي كان أحد أبرز أطراف الحرب الأهلية. ويكيبيديا
التأسيس: 6 يوليو 1974
المؤسِّسون: موسى الصدر، حُسين الحُسيني
[3] لعدة اعتبارات معينة ، لنحسب هذه الأعمال الغير مسؤولة و الغير مدروسة منطقيا و علميا و السلبية ، بحق دولها و بحق الموقف العربي شبه الموحد في تلك الفترة التي كانت المنطقة العربية تعيش أحلك مرحلة في تاريخها الحديث ، و انها كانت نتاج سهوات أو نهفات تركت آثارها و عواقبها الغير محمودة لفترة من الزمن و من ثم نسيت .