يبدو أنّ ملف المخدرات وإغراق المناطق بها، بدأ يُظهر ملامح مواجهة سياسية – أمنية أخرى بين إقليم كردستان العراق وفصائل في “الحشد الشعبي”، منتشرة في كل المناطق المحيطة بالإقليم.
أقوى التحذيرات جاءت على لسان رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني، الذي قال خلال “مؤتمر مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية”، الذي عُقد في مدينة أربيل، إنّ ثمة “محاولات مختلفة وكثيرة لإضعاف إقليم كردستان، وأحد أخطر تلك الطرق هي استخدام المواد المخدرة… المخدرات لا تقلّ خطورةً عن الإرهاب ولا بدّ من تكثيف وتسريع إجراءات مكافحتها”.
“استهداف الإقليم”
المسؤول الحكومي الأول في كردستان ذكر تفاصيل عمّا قال إنها معلومات ومعطيات بشأن استهداف الإقليم، وأكّد “أنّ المافيات وتجار المخدرات يستهدفون الإقليم كجزء من مخطّطاتهم البائسة، مستغلين الموقع الجغرافي لكردستان كبوابة لنقل المخدرات إلى مناطق أخرى باستخدام الكثير من الطرق، الأمر الذي يتسبّب بزيادة عدد المدمنين”، معللاً قدرة تلك الجهات باستغلالها “الفراغات الأمنية في المناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة 140 من الدستور، أي المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم والمناطق الحدودية بين الإقليم ودول الجوار، حيث تقوم بعض الفصائل المسلحة بزعزعة الاستقرار هناك ومنع القوات الأمنية في الإقليم من مواجهة تجار المخدرات، لا بل انّ بعض الفصائل المسلحة هي بنفسها جزء من شبكة التجارة بالمخدرات، على الرغم من جدّية الحكومة بتكثيف جهودها لملاحقة أولئك التجار”.
وكانت الشهور الماضية شهدت توترات عدة بين فصائل من الحشد الشعبي وإقليم كردستان، وبالذات مع الحزب الديموقراطي الكردستاني، في ظلّ ارتفاع وتيرة الاتهامات المتبادلة بينهما بزعزعة الأوضاع الداخلية في العراق.
فالفصائل الحشدية دفعت أعضاءها ومناصريها إلى التظاهر والاعتراض على تسليم مقر الحزب الديموقراطي الكردستاني في محافظة كركوك إليه، بعد قرار رئيس مجلس الوزراء العراقي بتنفيذ ذلك. كذلك تصاعدت المواجهة بين الإقليم و “اللواء 50” من الحشد الشعبي، المرتبط بتيار “بابليون” والقيادي الحشدي ريان الكلداني، على خلفية حريق بلدة الحمدانية في منطقة سهل نينوى، بعد اتهام هذا الأخير بالسيطرة على الطرق التجارية مع الإقليم، وفرض اتاوات على مواطني الإقليم والأكراد في تلك المناطق.
شكاوى عديدة
مع الأمرين، يشكو الإقليم من عدم تنفيذ اتفاقية سنجار مع الحكومة المركزية، ومساندة فصائل الحشد لتنظيمات مسلحة مقرّبة من حزب العمال الكردستاني بالبقاء في تلك المنطقة، والتحكّم بالطرق الدولية نحو كل من سوريا وتركيا.
ووفق مراقبين تحدث إليهم “النهار العربي” فإن اتهامات رئيس الإقليم كانت فعلياً موجّهة إلى هذه الجهات الحشدية، المتحكّمة بالممرات الرئيسية بين الإقليم وباقي مناطق العراق، كذلك حدود الإقليم مع دول المنطقة، سوريا وتركيا وإيران.
“إغراق بالمخدرات”
مصدر أمني رفيع في إقليم كردستان كشف لـ”النهار العربي” أنّ “التحقيقات وتحليل آلاف البيانات والمعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية والجنائية المتخصّصة في الإقليم، توصلت أخيراً إلى أنّ تدفّق المواد المخدرة على الإقليم ليس مجرد توسع في التجارة أو تقصير في أداء الجهات الرقابية في الإقليم، بل جزء من استراتيجية واسعة تخوضها جهات منظّمة، تستهدف إغراق الإقليم، وتشييد بنية تحتية لتصريف المواد المخدرة واستهلاكها”.
الباحثة في الشؤون السياسية جيلان عبدالله شرحت لـ”النهار العربي” أنّ الإغراق بالمواد المخدرة ربما يكون جزءاً من “المواجهة الشاملة” بين الطرفين، ضمن لعبة النفوذ والصراع بعيدة المدى، بين مختلف القوى العراقية، بالذات شديدة الاستقطاب، مثل الحشد الشعبي وإقليم كردستان، وقالت: “تنتمي تجارة المواد المخدرة في العراق إلى تلك العوالم التي تجمع السياسة بالأمن وكلاهما بالاقتصاد وعالم المال. ولأجل ذلك، فإنّ نوعية حساسية فصائل الحشد الشعبي من إقليم كردستان، وبالذات من الحزب الديموقراطي الكردستاني هي عامل حاسم في تحويل هذه المسألة إلى ورقة رئيسية في الصراع، خصوصاً أنّ المخدرات سريعة العوائد المالية من طرف، ولأنّها جزء من التعاطي والتداول مع الأجهزة الأمنية في دول مثل سوريا وإيران، ذات العلاقة الممتازة مع فصائل الحشد. فاستهداف كردستان هو جزء من الاستخدام الإقليمي لهذه التجارة من ذلك المحور، عبر إغراق الدول بالمواد المخدرة، والأمثلة مع الأردن ودول الخليج أوضح من أن يُعاد ذكرها”.
وبالإحصاءات والمؤشرات الرسمية، فإنّ تجارة وتعاطي المواد المخدرة في إقليم كردستان مسألة حديثة العهد، فحتى العام 2006، لم تكن أعداد المعتقلين لأسباب تتعلق بالتعاطي والتجارة في الإقليم كبيرة، لكن الرقم قفز في العام 2021 ليصبح 1943 شخصاً، وفي العام 2022 إلى 2502، تلقّى أكثر من 1100 منهم أحكاماً بالسجن بتهمّة الإتجار بالمواد المخدرة.
حكومة إقليم كردستان وعدت بإطلاق حملة واسعة في مختلف الوزارات، التربية والإعلام والتعليم العالي والثقافة والأوقاف، بغية التحذير من التأثيرات المستقبلية لهذه الظاهرة على الاستقرار الاجتماعي وحتى السياسي في الإقليم، إلى جانب تأسيس صندوق تنمية خاص بالأشخاص المدمنين، بغية علاجهم من تأثيرات المواد المخدرة.
المصدر: النهار العربي
نظام ملالي طهران وأذرعته الإرهابية الاجرامية ممتهنة بتصنيع وتجارة المخدرات لتمويل مشاريعها الإرهابية ، وما يتم بإقليم كردستان العراق مع اذرع ملالي طهران هو نتيجة لإجرام هذه الأذرع المجرمة بتجارة وترويج المخدرات ، فهل من يوقف هذا الأخطبوط الإرهابي .